عصري فياض - جنين...

أيتها النظيفة العفيفة، في كل شارع فيك شمعة، وفي كل زقائق وردة ودمعة، وعلى كل غصن من اغصانك منصة للبلابل تغني كل صباح تسابيح العز ...
يا من قهرت الغزاة منذ عمق التاريخ حتى اليوم،بقدر ما أنت حنونة لينة على أبناءك وأهلك،بقدر ما أنت صلبة راسخة عصية على كل عدو طامع،أو متهاون بائع...
دعيهم يفقدوا أعصابهم،ويغضبون،فهذه الجدائل الفولاذية لا يثنيها أحد،ولا يكسرها أحد،ولا يظن ظانٌ أن بالإمكان ان يجد لك تحت إبطة مكانا...إلا من كان يريدك تاجا أو عنوانا...
جنين،يا بلد الحرائر،يا بلد الرجال،لك كتاب ولهم كتاب،لك صفحات يلامس ضوء فخرها الجوزاء... وسطور يلمع منها طبقات السماء...انت مدرسة،لو فكروا قليلا لجاءوا اليك يطلبون العلم،وزبدة المعرفة والتجربة...
جنين ...لا تحزني لو جف النبع،يبقى الوادي الذي إن لم يجري الماء فيه،جرى فيه دم السباع...
جنين... لا تقلقي إن إنحى النخل،فهؤلاء شبابك أعناقهم تلامس العلا ضحكات وعيون لامعة ...
هذا السهل،وذاك الجبل،وتلك التلة،وهذا الوادي...هذا المسجد،وتلك الكنيسة،هذا السيباط وتلك القناط،هذا المقام وتلك المحطة.... بين كل تلك التضاريس أرواح،روحها انها فهمت لغة ترابها وسمائها،فنظمت لحن حياتها بكل ما في المفاهيم من قيم وانسانية وعزة وعفوية،فتناغمت مع ذاتها،وما بدلت جلدتها ولا لونت صفحاتها،لذلك كانت وما زالت منسجمة مرتاحة تلقائية...
باختصار:- عجينتها لا تطوع بيد أي أحد كان،ودمها لا يحقن في شرايين ايما إنسان... ترابها ذهب على يأتي عليه أي زمان ...ونحن فخورون بك تاجا فوق الرأس،وكتلة حب في عمق الوجدان.
عصري فياض

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى