حوليات الدكتور مصطفى الشليح - رُبَاعِياتٌ رَمَضَانيةٌ 1444

1 / 30

لا تسأل الوقتَ إنْ سالَ الزَّمانُ به = ما سالَ إلا سمواتٍ بجاذبه
جذبٌ بساحبه أهواءُ راسبه = جدْبًا بما ليسَ يدري حدسُ حاسبه
والأرضُ تقفزُ أعلى في مَراقبه = لتكنسَ الأفقَ بحثًا عنْ مراكبه
ثمَّ استقرَّ به الوادي كصاحبه = إذْ خالعٌ نعلَه .. في إثر غائبه

***

2 / 30

يخيطُ الأرضَ بالبرق اكتفاءَ = يخُطُّ غموضَه، أبدًا، فضاءَ
يشُطُّ قليلُه فكأنَّ ماءَ = تبيَّنَ ظلَّه أرسَى هواءَ
يحُطُّ على إذا يدنُو تناءَى = ولا طيرٌ غناءً أمْ عناءَ
وَوَحْدَكَ أنتَ تَخْتَطُّ احْتفاءَ = وتعطُو خفَّةً أرقتْ خفاءَ

***

3 / 30

يقولُ لي: أنحنُ غامضان = أمْ نحنُ ..للنٍّداءٍ رائضان
أمْ نحنُ رافعان خافضان = عيشًا كأنَّا .. ثمَّ خائضان
أمْ نحنُ فائضان قابضان = بعضًا وكلا .. حيثُ غائضان ؟
قلتُ له: إنْ نحنُ رافضان = أوْ غيرُ رافضين غامضان

***

4 / 30

هلْ يملكُ النُّقصانُ يَكتملُ = لولا بجُرح ليسَ يَندملُ
لولا تمثَّلَ شأنَه المَثلُ = أنْ عبْرَه يُسْتَوْقَفُ البَدَلُ
لولا إذا تُسْتَأنَفُ النُّزُلُ = وكأنَّ منْ رحلُوا فقدْ نزلُوا ؟
أمَّا الأهلَّةُ حين تعتدٍلُ = قمرًا إذا ما اعْتَلَّ تعتزلُ

***

5 / 30

منْ واقفٌ بالباب يختلفُ = مني إليكَ وليسَ ينصرفُ
إنْ جنَّ ليلٌ كيفَ يعتكفُ = أوْ رنَّ ضوءُ كيفَ يعترفُ
مشَّاءُ خوفٍ كلَّما الصُّحُفُ = أُخذتْ تخلَّفَ دونه السَّرَفُ
ما خفَّ إلا كانَ مُلتقَفُ = في أرضه فوقَ الذي وصفُوا

***

6 / 30
وأنتَ في إشارة الحدوس = ستارة البيان للنفوس
أمَّا اليقينُ كِذبة الشموس = سفارةً آفلة الطروس
تنهلُّ منْ غيابةِ المأنوس = بفتيةٍ ذئبيَّةِ اللبوس
حتَّى إذا ما اليدُ للملموس = كنتَ إلى سقاية الحدوس

***

7 / 30

بقَوْلٍكَ تحملُ الأرض انتقالا = وتملكُ أنْ تراك بها سؤالا
ولكنْ لستَ تسألها احتمالا = فإنَّ إلى إجابتها اعتلالا
وإنَّ إليكَ أوديةً مجالا = تسيلُ إذا الإسراءُ سالا
وأنتَ بها تملَّيتَ اختلالا = فكيفَ تُحدثُ الأرضُ اعتدالا

****

8 / 30

الهواءُ الذي ترقَّى سماءُ = وثبةُ القلبِ منْ صلاةٍ ضياءَ
نفَسُ الغيبِ يستسرُّ رواءَ = كلَّما الغيمُ تيستحثُّ نداءَ
كلَّما الاسمُ كاتبٌ أمداءَ = والصَّدَى جاذبٌ به أسماءَ
مثلَما أنتَ عاتبٌ تتناءَى = كيفَ إنْ كاذبٌ بما يتراءَى

***

9 / 30
تلبَّثَ متعبًا يرفو غبارا = وحدَّثَ عنْ ملامحه اعتذارا
جثا سَفرا بصخرته مدارا = وحثَّ حيالَ صورته سوارا.
وأوقدَ صبرَه حتَّى توارى = بصهوةِ صبره أفْقًا وحارا
تقلَّدَ ما تناثرَ واستعارا = يُحدٍّقُ في الرُّمادِ ذرا جدارا

****

10 / 30

ما صدَّقَ لكنْ بالدَّرَج = مرقاةُ البرق بمُنعرَج
أرجٌ .. يتمازجُ بالبلج = ما سُقياه .. أثرُ الأرج
إنْ عرَّجَ كانَ ولمْ يلج = إلا قدْ رُقرقَ بالثَّبج
مشَّاءٌ في فتيا اللَّهَج = إنْ صدَّقَ رؤيا مُنتهج

***

11 / 30
تأمَّلتَ إسداءَ الحروفٍ، فبعضُها = مرايا، وبعضٌ بالمرايا يقضُّها
تفضُّ اشتباكاتِ الدَّلالة. أرضُها = تفيضُ عيونًا، والغموضُ يغُضُّها
بغُمْضٍ تحارُ الأرضُ أينَ ينُضُّها = على قدَر إلا يكونُ يفضُّها
وأومضَ منه فيضُها. كادَ قبضُها = يَعُضُّ، ولكنْ للإحالةِ خفضُها

***

12 / 30
ولا أحدٌ يُفسِّرُ ما تمادَى = من الجذوات تزدادُ اتِّقادَا
كأنَّ الدارُ جمعًا أوْ فُرادَى = تلقَّفَها الذي نثرَ الفسادَا
فكانَ بغى الغلاءُ ثُمّْ سادَا = وشيَّدنا لخيمتِه عمادَا
كأنَّا نشتري جمرًا تنادَى = بنا كونُوا لنلتقطَ الرَّمادَا

***
13 / 30
تمشي وظلُّكَ كادَ يشتبكُ = بكَ ماشيًا، أوْ كادَ يرتبكُ
لا شيءُ بينكما، وينسفكُ = خطوُ الغبار فكيفَ ينسبكُ ؟
حتَّى كأنَّكُما، ولا حُبُكُ = منْ ضفَّتين، فليسَ يُنحبَكُ
أوُ أنتُما حاديكُما شركُ = وإنِ الطَّريقُ فأينَ تُشتركُ ؟

***

14 / 30
حجرُ الفلاسفة القدامى زئبقُ = سالَ الكلامُ به فأنّْى يُطْرَقُ
وإذا تنزَّلَ ظامئا لا يُخرقُ = مثلَ السَّفينةِ ..إنَّمَا يُغرورَقُ
وإذا تصاعدَ راويًا إذْ يَفرَقُ = منْ سيرةٍ بالأرض كادتْ تَشْرَقُ
أرقَ الفتى حجرًا وأوشكَ يأرَقُ = لونُ التَّردُّدِ واستبدَّ الأزْرَقُ

***

15 / 30
شكلُ التَّردُّدِ أنْ يَرنَّ المُشتَهَى = قدميْن ضوئيَتين ملْءَ المُنتهَى
أوْ شكلُه قدمان لنْ تتشبَّهَا = إلا بذاتهِما، ولنْ تتنبَّهَا
قدمان حائرتان إنْ تتوجَّهَا = بينَ السَّراب وظلِّه تتموَّهَا
أوْ رُبّْمَا تتناهَبان بما انتهَى = بدلا تماهَى والصَّدَى فتبدَّهَا

***

16 / 30

على أثر الفراشة واجتياز = إلى أثر البداهةِ بانحياز
تًجيزُ إلى القيافةِ ما يًوازي = غيابَكَ في المسافةِ باحتراز
تُطَرِّزُ واحةً أبدَ ارتجاز = على مهوى بأبَّهةِ الجواز
كأنَّكَ آخذً دارَ الطِّراز = هُنا بَيْنَ الحقيقةِ والمجاز

***

17 / 30
يفزلُ النَّايُ بحةً، فالهواءُ = ناقضً جرحَه، فلا أهواءُ
نافضً ملحَه. أمامٌ وراءُ = فالنَّقيضان علَّةٌ وبَراءُ
خذْ دَواةً، وبحرُه أمداءُ = وانحتِ الماءَ. للنَّقيضيْن ماءُ
بحَّة النَّاي للمُحٍبِّ نداءُ = فكأنْ فتيةٌ عليهمْ كِساءُ

***

18 / 30

كأنَّكَ لي، والعمرُ والخلواتُ = ومُرتفقٌ باللَّيل، والصَّلواتُ
أكونُكَ قبلَ البدءِ، والفلواتُ = قميصٌ. أمنْ ذئبٍ هيَ الصَّبواتُ ؟
ومَنْ إذا لا تنتهي الجذواتُ؟ = ومَنْ إذا ما تنتهي الجلواتُ ؟
أخيطُ بحدسٍ خطوةً؛ خطُواتُ = بشمس، وهُنَّ العُمرُ، والصَّهَواتُ

***

19 / 30

ماذا إليكَ لتستردَّ سماءَكْ ؟ = والأرضُ أرضُكَ تستقِلُّ نِداءَكَ ؟
ماذا تركتَ ؟ وكيفَ كنتَ خَفاءَكْ ؟ = عندَ التَّجلِّي واستبقتَ رداءَكْ ؟
ماذا تبقَّى يسترقُّ فضاءَكْ ؟ = أبقيتَ لي أثرًا كأنَّ ظباءَكْ
أبقيتَ ما راءَ الضِّياءَ وراءَكْ = حتَّى أفقْتَ فشِئْتَه. لوْ شاءَكْ

***

20 / 30

أثرٌ يختفي ليبدُو أثرْ = أيُّ ظلٍّ أقامَ بعدَ السَّفرْ ؟
بينَ ظلَّيْن شذرةٌ أمْ شذرْ ؟ = ينتفي الكلُّ ثُمَّ طَلٌّ عبَرْ
يكتفي واقفٌ برَيِّ النَّظرْ = كلَّمَا قاطفٌ عُيونَ المطرْ
مطرٌ ذا .. أمِ التَّوَهُّمُ ذرّ = ما امَّحَى صورةً بأفْق بَذَرْ ؟

***

21 / 30

يدٌ بيضاءُ والأبدُ القليلُ = بديلُ الخوفِ قاتلُه قتيلُ
يخافُ الوقتُ أوَّلُه السَّببلُ = وآخرُ ما يُؤوِّلُه المسيلُ
يشفُّ فلا يُرَى وإذا يميلُ = يخفُّ كأنَّ حاملَه أسيلُ
تمدًّ يدًا فيطويها مُحيلُ = ويبسُطُها، إلى الأبدِ، الرَّحيلُ

***

22 / 30

يا ناحتَ الماءِ إنَّ الماءَ منحوتُ = قبلَ البدايةِ، والإيلاءَ موقوتُ
إنْ لحظةٌ خُذْكَ شكًّا أنتَ مثبوتُ = هُزَّ الكتابَ يكُنْ باللَّحظةِ الحوتُ
وإنْ هُوَ الوقتُ يسَّاقطُ القُوتُ = جوعًا بوقتِكَ بحرًا وهْوَ مبْهُوتُ
ماذا بنحتِكَ ذاتًا ؟ أنتَ مبكوتُ = ماءٍ، وإلا .. فبالمرآةِ منكوتُ

***

23 / 30
لا جُندَ لي. قلتَ للنّمْل الذي يَقِفُ = أمشي وخلفيَ ظلِّي. نحنُ نلتقفُ
ونحنُ نقفُو فلا نقفُو ونختلفُ = إلى القصيِّ، فلا نصفو إذا نصِفُ
نكلِّفُ الأرضَ خطوًا حينَ نتَّصِفُ = بما تأبَّدَ سَهْوًا كادَ يَنتَصِفُ
كِدْنا وقوفًا فلا نمشي، وننحَرفُ = فاسكنً أناتَكَ حرفًا. كلُّنا صُحُفُ

***

24 / 30
يخشعُ القلبُ. كيفَ للعين تدمعُ = مثلما كانَ قبلَما تتمنَّعْ ؟
هِيَ ظمأى بمائها تتقنَّعْ = وسرابٍ بروحه تتذرَّعُ
وهْيَ لا ترتئي هنا تتطلَّعْ = ثُمَّ لا تنتهي إذا تتسمَّعْ
حذرَ الظَّنِّ أنَّ شيئًا تورَّعُ = كانَ للقلبِ دمْعُه يتصدّعُ

***

25 / 30

إذا حاقَ يأسٌ قلْ: أنا الأملُ الحَقُّ = أنا مِنْ بُراق الضَّوءِ بالضَّوءِ ينْشَقُّ
أنا لازرقاق الأفْق ما حَدَّثَ الأفْقُ = إلى غربِه لولا الحمامةُ والطَّوْقُ
أنا لانفتاق الخَطو سيرتُه الرَّتْقُ = أرقتُ صدًى حتَّى ترنَّ بيَ الطُّرْقُ
أنا حَدَقُ المَسْرى وليلي إذا يزقُو = كأنْ طائرٌ لولا بأجْنِحَةٍ برْقُ

***

26 / 30

تأنَّ فللدُّنيا مواكبُ تعبُرُ = وأسبابُها مَحْمُولةٌ ليسَ تعمُرُ
تقرُّ قليلا إذْ تفرُّ وتمكُرُ = وتوشكُ إبثارًا إذا هيَ تغدُرُ
تُدِرُّ بما يأتي وتأتيكَ تندُرُ = كأنِّي بها ترثي لأنَّكَ تبذُرُ
تأنَّ إليها وانتباهُكَ يَنظُرُ = بكلِّ يدٍ مِنْ عزمِها أنتَ تقطُرُ

***

27 / 30

تشاءُ، ولكنْ تستقلُّ حروفُ = بما هيَ شاءتْ، والكلامُ طُيُوفُ
وإنَّ حتوفًا بالكلام تطوفُ = وما أنتَ بالسَّاري، وأنتَ حتوفُ
كأنَّكَ تغفو. للوُقوف عُطُوفُ = وتعرفُ أنْ ما إليكَ وُقُوفُ
وإذْ تطرفُ العينان ثَمَّ كهوفُ = قطفتَ بها ضوءًا، وأنتَ قُطُوفُ

***

28 / 30

يا لغزَ أشرعةٍ تهزُّ يمينُها = مهدَ اليقين، ويَستكنُّ يقينُها
ما أمرُ تكوينِها وذا تكوينُها = مُتريِّثٌ أمرًا، وذا تبيينُها
وأمَرًّ أسئلةٍ يكونُ وتينُها = منْ قلبِها جمرًا، ويكمُنُ طينُها
والبحرُ يًنكرً أنَّه تدوينُها = والأرضُ تمكُرُ: كبفَ ذاكَ جبينُها ؟

***

29 / 30

بأيٍّ منْ رباعيَةِ انتساج = أُخذتَ بها لزوميةَ انتهاج ؟
وفيمَ عتيقُ قافيةِ المزاج =
بمُحدَثِها تفتَّقَ بانبلاج ؟
ولمْ رَمَضَانُها ضَمُّ السِّراج = يديْن على التَّدَرُّج بانفراج ؟
بربِّكَ كيفَ تسألُ عنّ رتاج = وبابُ الشِّعر لي منذُ ابتهاج ؟

***

30 / 30

أمِنْ أوَّل الأعْيَادِ خَفَّ مَنَارُهَا = بتَذكرَةٍ أنَّ الهلالَ مَدارُهَا
كَأنَّ شهابًا للسَّماءِ سِفارُهَا = تبسَّمَ، لكنْ لا يَدٌ وسوارُهَا
تَكتَّمَ حتَّى يَسْتكنَّ اعتذارُهَا = إلى الفاتِر الضَّوئيِّ، ثُمَّ استِثَارُهَا
تَكلَّمَ. ماذا قالَ. هذا ابْتِدَارُهَا = أمِنْ عيدِهَا عيدٌ تُرَدِّدُ دَارُهَا ؟

***

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى