حمدي العطار - القاص عبد الكريم المصطفاوي يقدم قصصا: تحمل مضامين فكرية ومواقف اجتماعية مؤثرة في المجموعة (شامورامات)

القاص الجيد هو الذي يختار ( المصاحب النصي) المناسب لمجموعته القصصية، المجموعة ( شامورامات) للقاص ( عبد الكريم المصطفاوي ) من اصدار دار السرد للطباعة والنشر والتوزيع،سنة الاصدار 2022 والتي تقع في 125 صفحة من القطع المتوسط وتضم 16 قصة قصيرة ، حاول فيها القاص ان يهتم كثيرا بمضامين القصص مع المحافظة على تقنية فنية في الاسلوب.سوف نتوقف في هذه الجزئية مع اول قصة بالمجموعة ( روح من بقايا الصبر) فإذا كانت اهمية القصة التي تحمل المجموعة عنوانها لا تجعل الناقد يتجاهلها وعيه ان يضعها ضمن عينة البحث! فإن اهمية ترتيب القصص وعلى الاخص اول قصة بالمجموعة لا تقل اهميتها عن القصة صاحبة عنوان المجموعة.
• فصة روح من بقايا الصبر
جاء النص الموازي للمجموعة من غموض العنوان الى الاهداء الغريب (إليك يا من تطوف بي كل ليلة) نعم بهذه اللغة الشاعرية يدفع القاص قارئه الى التوقف للتأمل بمقولة أنينشتاين "الخيال أهم من المعرفة" وهو يقصد ان الخيال هو اساس المعرفة فلو لا الخيال لما وجدت الاكتشافات الجديدة والاختراعات الحديثة ولما تحقق التطور والتقدم في الحياة البشرية! لكن القاص قد يوجه نصيحة لمن يريد ان يمتهن كتابة القصص عليه ان يعتني بالجوانب الفنية واحد اهم عناصرها هو ( الخيال)، التركيب اللغوي لعنوان القصة (روح من بقايا الصبر) عنوان غريب ومحايد لا يكشف لنا عن مضمون القصة ، لا اعرف كنت اتمنى ان يكون بصيغة السؤال بعد ان انتهيت من قراءة القصة كأن يكون ( هل في الروح من بقايا الصبر؟) فهو سوف يدفع القارئ لمعرفة الجواب من قراءة القصة وقد يشترك مع القاص في وضع الاجابة الملائمة اذا لم تعجبه نهاية القصة، مع هذا فإن القاص قد استعاض الدلالة اللغوية في العنوان ووضع بدلا عنها" التركيب الدلالي"
وهي اداة تعبيرية لا يمكن كشفها الا بعد قراءة القصة، وهذا العنوان غير مباشر وبذلك يحقق وظيفته في توليد الاثارة والمفاجأة لدى القارئ!
*ملخص القصة
تدور احداث القصة عن فتاة جامعية (حسناء) جميلة وذكية وتملك اخلاق راقية لكنها بنت طاهر (عامل نظافة) يحاول القاص ان يوضح هل المستوى الاجتماعي للفرد له تأثير سلبي على حياته واختياراته في المستقبل، لأن حسناء يعشقها زميلها اسامة وهي تبادله الاعجاب لكنه على حد تعبيرها ( لانه لا يعرف ظروفها) – وهي الجملة المفصلية في القصة- ليسأل القارئ نفسه ماذا سيكون موقفعه لو عرف ظروفها!؟ فماذا يتوقع القارئ ان تكون نتيجة هذه القصة التي تطرح المشاكل الاجتماعية التي تخلفها بعض المهن ، وهل صحيح كما يقال (الحب اقوى من الفوراق الطبقية) او (الحب اعمى) ؟!
*اختيار الشخصيات والامكنة
اختار القاص شخصيات تلائم الواقع وتتجاوب مع عنصر الشخصية في القصة القصيرة ، طاهر وزوجته وابنته وزميلها وحبيبها اسامة، المكان البيت الجامعة منصة التخرج ، الزمن يمر سريعا وهو في خدمة البناء الدرامي للاحداث والشخصيات.
*السرد والوصف والاحداث
يبدأ السرد بإستهلال يحمل وصف جميل يرتبط بالزمان والمكان ونوع العمل وممارسة الطقوس الدينية " لن تشرق الشمس إلا بعد انتهاء وقع صوت المؤذن على نغم الحجاز بدعوة حي على الصلاة، وسط ثبات طاهر بكامل عنفوانه لبداية يوم جديد برفقة مكنسته العتيدة" يعطي القاص صورة نموذجية من الرضا والقناعة لرجل كادح يكد ويتعب من اجل اجر ضئيل ولا يفطر الا (خبز وشاي) لكنه يتعامل مع مكنسته بحب ويتفاعل معها (قلبه عامر بالطاعة الإلهية وبحمد الله على نعمته) انه يقدس عمله – وهي حالة نادرة لمثل هكذا عامل الذي يكون دائم الشكوى والتذمر لأنها من المهن الوضعية- اقصد ان لم يكن متذمرا ويفضل الاحسن على الاقل ان لا يكون عاشقا لهذه المهنة القاسية " يرتدي بذلة العمل خاصته التي أنهكها وقع الحياة وبقايا الصبر الذي يحتمي به من وجع روحه" هنا اشارة ذكية الى انه يداوي تعبه وضيقه من العمل (بالصبر) وهي دلالة تعبيرية الى العنوان! ويتصاعد الفعل الدرامي للقصة ليعود عامل النظافة الى مثاليته وحبه لعمله بعد حوار مع زوجته تطلب منه ان يطالب (بمكنسة جديدة) – يا أمرأة ..هل سمعتي يوما أن محاربا تخلى عن سيفه أو رمحه؟! " كأن القاص – مثلنا- غير مقتنع بمقولة طاهر فيرجع ليقول "يحب طاهر أن يصف مكنسته بالسيف والقلم، فبها يحفظ كرامته ويؤمن رزق العائلة – كما كان يقول دائما" اعتقد لو اسند القاص السرد لطاهر عامل النظافة لكان سيقول غير هذا المديح لكن القصة تحت سيطرة القاص !
ويتعقب القاص الحالة النفسية لعامل النظافة في ظل مجتمع لا يرحم فيكون واقعيا في هذه العبارة (أكثر من ثلاثين عاما قضاها في مهنته هذه، وقد رأى وسمع كثيرا من التعليقات وردود الفعل حيالها، منها ما هو قاس ومؤلم، ومنها ما طيب ومريح"
*انتقال السرد
يوزع القاص السرد على اجزاء ، فبعد ان انتهى القارئ من هموم ومواصفات شحصية طاهر، يمتقل القاص الى شخصية حسناء بنت طاهر ويثني على جمالها وما تتمتع به من ذكاء لكن ليس من اجلها بل من اجل (رفع رأس ابيها الطاهر) ويضع القاص شخصية اسامة من دون اعطاء توصيف لهذه الشخصية التي تعجب بحسناء ويصارحها بحبه لكنها تعتذر منه ، وبعد قفزة زمينة – تلائم البناء الزمني للقصة- يكون التجهيز لحفل التخرج ، مع اصرار اسامة في الارتباط بحسناء ، وعندما تريد حسناء ان تكشف لحبيبها اسامة (السر) ونوع عمل ومهنة طاهر عامل النظافة يقول لها (أنا اريدك أنت ولن تثنيني أية ظروف مهما كانت عن حبك والتمسك بك) حسناء تصدق قلبها وتتوقع الارتباط بإسامة على الرغم من الفوارق الطبقية! وفي خاتمة القصة يتخذ القاص من المكان بنائيا – منصة الاحتفال- وهو البناء الاخير للمعمار الفني للقصة ، اذ يقرر الجميع ان تكون الحفلة تنكرية وتجد حسناء الفرصة مناسبة لكشف شخصياتها وشخصية طاهر الاب "وصلت حسناء أخيرا بزيها التنكري مرتدية بذلة همال النظافة وممسكة بمكنسة شبه بالية! ..ها هو عريف الحفل يعلن فوز الزي الذي يمثل عامل النظافة بالمرتبة الأولى! ارتقت حسناء مزهوة إلى المنصة والجميع ينظر! اما اسامة فكان منذهلا من جرأته في ارتداء هذا الزي! وقف يصفق لها بحرارة مع كثيرين..أنصت الجميع للفائزة الأولى وهي تمسك بيد رجل كبير يرتدي ملابس بسيطة ، قالت بثقة وفخر شديدين: شكرا لكم احبتي على اختياركم لي في المرتبة الأولى، الحقيقة هو ليس زيا تنكريا، إنه زي هذا الرجل العظيم، والدي، الذي لولاه لما وصلت لهذه المرحلة وحصلت على شهادة البكالوريوس في طب الاطفال..يخرج – اسامة مسرعا وكأنه يفر من شيء مرعب، فقد كانت كلماتها ترن في أذنيه – ولكنك لا تعرف ظرفي!!
*الخلاصة :
الحب في ظل الفوراق الطبيقة وامتهان المهن الوضيعة التي متى ما ذكرت تشم منها رائحة كريهة تشكل مشكلة على الاخص للفتيات لأن المجتمع ليس واعيا بما يسمح بمثل هذه الارتباط بين عائلة غنية واهل الفتاة فقراء بنت عامل نظافة! وقد كادت القصة التي تأخذ اتجاه اخر لو كانت شخصية الاب متمردة ولا تحب مهنتها او البنت تستعر من مهنة ابيها! لكن القصة انتهت من دون مفاجأة عكس التوقع لكن فكرة حفلة التنكر كانت رائعة! وتثبت ان الشخصية لا تتأثر بالمكان بل هي من تؤثر بالمكان!
صعوبة تطبيق قاعدة ضربة الختام في القصة القصيرة قصة "تقمص"
القاعدة الذهبية لجعل القصة لا تتعارض مع السرد المفتوح هي وجود المفارقة السردية التي تظهر في نهاية القصة ! وهذا لا يفرط بتماسك الحكاية التي تعد من العناصر الاساسية في البناء الفني، نحن امام قصة حتى تحقق الدرجة الكاملة ان تتضمن الفكرة الغريبة والاسلوب الجاد وقوة النهاية.فهل توفق القاص عبد الكريم المصطفاوي في هذه القصة ؟
*قصة تقمص
ملخص القصة هي تتحدث عن واقع متخيل ، لشخصية في سن الاربعين تعاني من فوبيا التعرض للقتل من قبل زوجته، والمكان هو داخل غرفته وايضا مستشفى المجانين، وقد لجأ القاص ان يستمد من هذا الواقع شخوصا واحدثا جانبية وجعلها مكملة للبناء الفني لعالم القصة المجنون، فضلا عن نبهان وزوجته وفاء ظهرت شخصيات ثانوية – لو حذفت لا تؤثر على البناء الفني- ولكن على الرغم من وجودها فهي لا تطغى على المحور الاساسي للقصة، فهل التقمص هو مرض نفسي من وجهة نظر القاص؟
*السرد التجريبي
لغة القصة تصويرية تمكن القاص ان يسحب القارئ الذي يتعمد على القراءة السريعة بإن يعيد قراءة القصة اكثر من مرة لكي لا يقع في جو التأزم النفسي ضمن اجواء القصة ومن لا يعير اهتماما لبعض العبارات الملغومة قد لا يتمتع مثلنا بهذه القصة لنرى الاستهلال "يستقيظ أغلب النزلاء على صراخ هستيري يجمع بين (الانوثة والذكورة)! وضعت العبارة بين مزدوجين لأهميتها في القصة وفي المفارقة السردية وكذلك ضربة النهاية! كما يزج القاص مفاهيم لتصحيح الكلمات الخاطئة والمستعملة من قبل عامة الناس " وضع المجانين، سيما وضع نبهان.(يرد الممرض) يحمر وجه الطبيب، ويوجه كلامه للممرض: - أرجو ألا أسمع كلمة مجانين من اليوم فصاعدا، هؤلاء مرضى علينا التعامل معهم وفقا لهذا المعنى! مثل هذه الجمل قد تذهب بذهن القارئ الى ما يشبه المواعظ والحكم وكذلك هذه العبارة (العلم والفوضى لا يتواءمان، والطمأنينة والعنف لا يقتربان) جمل عرضية تأتي من التداعيات لشخصيات ثانوية!-شخصية الدكتور عرفان- كما ان فقرة المقابلات التي يجريها الدكتور عرفان تجعل تبني السرد المفتوح هو الاساس ، فحكاية (حنون) التي ترميه سيارة مظللة قرب باب المستشفى فهم لا يعرفون عنه غير اسمه وشعاره (يعيش القائد)
تمهيد للغرائبية
بعد ان ركزنا على عبارة (الانوثة والذكورة) يقترب القاص كثيرا لتوضيح فكرة التقمص والتي قد يعدها القارئ العادي نوعا من (الغرائبية) "الثاني الذي أدخل هو نبهان والذي لا يعلمه عنه الطبيب أن يتشارك مع (خمس نزيلات) الغرفة داخل المستشفى" انا اتعمد اضع الاقواس على العبارات المتناقضة او الغريبة وصولا الى الذروة " حالي؟ ليست على مايرام ولن تهدأ لي حال أن لم يقتصوا من وفاء زوجتي، لقد أشعلت النيران في البيت واحرقتني بلا سبب! يلتفت الدكتور نحو الممرض ويستفسر منه:
-اين زوجته الآن، هل تم إيداعها السجن؟
-دكتور الذي يتحدث معك امرأة وليست رجلا وهي وفاء نفسها!!
(تعلو الدهشة ملامح وجه الدكتور) يسترسل الممرض: اما زوجها فقد تفحم جسده، وها هي منذ الحادثة تتقمص شخصية زوجها نبهان وتطلب القصاص له"
على الرغم مما بذله القاص من جهد في جعل السرد غامضا تمهيدا للوصول الى ضربة النهاية – المفاجأة- لكن اعادة القصة تجعل القارئ غير مقتنع بمصداقية القصة فأسم المريض امام الدكتور فهل قدم له كونه (نبهان) وهذا يعني تضليل او (وفاء) فعلى الدكتور ان يتعامل معه كإمرأة وليس رجلا ! اما ان يكون الوحيد الذي يعرف السر ويفجر المفاجأة هو (الممرض) وبذلك تكون شخصية البطل المعلن (نبهان ) شخصية ذهنية بينما مرض التقمص يكون من قبل زوجته القاتلة (وفاء)
في القصة القصيرة يجب ان لا يضع القاص اي شخصية ثم نكتشف لدى الانتهاء من القراءة ان لا ضرورة ولا حاجة فنية لهذه الشخصية، شخصية المجنون الاول (حنون) لا ضرورة لوجودها في هذه القصة.
الاجناس الادبية
الاجناس الادبية النثرية ما يفصل بينها خيط رفيع يكاد لا يراه القارئ وقد لا يهتم به المبدع في لحظة الابداع، هو موثقف يماثل من يقود سيارته ويغفو لحظة فينحرف عند المسير,لكنه يتدارك كي لا يصطدم او يتعرض الى الانقلاب!
.*للعطر رائحة الأبناء
تدور احداث القصة عن ام فقدت زوجها في الحرب ومن الحزن فقدت بصرها، هادي ومهدي ابناءها التوأم، يعملون بالتجارة مهدي متزوج وله ابناء (طفل وبنت) وهادي اعزب، يذهب مهدي الى العاصمة لشراء بضاعة جديدة – يزج القاص بتفسير اقتصادي عن التضخم وضرورة عدم الاحتفاظ بالنقود وتحويلها الى مواد وسلع- يتعرض مهدي الى حادث سير ويموت ويقرر هادي عدم اخبار امه بموت شقيقه خوفا ان تموت لو علمت بالخبر! لكن قلب الام يعلم – لم قلبي يؤلمني!؟ يضطر هادي ان يمثل دور شقيقه مهدي ويحاول ان يغير صوته – طالما الام عمياء فلا ضرورة ان يكونا هادي ومهدي توأم لأن التشابه بالشكل لا يحدث فرقا لديها- في نهاية القصة الام وهي تحتضر وتكون قريبة من الموت تكشف لأبنها هادي معرفتها بإن شقيقه قد مات "اعلم يا ولدي إنك مهما ارتديت من ملابس أخيك، ومهما حاولت تقليد صوته فإن هذا لن يمنعني من تمييز عطركما، قد تتشابهان في كل شيء ولكن لكل منكما عطره الخاص"
*بين صديقين
القاص عبد الكريم المصطفاوي يقدم لنا نصوصا تخضع للتحليل النفسي ، ويمزج الواقع بالخيال تاركا للقارئ مهمة استشفاف الواقع، هناك الاهتمام بالبطولة الثنائية ، فبعد قصة " للعطر رائحة الابناء "(هادي ومهدي) تأتي قصة (بين صديقين) "سعيد وأسعد" طالبان في كلية الطب ،سعيد صار طبيبا مشهورا، بينما فصل اسعد من الكلية وهو في المرحلة الرابعة " بعد ان رفع أحد أقاربه تقريرا حزبيا يشير إلى أن شقيق أسعد أعدم لانتمائه لأحد الأحزاب المعارضة لنظام الحكم"- يكفي ان يقول القاص فصل لأن شقيقه اعدم كمعارض فالسلطة كانت تعرف جيدا الاقارب من الدرجة الاولى فلا تحتاج الى التقارير!
تتطور الاحداث بعد زواج سعيد من حبيبته وزميلته هند ولم يرزق منها بأولاد، ظلا سعيد واسعد اصدقاء وصار اسعد سكرتيرا في عيادة سعيد، يكفي انهما اصدقاء الطفولة والشباب وزملاء في الكلية ولا داعي لهذه العبارة (الجميع كان يظن أنهما شقيقان لشدة الشبه بينهما خلقا وخلقا، فضلا عن تقارب اسميهما-!! لا اعلم ما هو سر تعلق القاص بمسألة (التوأم والتشابه) من دون وجود ضرورة فنية لهذه الجزئية في القصص! تموت هند زوجة سعيد بالقصف الامريكي على بغداد عام 1998 ، يمرض سعيد لحزن فقدان زوجته ويحل محله اسعد لأدارة العيادة ، يشتد المرض على سعيد ليموت ويكتب وصية للمحامي بإن تكون العيادة والبيت بأسم اسعد اما امواله فقد اوصى بها لدور الأيتام، وبعد مرور سنة من وفاة سعيد ينتحل اسعد شخصية صديقه المتوفي ويستأنف عمله كطبيب وكتب على اللوحة (الدكتور سعيد العادلي)
في هذا القصة الاسلوب يتميز بالسرعة التي لا تعكس ايقاع الاحداث وتداخل تدفقهما ! ولا تبدو مقنعة واقعيا على الاخص ان شخصية أسعد تحت المراقبة ولا يمكن انتحال شخصية الطبيب سعيد، الا اذا كانت الاحداث قد وصلت الى ما بعد 2003 وتغيير النظام! ولم يتم توضيح ذلك فالزمن المذكور في القصة يقول ( بعد مرور سنة) !
*تعال نلعب سويا
تستمر الثنائية في قصص المجموعة ليتحول الصراع والحوار من العالم الخارجي الى الاجنة داخل الرحم، ويجعله القاص غرائبيا بين الشقيقين – التوأمان- ايضا! والنقاش يدور حول وجود حياة ثانية او عدم وجودها، ويرتقي الحوار الى الفلسفة وتبدو ملامح القاص تظلل الشخصيتين من اجل الامتزاج بالنص من قبل القارئ " دع عنك هذا الهذيان، يبدو أنك تحب أن تحيا حياة ملؤها، النفاق، والغيرة، والحسد، والدجل، والظلم، والحروب والقتل/- ها انت تعترف أن هناك حياة أخرى؟/- إنما أوضح لك أن الحياة لا تقترن إلا بالمحبة والجمال والسلام والطمأنينة والعدل والرقص والمرح وهي حياتنا التي نحياها ولا سواها"
على الرغم من ملاحظاتنا النقدية فإن مسار مجموعة (شامورات) مسارا انساني وفيها تعبير ذاتي عن هواجس ومخاوف واسئلة فلسفية تدور في ذهن القاص غبد الكريم المصطفاوي وتعبر عن احساس مرهف وتفاصيل مهمة في حياتنا المعاصرة.
الخاتمة
الرغبة في كتابة القصص الاجتماعية تبدو لي واضحة في هذه المجموعة ،حاولت في دراستي استجلاء السمات المميزة في صياغة الرؤية الفنية القادرة على ايصال تلك الرؤى الفكرية والاجتماعية بشكل وقالب قصصي وفني ناضج، ولاحظت ان القصص تتوزع بين ( الاستذكارية مثل الوعي – مشكلة وهي من قصص التي اشتغل عليها القاص بأكثر من مستوى لتكون فكرتها جميلة ومدهشة- وكذلك فكرة قصة كمامة – ينتظر القارئ نهايتها بشغف- ثم صور متوارية للموت) وهناك قصص تمثل محطات (كاشفة مثل للعطر رائحة الابناء- وقصة بين صديقين- وقصة وجدت ضالتي- وقصة لحظة احتراق) هي قصص اساسها الهم الانساني وما تعانيه النفس البشرية من حزن وألم وفقدان عزيز وانتظار) ثم تأتي محطة (المجابهة مثل قصة درويش وفكرة الثأر لأبيه – وقصة روح من بقايا الصبر- وقصة شامورات) والمحطة الاخيرة من المجموعة قصص تنتمي الى الفانتازيا مثل قصة ايفا- وقصة تعال نلعب معا- وقصة محظوظ)
يجمع القاص عبد الكريم المصطفاوي في هذه المجموعة بين التجربة الذاتية والكتابة عن تجارب الناس، وهناك فكرة الاصلاح واضحة بين ثنايا هذه القصص ، هو يملك الامل وقدرة الخير في الانتصار على الشر واليأس، لديه احساس وتعاطف كبير مع الفقراء والمظلومين ويستخدم – احيانا- التحليل النفسي لبيان ابعاد شخصياته في هذه المجموعة ، نؤشر قدرة القاص على التمهيد وخلق الفرشة المناسبة للبناء المعماري الفني لقصصه، المجموعة (شامورات) تستحق الدراسة والنقد والقراءة الواعية.

بغداد – حمدي العطار




1677239765741.png


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى