أشرف الخضري - النسخة الأصلية من كليلة ودمنة.. مرض الشغف!

لأكثر من شهرين وأنا أبحث وأقرأ وأطوف بين النسخ العديدة من الكتاب لأحصل على نسخة أصلية مائة في المائة.
رغم أن الاختلافات بين النسخ العديدة ليست ضخمة ولا مقلقة ومرت بسلام.
لقد بذل أدباء كبار مجهودات ضخمة لأشهر وسنوات من أجل تحقيق نسخة أصلية من كليلة ودمنة، ورحلوا عن العالم وهم يظنون جميعا أنهم حققوا ذلك الإنجاز.
فبداية من أستاذ المستشرقين البارون سلفستر دي ساسي، والأديب خليل اليازجي، والأب لويس شيخو، والدكتور عبد الوهاب عزام، والدكتور عبد الرحمن الصفتي، والأديب أحمد حسن طبارة والأديب مصطفى لطفي المنفلوطي والعلامة الشيخ حسن العطار والعشرات ممن عكفوا لسنوات من أجل تقديم نسخة أصلية من كليلة ودمنة، قد بذلوا كل ما بوسعهم من أجل هذه الغاية ولكن..
كان من المستحيل أن يحققوا هذا الإنجاز بدون الكمبيوتر والإنترنت، فما الذي اكتشفته أنا وما قيمته لدى القارئ والباحث؟
بسبب فقرة من ستة أسطر واسم شخصية، انتبهت إلى وجود تباين وتعارض واختلاف بين حروف الاسم من نسخة إلى نسخة. الأمر يبدو بسيطا وتافها! لكن عندما نعلم أن الأسماء القليلة التي تضمنها الكتاب تدل على صفات أصحابها سنتوقف طويلا. الفقرة هي أعمق وأجمل فقرات كتاب كليلة ودمنة، الأكثر إثارة ودهشة وغرائبية، ورغم تمكني من قراءة سبع نسخ من كليلة ودمنة، ظل الهاجس بداخلي يكبر ويتوحش أن الفقرة الأصلية لم ترد في أي نسخة من النسخ التي طبعت في فرنسا ولبنان ومصر.
وبعد بحث طويل لشهرين شعرت باليأس، لكن لم أستسلم ولم أقبل بداخلي وأنا أعيد كتابة كليلة ودمنة من جديد أن ترد هذه الفقرة مزيفة ومختلقة وناقصة في نسختي بالصيغة التي وردت في جميع النسخ.
هناك شيء ناقص ولن أرتاح حتى أصل إلى النص الأصلي للفقرة الفريدة التي لا يمكن أبدا كتابتها بالظن أو التوقع.
ولأن الله عز وجل كريم لطيف بي، فقد وفقني إلى الوصول إلى الفقرة الأصلية والاسم الأصلي للبطل، كما حل لي مجموعة من الألغاز داخل قصص عديدة تم تحريف سياقها وبنائها ليتماشى مع الأخلاق والآداب العامة، فصنع خللا معرفيا لا يقبله العقل أو المنطق السليم الواعي على علاته.
الفرج جاء حين طالعت فقرة تقترب كثيرا من الأصل الذي أشعر بوجوده ولا أصل إليه، وردت في مخطوط أصلي بنسبة 97 بالمائة تملكه مكتبة الكونجرس الأمريكي، استبشرت كثيرا لاقترابي من هدفي، واستمر البحث حتى وفقني الله ووجدتها في فقرة من مخطوط أقدم بمائتي سنة.
شعرت بفرحة كبيرة جدا، وأكرر سيبدو الأمر تافها ومجهودا ضائعا لدى الكثيرين، لكنه ليس كذلك بالنسبة لي فهو أشبه ما يكون برجل مسلم سافر إلى دولة بعيدة شرقا ك تايوان أو غربا كالبرازيل ورغم وجود المصحف على هاتفه المحمول اشتاق للمصحف الورقي فاشترى واحدا من المتجر وعندما فتحه وجد أول آية من الفاتحة تنتهي بكلمة العالقين وليست العالمين فقامت قيامته من الفزع لوجود حرف خطأ.
الفقرة الأصلية والاسم الأصلي و القصة في حبكتها الجديدة، سوف تضمها نسختي الخاصة من كليلة ودمنة عندما تخرج إلى النور بمشيئة الله.



1680280774627.png 1680280800329.png 1680280821916.png 1680280838767.png 1680280855474.png 1680280868880.png 1680280889993.png

1680281471983.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى