نمر سعدي - كحلُ الفراشة.. إيقاعات نثريَّة -3- (كتاب كامل)

بوَّابة ثانية / حواريَّات


الشاعرُ الفلسطينيُّ نمر سعدي
في لقاء خاص بصحيفة "القدس" الفلسطينية :


*دواويني التي ارسلها لقسم الثقافة العربية نامت على الرف نومة أهل الكهف في حين طُبعت سخافات كثيرة أخرى**عندنا الشعر على مستوى بعض الأفراد الذين تكرّمهم دائرة الثقافة
* ضلّ من يقول أن الشاعر يكتب لنفسه فقط* اقول أن أغلب المحررين الأدبيين في الصحف أرباع مثقفين بل ربمّا أصفار مثقفين، ولا يتمتعون بثقافة راقية، وذوق سليم، فهم إما يخلطون الغث بالسمين، والدر بالحصى، أو يطرحون النص في سلة المهملات، لجهلهم بمواطن الفن والسحر فيه، وهذا ما حصل فعلا معي ومع غيري من الشعراء
رام الله-القدس-امتياز المغربي

هو الذي قال في احد قصائده التي اسماها لهفة الفينيقْ روحي تنامُ على تنفُّس...مائِها الدُريِّ في...أشعارِ هولدرلينَ...فيما جلدُها الرخوُ المضمّخُ...بالنعاسِ وبإنسيابِ العاجِ...يشهقُ في شراييني...ويعوي في شتائي...لم أقترنْ بفضائها اللغويِّ...إلاَّ كي أردَّ النقصَ....عن أسرابِ موسيقايَ...أقطف حكمة بيضاء...من بستان فردانيتي...أنا لهفة الفينيق...في غدها المحّنى بالحدائق...والرماد الارجواني المعطر...، كان هذا مقطع شعري للشاعر نمر أحمد نمر سعدي، الذي ولد في قرية بسمة طبعون، وهي قرية في الجنوب الشرقي من حيفا، وهو ناشط في المجالات الثقافية ويطمح في يوم ما الى تجسيدها بصورة اكثر فاعلية، أما اهتماماته فهي كتابة الشعر وقراءته واستكشاف خفاياه وكتابة المقالة. وقراءة الرواية والدراسة الأدبية عربيا وعالميا , والإطلاّع على ما ترجم من الشعر العالمي إالى اللغة العبرية .والنشر في جرائد محلية وفي بعض المواقع الأدبية مثل دروب والحوار ودنيا الوطن والجبهة. وكان لنا هذا اللقاء الخاص بالقدس مع الشاعر الفلسطيني الشاب نمر سعدي.
1. حدثنا قليلا عن بداياتك عن العائلة والقرية والاصدقاء ومكان الدراسة واكتشاف نفسك أو من اكتشف موهبتك في الشعر والادب؟ حدثنا عن أول قصيدة وسببها؟
البدايات ترجع ربمّا الى أواخر الثمانينيات أو بداية التسعينيات .فأنا لا أعرف بداية شغفي باللغة والأدب ولكنني لا أذكر وقتا من حياتي لم أكن ميّالاً الى الأدب ففي دراستي الأبتدائية كنت أقرأ كتاب حقول في اللغة والأدب السنابل الذي كانت تقرره دائرة المعارف . وفق منهاج اللغ العربية . في الأ سابيع الأولى من الفصل الدراسي الجديد متعرفا على نماذج عديدة من الشعر العربي والعالمي وقصص من الآداب العربية والروسية والصينية والأوروبية .
هذا الى جانب الجمال الطبيعي لشمال فلسطين والقرية التي تربيّت فيها الذي ربىّ داخلي ما يشبه الحنين الى مكاشفة حية بيني وبين الكون . وأوجد نزعة خافتة الى تغيير أو خلق شيء ما.
أقرُّ أن نصف موهبتي يرجع الى بيئتي القروية الهادئة وترابية الحياة فيها
وهدوئي النفسي في فترة الطفولة وما بعدها بقليل . أظن أن الابداع الحق لا ينمو ويتطوّر الاّ في ظل الطبقة الاجتماعية البرجوازية وهذا ما حصل معي بالفعل . فالعائلة كانت تمنحني الحرية المطلقة في تسيير بعض الأمور الشخصية . وهذا ربما جزء صغير أعزو اليه عدم جديتّي في إستكمال الدراسة العليا ولكن من يدري . ربمّا أستكملها في يوم ما، أصدقائي في هذه الفترة كانوا مشغولين عن الإهتمامات التي شغلتني .كان همهم اللعب واللهو . كنت أكبر من جيلي . فكريا وعاطفيا .
كان مكان دراستي قريتي الوادعة نفسها . وكان اكتشافي لنفسي في سن مبكرة نسبياً .ولم يكتشف موهبتي الاّ استاذ الإنشاء والتعبير في أواخر المرحلة الثانوية . أي أواخر1994 وبدايات 1995.
بالنسبة لأوّل قصيدة فهي لا تحضرني . ولكنني أذكر أنني بدأت كلاسيكياً بحتاً .معنى هذا أن مخزوني الشعري والثقافي الأوّل كان بالأساس مخزوناً تراثيا عربيا بحتاً بالإضافة الى النماذج التي تعلمتها في المدرسة وهي من الأدب العالمي .أماّ سبب الشعر أو الدافع وراء كتابة القصائد الأولى عندي فهو دافع خفي يدعوني في بداية الأمر الى تقليد أو مجاراة الجاهليين او الأمويين أو العباسيين من خلال نصوصهم التي تعلمناها .
2. هل أثرت الطبيعة المحيطة بك في أشعارك؟
بالطبع كان التأثير كبيرا هناك نزوع طبيعي لدي واستعداد نفسي لإستيعاب كل ذرات الجمال الخارجي للطبيعة . أو تقاسم التناسق الجمالي لهذه البقعة الطيّبة التي تمتد على جسد الجليل كله حتى بحر حيفا غربا .
قلت أن نصف موهبتي يرجع الى الجمال الطبيعي الذي يتصف به شمال فلسطين بجباله وسهوله وتضاريسه المكونة لجزء من طبيعة بلاد الشام يتميّز بغناه وصفاء هوائه وروعته . يمتد حتى أعالي لبنان ماراً بشرقي سوريا . في النهاية كل أشعاري تستند على هذا الإرث الجمالي الطبيعي الهائل الذي ورثته النفس وتمتعت به وتغنت بحسنه.
3. إلى أي المدارس الشعرية تنتمي؟
أنا من الشعراء الذين يرون أن النص الشعري بوجه خاص أو الكتابي بوجه عام ينتمي الى الكاتب بصفته منتجه . أي ينتمي الى لا وعيه أولا . وثانيا الى ثقافته وقراءاته وثالثا الى بيئته وزمنه . النص هو نتاج نفسي معّين يدل على الكاتب ولا يدل على سواه وهذا ما ذهب اليه بعض النقاد وفسّروه . مسألة المدارس عندي مسألة تتعلق بالجماعة أكثر من تعلقّها بالفرد . اليوم لم يعد عندي أية ثقة بالشعارات الأدبية . كأن يقولون هذا من مدرسة الاحياء وهذا من مدرسة الديوان وهذا من مدرسة التفعيلة وهذا من مدرسة شعر النثر . هذا عبث نقّاد لا غير . نقاد لم يقدموا الكثير أو المهم بالأحرى خلال قرن من الزمن. بالرغم من أن النقد عندنا كانت له جناية كبيرة على الأدب .النقد عندنا لم يتطوّر بصورة فعلية الاّ عندما أخذ يحتك بالغرب ويطبّق نظرياته وقد اعترف مارون عبود أن نقده ما هو الاّ وجهات رأي قد تصيب أو تخطأ . وكذلك الأمر مع الآخرين أمثال نعيمة والعقاد وطه حسين . تجربة نعيمة في الغربال تجربة أنضج قليلا وخالية من الشك ولكن كل هذه المحاولات لم تكن الاّ ارهاصات في سبيل نقد أدبي علمي ازدهر على يد محمد غنيمي هلال ومحمد مندور . وأعجب لقول ناقد ومترجم كبير عندما يقول أن الشعر النثري هو الحالة النموذجية الأصيلة والحتمية الشعرية التي توّصل اليها الشعر العربي . أو هو أمتداد طبيعي له. في نظري لا توجد قصيدة نثر أو شعر نثري . هنالك نص لا غير . نص يحتفي ربما بصور شعرية أو يعبّر عن حالة شعورية , كان التأثر بهذا النوع من الشعر مستجلباً من الغرب . وكان شعراؤه الأوائل مأزومين على صعيد المثل . فعبّر عن ثورة ورفض مع بدايات محمد الماغوط الذي قال انه بدأ كتابة الشعر النثري في سجن المزة وكانت قصيدته الأولى تعبّر عن انقلاب وهياج وتمرد وضياع روحي .ثم طورّها أدونيس وانسي الحاج فأحتضنت أبعادا شتى . منها الغزل والنثر الذاتي .وتناولها شعراء نثر مثل قاسم حداد وعبده وازن وكتبها شعراء التفعيلة كسعدي يوسف ودرويش وقباني . ولا أجد مبررا لكتابتهم هذه وهم المتمرسون بالعروض والتفعيلة .
أماّ مدرسة الإحياء فأذكر أن عميدها شوقي أثرّ عليّ كما لم يؤثر شاعر آخر عربي أو أجنبي علي , حتى بت أقول أنني لولا شوقي لما صرت شاعرا أذكر أنه سيطّر عليّ السنين الشعرية الخمس الأولى وطغى عليّ شعره الصافي الجزل المشرق الموسيقي السلس . شوقي أكثر الشعراء العرب الكلاسيكين احتفاء بالوسيقى الشعرية وهذا الأمر أعجبني جداً
خصوصاً لامتلاكي أذناً موسيقية مرهفة . أعتقد أنني قرأت كل ما كتب شوقي من شعر وأمتلأت به وتمثلته في فترة ما من حياتي دعيتها الشوقية. حتى أخرجني السيّاب من سجنه ودائرته في عام 1996 في أوائل أكتوبر، فوقعت في اسر السيّاب محب وتلميذ أحمد شوقي ثانية . ولكن السيّاب لم يكن كشوقي . كان برجوازيا ثائرا مسكوناً باللهيب حتى الموت. كان ثائرا على مجتمعه وعلى أغلال القصيدة العربية .
في النهاية آمنت بمدرسة الشعر الحر ورأيت في شعر التفعيلة أفقاً جديدا يشرع التحدي أمام أنصاف أو أرباع المواهب من أنصار قصيدة النثر التي يحاولون بها تخريب الشعر العربي بنماذجهم الرديئة القريبة من التقرير اليومي العادي . ولم أستطيع أن أتصوّر الشعر العربي بدون وزن وموسيقى مارشية مهيبة كما في العروض العربي . هناك موسيقى خارجية يشي بها الوزن العروضي وموسيقى داخلية تشي بها الحروف.
رغم كتابتي لشعر النثر والقصيدة العامودية أنا من أتباع التفعيلة .التي أعتبرها الوريثة الشرعية الوحيدة للشعر العربي.
ولكن الشاعر أخيرا هو تابع نفسه . أو نصه بالأحرى.
4.ماهي الرموز والدلالات التي تستخدمها في شعرك، ولماذا؟
كل كتاباتي أو أشعاري تتمحوّر في نهاية المطاف حول مسألة مكاشفة الوجود . واكتناه أسراره . والإجابة على الكثير من الأسئلة الكبيرة حتى لو كان النص مكتوباً بلغة الحب ومحاورة الجماليات الكثيرة . القصيدة هي سبر غور الذات في كثير من الأحيان . وفهم المتناقضات الكثيرة .
أقول أنه كلماّ ازدادت المتناقضات في الحياة كلما وجدت حاجة في نفسي للكتابة والشعر . وكلما ازدادت الحياة قسوة . وجددت في روحي نزوعا صلبا وطاغيا لتجميلها وتفتيت قساوتها بالشعر .لا داعي هنا الى تعديد المتناقضات . فهي ملأى من حولنا .
سؤال الحرية هو سؤال مركزي في شعري وأحاول في العديد من التجارب الشعرية أن أثير بعض القضايا المتعلقة بها .
مثلا ديوان عذابات وضاح آخر . يتحدث عن إشكالية الحب وتحقيقه .
في عالم الواقع لا في عالم الخيال . الا يوجد هناك عناق خفي مع روميو وجولييت ومجنون ليلى وأنطونيو وكليوبترا . حيث وجد مسيح الحب وجد أيضا يهوذا البغض واستحالة الوصال والأمن. والحب المتبادل.
شعري وصف لعيني السا جميلة ضائعة في غابة من المتناقضات يحاول افتراسها ذئب المفارقة والمستحيل .
استخدامي لهذه الرموز والدلالات هو ما سيضمن لشعري العيش بعد أن يموت كل شعر كان يعبرّ برخص وابتذال عن قضايا صغيرة.
5. اصداراتك الشعرية حدثنا عنها؟
منذ أواسط التسعينات وأنا أكتب الشعر وبدأت نشر البواكير في الأتحاد الحيفاوية بفضل الكاتب يوسف فرح . كتبت عدة دواوين منها عذابات وضاح آخر وأوتوبيا أنثى الملاك الذين نشرتهما بنسخ محدودة عام 2005 رغم أن الأول جاهز للطبع منذ أيار 2003 . في مرحلة ما بعد النشر في الاتحاد عام1999.توقفت عن النشر في الصحف المحلية . الى أن بدأت مع مطالع عام 2005 بالنشر مجددا في عدة صحف منها الاتحاد وكل العرب والأخبار التي تصدر في الناصرة ويرأس تحريرها الكاتب محمود أبو رجب . الذي كان له دور أجّله وأعترف أنه ساعدني كثيرا في النشر ساعة تخلىّ عني الجميع وأبرز اسمي في حين كان الآخرون يحاولون طمسه.
في الداخل هناك أزمة حقيقية لشاعر موهوب فهو إن لم تتبناه المؤسسه الثقافية ان وجدت أصلا فأنه في النهاية لن يستطيع أن يفعل شيئا . لن تصدر دواوينه ولن يترجم الى أي لغة ولن يلتفت اليه أحد . هناك الكثير من الضبابية والفساد القائم هنا حيث يستطيع كل شخص يملك المال أن يكتب كلاما سخيفا وفارغا من كل مضمون وخال من أية ثقافة وينشره وينال عليه الجوائز والتكريم . ولا أعرف لمن أتوجه ليكون لي عونا في نشر شعري وديواني الذي لو جمعته لجاوز العشر مجموعات من الشعر . الوضع هنا مزري ولا مستقبل لكاتب أو شاعر في الوسط المحلي الا بقدر محدود هذا هو رأيي الشخصي الذي ربما أختلف مع غيري به . أما في الوسط اليهودي . فربما كاتب ناشئ لا يتجاوز الخامسة والعشرين يكتب رواية وتترجم الى عدة لغات أوروبية وتتبناها دور النشر المختلفة وتكون لصاحبها سبب نجاح باهر .أدبي ومادي . هذا ما يحصل عند الغير . وفي الدول المتقدمة المتحضرة.
وينطبق على المؤسسه عندنا البيت التالي
لقد اسمعت لو نديت حيّا ولكن لا حياة لمن تنادي .
6. في صيف عام 1991 بدأت رحلتك الشعرية ونشرت ألبواكير في الاتحاد الحيفاوية حدثنا عن ذلك بالتفصبل؟
الطريق الى الشعر الفصيح عندي بدأت في هذه السنة بالذات من خلال حبي واعجابي وشغفي بالشعر الشعبي وهذا تطور عندي الى ان جرّني الى العروض وتفاعيل الخليل والشعر العربي والأدب العالمي . روايات فرنسية عديدة مترجمة الى العربيه تركت أثرها الوجداني علي في تلك الفترة . وأنغام تجويد القرآن أيضا كانت تسحرني . وروايات جرجي زيدان في مرحلة متقدمة على قراءة المتنبي وأبو تمام وأمراء الشعر الأموي والعباسي وشعراء الإحياء وعلى رأسهم شوقي .ثم قراءة جبران ونعيمة في أواخر الثانوية . جبران ونعيمة كاتبان خطيران جدا في تشكيل هوية المثقف في حداثته أي في مرحلة الثانوية الخاصة . ولا يستطيع أي قارىء أن يفلت من تأثيرهما الخارق .
جبران ونعيمة كاتبان عالميان استوعبا كل ميزات الكتاب العالميين في نظري ولا أكون مجاذفا اذا قلت أن موهبة جبران لا تقل عن موهبة الروائي الفرنسي العظيم مارسيل بروست . ولكن ظروفه لم تساعده ليكتب مثلما كتب بروست . بروست ذخر طاقته في البحث عن الزمن الضائع . وجبران بددها هنا وهناك .بالرغم من أن حياتيهما كانتا متشابهتين . وعلى وتيرة وطول لا يختلف كثيرا . مات مارسيل في سن الواحدة والخمسين أما جبران فمات مسلولا في الثامنة والأربعين .
7. شعرك أثار الجدل في الاوساط الثقافية خصوصا بعد أن نشرت مجموعتين من الشعر الحداثي بعنوان عذابات وضاح آخر وأوتوبيا انثى الملاك، حدثنا بالتفصيل عن ذلك؟
من خلال قراءاتي وتأثري بالشعر العالمي والعربي نشأت عندي ميزة خاصة وسمت شعري وهي المعانقات العديدة والمصافحات مع الكثير من الشعراء والكتاب الكونيين . وبرز تمثل افكارهم ومحاورتهم ثقافيا .
وذهنيا وحضاريا وشعوريا . شعرية التجاور هذه اعجبتني ولكن البعض اعتبرها عرض عضلات غير مبرر.ولكنها في الأخير محاولة لإستنطاق الأنا والوصول اليها من خلال الغير .وأيضا تبنّيت أسئلة غير مطروحة بشفافية عالية ومهارة شعرية والتزام فني في الشعر المحلي مثل أسئلة الحرية والحب كما في ديوان عذابات وضاح آخر .أيضا الموسيقى داخل قصيدتي تعبرّ عن حالة شعورية يصعب تجاهلها، وهناك أجواء موّشاة جميلة وعوالم أقرب الى عوالم رمبو ولوتريامون ألذي تأثرت بسرياليته وأحببت غرابته وظرافة وجدة صوره . في حين كان الشعر المحلي يقيم سدا بينه وبين التجديد على نطاق الموضوع والتركيب والرؤيا . أكاد القول أن الكثير من شعرائنا سوى قلة قليلة لم يفهم حتى هذه اللحظة معنى ومكونات القصيدة القبل حداثية فكيف يفهم الحداثة أو كتابة ما بعد الحداثة .
عندنا الشعر على مستوى بعض الأفراد الذين تكرمهم دائرة الثقافة ما يزال يعيش في النصف الأول من القرن الماضي على مستوى اللغة ,والموضوع والرؤيا والطرح.
8.متى بدأت تنشر على الانترنت ولماذا؟
بدأت النشر على النت مطالع عام 2005 لأنني أعتبر ان العصر الذي نعيش فيه هو عصر النت والتقنية الالكترونية الفاتحة لمجالات لا نهائية تمنح القصيدة كونيتها التي طالما حلمت بها وتعطيها أيضا لا محدودية تليق بها وتشرعها على الجهات الأربع حتى حافة الأرض . وهذا فتح تكنولوجي جديد وباهر .
9.متى تكتب الشعر؟
أعتقد أن كل الأوقات صالحة للكتابة .وأعتبر ان الشاعر او الكاتب الحقيقي يستطيع أن يبدع متى شاء أنّى شاء . هذا متعلق بتركيبته . أكثر مما هو متعلق بالزمان والمكان . أنا أكتب خلال اليوم في أغلب الأحيان ونادرا ما أكتب خلال الليل.
10.ماهي رسالتك من الشعر؟
ضلّ من يقول أن الشاعر يكتب لنفسه فقط . يكتب لنفسه نعم ولكن يكتب ايضا للآخر المختلف . الكتابة عملية للتبعثر في كل الفصول . والعيش في كل العصور . أنا أحاور في كتابتي فرجيل وهوميروس الذين قرأتهما وتسكن نصوصهما لا وعيي الخاص. الشعر عندي هو فنية الكشف والتعرية الوجودية . والتمازج مع موروث آخر . يسحرني ويقنعني .
حتى الشعراء المغمورين العرب والأجانب فأنني اعيد صياغتهم بلغتي فأنا في النهاية مشارك حيوي في غزل وإتمام هذا النسيج الشعري الكوني ورسالتي ان أكون أنا وأن لا يتلاشى صوتي مع أصوات غيري . وأن أحقق ذاتي الشعرية الأخرى التي ورثت الكثير عن جدها المتنبي وصنوه بايرون . وأن أسكت هذا النداء الى المجهول الجمالي المطلق.الصارخ أبداً. الى ما لا نهاية.
11. ماهي الابداعات الادبية والصور الشعرية التي تجلت في شعرك؟
أنصح بالرجوع الى قصائدي واستجلاء الصور التي لا مجال لحصرها هنا فهي كثيرة وعديدة ومتنوعة وغنية ومستمدة من خيالات وثقافات لا تعدُّ ولا تحصى .هذا سؤال فضفاض ويحتاج الى دراسة أطمح أن يقوم بها أحد هؤلاء المخلصين للشعر والفن الكتابي .في يوم ما .
12. ماهي المواضيع التي تطرق لها شعرك والسبب في اختيارها؟
المواضيع التي تطرق اليها شعري كثيرة ومتنوعة وقد أتيت على ذكرها عندما تحدثت عن الدلالات والرموز في شعري . أما السبب في اختيارها فلظنيّ انها تشكل بؤرة مهمة يجب تسليط الضوء عليها . الحديث عن الهم الجماعي في النص المكتوب ينبع من ميل ونزعة لصياغة هم فرداني ملحّ وهذا يتجلى عند شعراء كثر .كالسياب مثلا.وينبع ايضا من حلم بحياة أفضل للجميع على هذه البسيطة.
13. هل من الممكن ان تسرد لنا ثلاثة اقوال لنقاد حول شعرك
كتبت عني بعض المقالات النقدية . وممن كتب الروائي الفلسطيني سهيل كيوان والدكتور بطرس دلة والدكتور منير توما والسيد شاكر فريد حسن والدكتور الناقد العراقي ثائر العذاري وغيرهم .
والمقالات منشوره على النت ولا يحضرني الآن شيئا من أقوالهم .فمن أراد البحث عنها فهي موجودة ومنشورة في عدة مواقع أدبية معروفة.
14. هل لك ان تسرد لنا القليل من ديوانك الشعري الأخير ؟
هاتان قصيدتان من نتاج عام 2005

النوارس في دمي تبكي

سألمُّ يوماً ما تناثرَ من صدى قدميكِ حولَ ضفافِ قلبي
مثلَ عطرِ النارِ يفجأُني
النوارسُ في دمي تبكي لأوَّلِ مرَّةٍ في الروحِ
تملأني بدمعِ شقائقِ النعمانِ
قلبي زائدٌ عن حدِّهِ
أو ناقصٌ من وردهِ
شفةً تقلِّمُ لي حنانَ الأرضِ وهو يفيضُ عن وجهي
وعن لغةِ ارتحالي في الضبابْ
سألمُّ يوماً ما بأهدابي زهورَ بحيرةِ الحُمَّى
تهدهدُ روحَ لامرتينَ في شفقِ العذابِ
تضيئني لغتي بلا قمَرٍ رخاميٍّ
ويطفئني عراءُ جمالكِ الممهورِ بالموجِ الحزينِ على ذبول الصمتِ
والمهدورِ بالنعناعِ في أبدِ السحابْ

**************

لهفةُ الفينيقْ


روحي تنامُ على تنفُّسِ مائِها الدُريِّ في أشعارِ هولدرلينَ
فيما جلدُها الرخوُ المضمّخُ بالنعاسِ وبإنسيابِ العاجِ
يشهقُ في شراييني ويعوي في شتائي
لم أقترنْ بفضائها اللغويِّ إلاَّ كي أردَّ النقصَ عن أسرابِ موسيقايَ...
أقطفَ حكمةً بيضاءَ من بستانِ فردانيَّتي ....
أنا لهفةُ الفينيقِ في غدِها المُحنَّى بالحدائقِ
والرمادِ الأرجوانيِّ المُعطّرِّ بالحنينِ الى مكانٍ
لستُ أعرفهُ
الحنينِ الى زمانٍ
ليسَ يعرفني.... ولوعةُ أسئلهْ
ترفو عذابَ الليلِ في قلبي... ونارُ قرنفلهْ
بدمي أراها في الهواءِ الرخصِ
تنحلُّ القصيدةُ دونَ قُبلتها
ووحدي لا أرى
عطشَ الاباحييّنَ ينضحُ من أصابعها على قمرِ القرى
في القلبِ وهو يخبُّ في جمرِ الغوايةِ
كائناً / صفةً لعينيها
ويلحقُ قيصرا.

15. كيف تحدثت عن المرأة في شعرك؟
المرأة في شعري تحتلُّ مكانا بارزا لشدة تأثيرها على الشاعر بوجه خاص فهي ملهمته وعلى العالم بوجه عام . الأنوثه متشعبة في كل شيء وتطال كل شيء هناك من يقول ان الحضارة أنثى . وأن الشمس أنثى وأن الطبيعة أنثى , وهذا ما آمن به الشعراء على مرِّ العصور .هي من الأشياء التي يجدر أحتفاؤنا بضوئها الخفي . والهائل في الوقت ذاته .هناك شعراء كان دافع الكتابة لديهم الحب .فهم غارقون في فيوضاته وهيولاه .أماّ
حديثي عن المرأة من خلال كتابتي يركزُّ على دورها وخصوصيتها في الحياة بصفتها العنصر الأهم والمكّمل للرجل . وبصفتها أيضا رافدا من أهم وأغزر الروافد ألتي تخص كل فن وأدب . كل القطع الموسيقية في العالم ترتبط ارتباطا وثيقا بالحب والمرأة كذلك الشعر والنثر والرواية الحديثة . فهي تصوير للمرأء وصدى علاقتها مع الرجل في أبهى تجلّيات هذه الصلة والعلاقة . المرأة أساس غنى عاطفي يستطيع الأنسان أن ينطلق منه ويكوّن فنه . هي اذن قبل كل شيء النواة والبذرة حتى قبل أن يتكلم الشاعر عن همومه الذاتية والحياتية والحرب والسلم وأوجاعه وأفراحه وملذاته وأحزانه .
لا يوجد هناك شاعر واحد أو كاتب لم يكتب عن المرأة . ولا يوجد موسيقي قديم أو حديث لم يكن عمله صدى لعلاقة حب وتخليدا لها.
16. ما سبب توجهك ايضا لكتابة المقال وماهي المواضيع التي تتطرق إليها؟
أنا مقل في كتابة المقال الأدبي الذي أحاول فيه أن أشرح بعض آرائي وأسلّط الضوء عمّا خفي من تجربتي الشعرية .وهو كثير .وعلاقتي بالشعراء, وإبراز نظرتي وإعجابي وتأثري بنصوص مختلفة لشعراء وكتاب مختلفين.
17.ما رأيك في الشعر الفلسطيني الحديث، وبماذا يختلف عن الشعر القديم؟
الشعر الفلسطيني في العشرين سنة الأخيرة عند شعراء مثل محمود درويش وسميح القاسم وغسان زقطان وعز الدين المناصرة والمتوكل طه ويوسف أبو لوز . وسواهم من طبقتهم وجيلهم يحتل مكاناً مهما في صدارة الشعر العربي . وأعتقد أن الشعراء الفلسطينيين يقاسمون اخوانهم الشعراء العراقيين والسوريين واللبنانيين أمارة الشعر الحديث . في حين تزدهر في مصر والسعودية وبلاد المغرب الرواية ويعلو النص النثري وصوت المقالة والنقد.
اختلاف الشعر الفلسطيني عن الشعر القديم يرجع الى اختلاف طرق التعبير والهم الذاتي والمرحلة والبحث عن هوية يحاول الحاضر طمسها . الشعر الفلسطيني شبيه بالشعر العربي الى حد التماهي . بالشعر الجزائري مثلا في كثير من الأحيان لا أستطيع أن أميّز شعر عز الدين ميهوبي عن شعر سميح القاسم .وبما أن جيل كامل من الشعراء العرب تأثروا بهذا الثلاثي الرائع وأقصد محمود درويش وسميح القاسم وعز الدين المناصرة . فاننا نستطيع أن نجد تشظّيهم في أصوات شعرية عربية كثيرة . ونلمس أصداءهم البعيدة الرجع في المشهد الكلي للشعر الحديث متجاورة مع أصداء أدونيس وسعدي يوسف والمقالح وأمل دنقل.
18.مارأيك في الشاعر الفلسطيني أولا والعربي ثانيا؟
الشاعر الفلسطيني اليوم يعيش حالة من الضياع الثقافي فهو من ناحية يسعى جاهدا للحفاظ على ماضيه والتمسك بهويته التاريخية والحضارية ومن جهة اخرى يحتضن المنفى مرغماً ويفتشُّ في بلاد وثقافة غيره عن ملجأ لوجعه وإنكساراته . أغلبية الشعراء الفلسطينيين الكبار مشردون عن أوطانهم . ويفيضون حنيناً الى طفولة بيضاء . كانت لهم في ظلال شجر السنديان . جلهم في الشتات يعيش أزمة مصيرية ثقافية أما هنا نحن في الداخل . فالتواصل ضعيف الى حدّ ما مع الخارج العربي .مما يجعلنا نعيش في شبه انقطاع لولا ما يتيحه النت . أما صورة الشاعرالعربي فلا تختلف كثيرا عن صورة الشاعر الفلسطيني .
فالنخبة امثال أدونيس وسعدي يوسف . لم يستطيعوا أن يجدوا الحرية الفكرية المرجوّة في بلادهم . ولم يفلحوا في ايجاد هرمونيا مع الواقع الثقافي والفكري في أوطانهم، بالاضافة الى ظروف كثيرة اجتمعت لديهم، أبرزها سطوة السلطة وتجبرها . مما حدا بهم الى الرحيل الى الغرب والإنتماء ولو كان ذلك في أقصى دخيلتهم الى الغرب حضاريا وثقافيا.
19. هل هناك شعر مستهلك ولماذا؟
يوجد هناك شعر مكرّر حتى أنه فاقد للونه الأصلي . ويوجد أيضا شعارات مستهلكة عندنا في الشعر العربي وهي كثيرة .
نتيجة عدم الانفتاح وعدم التحاور الثقافي والأستفادة من موروث الغير الجمالي . لم يتطور الشعر العربي بصورة فعلية الاّ بعد احتكاكه بالأداب الأخرى . وتمثلِّ جمالياتها اللا نهائية . وهضم موروثها من الألياذة الى مؤلفات شكسبير مرورا بكوميديا دانتي الالهية.
20.ماهي مشاكل الشاعر الفلسطيني المعاصر؟
مشاكل الشاعر الفلسطيني المعاصر متعددة منها . استحالة البقاء أمام تيّار العولمة الداعية الى تهميشه . الخوف من تلاشّيه وخسران هويته الثقافية الحضارية وموروثه التاريخي . استمرارية النزاع الدائر على وطنه . فقدان استراتيجية الدفاع عن الحلم بالمستقبل .الوصول الى ايجاد أفق أوسع للحرية الذاتية .
هنا أعني حالة الشاعر الفلسطيني المقيم في الشتات.أولاّ . وثانيا الشاعر الفلسطيني المقيم في وطنه .

21. هل لك أن تسرد لنا مقطعين شعريين من شعرك؟

سأسرد قصيدة بعنوان لي ولها

لي ولها


كلُّ ما تتمخضُّ عنهُ القواميسُ
لي ولها
كلُّ ما تتمخضُّ عنهُ النفوسُ
التي احترقتْ مرةً
في فضاءِ البنفسجِ
وهيَ تزيِّنُ صلصالها
بأغاني النجومِ...
الحياةُ التي أفحمتْ شاعري
بالفراغِ البريءِ
وما تتمخضُّ عنهُ المزاميرُ
لي ولها
لي جنونُ أبي الطيّبِ المتنبي
وخسرانُ سلمِ بن عمرو
وموتُ امرىء القيسِ
من غيرِ معنى يؤكدُّ
ماهيّةِ الرملِ والشعرِ
أمّا لها
فالنهارُ الذي يسكبُ الآنَ
فوقَ جفافِ الكلامِ جدائلها
والحمامُ الخفيُّ الذي
يتساقطُ كالدمعِ
من ناطحاتِ السحابْ
لها قسوةُ الأمنياتِ
وكلُّ احتضارِ الضبابْ.

22. في رصيدك مئات القصائد الغير منشوره بسبب التعتيم الاعلامي والحصار الذي يضرب على كل ما هو جميل وجيد في الحياة، بماذا تعلق على ذلك؟
أقصد بهذا القول أن أغلب المحررين الأدبيين في الصحف أرباع مثقفين بل ربمّا أصفار مثقفين ولا يتمتعون بثقافة راقية وذوق سليم فهم إما يخلطون الغث بالسمين والدر بالحصى أو يطرحون النص في سلة المهملات . لجهلهم بمواطن الفن والسحر فيه . وهذا ما حصل فعلا معي ومع غيري من الشعراء .
23. ما هو دور المؤسسات الثقافية في دعم الشاعر الفلسطيني؟
أجبت على هذا السؤال سابقا .
لا أظن أنه توجد مؤسسات ثقافية فعلية وذات تأثير ملموس لدعم الشاعر الفلسطيني . أنا أعتقد أن الثقافة والشعر والفن عندنا نحن العرب في أسفل سلمّ الأفضليات إذا كان هناك سلّم أصلاً . دواويني التي بعثتها لقسم الثقافة العربية نامت على الرف نومة أهل الكهف أو أكثر بقليل وطبعت
سخافات كثيرة . في كل دقيقة يطبعون لمن هبَّ ودب َّ وعندما أستفسرُّ عن كتابي يقولون لا توجد ميزانية.أعتقد أنه توجد هناك عصابة رخيصة تحتكر هذا الذي يدعى بدائرة الثقافية العربية. وتدير بيروقراطية النشر والدعم فيه. أنا أعتقد أنه لا توجد مصداقية وتوجد علاقات عامة ورياء ومحاباة وجهل وجاهلية وتخلّف .
24. مواقف حدثت معك ولن تنسها في رحلتك عبر بحور الشعر؟
أذكر موقفا طريفا مع الشاعر الكبير سميح القاسم . كنت في الناصرة قبل مدة وأحببت أ أمر لأسلّم على الشاعر سميح القاسم وكانت معي جريدة الأخبار وفيها منشورة قصيدة لي . رأيت سميح الكبير في غرفة أشبه بردهة تميل الى الصغر . كنت قد أهديته ديوانين من قبل . رحبَّ بي وصبَّ لي القهوة بنفسه . أبدى اعجابه بالديوانين . مدَّ لي سيكارة بارلمنت . ودخنّا سوياً . تناول مني الجريدة وقرأ قصيدتي بصوته الجهوري الصافي . لا أنسى أنه أستاذ كبير في فن الإلقاء .
كان كريما صريحا شفافاً لم أكن قد قابلته من قبل ولم أعرف شيئاً من نبله وبشاشته . أثناء الإلقاء نبهنيّ الى وجود خطأ عروضي داخل القصيدة وأكدَّ ذلك . وتداركت هذا معه . كنت وقتها أعتقد أنني تمرستُّ في علم العروض وأستظهرت خفاياه . ولكن لكل جواد كبوة أو كبوات وفوق كل ذي علم عليم . تعلمت أيضا أن سميحاً هذا شاعر كبير وإنسان أكبر . لا تخفى عليه في علم ولا في أدب خافية . ويستحقُّ مكتباً أكبر بكثير من مكتبه في كل العرب.
25. الى ماذا يحتاج الشاعر الفلسطيني؟
الشاعر الفلسطيني . بحاجة الى تطوير أدواته الشعرية والحد من القلق الوجودي الذي يتأكل روحه . منذ أكثر من نصف قرن . الشاعر الفلسطيني بحاجة الى فسحة ضوء وعطر وحرية وجمال وحب , تغسل الدم النازف من أرضه وتاريخه.وماضيه وحاضره.والى لغة تخاطب خارقة وعابرة للقارات يستطيع ان يكسب بها الرأي العم العالمي ويقنع بها خصومه . ولا بأس اذا صيغت من فراشات ملونة حديدية وندى ناري . واذا حملت كل صخب الأرض وهدوء السماء .
26. ماهي طموحاتك المستقبلية؟
لا أطمح بشيء لا أستطيعه . أطمح بأشياء بسيطة لا علاقة لها بجدي المتنبي . القائل
اذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجومِ
فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيمِ
أن أستمر في الكتابة هذه المهنة المقدسة والملعونة في آن معاً , وأن أجد الأمن الذي لم يجده السيّاب . وراحة أبي تمام الكبرى، والرضى النفسي. وفي النهاية أن أجد دار نشر تساعدني في طبع أعمالي. وأن أترجم إلى عدة لغات، وأحظى ببعض الدراسات الأدبية مثل غيري .
27.ماذا تقول لكل الشعراء؟
لا أجد ما أقوله للشعراء الاّ الذي قلته هنا .
* عن جريدة القدس
25/12/2007

******


الشاعر الفلسطيني - نمر سعدي – في لقاء أدبي لزمان الوصل :
حاوره : مرهف مينو – زمان الوصل/ سوريا

لو كنت لا أعرف نمر سعدي لظننت أنه شاعر ستيني، فحرصه على تقاليد قصيدة التفعيلة حد التقديس يشجع على مثل هذا الظن..فضلا عن انتهاجه نهج الستينيين في محاولة غزل خيوط الواقع ونسجها في نسيج رومانسي يتخذ من عناصر الطبيعة وعاءً لقضايا الفكر.
ثائر العذاري - ناقد من العراق-

لم أجد اجمل من هذه الكلمات لوصف الشاعر نمر سعدي .....
عرفناه شاعرا متمكنا مجيدا يحلق في سماء الشعر بأسلوب مميز يظهر جليا في قصائده التي يبدو وكأنها تنسلخ من روحه المبدعة سنحاول في هذا اللقاء أن نسلط الضوء أكثر على هذا الشاعر ونتعرف عليه عن قرب

• • تعرفنا على الشاعر نمر سعدي من خلال ما قرأناه من خلال الصحف والدوريات الثقافية او ما يصلنا من خلال شبكة الانترنت .. نريد ان تحدثنا عما لا نعرفه عن نمر سعدي كبداية .

أوّلا أنا عربي مسلم أعيش في فلسطين المحتله في بقعة تدعى الجليل . من عائلة متواضعة من ضلع فلسطين وملح أرضها تسكن في قرية بسمة طبعون في الجنوب الشرقي من مدينة حيفا الساحلية .
وثانيا أنا كائن مملوء بالأحلام والطموحات والرؤى النبيلة ومسكون بعشق الحرية . وليست الكتابة عندي الاّ محاولة جريئة مني لتجسيد هذه الأحلام وممارسة الحرية ومنحها بعض الشرعية الوجودية لكي تتنفس في رئة حياة باتت جامدة وتتواجد في صخب هذا الواقع الذي بات يثقل كواهلنا بماديته وضيق أفقه ومحدوديته... أخيرا لكل شخص أن يفسرّني كيف شاء هواه من خلال قصيدتي .

في ليلةٍ ما عندما يصحو الندى
في حنطةِ الأيامِ
سوفَ يضيئني وجعي الذي أدمنتهُ
زمناً... وتركضُ في مفاصلِ وردتي
نارُ المجوسِ..
يحيلني ندمي
الى أنقاضِ فردوسٍ
يحيلُ دمي فقاعاتِ النبيذِ المُرِّ
في قلبِ امرئِ القيسِ
المُعذَّبِ بالجمالِ الحُرِّ أو بلحاقِ قيصرْ

• • من الملاحظ أن المرأة تحتل مساحة واسعة من شعرك ؟

في الفترة الأخير أحاول أن أعطي المرأة بعدا رمزيا في قصيدتي وأمنح هذه العلاقة الملتبسة بعض الشفافية ليحاول الآخر أن يستشف ما يخفى عليه داخل جوهر الأنوثة . فنحن كبشر رجالاً ونساءً يكملُّ أحدنا الآخر ولا تقتصر صلتنا بعضنا ببعض على الحب أو ألنوازع البيولوجية فقط . هناك في بعض القصائد الأخيرة إستدعاء للمرأة المعجزة أو إمرأة اليوتوبيا الموعودة التي لا تتحقق الاّ في داخلنا وفي أعماق وهمنا وفردوسنا المفقود ولا نجدها في واقعنا . هذا الأحساس ينبع من خوف فقدانها وخسارتها كقيمة جمالية كبرى . كل كاتب أو شاعر أو فنان يستشعر هذه الخسارة الإفتراضية وهذا الفقد الوهمي قبل أن يقعا لذلك فهو متطرفٌّ الى أبعد حد بمثاليته الغنية الثرّة .من جانب آخر نحن نحاول دائماً التغنيّ بمزامير الطريق ولا نصل أبداً وهذا هو سر الجمال والسعادة هنا . المرأة كمدينة مسوّرة سحرية اذا وصلتها ضاع كل شيء . وقيمتها الجوهرية الفذة تكمن في هذه الضبابية التي تحيطها بالغموض والمجهول.

• • تعددت أساليبك الشعرية فتارة تكتب بالتفعيلة وتارة القصيدة العمودية .... فلما التنقل من مدرسة لأخرى ؟

أنا بالأساس شاعر عمودي أي بدأت عمودياً ولا زلت أكتب قصائد عمودية كشعراء كثر وهذا لا يضير فهناك شعراء عموديون وتفعيليون في نفس الوقت كنزار قباني ومحمد علي شمس الدين وسميح القاسم ولكني وجدت فيما بعد أن التفعيلة هي الصورة الحية المقنعة لتطوّر القصيدة العربية والأمتداد الطبيعي للموروث الجمالي الشعري لدينا . أعتقد أن التفعيلة حاولت بكل صدق أن تذهب بعيداً وتحتوي تجارب صادقة وأن تعبّر جليّا عن مكنونات الشاعر العربي في الوقت الراهن .القصيدة العمودية مرتبطة ذهنيا عندنا وقبل كل شيء بخيام البدو وأبلهم وظبائهم .ولكنها استطاعت أن تتطوّر عندما كتب بها شعراء موهوبون . الشكل الشعري لا يهم كثيرا هنا. ما هو الاّ وعاءً أما المهم فالسائل الذي يملؤه .
التجربة النثرية مثيرة للجدل والاهتمام لأنها استوعبت الكثير من العناصر والجماليات الجديدة . وأتمنى أن لا يكون هناك فجوة عميقة بين تطوّر هذه وحضور تلك . لأن النثر في النهاية يرجع نثرا مهما بلغ من الروعة والبلاغة ويحسب علينا كذلك في المستقبل . هناك مثلا تجارب النفرّي وأبن عربي وأبن حزم الأندلسي هي حسب مقاييس الغرب لقصيدة النثر تجارب شعر محض ولكنها في موروثنا تجارب نثر فنيّ أو صوفي أو نثر جمالي ذاتي وجداني . أما الشعر فلا مبّدل له . هل يستطيع أحد أن يغيّر شعر المتنبي ؟ أو شعر أبي تمام . لا أظن ذلك .
• • ما رأيك بالحركة الشعرية المعاصرة " الغير ملتزمة بالتفعيلة أو القصيدة العمودية " عربيا ؟

هناك بعض الضبابية أنا لا أستطيع أن أميّز موهبة كبيرة حقاً .
وكل الشعر يبدو لي متشابها بعض الشيء . نحن نسير حسب قول أينشتاين الى الكارثة الثقافية . المشكلة أن الشعراء النثريين لدينا مثقفون وكاتبو دراسات نقدية وأبحاث وعلى مستوى عالٍ من الإطلاع وهم واعون جيداً لمشكلة هيمنة النثر الجمالي . لا أعرف سر هذه الحملة على الإيقاعات العربية . هناك شعراء مثل سعدي يوسف الذي فتح المجال أمام اليومي والشائع ومثل أدونيس الذي أغرى الآخرين بالشعر الفكري المشبع بالرمزية والغموض والذهنية والتقريرية أحياناً.
أنا ضد هيمنة القصيدة العمودية ولكنني أيضاً ضد هيمنة قصيدة النثر . حتى أدونيس" رغم إعجابي بشعره وتنظيره الجريء "في كثير من كتاباته لقصيدة النثر غامض وغير متسلسل وتغلب عليه الذهنية والفكرية أحيانا . أنا أحب شعره التفعيلي أكثر . وأحترم ريادته وتجديده في الأوزان العربية وفي المحتوى والمضمون .
• • نمر سعدي ... هل أنت متأثر بتجربة شعرية حديثة أو قديمة ؟

من الصعب عليَّ أن أجزم بكلمة واحدة أنني متأثرٌ بتجربة بعينها قديمة أو جديدة . أؤمن أن المبدع اذا توقفَّ عن القراءة فقد أنقطع وحيه وجف نبعه. تجاوز الذات شيء مهم لدي وانقلابات الشاعر على نفسه أيضا . أحيانا تجربة واحدة غنية ومتنوعة كتجربة "ماركيز" تغنيني عن تجارب عدة فقيرة .
كل يوم جديد أكتشف تجارب جديدة تقنعني بضرورة المتابعة والكتابة .في النهاية أنا متأثر بالمجموع الكلي للتجارب الجيّدة الحقيقية ولست متأثرا بتجربة واحدة فقط .

• • لمن تحب أن تقرأ ؟

لشعراء وكتاب كثيرين عرب وأجانب لا مجال هنا لحصرهم جميعا , ربما أقرأ في الصباح في رواية من روايات مركيز وفي الليل أقرأ في ديوان المتنبي . هناك تنويع كبير ولا محدودية في القراءة الموزّعة على الشعر والرواية والمقالة النقدية ولكنني في أحيان كثيرة أقرأ طويلا متأملاً في وجوه الناس والطبيعة والأشياء . وأجد في ذلك كنزاً عظيماً وحكمة.

• • هل تعتبر نفسك تعبر عن جيل من شعراء الحداثة، أم أن نمر سعدي نسيج خاص؟

بل أجد نفسي في آن واحد أعبرُّ عن جيل من شعراء الحداثة ابتدأ بالسيّاب والبياتي ونازك الملائكة وأمل دنقل وحجازي وقباني واستمرَّ حتى شوقي بزيع وعبد العزيز المقالح ومحمود درويش وحسب الشيخ جعفر وأدونيس . وأحاول من جهة ثانية صنع نسيج خاص بتجربة منفصلة تنمو رويدا رويدا وعلى حدة .
• • وجدنا بعض قصائدك العمودية الكلاسيكية قد كتبت بشكل شعر تفعيلة ما السبب ؟

لا يوجد أهمية عندي لتقسيم وتوزيع القصيدة . التوزيع التفعيلي للقصيدة العمودية نجده عند شعراء كثر مثل محمد الفيتوري ونزار قباني وشوقي بزيع وعلي جعفر العلاّق والبياتي وهذا أمر يعدُّ ثانويا في كتابة الشعر . ربما هذا نوع من التجديد في العمود الشعري على مستوى الشكل . كل شاعر حرٌّ بتقطيع قصيدته ما دامت سليمة من الكسر في وزنها .وكل قارئ ذكي يكتشف لعبة التقطيع تلك من السطر الأول .عدا أن هذا الأمر لا يضير القصيدة شيئا بل يقوم بتحديثها وتقديمها بصورة مفاجئة ومغايرة تتناسب مع الراهن أكثر . وهناك قصائد كثيرة لعلي جعفر العلاّق موزعة توزيعاً تفعيلياً وهي قصائد عمودية بالأساس .


حب بلا امرأة يغلف نومَه
المرئي بالكلمات تقطرُ من
دموع النورس البريِّ
.. كان غناؤها المائيُّ
يجرحهُ كزقزقة العصافير
الغريبة عن سماء الله
كانَ معبّأً بالبرق من أعلاهُ
حتى أخمص القدمينِ
يبحثُ في خلايا الأرضِ
عن منفى ومفردةٍ بلا ماضٍ
يؤنثها يُعيد بها تفاصيل
الرواية أو يدقُّ بها
على الروحِ التي نامت على وجع الترابِ
بلا مراودةٍ ويحتضنُ الفضاءَ
بلا يدين وقبلتينِ
من السرابِ الهشِّ
ينظرُ دونما شفق
بعين غزالةٍ مذبوحةٍ
بهلال شهوتهِ/ مرايا للغيابْ


• • هل قرأت لشعراء سوريين وهل تعتبر الحركة الشعرية السورية مؤثرة في الأدب العربي ... طبعا في الفترة الراهنة ؟

قرأت لكثيرين منهم أدونيس ومحمد الماغوط ومحمد منير خلف
وياسر الأطرش ونوري الجراح ونزيه أبو عفش ومحمد الصالح الحسين وبهيجة مصري وغالية خوجة . كلهم كبار ويستحقون القراءة . وأعتبر الحركة الشعرية في سوريا من أقوى الحركات التي تحتضن المشهد الشعري في العالم العربي . وهي مؤثرة ومتطوّرة بشكل مذهل . وقد قمت بالإطلاع على الدواوين التي يصدرها اتحاد الكتاب عندكم فأصبت بالذهول من نضوج التجارب الشعرية وغناها بالمقارنة بما يجري في فلسطين .
أنتم تتفوقون علينا أضعافا مضاعفة .

• • غزة ...؟؟؟ أنت في قلب الحدث نتاجك الشعري الذي وصل لم يتناول ما يستجد من أحداث على أرض فلسطين ؟

منذ شغفي الأوّل بالشعر وأنا أحاول أن أتخلّص من شعر الحدث والمناسبات الذي رحل زمنه مع أن مصيبة غزة ليست مناسبة .
أحاول أن أصوغ مأساة غزة في كل ما أكتب من شعر ممزقّ بين الواقع والخيال والحرية والظلم ولكني قلت شعرا كثيراً لفلسطين كلها ولا أريد أن أجزأها فهي حاضرة في كل ما كتبت وما سأكتب حتى لو كان شعرا بسيطا أو شعرا يعبرُّ عن قضايا كبرى . يجب على الشعر أن يعبّر عن الحدث بصورة غير مباشرة ومن هنا تنبع قوته وحدته . الشعر عندي ليس شعارا ولا تقريراً يومياً. أنا أعبرُّ عمّا يحدث في كل بقعة موبوءة بالظلم في العالم بصورة مغايرة وجماعية أكثر .

• • نلاحظ انك تنشر الكثير من موادك في زمان الوصل فهل من الممكن شرح السبب ؟

لا لغير أنه يحتفي بنصوصي دائما وينشرها . وأود أن أتمنى له دوام الإستمرار والنجاح .

• • نمر سعدي ... تفضل النشر الالكتروني أم الورقي ... السبب ؟

أفضلُّ النشر الورقي بالصفة الأولى والألكتروني بالصفة الثانية .
وقد يكملُّ أحدهما الآخر. اليوم بالذات النشر الألكتروني مهم لأنه يتيح المجال أكثر لإنتشار النص الأدبي .ويشرع تحدِّ آخر أمام الكاتب ليتقن أدواته ويبدع ويجاري غيره . ولكنني أظن أن في النص المنشور ورقياً حميمية خاصا تربطه بصاحب.
**********


الشاعر الفلسطيني نمر سعدي:
الكتابة غواية محفوفة بالمكر

انديرا مطر- كاتبة من لبنان

يعدُّ الشاعر نمر سعدي واحداً من الأصوات الجديدة في الساحة الشعرية الفلسطينية.. صدرَت له الدواوين الشعرية التالية: عذابات وضَّاح آخر (2005)، الناصرة، موسيقى مرئية (2008) الناصرة، كأني سواي (2009)، حيفا، يوتوبيا أنثى (2010)، رام الله، ماء معذَّب (2011)، الناصرة، وقتٌ لأنسنةِ الذئب (2014) القاهرة، تشبكُ شَعرها بيمامةٍ عطشى، القاهرة، وصايا العاشق (2014)القاهرة.
القصيدة المشتهاة
تنصتُ أشعارُ سعدي لهموم التجربة الحياتية وتزخمُ بالموسيقى الهادئة. يتميز شعره بقدرة على التعبير اللغوي، والتصوير الفني على حد سواء، متكئًا، في هذا وذاك، على خيال جامح منفتح على الاتجاهات كافة. موضوعات شعره إنسانية ووجودية وعاطفية لكن قصيدته المشتهاة هي تلك التي تمزج هموم ذاتية وإنسانية وجمالية وفلسفية حتى قصيدة الحب التي يكتبها قد تعبِّر عن عاطفة إنسانية أو مشكلة فلسفية في إطار جمالي معرفي ملبسة بلبوس الشغف الجسدي، "أعتقد كل شعر أكتبه يدور في فلك الشغف الجسدي كما تدور شمس في سماء حزيران الزرقاء. أوائل قصائدي كلها مرتبطة بشكل أو بآخر بأواخر الشغف الجسدي الذي أعنيه".
قصيدة التفعيلة والسياب
كتب سعدي قصيدة التفعلية ولم يتعصب لها، الى جانب العمودية وقصيدة النثر "بما أنني أعتبر نفسي كائن موسيقي أو بالأحرى إيقاعي لم أستطع التخلص من تحرش الأوزان والبحور الشعرية بناي في القلب.. وبذلك أراني مشدوداً إلى قصيدة التفعيلة أكثر من غيرها.. طبعا من غير انتقاص للقصيدة العمودية المكتوبة بروح جديدة وقلق حديث أو للقصيدة النثرية المكونة من جزئيات صغيرة متناهية الصغر والمفتوحة على احتمالات اليومي والعابر ودقائق الأشياء".
قصيدة التفعلية تستحضر تلقائياً معلمه الأول وأحد الآباء الشعريين العظام بدر شاكر السياب، "لا أظن أن شاعرا عربيا أثار الجدل خلال أكثر من نصف قرن كما فعل هذا الشاعر الفذ".
درويش والاعجاز
ماذا عن مواطنه الشاعر محمود درويش الذي قلما نجا شاعر فلسطيني من تأثيره؟ يعتبر نمر سعدي أن درويش على مستوى التفعيلة قدَّم معجزاً فذَّاً شكَّل سقفاً عاليةً للتجارب اللاحقة وكان صاحب طاقة شعرية هائلة واستثنائية. "طوَّر قصيدة التفعيلة وبثَّ فيها مياه جديدة وطاقة نورانية فيها طعم القلق الفلسفي الوجودي. ذلك لأنه يرتكز بقوة على التراث الموسيقي العربي ويدرك أخفى دقائق علم العروض والبحور الشعرية، أيضاً لأنهُ منفتحٌ على الشعريَّات العالمية المتنوعة والمختلفة. قصيدته أقرب إلى النفس من قصائد غيره لأنها تمتلك ثقافة واسعة وبُعداً مجازياً خاصاً وشحنةً عظيمةً من السلاسة والانسيابية والنبرة الجرسية وكأنها مارش عسكري، قصيدةُ درويش تحاورُ النفس وتسائلها بعمقٍ ثرٍّ وشغفٍ حقيقي".
أدونيس وازدحام الأفكار
المتعة التي يقرأ بها نمر سعدي درويش أو شوقي بزيع أو سعدي يوسف يقرأ بها أيضاً شاعراً إشكالياً ومختلفاً كأدونيس ولكن بذائقة أكثر حذراً "أجد أدونيس أحيانا يثقل القصيدة بالأفكار الذهنية وأحيانا أخرى بلغة فلسفية صعبة وبصور بعيدة عن الجمالية التي ينشدها المتلقي ويبحث عنها في لغة الشعر. ولكنهُ في بضعة دواوين لهُ كتبها في المرحلة الأخيرة يحلِّقُ عالياً مثل ديوانيهِ (أوَّلُ الجسد آخرُ البحر) و(تاريخ يتمزَّق في جسدِ امرأة)، وظيفةُ الشاعر أن يحوِّل لغة ومنطق الحديد والنحاس إلى ذهب كما يقول السياب في أحد حواراته وأن يخلقَ الشعري من اللا شعري ويبثَّ الروحَ في الجماد".
البداية مع الشعر الجاهلي
مجموعة من الشعراء العرب والأجانب تركوا بصماتهم في مسارهِ الشعري. وشكل الشعر اللبناني خصوصا الجنوبي منه رافدا جماليا. في الرابعة عشر من عمره قرأ نمر سعدي الشعر الجاهلي الذي يعتبره أغنى ما أنجز العرب في مجال الشعر. فيما بعد تعرف على تجارب الشعراء العباسيين وأحب أبا نواس والبحتري وأبا تمام وبشار بن برد. لكنه تماهى حتى الثمالة مع أشعار أبي الطيب المتنبي. "من الصعب الإلمام بتأثير الشعراء العرب القدامى عليَّ. ربما لم أقرأ كل الذين ذكرتهم قراءة شاملة ولكن تأثرت بعدد قصائد لا بأس به لهم".
لسعدي نظرته الخاصة في ما يتعلق بالشعر المترجم، لاسيما الترجمات التي تتم عن لغة وسيطة ولا تنقل النص الأصلي بأمانة،كأن يترجم شاعر لوركا عن الفرنسية فيبتعد عن النار الكامنة في النص الأصلي ويأتي النص ركيكا وفي أحيان كثيرة لا يؤدي الفكرة بأمانة." لم تترك الكتب الكثيرة التي قرأها، شعراً عربياً وأجنبياً ودراسات ومسرح ونقد ورواية وغيرها، إلا ضباباً أبيضَ في ذهنه، يشبهُ حفيفَ القطن الغيمي بغضِّ النظر عن استفادتهِ منها أو نفورهِ المطلق من عوالمها".
صعوبة الكتابة
الانسيابية الشعرية ليست متاحة للشعراء على الدوام والكتابة تبلغ أحياناً ألم المخاض. يقول سعدي انها ممارسة صعبة، بل صعبة جداً، وغواية محفوفة بالمكر لم تخلِّصه ولو للحظة واحدة من فداحة شعوره بتفاهة ما يكتب. القراءة والكتابة ليستا سوى وسيلة لتزجية هذه الحياةِ بحلوها ومرِّها. "منذ صيف 2008 وأنا أكتب بصعوبة بالغةٍ أحياناً وهذا ما لمسته خلال كتابتي مجموعتي الشعرية (كأني سواي) .أقصد أنني أعجز عن لمس البرقِ الأخضَر الطالع من سديم الضباب الأبيض. أشعرُ دائماً أنَّ كلّ قصيدة أتهيَّأُ لكتابتها هي الأولى لي."
لعلَّ هذا النص أبلغ تعبير عن حالة الصمت المدوي التي يعيشها: "عندما لا أجدُ ما أقولهُ أغلقُ فمي على زهرةِ صَوَّانٍ كبيرةٍ.. بيدَ أني لستُ جلجامشَ، أو أمارسُ طقوسَ المشيِ في الهواءٍ الصلبِ كالفلاسفةِ المشَّائينَ وأنا أصبُّ ماءَ قلبي على جمر الثرثرةِ المهتاجِ بفرحٍ، أعيشُ قليلاً في حضرةِ إغراءِ الصمتِ.. ليسَ صمتَ رمبو ، أكملُ أحلامَ غالب هلسا غير المدوَّنةِ أو أحيل بقايا قصيدة إلى شاعرٍ صُعلوكٍ غيري يحملُ مأساتهُ على كتفيهِ ويذرعُ شوارعَ مدنٍ على كواكبَ أخرى.."

الفيسبوك الفاضح
علاقة الشاعر نمر سعدي بالفيسبوك علاقة ملتبسة. يكتب ويحذف ويشعر أحيانا انه اقترف ذنبا كتابيا ما. ربما لأن القصيدة تتسع للمداراة والمراوغة بخلاف النثر الفيسبوكي وليد اللحظة الممسوس بشغف الطفرة الوجدانية "كم من بوستات حذفتها بعدما استنزفت جهداً كبيراً في كتابتها لأنني وجدتها من صنف النثر الفاضح الذي لا يفصله خيط رفيع عن أعماق نفسي. أحيانا كثيرة أكتب هذيانات وأنشرها وكأنه لن يرى ما أكتب سواي. وانا أعرف جيدا أنني نشرتها توَّا على الملأ".
***


نمر سعدي: الشعراء فوضويون وقصائدهم رسائل شخصية

يكتب الشاعر رسالته في شعره؛ تلك الكلمات التي تحفظها القصائد تكون بمثابة عصارة لروحه ورسالته في الحياة التي عاشها، فرغم الحياة الفوضوية التي قد يعيشها الكثير من الشعراء إلا أن الإبداع الحقيقي الذي يقدمونه هو رسالتهم الحقيقية، فالشاعر يسير في خطين متوازيين؛ أحدهما التحرر من قيود التابوهات والأفكار المُسبقة لتقديم إبداع حقيقي، والآخر هو رسالته في أن يكون أداة للثورة على السائد والرتيب. “العرب” التقت الشاعر نمر سعدي في حديث عن آفاق الشعر ومحركاته ودوره.

حنان عقيل: كاتبة من مصر


تعد تجربة الشاعر نمر سعدي من أكثر التجارب الشعرية الفلسطينية ثراء إذ يكتب في أشكال شعرية مختلفة سواء العمودي أو التفعيلة أو غيرهما، يسعى في قصيدته لأن يُصوّر البيئة العربية الجليلية، نسبة إلى قريته الواقعة في ضواحي حيفا، والتي لا تخلو من مسحة تميل إلى البداوة تتقلص في شعره لصالح هموم وقضايا إنسانية، متكئا على حمولات معرفية عدة يستقي منها تناصات مستندة إلى موروثات ثقافية وأخرى رمزية وأسطورية، وعبْر موسيقى شعره الهادئة تنساب الأفكار والرؤى والأحاسيس الشفافة. صدرَ للشاعر عدد من الدواوين الشعرية منها “موسيقى مرئية”، “كأني سواي”، “وقتٌ لأنسنةِ الذئب”، “تشبكُ شَعرها بيمامة عطشى”، “تقاسيم على مقامِ الندم”.
كتب سعدي لسنوات عدة في صحف ومجلات محليَّة، وكانت انطلاقته في صحيفة الإتحاد الحيفاوية، فيما بعد نشر في صحيفتين تصدران في الناصرة هما صحيفة "كل العرب" و"الأخبار"، ليتجه بعدها للكتابة في أهم الصحف والمواقع الالكترونية العربية كالقدس العربي والنهار اللبنانية وعكاظ السعودية والخليج الاماراتية وغيرها من الصحف العربيَّة الرائدة.

يتحدث نمر سعدي عن بدايات اتجاهه صوب الكتابة الشعرية قائلا “الشعر بالنسبة إلي كان ذلك الحلم الأعزل الذي طالما ظننتُ أنه سيغيِّر شيئا جوهريا في حياتي، ولذلك لم أتردد في إشهارهِ في وجه اللحظات القاسية التي كانت تطلُّ عليّ من وراء حجاب لتمهرَ قصيدتي برماد الفجيعة. في بداياتي كنتُ واقعا تحت تأثير شعراء لم يكن الافلات من سطوتهم أمرًا يسيرًا، كامرئ القيس والمتنبي وأبو نواس وابن الرومي والمعري، تكوّنت شبه صداقة متينة بيني وبين نصوصهم التي أراها تتعدَّى حدود الزمان والمكان وتتبنَّى كثيرًا من أفكار الحداثة وما بعدها، بالإضافة إلى انحيازي النفسي المطلق إلى شعراء عرب كانت حساسيتهم الموسيقية عالية".
ويتابع "لا أخفي أنني في البدايات تأثرت كثيرا بالشاعر المصري أحمد شوقي الذي سيطر على مزاجي الشعري زمنا ليسَ قصيرا ربما غطَّى فترة مراهقتي كلها إلى أن اكتشفت عوالم جديدة في تجارب شعراء الحداثة العرب كالسياب ومحمود درويش وسعدي يوسف والبياتي وغيرهم، ويحضرني هنا أن أشير أيضا إلى أن محمود درويش والسياب كانا مشدودين الى الشاعر المصري الكبير أحمد شوقي ويعتبرانه من أهمِّ شعراء العربية على مرِّ العصور. وذلك يرجع بنظري الى اللغة الموسيقية التي كان يتقنها شوقي بمهارة فذّة".
قلق الشاعر
يرى سعدي أن القلق هو المحرك الأساسي للإبداع؛ فالقلق الذي كان يلازم شاعرا مثل فيرناندو بيسوا برأيه هو الحافز الأهم لكتابة القصيدة الجديدة، موضحا “لا أتخيَّل نفسي أكتب من غير أن أكون مدفوعاً بهذا القلق الروحي، الذي كان المحرِّك الأساسي لتجارب شعرية عظيمة عربية وغربية. الطمأنينة هي ما يقتل النص أو يجعله يبهت، ومن النماذج العالية لأجمل الكتابات التي تعبِّر عن القلق الحديث أحلام كافكا السوداوية، وكتابات الشاعر البرتغالي بيسوا خصوصا كتابه اللاطمأنينة."

ويتابع “شغفي بالكتابة لم ينكسر. كانت الكتابة تلك الفسحة الجميلة التي أداوي بها جراحا خفيَّة ترفض أن تشفى، كانت المعادل الموضوعي لمعنى حياتي التي لم تكن مفروشة بالورود وبالحرير، كلما عشت أكثر كلما انفتحت قصيدتي على أبعاد قصيَّة وتفتَّحت وردة روحي على جمرة المطلق على عكس ما كنت أظن في الماضي بأنه ستخف حدة هذا الشغف أو الرغبة مع مرور الزمن، وكلَّما قرأت أيضا كلَّما امتلأتُ بقلق الصعاليك وحكمة الصوفيين، أراهن على الشعر الصافي لا يهم إن كان تفعيلة أو نثرا أو عموديا، الشعر الذي تحس وأنت تقرأه أن الفراشات تدغدغ بطنك وأن قلبك يتأهب للطيران."
وانتقالا للحديث عن شعر التفعيلة الذي يصفه ضيفنا بأنه الوريث الشرعي الوحيد للشعر العربي، يُبين سعدي “مع أنني لست ضد أي شكل من الأشكال الأدبية ولا أتعصَّب لقصيدة معيَّنة، ولكنني في فترة ما كنت أعتبر التفعيلة الوريثة الشرعية الأجدر بالاهتمام من غيرها، لأنَّ قصيدة النثر لم تستطع أن تخلق تلك الحساسية الإيقاعية التي يحتاجها الشِعر حتى الآن، ولم تطرح ذلك الإشكال النقدي الذي قدَّمته التفعيلة، بعض النقاد أيضا اعتبر قصيدة النثر وافدة علينا من الشعر الغربي، هذا رأي غير صحيح، فمنجز النفري والصوفيين يفيض بالنثر الشعري، أيضا لأن من يكتبون قصيدة النثر والذين يتمتعون بموهبة قادرة على تحويل النثر إلى شعر قليلون جدا، نادرا ما نستطيع أن نميِّز بين موهبة كبيرة وأخرى مازالت تتعثَّر في بداياتها. افتقار قصيدة النثر للوزن يضعها في امتحان صعب لا يجتازه إلا أصحاب القامات الشعرية العالية والمواهب الحقيقية."
وفي ما يتعلق بالقصيدة الرقمية وما حققته من انتشار يقول سعدي “أعتقد أن هناك حالة من فوضى النشر، نلاحظ اختلاط الشعري باللاشعري في نصوص كثيرة. قبل حمى النشر الرقمي كان هناك محررون أدبيون صارمون في الصحف، التحرير الأدبي الصارم في الماضي كان بمثابة مصفاة من المستحيل أن يجتازها نص لا يرقى إلى الذوق العام أو يفتقر إلى مقوِّمات الكتابة الجيِّدة."
خيمياء الإبداع
نتطرق مع الشاعر إلى الحديث عن مصادره الشعرية والمعرفية في الكتابة ليشدد على أنه قارئ بالدرجة الأولى، به شغف حقيقي للأدب الجميل الذي تشكِّل علاقته به شبه خيمياء حيوية. يتابع “هناك كتب لم أستطع إكمالها وتركتها في المنتصف، ولكن بالمقابل قرأت كتبا وودت لو أنها لم تنته لروعتها وقيمتها الجمالية، لم يسحرني كاتب أو شاعر عربي أو أجنبي ولم أقرأ له كتابا واحدا على الأقل. شُغفت بمنجز الشعر العربي القديم إضافة إلى شعر الحداثة بكل ما يحمله من فتوحات وتخييلات ورؤى وأحببت أدب أميركا اللاتينية خصوصا بورخيس وماركيز ويوسا”.
هموم وقضايا إنسانية
أما في ما يتعلق بنوعية القارئ الذي يكتب له يوضح سعدي أن هناك من القراء من اعتبره شاعر حريَّة وهناك من اعتبره شاعر حب إنساني، وفي الأخير هو لا يضع نفسه ضمن توصيفات معيَّنة أو بين قوسين، فهو في النهاية يكتب لنفسه، صحيح أن زمن الشاعر الفرد انتهى، فالشاعر أصبح صوتا من مجموعة أصوات لا نهائية تشكل الكورس الجماعي للحالة الإبداعية الإنسانية، ولكن الاهتمام النقدي بتجربة معيَّنة كثيرا ما يتأتى بعد اكتمال هذه التجربة أو رحيل صاحبها.
ويستطرد “تجربة بدر شاكر السياب الشاعر العراقي العظيم لم تكتسب أهميتها إلا بعد رحيل بدر بسنوات، وأعتقد أن أهم الدراسات التي سلَّطت الضوء العربي عليه كانت دراسة الناقد الفلسطيني الكبير إحسان عباس والمنشورة في 1969 بينما عاش بدر شاعرا شبه مجهول عربيا وتحت وطأة المرض والفقر، وهناك إحصائيات تشير إلى أن الدراسات التي أُنجزت حول أدبه عربيا وعالميا قد تتجاوز الألف دراسة”.

وفي ما يتعلق بالزمن في تجربته الشعرية يقول سعدي “تجربتي هي حصيلة ما عشته، أي أنني أستند على سماء منخفضة من الذكريات وأعيش حالة نوستالجيا عميقة بيني وبين الزمن”. ومن ناحية أخرى يُبيّن سعدي أن لكل شاعر رسالة شخصية تحملها قصيدته؛ فهناك شعراء عاشوا حياتهم بصورة فوضوية ولكن التاريخ حفظ لهم منجزهم الإبداعي وأيضا شعراء عاشوا في ظلال حكومات طاغية في الماضي ولكنهم قدَّموا إبداعاً عصيا على المحو، كما يقول، إذ يرى أنه على الشاعر أن يؤمن برسالة ما ولكن في الوقت ذاته عليه أن يكتب نفسه بحريَّة تامة وبانفلات واضح من قيود التابوهات والمسلّمات والأفكار المسبقة.
ويوضح “تشارلز بوكوفسكي كان شاعرا بوهيميا وسكِّيرا من وجهة نظر اجتماعية ولكنه قدَّم أدبا صادقا وحقيقيا، يعبِّر عنه هو نفسه ولا يعبِّر عن أي شخص آخر، كانت قصيدته لصيقة به، أيضا عزرا باوند الشاعر الأميركي الكبير لم تخل بعض مواقفه من التطرف، فبالرغم من مواقفه التي كانت كثيرا ما تقف مع الدكتاتوريات ضد الشعوب المقموعة إلا أنه احتفظ بهالته كأحد أهم الأصوات التي شكلت ظاهرة الشعر الأميركي الجديد. لكن رأيي أن الشاعر عليه أن يكون مع الضحية الذي يرزح تحت سوط الطاغية، ما دام يؤمن بالحرية وبالخير المطلق. فالشعر أداة تغيير قبل كل شيء، وأداة انقلاب وبوق للثورة على السائد الرتيب."
***



عن الكاتب

نمر أحمد سعدي شاعر وكاتب فلسطيني.. بدأ بنشر بواكير أشعاره، بعد اختمار التجربة ونضوجها، جنبًا إلى جنب الموهبة والثقافة، في صحيفة "الاتحاد" الحيفاوية، وكذلك في صحيفتي "كل العرب" و"الأخبار" الناصريتين منذ عام 1999. يتميز شعر نمر سعدي بقدرة على التعبير اللغوي، والتصوير الفني على حد سواء، متكئًا، في هذا وذاك، على خيال جامح منفتح على الاتجاهات كافة. يمتح من تناصات ذات حمولات متعددة: موروثات ثقافية، وإشارات إيحائية، وأخرى رمزية وأسطورية، منها الخاصة: عربية وشرقية، ومنها العامة: أجنبية وغربية، تحيل إلى دلالات متعددة، قد تنأى عن كل ما هو نمطي أو متعارف عليه، أي وفق المنظور الحداثي. ولا يعدم القارئ في ثنايا شعره: فكرًا وذوقًا وإحساسًا ومعرفة ورؤيا. تنصتُ أشعارُهُ لهموم التجربة الحياتية وتزخمُ بالموسيقى الهادئة.
يُعدُّ الشاعر نمر سعدي واحداً من أصحاب الأصوات الجديدة في الساحة الشعرية الفلسطينية، لما يمتاز شعره به من: طاقة إبداعية، وغزارة في النتاج، ومخزون ثرّ من الموضوعات المتعددة. وهو يكتب قصيدة التفعيلة، ومن حين لآخر، أيضًا القصيدة العمودية. وقصيدةَ النثر. كما أنه ناشط في الحراك الأدبي، ومتابع لنشاطات الحركة الأدبية المحلية. كرَّمته مؤسَّسة الأسوار في عكا عام 2007.
صدرَت له الدواوين الشعرية التالية:
عذابات وضَّاح آخر 2005 مطبعة فينوس/ الناصرة
موسيقى مرئية 2008 منشورات مجلة مواقف/ الناصرة
كأني سواي 2009 ( ديوان في ثلاثة أبواب ) منشورات دائرة الثقافة العربية / دار نشر الوادي / حيفا
يوتوبيا أنثى 2010 منشورات مركز أوغاريت للترجمة والنشر / رام الله
ماء معذَّب 2011 منشورات مجلة مواقف / الناصرة
وقتٌ لأنسنةِ الذئب 2014 دار النسيم للنشر والتوزيع/ القاهرة
تشبكُ شَعرها بيمامةٍ عطشى 2015 دار النسيم للنشر والتوزيع / القاهرة
وصايا العاشق 2015 دار النسيم للنشر والتوزيع / القاهرة
موسيقى مرئية / طبعة ثانية / 2015 / دار سؤال/ بيروت / لبنان
رمادُ الغواية 2017 دار الانتشار العربي / لبنان / ونادي الباحة الأدبي / المملكة العربيَّة السعوديَّة
استعارات جسديَّة 2018 دار العماد للنشر والتوزيع ومركز عماد قطري للإبداع والتنمية الثقافية / جمهوريَّة مصر العربية


تُرجمت له عدة قصائد الى اللغات الانجليزية والرومانية والصينية والعبرية، ونشر قصائده ومقالاته في الكثير من المواقع الأدبية والثقافية على الشبكة العنكبوتية مثل كيكا والندوة العربيَّة والحوار المتمدِّن والمثقَّف وديوان العرب وجماليا ومركز النور، وفي المجلات والصحف المحلية مثل الشرق ومواقف والإتحاد وكل العرب والأخبار وفصل المقال والحياة الجديدة بالإضافة إلى نشرهِ في مجلات وصحف العالم العربي المرموقة مثل الدوحة القطرية والنهضة السورية والأهرام المصرية والقدس العربي وعكاظ السعودية والخليج الاماراتية والعرب اللندنية والعربي الجديد والنهار اللبنانية وغيرها.
كما أنَّ لمجلة الكلمة الالكترونية التي تصدر في لندن ويحرِّرها الناقد المصري الكبير الدكتور صبري حافظ دوراً هاماً في التعريف بتجربة نمر سعدي الشعريَّة من خلال نشرها لقصائدهِ ونصوصه النثرية ودواوينه.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى