مهدية دحماني - تَحَضّرٌ شَرِس.. زوجٌ روتينيّ

خيّمتْ طبقة كثيفة من البخار المخمليّ على الوادي..
تكاد عروج السدر تعاقر قطرات الماء المتبخر..
كل شيء في الأفق يبدو لُجَيْنيا يتخلله فيء الأضواء التي تميس ما بين الضباب والبخار..
راح الزوج الروتيني يحاول خلق عُصْبة من النّجوم للّيل ليهدي لرفيقته مساءات رومانسية :
- ألا ترغبين في التسَوُّق..؟
- فعلا الجو ساحر صدقَ من وصف ليلَ تهامة ببدع العسل أوله حلو وآخره حلو..تجيبه..
تضيف :
طيييييب معاك فلوس؟!
- يالله نسري على الكريم إن شاء الله فيه ما تيسر..
سرى الزوجان من بيتهما الريفيّ نحو (محايل البندر).. في الطريق قام الزوج يَتوَدّد لها.. لقد تدارك أنه ورّط نفسه ، فإذا دخلت زوجة روتينية إلى (المول) افترَت في المشتريات :
- ألا ترغبين في أن نجلس في الكافيه الإيطاليّ هناك أعلى الجبل ونطل على المدينة؟
- واشْنُو..واشْنُو؟ كافيه؟!
قد أخذْتُ الستة فناجين من جرعة الكافيين تاعي في بيتي قبل العشاء.. واشْ هذا التّحَضُّر هبط عليك؟
أسجن حالي في غرفة زجاج في (كافيه) بَاشْ نْطلْ على المدينة وبيتنا فوق جبل وتهامة كلها جبال؟!!
تعال نجلس على الجبل ونطل دون خنقة (كافيه)..
غضب الزوج الروتيني..
- كلكنّ يا بنات حواء تناقض..إذا ما عزمنا قلتنّ مللٌ زوجيّ ، وروتين زوجيّ..وإذا عزمنا قلتنّ سَفهٌ وتَصنُّع..
ردت عليه وهي مصرة على أن تجلس على قمة الجبل تحت السماء الفسيحة المطلقة دون حواجز زجاجية ، وتطل كيفما تشاء دون أن تفتعل مسالك تحضُّر الكافيهات..
التفتتْ إليه تتّهمه :
- أنت حالتك خطيرة..أنت داخل مرحلة تحضر شَرس..
ثم واشْ رايح تقول ليْ في (الكافي) ولنا ثلاثة عقود من الزواج في حواديث؟ واشْ باقي تحكي لي؟
غضب الزوجان الروتينيان ، كل له حجته ، هو يَتهمها بالرجعية وتعطيل عجلة التجديد الزوجية ، وهي تتهمه بالتحضُّر الشّرِس..
من المصيييييب؟!!..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى