المستشار بهاء المري - القضاء والمحاماة

ليكُن لنا في المستشار الجليل عبد العزيز باشا فهمي مَثلاً يُحتذي وهو أول رئيس لمحكمة النقض، ثم مِن بَعد مُحاميًا وثاني نقيب للمحامين حين قال وهو يتبوأ موقع قاضى القضاة مَقولةً أطرَى فيها على المحاماة بأكثر مما يُمكن أن يُطريها به أبلَغ المحامين.
قال يوم افتتاح أعمال محكمة النقض في نوفمبر 1931: "...... وإن سروري يا حضرات القُضاة وافتخاري بكم، ليس يعدله إلا إعجابي وافتخاري بحضرات إخواني المحامين، الذين أعتبرهم كما تعتبرونهم أنتم عِماد القضاء وسِناده. أليس عَملهم هو غِذاء القضاء الذي يُحييه؟
ولئن كان على القُضاة مَشقة في البحث للمقارنة والمفاضَلة والترجيح؛ فإن على المحامين مَشقة كبرى في البحث للإبداع والتأسيس، وليتَ شِعرى أي المَشقتَين أبلغ عناءً وأشد نَصَبًا؟
لاشك أن عَناء المحامين في عملهم عناءً بالغ جدًا، لا يقل البَتَّة عن عَناء القضـاة في عملهم. بل اسمحوا لي أن أقول إن عناء المحامي - ولا يُنبِّئُكَ مثلُ خبير - أشدُّ في أحوال كثيرة من عَناء القاضي، لأن المُبدع غير المُرجِّح.
هذا يا إخواني المحامين نظرنا إليكم. ورجاؤنا فيكم أن تكونوا دائمًا عند حُسن الظن بكم. وإنَّ تقديرنا لمجهوداتكم الشاقة، جعلنا جميعا نحن القضاة نأخذ على أنفسنا أن نُيسِّرَ عليكم سبيل السَير في عملكم. وإن أية فرصة تُمكننا من تيسير السَير عليكم لا نتركها إلا انتهزناها في حدود القانون ومصلحة المتقاضين.
ذلك بأن هذا التيسير عليكم تيسير على القضاة أيضًا، إذ القاضي قد تشغله الفكرة القانونية فيبيت لها ليالٍ مأخوذًا مؤرقًا على مثل شوك القتاد، يتمنى لو يجد من يُعينه على حل مُشكلها وإنَّ له لخَير مُعين في المحامي المُكَمَّل الذي لا يخلط بين واجب مهنته الشريفة وبين نزوات الهوى ونزعاته، ولا يشوب عمله بما ليس من شأنه.
إذا كان هذا ظننا بكم ورجاءنا فيكم، فأرجو أن تكونوا دائما عند حُسن الظن بكم وتُقدروا تلك المسئولية التي عليكم، كما يُقدر القُضاة مسئوليتهم".
فَهلاَّ استَقينا رُؤيتنا للمُحاماةِ العَريقة من كلمة عبد العزيز باشا فهمي وجعلناها دُستورًا لجناحَي العدالة؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى