محمد مصطفى العمراني - مجنون القصة !

بعد أن تناولت الغداء في المطعم فوجئت بشاب من العاملين في المطعم يقف أمامي ويسألني وهو مضطرب :
- أنت الأستاذ محمد مصطفى العمراني كاتب القصص ؟
- نعم .
صافحني بحرارة وقد أكتسى وجهه بفرحة عارمة ، وحين طلب مني الانتظار لثواني قلت : ربما يريد التقاط صورة معي ، من المؤكد أنه من القراء القلائل للعبد لله ، لا أخفيكم لقد شعرت حينها بسعادة غامرة.
أخيرا وجدت من يقرأ لي . يا سلااام صبرنا ونلنا .!
جاء بكأسين شاي بالنعناع .
- تفضل يا أستاذ .
- شكرا .
تناولت الشاي وبدأت أرتشف.
قلت في نفسي : أخيرا بدأت أجني ثمار النجومية .
وبدا يعرفني بنفسه :
- أنا عبده سعيد مدهش ، مباشر " نادل " في المطعم منذ سنتين ، اقرأ لك دائما ، تعجبني القصص التي تكتبها ، أحيانا أضحك حتى أكاد أشترغ ، وكم تمنيت أن ألقاك من قريب .
ومضى يذكرني بالقصص التي كتبتها ..
ما أدهشني أنه يحفظ بعض قصصي كلمة كلمة .!
حييته على إعجابه بما أكتب ، وتفاعله الكبير مع قصصي .
- بس ...
- بس ايش ؟
أحسست بأنه يريد أن يقول لي شيئا ..
- بس يا أستاذ لي عندك طلب ..
قلت في نفسي : ربما يطلب مساعدة مالية ولذا لابد أن أقطع عليه الطريق قبل أن يحرجني فأعطيه ما في جيبي وأعود إلى البيت مشيا على الأقدام .
- شوف يا أخي نحن معنا الصيت فقط ...
قاطعني :
- أريد قصة ..
- لم أفهم ؟ قصدك تريدني أكتب قصة جديدة ؟
- لا أريد قصة جديدة ، أريد قصة من القصص المنشورة ..
- قصدك أرسل لك مجموعاتي القصصية pdf والا تريد كتاب ورقي ؟
- لا أريد قصة من قصصك أجرب فيها حظي .
وأضاف :
- سأرسلها باسمي لمسابقة للقصة القصيرة ؛ وأنا متأكد أنني سأفوز في المسابقة ، وحين أستلم الجائزة سأعطيك نصفها .
لم أصدق ما يقول ظننته يمزح معي ، مؤكد هناك كاميرا خفية ، أو مقلب فكاهي .
توقفت عن شرب الشاي . لملمت حاجاتي وقررت الذهاب فليس لدي الوقت لهذه المقالب السخيفة .
لكنه وقف أمامي وقد توتر وأحمر وجهه واستعد لمواجهتي وقد اتخذ وضعا قتاليا .
دفعته من طريقي قائلا :
- يا شيخ روح قال أجيب له قصة .!
أمسك بالطبق الذي يحمله وهم بضربي به ، دفعته بقوة وقد تأكدت بأنه شخص غير طبيعي .
سقط على الكراسي المجاورة وعاد يريد الاشتباك معي من جديد ، وحينها أسرع اثنان من عمال المطعم وأمسكوا به ودفعوه بعيدا عني .
غسلت يدي بسرعة ودفعت حسابي ومضيت .
مرت أيام ونسيت ذلك الشاب المجنون وبينما كنت في احدى المولات التجارية اذا بي أجده أمامي ، كأن الأرض قد انشقت وصعد منها ، واندفع يصافحني بحرارة ويقبل رأسي ويعتذر لي عما بدر منه في المطعم قائلا :
- أنا محكم لك يا أستاذ ، الذي تأمر به رقبتي فداك .
- خلاص يا أخي ما فيش حاجة..
سامحته ..
وحين هممت بالمضي أوقفني قائلا :
- والقصة ؟
- أي قصة ؟!
- القصة التي وعدتني لأشارك بها في المسابقة ..
سألته وقد غضبت من كذبه :
- متى وعدتك ؟!
وعدنا للتوتر من جديد .!
لكنني أمسكت أعصابي وتمالكت نفسي بكل قوة ، لا أريد مشكلة مع شخص مجنون وفي مكان عام .
قلت له وأنا أتكلف ابتسامة ساخرة :
- خذ القصة التي تعجبك وشارك بها في المسابقة حلال عليك .
- أريد القصة التي كتبتها عن ذهابك لتحرس حقل القات ليلا أنت وأخوك ثم مضغتم القات وأطلقتم الرصاص على أشجار القات حين تخيلتم أنها اللصوص ، هل تذكرها ؟
- نعم أذكرها .
شكرني وقد أجتاحته فرحة غامرة وصافحني بحرارة . مضيت وقد أيقنت بأنه مجنون رسمي .
لم يمض سوى دقائق حتى لحق بي وبيده ورقة وقلم قائلا :
- اكتب لي تنازل رسمي عن القصة ووقع عليها .
دفعته جانبا وقد توترت وأحسست بأن السكري قد ارتفع لدي وأن الدم يغلي في عروقي .
- يا شيخ روح قال اكتب له تنازل عن القصة .!
رمى بالورقة والقلم وأخرج هاتفه قائلا :
- خلاص أصورك بالفيديو وأنت تتنازل عن القصة .
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. روح لك مني .. خيرة الله عليك .
تجمع حولنا بعض الناس ، دفعه أحدهم بعيدا عني لكنه عاد وقد قرر الاشتباك معي ، توقفت بعض النساء عن التسوق وظللن ينظرن بفضول إلينا ، أخرجت احدى البنات هاتفها وبدأت تصور فيديو .
لقد تكهرب الجو .!
من حسن حظي أن جاء أحد الشباب الذين أعرفهم صافحني وسألني عما يحدث فأوضحت له الأمر فأمسك بالشاب ودفعه بعيدا عني وهدده بأنه ان تعرض لي مجددا فسيتصل بالشرطة ويسجنه ، وحينها مضى وهو يشتم ويهدد ويتوعد وأنا غير مصدق بأنني قد نجوت منه .!
***

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى