ليلى تباني - اذا حلّ الربيع فاح ورد قسنطينة...

قسنطينة مدينة الهواء والهوى... جوهرة الشرق ، شاردة من شوارد الجمال وقطعة نوميدية خلّدها التاريخ لتُعرف باسم"سيرتا"، وحملت بعدها اسم قسطنطين العظيم، من أروع مدن الشرق العربي، ويُطلق عليها "عاصمة الشرق الجزائري"، فهي تُعدّ مكانا ساحرا لا يضاهيه أي مكان آخر في العالم ، بُنيت مدينة قسنطينة فوق صخرة من الكلس القاسيّ وهذا ما ميّزها عن بقيّة مدن العالم أجمَع حتّى عرفت بتوأمة مدينة راندا الاندلسية ، وقد بُنيت لها عدّة جسور عبر أزمنة مختلفة تعاقبت عليها من أجل الانتقال من مكان لآخر، لذلك فإنه يطلق عليها اسم "المدينة المعلّقة... كي يكتب لها أن تظل شامخة وتظل قلوب عشاقها معلّقة بجمالها تواقة لزيارتها .
تعد عاصمة الشرق قسنطينة من الولايات المشهورة بتقطير الورد والزهر؛ فما ان حلّ الربيع وموسم الإزهار ..أزهرت المدينة معه و فاحت البيوت وردا وزهرا، واكتظت أروقة وسط المدينة القديمة وساحاتها، بالنسوة والزوار. مقبلين إقبالا منقطع النظير على باعة الورود والزهور التي يعبّق عطرها أرجاء الشوارع والممرات، لشراء ما يكفيهن من زهر وورد من أجل تقطيره وتحويله الى ماء ورد وماء زهر لمختلف الاستعمالات. تقطف الورود بعد مدة من ازهارها، بعد أن تُترك مدة لتزيين المحيط إلى أن يقترب موعد ذبولها، وتبدأ في إسقاط بتلاّتها، وعندها يبدأ أصحاب البساتين والحدائق بقطفها وبيعها.
تنفرد المدينة بطقوس وتقاليد عريقة عراقة تواجدها والحضارات المتعاقبة عليها... وسط الدار، السقيفة، الدّاير، المجلس، صينية القهوة، أنغام المالوف.. فندورة الفرقاني.... والزندالي وعبق الورد البلدي، عادة تقطير الورد و زهر الاترج... متلازمات تُعتِّقُ ذاكرة الحرائر من قسنطينيات الزمن الجميل، فينتثر أريجها حكايا تروى على مسامع الأجيال، وتؤرخ بعفوية لعراقة مدينة الصخر العتيق، و”نوستالجيات” تُودِقُ لها المآقي، وتتصاعد لأجلها الزفرات..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى