د. محمد عباس محمد عرابي - المفهوم الشامل للحب وعلاقته بالشعر في كتابات الأستاذ الدكتور محمد عيسى

في كل ما نعده من مقالات حول الحب نقصد: الحب بمفهومه الشامل لا المفهوم القاصر لدى البعض، وحول شمولية الحب دارت ثلاثة مقالات سابقة عن الحب في كتابات الأستاذ الدكتور /محمد عيسى(فلسفته – مفهومه – فقهه )،وتكملة لذلك كانت المحاور التالية في كتابات كاتبنا حول المفهوم الشامل للحب وعلاقته بالشعر وهذه المحاور هي :
*تلازم الحب والشعر .
*«الحبِّ شعرُ الحواس».
الحبِّ والشعر: الحبُّ سرٌ من أسرارِ الرّوح *
الحبُّ معنى المعاني
وفيما يلي ما قاله الأستاذ الدكتور /محمد عيسى حول كل محور من هذه المحاور: *
*المحور الأول: تلازم الحب والشعر:
حول تلازم الحب والشعر يقول الأستاذ الدكتور /محمد عيسى:
"الحب والشعر متلازمان كالأرض والمطر
فإذا أصاب المطرُ أرضًا طيبةً، اهتزت نشوةً، وربت فرحًا، .. وأنبتت أزكى الثمار، وأجمل الأزهار، بأبهى الألوان
والحبُّ إذا لامس وجداننا حطَّم الروتين، وأرانا إشراقَ الحياة، والمحبوبَ في أبهى البهاء، وأجمل الجمال
والقلوب حين تذوق الحبُّ، تبقى محافظةً على محبّة الآخرين، والودّ والوفاء لهم، حتى لو غلبها الألمُ والقهرُ والظلم، لأنَّ هذه القلوب لا يمكن أن تحملُ حقداً أو ضغينة،
والشعر هو البستان الكبير للحب .. يفوح بالجمال والألفة... وها هو يرقق قلوبنا بأجمل معاني الحب والغزل، فالحبيبُ يتذكر حبيبَه في كل الأحوال
«لم ينسيك سرورٌ لا ولا حزن
وكيف يُنسى لعمري وجهُك الحسن؟
وما خلا منك قلبٌ لي ولا بدن
كلي بكلك مشغولٌ ومُرتهن
نور تجسَّم من شمسٍ ومن قمر
حتى تكامل منه الروح والبدن»
«دمتم بكلِّ الحبِّ، والسعادة، ودامتْ محبتُكم في القلب»
"مساؤكم حبٌ صادقٌ في الله، ورضا وسعادة تغمر قلوبكم أينما حللتم"
*المحور الثاني: «الحبِّ شعرُ الحواس»:
حول الحبِّ شعرُ الحواس يقول الأستاذ الدكتور /محمد عيسى:
الحبِّ الذي نقصده عبِّر عنه الروائي الفرنسي الموهوب (بلزاك) تعبيراً مُشعاً مكثفاً، حين قال «الحبِّ شعرُ الحواس» .. فهو تعريف جميل يجمع حب الروح والجسد، وكأن في كلِّ حاسة بالجسد روحاً.. وكأنَّ كل حاسة قد تحولت إلى قلبٍ خافق عاشق، كما قال الشاعر:
خطراتُ ذكرك تستثيرً صبابتي .... فأحسُّ منها في الفؤاد دَبيبا
لا عُضوٌ لي إلا وفيه صَبابةٌ .... فكأنَّ أعضائي خُلقن قلوبا
وحين يشِّع نورُ الحبِّ في القلب؛ فإنَّه يرينا جمالَ الحياة، ويُذيقنا ألذّ وأمتع ما فيها، ويجعلها –برغم صعابها-أكثر ترفقًا وجمالاً، وتقبلاً وتعايشاً ..
والشعر يُغذي أرواحنا، ويرفع أذواقنا، ويملأ النفس بالجمال ... فكلاهما جميلٌ .. «الحبِّ والشعر» .. وكل جميلٍ إلى الجميلِ يميل ..
ولذا؛ يلتصق الشعر بالحب .. فالحب هو قمة الشعور الجميل .. والشعر هو قمة التعبير الجميل .. وحين يمتزج «الحبِّ والشعر» نظفر بجمال الجوهر والمظهر معاً.. وهو أمرٌ نادرٌ في دنيا القبح فيها كثير..
وعندما يقع الإنسان منا في الحب؛ فإنّ أولَ شيءٍ يذهب إليه؛ ليعبر عن شعوره وعما في قلبه هو «الشعر»، بكلماته الزاهرة المزينة الملونة ...
وها هو الشعر يحدثنا عن نديمه الأزلي: الحب، فيقول:
إنَّ من ذاقَ نشوةَ الحُبّ يوماً
لا يُبالي بكثرة اللَّوام
و«الحب» إذا مسَّ بجناحه الساحر وجدانَ الإنسان، نثرَ النور في قلبه، وصفّى نفسه للحياة وللناس، وجنَّح بخياله ليرى في محبوبه أجملَ الجمال، وأبهى البهاء.. ومن الشعر الذي بلغ الحبُّ فيه منتهاه قول "الحلاج":
والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت.... إلا وحبّـك مقـرون بأنفاسـي
ولا خلوتُ إلى قوم أحدّثهــم .... إلا وأنت حديثي بين جلاســي
ولا هممت بشرب الماء من عطش ... إلا رَأَيْتُ خيالاً منك في الكـــاس
ويكاد يجزم النقاد والأدباء أنه لا شاعرَ بدون قصائد حبٍ وغزلٍ في كل العصور والأزمان، وعلى اختلاف اللغات والألوان .. وفي القرن العشرين، تبوأ الشاعر الراحل "نزار قباني" مرتبة عالية بين شعراء الحب والغزل، فهو "شاعر المرأة" بامتياز، لكثرة ما وردت في أشعاره، يقول في إحدى قصائده:
"ياربِّ قلبي لم يَعُدْ كافياً
لأنَّ مَنْ أُحِبُّها . . تعادلُ الدُنيا
فَضَعْ بصدري واحداً غيرَهُ
يكونُ في مساحةِ الدُنيا".
أقبلوا على مطالعة الشعر وتذوق جمالياته، وعززوا مشاعركم بنور الحب وإيجابياته .. حينها ستتغير نظرتنا للحياة وسننعم بأجمل ما فيها.و"دمتم أبدَّ الدهر، بمودةٍ وحبٍّ صادقين دائمين".
*المحور الثالث: الحبُّ سرٌ من أسرارِ الرّوح:
حول" الحبُّ سرٌ من أسرارِ الرّوح" الحواس يقول الأستاذ الدكتور /محمد عيسى:
*الحبُّ سرٌ من أسرارِ الرّوح، ووديعةُ الله في نفوس خَلقِه، مَغسولٌ بالطُّهر، ومُنزّه عن الشر، ويبقى الإنسان في أشد الحاجة إلى الحبُّ؛ ليهبَ نفسَه فرصة العطاء والتعبير عن مكنون مشاعره، ويُجمّل النفس ويملأ جوانبها على تخيُّل الأجمل والأكمل، ويُلون حياته بألوان السعادة، ويُحطم الروتين اليوميّ، ويجعل لحياته مذاقًا ألذَّ وأرقى ... وفي هذا يقول نزار قباني:
الحبُّ في الأرضِ بعضٌ من تَخَيُّلِنا ... لو لم نجده عليها لاخترعناهُ.
و"الشِّعرُ" هو البستان الذي ينمو فيه الحبّ ويُزهر، فالحبُّ ماءُ الأرضِ وسُكّرُها ومِلحُها؛ حيثُ لا طعمَ للحياة ولا تستقيم من دون الحبُّ ...
وفي شعر الحبِّ وقصائده يفوحُ الوَجْد؛ أي شدة الحبِّ والشوق وثورة الحنين، كما تفوح رائحة الطيب والعود...، ويتدفق الولَهُ والشَّوق والحنين لرؤية الحبيب في اليقظة والمنام.. ولا يُوجد حُب من دون وجْدٍ وَوَلهٍ وشوقٍ .. والحبيب يتذكر حبيبه في كل الأحوال.. يقول شاعر العراق (إبراهيم المهدي):
وما خلا منـكِ قلبٌ لي، ولا بـَدنُ .... كلي بكلِك مشـغولٌ ومُرتهـنُ
نورٌ تجسَّم من شمسٍ ومن قَمرٍ .... حتى تكاملَ منهُ الروحُ والبدنُ
وفي شعر الحبِّ، الفؤاد ليس يَشفى شوقه وحنينه سوى أن يرى الروحين تمتزجان .. ومن الصعب إخفاء الوجد والوله.... يقول ناجي في رائعته (الأطلال):
يَا حَبِيبًا زُرْتُ يَوْمًا أَيْكَهُ ... طَائِرَ ٱلشَّوْقِ أُغَنِّي أَلَمِي
لَكَ إِبْطَاءُ ٱلْمُذلِّ ٱلْمُنْعِمِ ... وَتَجَنِّــي ٱلْقَــادِرِ ٱلْمُحْتَكِمِ
وَحَنِينِي لَكَ يَكْوِي أَضْلُعِي ... وَٱلثَّوَانِي جَمَرَاتٌ فِي دَمِي
ونحن في حياتنا نحتاج الحبَّ والشِّعرَ، كما تحتاج الأرضُ المطرَ..
فعوّدوا قلوبَكم على الحبِّ .. لا تترددوا؛ فطُوبى للمحبين ... ودمتم سالمين.

"المحور الرابع: الحبُّ معنى المعاني :
يقول الأستاذ الدكتور /محمد عيسى في مقال له بعنوان الحبُّ والشِّعرُ ... ومريم) ما نصه:
"أنا أقول لزملائي في المدرسة أبويا رجل بسيط، مفيش كسوف من مهنة أبويا.. أعيش مع أسرتي في غرفة واحدة وكأننا عايشين فى قصر.. أسرتى شجعتني.. بابا وماما كانوا بيعملوا عليا ورديات وأنا بذاكر علشان ميسيبونيش، معنديش مشكلة انا جبت 99.3%، مَش عشان أدخل كلية الطب، أنا ذكرت وسهرت وتعبت ومكنتش بشوف النوم..عشان حاجة واحدة بس، علشان افرح أبويا وأمي وبس.."
كانت هذه بعض الكلمات التلقائية المفعمة بالإيمان، والبشاشة، والحب والرضا عن النفس والأسرة والحياة البسيطة..، المفعمة بالثقة بالنفس وبقدراتها، للطالبة مريم (الجميلة شكلاً، وروحاً، وعقلاً)، الأولى على الثانوية العامة علمي، ابنة حارس إحدى العمارات ..
قارنوا هذه الكلمات بما يسود وينتشر لدى عديدين (حياتهم أفضل بمراحل) على الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي من عبارات سلبية: أنا مكتئب، ليس لدي أمل في الحياة، الحياة أصبحت مستحيلة، الواحد كره نفسه وحياته...
عبارات سلبية كثيرة تشعر بخواء النفس، وافتقادها الإحساس بالرضا، وتبرر العجز والفشل في استثمار ما وهبه الله الخالق العظيم من قدرات، عبارات سلبية تقضي على الاستمتاع بأي شيء في الحياة، وتجعلها قاسية.
إن الحب عاطفة إيجابية، إنه توسيع لآفاق الحياة، وثروة لا غنى عنها، إنه يدفعنا برضا وتفاؤل إلى الأمام؛ لنحقق كل شئ كبير، وهو يقضى على الحسد والحقد والكراهية، وكل نزعة إلى التخريب والهدم..
ولا شك أن قلب مريم وأسرتها قد عرفوا الحب كلمةً ومعنىً، الحب الذي يُشعر بالدفء، الذي يجد الأمان مع المنى، ويوقد في الظلام الشموع، ويغرس الأحلام كالبستان..
ولا شك أن مريم وأسرتها رمز من رموز الحب، وباقة من باقات الشعر، تعلمنا كيف نفهم ديننا وحياتنا بطريقة صحيحة ..
كيف نطبع الحب في قلوبنا، وأن السعادة في الحياة أن يعتقد كل منا أنه محبوب لذاته..
وسيبقى الحبُّ معنى المعاني، وروحاً جميلة تفيض ضوءاً،
وتنبض بالحياة ..
و"إنَّ نَفْسًا لم يُشْرق الحب فيها .. هي نَفْسٌ لم تَدْر ما معناها!
أنا بالحب قد وصلتُ إلى نفسي .. وبالحب قد عرفت الله".
كما قال (إيليا أبو ماضي).
وختاماً أدعوكم وأدعو نفسي أن نقف أمام المرايا، ولنقرأ ماذا ستقول لنا عن أنفسنا ونظرتنا للحياة، وعن طريقة تربيتنا لأولادنا.. ويقيناً لن تكذبنا مرايانا..
شكراً لك يا مريم، شكراً لأسرتك .. متعكم الله وإيانا بالحب والرضا، والعقل والحكمة،
ودمتم بخيرٍ سالمين.................
وهكذا تعكس الأستاذ الدكتور /محمد عيسى المفهوم الشامل للحب حيث بين أن القلوب حين تذوق الحبُّ، تبقى محافظةً على محبّة الآخرين، والودّ والوفاء لهم، حتى لو غلبها الألمُ، وأن الشعر يلتصق بالحب .. فالحب هو قمة الشعور الجميل .. والشعر هو قمة التعبير الجميل .. و بين أنه حين يمتزج «الحبِّ والشعر» نظفر بجمال الجوهر والمظهر معاً، ونحن في حياتنا نحتاج الحبَّ والشِّعرَ، كما تحتاج الأرضُ المطر؛ لذا يجب أن نعود قلوبَنا على الحبِّ
كما أكد الأستاذ الدكتور /محمد عيسى على المفهوم الشامل للحب حيث يرى أن الحب عاطفة إيجابية، إنه توسيع لآفاق الحياة، وثروة لا غنى عنها، إنه يدفعنا برضا وتفاؤل إلى الأمام؛ لنحقق كل شئ كبير، وهو يقضى على الحسد والحقد والكراهية، وكل نزعة إلى التخريب والهدم، وأن الحب الذي يُشعر بالدفء، الذي يجد الأمان مع المنى، ويوقد في الظلام الشموع، ويغرس الأحلام كالبستان.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى