الإنسانُ هو الذي اخترع السياسةَ وهو كذلك الذي اخترع الرياضة بصفة عامة وكرةَ القدمِ بصفة خاصة. السياسة، باسم الديمقراطية، قد تُرضي فئةً عريضةً من الناس وقد تُغضِب فئاتٍ عريضةً أخرى. أما كرةُ القدمِ، عندما يتعلَّق الأمرُ بالمنتخَب الوطني، وعندما يحقِّق هذا المنتخب ما ينتظره الناسُ من نتائج، فإنها تبعث في نفوس الناس جميعا الفرحةَ والسُّرورَ. وأكثر من هذا وذاك، فإنها توقِضُ فيهم حسَّ الانتماءِ للوطن والغيرةَ عليه وحبَّه حبا شغوفا لا حدودَ له.
أما السياسة، عندما يتمُّ تحريفُها عن معناها النبيل ومجراها الطبيعي، فإنها تُعتبَر أنجع وسيلةٍ للتَّفرقة بين الناس وزرعِ الفتنة في المجتمعات. السياسة، عندما يتمُّ تحريفُها عن معناها النبيل ومجراها الطبيعي، فإنها تخدم مصالحَ فئاتٍ من المجتمع وذلك على حساب الفئات المتبقِّية. السياسة، عندما يتمُّ تحريفُها عن معناها النبيل ومجراها الطبيعي، فإنها تولِّد داخلَ المجتمع رذائلَ لا تمتُّ بصِلة للقيم الإنسانية. من بين هذه الرذائل، أذكرُ، على الخصوص، الكذب، النفاق، التَّملُّق، الزبونية، المحسوبية، الفساد بجميع أشكالِه، الجشع، التَّزوير…السياسة، عندما يتمُّ تحريفُها عن معناها النبيل ومجراها الطبيعي، كلُّها مصائب. وأغرب ما في السياسة المُحرَّفة عن معناها النبيل وعن مجراها الطبيعي، أن مصائبَها لا تُلحِق الأضرارَ بمَن يُسيِّرون شؤونَ البلاد. بل تُلحِق الأضرارَ بالمواطنين الذين أوصَلوا السياسيين المُنحرفين إلى كراسي السلطة.
ولا داعيَ للقول أن الشعب المغربي، باستثناء فترة ما بعد الاستقلال، عانى ولا يزال يعاني من مصائب السياسة المُحرَّفة التي نخرت وتنخُر في الصميم الحياةَ اليوميةَ لهذا الشعب. وأكبرُ مصيبة أنجبتها السياسةُ المُحرَّفة هي الفساد بجميع أشكاله. الفساد الذي أصبح كسرطان ينتشر انتشارا مقلِقا علماً أن التَّجربةُ بيَّنت وتبيِّن أن أكبرَ عدوٍّ للتنمية، بجميع أنواعِها، هو هذا الفساد. فكلما تفاقم الفسادُ، كلما كان سببا في ضياع قيمات مُضافة وكلما كان سدا منيعا يُخلُّ بخلقِ الثروة ويُفشِل مبادرات المواطنين الذين يريدون الخيرَ لبلادهم. وهذا يعني أن الفسادَ يعرقل المسيرةَ التَّنمويةَ للبلاد ويؤخِّر تطوُّرَها اقتصاديا، اجتماعيا وثقافيا. و هذا يعني كذلك أنه، لو لم يكن الفساد متفشِّياً في المجتمع منذ عشرات السنين، لكان وضعُ البلادُ والمواطنين أحسن بكثير من الوضع الحالي. وباختصار، السياسة في هذا البلد السعيد، لا يجني ثمارَها إلا أولئك الذين يرون فيها وسيلةً تتماشى وتتماهى مع أخلاقهم السيئة وما أكثرهم وما أكثر الأحزاب السياسية التي تحتضنهم! السياسة نجحت، وبامتياز، في توليد اليأس وخيبة الأمل عند المواطنين خلافا لكرة القدم التي، إن وُفِّقت في تحقيق الآنجازات، تُخرِج هؤلاء المواطنين من مستنقع اليأس وتُدخِلُهم في عالم البهجة والسرور والراحة النفسية ولو لفترة عابرة. فما الذي حقَّقته وتحقِّقه كرةُ القدم وأخفقت السياسةُ ولاتزال في تحقيقه؟
كرة القدم نجحت في :
-توحيد المواطنين وتذويب الفوارق الاجتماعية بينهم. كل الناس يعبِّرون عن فرحتِهم الجماعية غير مبالين بوضعهم الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي. بل نجحت في إظهار الوجه الحقيقي للمواطن العربي الذي كسَّر الحدودَ التي فرضتها عليه السياسة وراح يعبِّر عن رفضِه للفوارق الوهمية التي أرادها الحُكامُ العرب ليبقوا مسيطرين على شعوبِهم. بل راح المواطن العربي والأمازيغي يُعبِّر عن رفضه للحدود الموروثة عن الاستعمار مُلوِّحا بأن الوطنَ العربي وطنٌ واحد وموحَّد لا فرقَ فيه بين مواطنيه سواءً كانوا عربا أو أمازيغا.
-تأجيج حب الوطن وحِس الانتماء لهذا الوطن. بغض النظر عن فترة ما بعد الاستقلال، دلوني على سياسي واحد أو حزبٍ سياسي واحد استطاع، بأفكاره وعملِه، أن يُذكِيَ عند المواطنين الشعورَ بحب الوطن وبالغيرة عليه والانتماء إليه. أحزابُنا السياسية، عوضَ أن تكونَ المواطنةُ هي أساسُ وسرُّ وجودِها، فإنها تقتل هذه المواطنة وتجثتها من جذورِها. همُّها الوحيد هو الفوز بغنائم كراسي السلطة.
باختصارٍ شديدٍ، كرة القدم لقَّنت وستستمر في تلقين الدروس للسياسيين وللأحزاب السياسية وللحُكام العرب الذين يستَعْلَون على شعوبِهم أو يفرضون سيطرتَهم عليها. فليتذكَّرْ (فإن الذكرى تنفع المؤمنين) هؤلاء السياسيون والأحزاب السياسية والحُكام أن إرادةَ الشعوب لا يمكن، إن عاجلا أو آجلا، تجاوزُها أو تجاهلُها أو إسكاتُها أو قهرُها. إرادة الشعوب تُتوَّج دائما بالانتصار. وهنا، أتساءل وأقول : لماذا هذا الفرقُ الشاسع بين المواطنة الحقة والصادقة للاعبي كرة القدم والمواطنة الزائفة التي يتشدَّق بها السياسيون؟
الجواب على هذا التَّساؤل بسيطٌ للغاية. لاعبو كرة القدم قلوبُهم مليئة بحب الوطن ويسعون جاهدين، بل ويتقاتلون على أرضية الملاعب للتعبير عن هذا الحب ولإعلاء شأن هذا الوطن في سماوات الفخر والعزة والشموخ. السياسيون لا تهمهم رِفعةُ الوطن وشموخُه. وإن همَّتهم، فلحاجةٍ في نفس يعقوب. ما يهمُّهم هو اعتبار البلاد ككعكةٍ ضخمة ينهشونها من كل الجوانب. أو كغنيمة ضخمة قابلة للاقتسام أبى مَن أبى وكره مَن كره.
والآن، تصوَّروا معي كيف كانت ستكون البلاد لو تشابه السياسيون مع لاعبي كرة القدم؟ بكل تأكيد بلادٌ متقدِّمة في مجالات شتى ويحظى فيها ألمواطنُ بالعِزة والكرامة. كان الفساد سينزل إلى أدنى مستوياته وكانت المدرسة ستكون مفخرةً للبلاد وكانت المنظومة الصحية ستكون ذات جودة عالية وكان الاقتصاد سيكون قويا و…
وهنا، لا تفوتني الفرصةُ لأرجع للعبارة التي قالها مدرِّبُ المنتخب الوطني وليد الركراكي: "ديرُو النية". إنها، وحدَها، عبارةٌ تختفي وراءها رسائل واضحةَ المعالم. كان وليد الركراكي يقصد من وراء هذا العبارة ما يلي : "آمِنوا بما قمتُ به من مجهود وآمنوا بقدرة اللاعبين في تجاوز ما ينتظرهم من تحديات وستكون النتائج مرضيةً".
أتمنى صادقا أن يكونَ السياسيون قد التقطوا هذه الرسائل ليجعلوا منها نبراسا يضيء أفكارَهم لتتحوَّل هذه الأفكارُ إلى إنجازاتٍ شبيهة بتلك التي حقَّقتها كرةُ القدم! ما هو مؤكَّد، إلى حد الآن، هو أن المواطنين "دَارُو النية" في السياسيين، فكان نصيبُهم من السياسة هو الإحباطُ واليأس وخَيبة الأمل… لك الله يا وطني ولك كرة القدم لتسعدَ من حين لآخر.
أما السياسة، عندما يتمُّ تحريفُها عن معناها النبيل ومجراها الطبيعي، فإنها تُعتبَر أنجع وسيلةٍ للتَّفرقة بين الناس وزرعِ الفتنة في المجتمعات. السياسة، عندما يتمُّ تحريفُها عن معناها النبيل ومجراها الطبيعي، فإنها تخدم مصالحَ فئاتٍ من المجتمع وذلك على حساب الفئات المتبقِّية. السياسة، عندما يتمُّ تحريفُها عن معناها النبيل ومجراها الطبيعي، فإنها تولِّد داخلَ المجتمع رذائلَ لا تمتُّ بصِلة للقيم الإنسانية. من بين هذه الرذائل، أذكرُ، على الخصوص، الكذب، النفاق، التَّملُّق، الزبونية، المحسوبية، الفساد بجميع أشكالِه، الجشع، التَّزوير…السياسة، عندما يتمُّ تحريفُها عن معناها النبيل ومجراها الطبيعي، كلُّها مصائب. وأغرب ما في السياسة المُحرَّفة عن معناها النبيل وعن مجراها الطبيعي، أن مصائبَها لا تُلحِق الأضرارَ بمَن يُسيِّرون شؤونَ البلاد. بل تُلحِق الأضرارَ بالمواطنين الذين أوصَلوا السياسيين المُنحرفين إلى كراسي السلطة.
ولا داعيَ للقول أن الشعب المغربي، باستثناء فترة ما بعد الاستقلال، عانى ولا يزال يعاني من مصائب السياسة المُحرَّفة التي نخرت وتنخُر في الصميم الحياةَ اليوميةَ لهذا الشعب. وأكبرُ مصيبة أنجبتها السياسةُ المُحرَّفة هي الفساد بجميع أشكاله. الفساد الذي أصبح كسرطان ينتشر انتشارا مقلِقا علماً أن التَّجربةُ بيَّنت وتبيِّن أن أكبرَ عدوٍّ للتنمية، بجميع أنواعِها، هو هذا الفساد. فكلما تفاقم الفسادُ، كلما كان سببا في ضياع قيمات مُضافة وكلما كان سدا منيعا يُخلُّ بخلقِ الثروة ويُفشِل مبادرات المواطنين الذين يريدون الخيرَ لبلادهم. وهذا يعني أن الفسادَ يعرقل المسيرةَ التَّنمويةَ للبلاد ويؤخِّر تطوُّرَها اقتصاديا، اجتماعيا وثقافيا. و هذا يعني كذلك أنه، لو لم يكن الفساد متفشِّياً في المجتمع منذ عشرات السنين، لكان وضعُ البلادُ والمواطنين أحسن بكثير من الوضع الحالي. وباختصار، السياسة في هذا البلد السعيد، لا يجني ثمارَها إلا أولئك الذين يرون فيها وسيلةً تتماشى وتتماهى مع أخلاقهم السيئة وما أكثرهم وما أكثر الأحزاب السياسية التي تحتضنهم! السياسة نجحت، وبامتياز، في توليد اليأس وخيبة الأمل عند المواطنين خلافا لكرة القدم التي، إن وُفِّقت في تحقيق الآنجازات، تُخرِج هؤلاء المواطنين من مستنقع اليأس وتُدخِلُهم في عالم البهجة والسرور والراحة النفسية ولو لفترة عابرة. فما الذي حقَّقته وتحقِّقه كرةُ القدم وأخفقت السياسةُ ولاتزال في تحقيقه؟
كرة القدم نجحت في :
-توحيد المواطنين وتذويب الفوارق الاجتماعية بينهم. كل الناس يعبِّرون عن فرحتِهم الجماعية غير مبالين بوضعهم الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي. بل نجحت في إظهار الوجه الحقيقي للمواطن العربي الذي كسَّر الحدودَ التي فرضتها عليه السياسة وراح يعبِّر عن رفضِه للفوارق الوهمية التي أرادها الحُكامُ العرب ليبقوا مسيطرين على شعوبِهم. بل راح المواطن العربي والأمازيغي يُعبِّر عن رفضه للحدود الموروثة عن الاستعمار مُلوِّحا بأن الوطنَ العربي وطنٌ واحد وموحَّد لا فرقَ فيه بين مواطنيه سواءً كانوا عربا أو أمازيغا.
-تأجيج حب الوطن وحِس الانتماء لهذا الوطن. بغض النظر عن فترة ما بعد الاستقلال، دلوني على سياسي واحد أو حزبٍ سياسي واحد استطاع، بأفكاره وعملِه، أن يُذكِيَ عند المواطنين الشعورَ بحب الوطن وبالغيرة عليه والانتماء إليه. أحزابُنا السياسية، عوضَ أن تكونَ المواطنةُ هي أساسُ وسرُّ وجودِها، فإنها تقتل هذه المواطنة وتجثتها من جذورِها. همُّها الوحيد هو الفوز بغنائم كراسي السلطة.
باختصارٍ شديدٍ، كرة القدم لقَّنت وستستمر في تلقين الدروس للسياسيين وللأحزاب السياسية وللحُكام العرب الذين يستَعْلَون على شعوبِهم أو يفرضون سيطرتَهم عليها. فليتذكَّرْ (فإن الذكرى تنفع المؤمنين) هؤلاء السياسيون والأحزاب السياسية والحُكام أن إرادةَ الشعوب لا يمكن، إن عاجلا أو آجلا، تجاوزُها أو تجاهلُها أو إسكاتُها أو قهرُها. إرادة الشعوب تُتوَّج دائما بالانتصار. وهنا، أتساءل وأقول : لماذا هذا الفرقُ الشاسع بين المواطنة الحقة والصادقة للاعبي كرة القدم والمواطنة الزائفة التي يتشدَّق بها السياسيون؟
الجواب على هذا التَّساؤل بسيطٌ للغاية. لاعبو كرة القدم قلوبُهم مليئة بحب الوطن ويسعون جاهدين، بل ويتقاتلون على أرضية الملاعب للتعبير عن هذا الحب ولإعلاء شأن هذا الوطن في سماوات الفخر والعزة والشموخ. السياسيون لا تهمهم رِفعةُ الوطن وشموخُه. وإن همَّتهم، فلحاجةٍ في نفس يعقوب. ما يهمُّهم هو اعتبار البلاد ككعكةٍ ضخمة ينهشونها من كل الجوانب. أو كغنيمة ضخمة قابلة للاقتسام أبى مَن أبى وكره مَن كره.
والآن، تصوَّروا معي كيف كانت ستكون البلاد لو تشابه السياسيون مع لاعبي كرة القدم؟ بكل تأكيد بلادٌ متقدِّمة في مجالات شتى ويحظى فيها ألمواطنُ بالعِزة والكرامة. كان الفساد سينزل إلى أدنى مستوياته وكانت المدرسة ستكون مفخرةً للبلاد وكانت المنظومة الصحية ستكون ذات جودة عالية وكان الاقتصاد سيكون قويا و…
وهنا، لا تفوتني الفرصةُ لأرجع للعبارة التي قالها مدرِّبُ المنتخب الوطني وليد الركراكي: "ديرُو النية". إنها، وحدَها، عبارةٌ تختفي وراءها رسائل واضحةَ المعالم. كان وليد الركراكي يقصد من وراء هذا العبارة ما يلي : "آمِنوا بما قمتُ به من مجهود وآمنوا بقدرة اللاعبين في تجاوز ما ينتظرهم من تحديات وستكون النتائج مرضيةً".
أتمنى صادقا أن يكونَ السياسيون قد التقطوا هذه الرسائل ليجعلوا منها نبراسا يضيء أفكارَهم لتتحوَّل هذه الأفكارُ إلى إنجازاتٍ شبيهة بتلك التي حقَّقتها كرةُ القدم! ما هو مؤكَّد، إلى حد الآن، هو أن المواطنين "دَارُو النية" في السياسيين، فكان نصيبُهم من السياسة هو الإحباطُ واليأس وخَيبة الأمل… لك الله يا وطني ولك كرة القدم لتسعدَ من حين لآخر.