محمد محمود غدية - جراح

إعتادت أن تمطره باابتسامة واسعة أثناء ركوبه سيارته الفارهة، أرمل خمسيني ورجل أعمال مايزال محافظا على نضارته، يبدو أصغر كثيرا من سنه، المسافة العمرية بينهما كبيرة والمادية أيضا، قليلا ماتجده يبادلها الإبتسام ثم يغيب،
هى قادمة من ليل طويل معتم، تريد التطهر من كل المرارات التى تجرعتها كل يوم بعد وفاة والدها وضيق العيش، قررت الإقتراب منه، هى فى نصف عمره، ذات ملاحة وبهاء، بشرتها بيضاء كالحليب الصافي، عيناها عسليتان وسيعتان مكحولتان، وقوامها رشيق متناسق، جميعها مؤهلات تمكنها من الفوز به، بعد أن فشلت فى حبها لزميل الجامعة، الذى لم يستطع توفير ثمن دبلة لخطوبتها، باغتت الخمسينى بصباح الخير من وسط إبتسامتها،
لم تستطع إخفاء سعادتها وهو يدعوها لفنجان شاي، حدثته عن حبها الصامت له، وكيف كانت ترى فيه سنوات الخبرة والإتزان، إستجاب لحبها، شكت له مواجعها وشكى وحدته، وتزوجا وعاشت معه البهجة وليال دافئة موشاة بعبق الياسمين، خصص لها مبلغ شهرى لأسرتها، وأودع لها حساب بنكى تسحب منه ماتشاء، وسيارة خاصة بعد أن تعلمت القيادة، سارت بهما مركب العمر فى بحر هادىء دون عواصف وأمواج،
ولأن الحياة مرهونة بسلسلة متشابكة من ملايين الصدف التى فى أغلبها غير سار، هاتفه البنك فى رسالة هاتفية، أن رصيد زوجته نفذ تماما، تساءل كيف وفى ماأنفقته ؟ إنه مبلغ ليس بالقليل، أخفى معرفته وقرر مراقبتها خلسه ومراقبة الهاتف عن طريف بعض البرمجيات الحديثة، ليكتشف أن النقود صرفت على العشيق الذى أحبته طوال سنوات الجامعة، وفى تبجح أنثوي بغيض، قدمته لزوجها على أنه شقيقها الذى كان يعمل فى الخارح، كثيرا ما استقبله فى منزله،
وكان يأمن لوجوده فى غيابه،
إن بعض القوانين ستبقى ألغازا مستغلقة على الفهم، ماأقسى من يبطن عكس مايظهر،
سجل المكالمات بينهما وصور لقائتهما وطلقها بعد مواجهتها بالصوت والصورة، ليطوي تلك الصفحة السوداء فى حياته،
والتى لاتعدو سوى صفقة خاسرة، فى سوق الحياة، التى ما أن تدخلها حتى تذيقك الحلاوة والمرارة والمكسب والخسارة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى