رسائل الأدباء . رسالتان بين معروف الرصافي ومظهر الشاوي

في ٢ / ١٠ / ١٩٤٤
‎أخى مظهر بك :
لما جاءني عبـد الكريم كنه بهديتكم الثمينة أخبرني بأنه يحمل منكم كتاباً ألى وأنه نسيه فلم يأت به ، ولكنه في اليوم الثانى أرسله الى فقرأته وأكبرتكم وزدت أعجاباً بما لكم من نفس شريفه وطباع كريمه . ولكني أسفت على تجشمكم هذه الكلفه واقتحامكم تلك المصاعب في جمع هذه الثياب بإرسالكم الرسل ألى الأسواق. وهذا وأن كنت لا أستغربه من كرام أمثالكم ألا أن معاناتكم هذا العناء من أجلى وأنتم في المعتقل، جعلنى أسفا على أني كنت السبب فيه ، ومهما يكن فأنى أرجو أن لا تغرقونى كل هذا الاغراق في لجه أحسانكم ، بل اتركوا لي مجالا للتنفس حتى أستطيع أن أقوم بواجب شكركم أذا وفقني الله. وأعلم أيها الشهم الهمام اننى اليوم أعيش حياه معتله وصحه مختله وفي آخر أيام الحياه التي لم يبق عندى شئ من آمالها ولا من لذاتها سوى آلامها فلذا أصبحت الماديات لا قيمه لها عندى فلا أنظر اليها ألا في الدرجه الثانيه من أمور الحياه ، وأنما يهمني وينعش نفسى وينفس كربي عطفكم على وعنايتكم بي واهتمامكم بأمرى فهذا عندى لا تعادله الدنيا بجميع زخارفها ، أما الدنانير والثياب الفاخره فتأتى في المرتبه الثانيه في نظرى ، ولا تحسبوا هذا زهدا منى في الدنيا ، كلا بل هو مقت لها وتذمر من أهلها الذين نسيت نفسي لأجلهم وقضيت عمـرى فـي البكاء على ما نابهم ، وما أنا بنادم على ذلك
‎بل أحمد الله تعالى عليه كل الحمد ، وأنا الذي أقول خطابا لأبناء الوطن
يا لاهجين بشتمى في مجالسهم
ناموا على الأمن في أحضان فغراني
لا تحسبوني منكم جازعا ضجرا....
وأن يكن شظفى في العيش أضواني
هذا وتفضلوا بقبول احترامى مع عظیم اعجابي بشخصكم الكريم .

الأعظميه ٢ تشرين الثاني ١٩٤٤
المخلص معروف الرصافي

**********

رسالة مظهر الشاوي الى معروف الرصافي في ٢٠ / ١٠ / ١٩٤٤ من معتقل العمارة حيث كان هناك بسبب مشاركته في حركة مايس التحررية ١٩٤١

بسم الله الرحمن الرحيم
الاستاذ الكبير معروف الرصافي المحترم.
تحية كشارقة الضحى وسلام كألق الشمس يتنزلان عليك بكرة وأصيلا وبعد. فقد شق على أخيك الذي يكن لك أنبل عواطف الاخلاص ما صرت اليه في الايام الاخيرة بعد تنكر الدهر لك وثقل المرض عليك وأسفت ان يحول عدم معرفتي بما تعانيه - كما يشهد الله - بيني وبين القيام على رعايتك والعناية بك ولقد اقدمت على ارسال خمسين دينارا اليك بتاريخ ٨ الجاري وانا متهيب خشاة ان يثور اباؤك ولكن حبى لك واكباري لنفسك الكريمة السمحة شجعاني على الامل بان اظفر بتنازلك بقبولها. منشور في مجلة (الأديب) البيروتية بعددها الصادر في أيلول وفيه وصف للحال الذي انت فيه مع مقطوعتين من شعرك الرائع النفيس الغالي الذي عودت ان تقرع به اسماعنا فاهتاجت لواعج الحزن في قلبي واضطرمت نار الالم بين جوانحي وكبر علي (ان) تألف على الايام المخمصة وان يتساوى لديك النعم والبؤس. وها انا اتقدم مرة اخرى وليست اخيرة من أخي وأستاذي بمبلغ مائة دينار، متمنيا على الله ان يكلأ صحته الغالية بعنايته ويرعاه بلطفه راجيا منه قبولها مع العلم اني قطعت على نفسي عهـدا ان اجري عليه مرتبا شهريا قدره اربعون) دينارا) يتقاضاه مني مدى الجياة. ولئن كانت الحكومة قد حرمتك النيابة عن الأمة فإن لك من مكانتك الحقيقية التي تتمتع بها في قلوب الذيم يقدرون شرفك وعظيم نفسك وكريم سجاياك ما يغنيك عن كل نيابة زائفة او عينية مصطنعة وان لك من رزق اخيك الحلال الوافر الذي يقاسمك اياه راضيا مغتبطا فخورا ما يزهدك في كل مرتب اخر سواه
‎أخي اذا كانت الارسالية الأولى التي بعثتها اليك لم تصلك الا مؤخرا فما ذلك الا لصعوبة الارسال في غير طريق البريد فأرجو المعذرة وتقبل مني مزيد الاحترام. ٢٠ / ١٠ / ١٩٤٤م اخوكم مظهر الشاوي ملحوظة: في بحر هذا الاسبوع يصل اخي معروف كسوة كاملة تليق به عساها ملبوس العافية ارجو التنزل بقبولها.
العلم عوفي اذ عوفيت والنبل
وزال عنك الى اعدائك البؤس
‎القصيدة التي ألفها معروف الرصافي في شكر مظهر
‎اليك يامظهر الشاوي مغلفة
‎فيها الثناء كالدر في الصدف
‎تأتيك تحمل اجلالا وتكرمه
‎من شاعر شاكر بالصدق متصف
‎ما ان تفوه من كذب ولا ملق
‎ولا تمدح عن عجب و لا صلف
‎ياخير ذي نسب بالنبل متشحا
‎بالمجد مؤتزر بالفخر ملتحف
‎وصار عيشي بما أوليتني رغدا
‎وكان من قبل رهن البؤس والشظف
‎يبن الذين اقاموا في مواطنهم
‎للمجد صرحا منيفا عالي الشرف
‎قد خلفوك لعالي مجدهم خلفا
‎لله درك ما اعلاك من خلف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى