لقاء مع الشّاعرِ السّوري مصطفى الحاج حسين.. حاورته: د. سوسن إبراهيم

� هو شاعر وقاص سوري الجنسيّة عربيّ الهوية، اكتشف موهبته في سن المراهقة كتب وابدع وله عدّة دوواين وروايات نال العديد من الجوائز والكريمات، إنّه الشّاعر السّوري


> السّؤال الأوّل :
بطاقة تعريفية عن شخصيتك بشكل عام ودراستك.
>> جواب عن السّؤال الأوّل :
- عامل بناء.. حرمت من التعليم قبل إنهاء المرحلة الابتدائية.. من عائلة كثيرة العدد، فقيرة، وغير مثقفة، وسط بيئة متخلفة، ومدينة متشّدّدة.. كنتُ شقيّاً وعنيفاً وعدوانيا.. لكن بعد أن إنتقلنا إلى مدينة حلب، وبدأ الوعي بالتشكل عندي، ودخلت مرحلة القراءة عن طريق الجرائد والمجلات والكتب، بدأت أتغيّر وأتحوّل إلى إنسان مهذّب، لكنه ظلّ شديد الإنفعال والإثارة والغضب والتّمرد والتّهور والإندفاع.

> السّؤال الثّاني :
كيف بدأت شاعرنا حياته الادبية ولمن كتبت اول قصيدة.
>> جواب عن السّؤال الثاني :
- كنتُ أتخيَّل شكلّ الشاعر، على أنّه يشبه شكلّ الملائكة.. أو العمالقة.. لكنّي حين رأيت شخصاً مريضاً ونحيلاً وعاديا، إنسانا مثلنا من لحم ودم.. تشجَّعتُ وتجرّأتُ وهرعتُ لأكتب أول قصيدة لي.. وكانت تقليداً للشاعر الكبير ( نزار قبّاني ) ووجدْتُ من يشجّعني ويدفعني للمثابرة والإستمرار
والنّهل من الثّقافة.

> السّؤال الثّالث :
من هم الشّعراء الّذين تأثرتَ بهم قديم وجديد .
>> جواب عن السّؤال الثّالث :
- ( نزار قبّاني ) أوَّلاً ، ثمّ ( محمود درويش ) ، و( محمد الماغوط ) ،و (بدر شاكر السّيّاب ) .. وغيرهم كثر .

> السّؤال الرْابع :
هل تفضل الكتابة النّثريه أم القصيدة العاموديّة والتّفعيلة والبحر .
>> جواب عن السُّؤالِ الرّابع :
- أميل لكتابة قصيّدة ( النثر ) التي قمت بتغيّر اسمها ، حتى أوقف الجدل بيني وبين من يحتجُّ على تسمية قصيدة النثر ، وصرت أوقّع قصيدتي باسم ( أحاسيس )، وأنا وجدت تسمية ( أحاسيس) أقوى وأعمق وأصدق تسمية من كلمة ( شعر ) مع أنّ الشعر هو الشعر كيفما كتب ، على طريقة ( العمودي ) ، و( التّفعيلي ) ، وقصيدة ( النثر ) .. المهم توفّر الموهبة عند من يكتب، والصّدق، والإحساس، واللغة الجديدة، والصّورة المبتكرة.. لذلك أقول كان ( أمرؤ القيس ) شاعراً، و( المتنبّي ) أيضاً شاعراً، و( بدر شاكر السّيّاب ) أيضاً شاعراً، و ( محمد الماغوط ) أيضاً شاعراً، و ( رياض صالح الحسين ) مثلهم أيضاً شاعراً، وهذا لانّهم كانوا يملكون الموهبة الأصيلة ، لا لأنّ الواحد منهم ، كتب على الطريقة التقليديّة.. كلّ أسلوب له زمنه الذي يصلح له، ويساعده ليعبّر عن هذا الزمان .

> السّؤال الخامس :
من أين يبدأ الإبداع في الكتابة، من الفكرة.. ام من اختيار المفردة، او بالصياغة الكاملة .
>> جواب عن السّؤال الخامس :
- يبدأ الإبداع من صدق التّجاوب والتّجارب، مع ما يحدث ويحسّ ويعاني المبدع، وتكون اللغة مفتاح المبدع للدخول إلى عالم الإبداع الواسع، والصّياغة هي من تفصح على أهمّية ومكانة هذا الشاعر المبدع.

> السّؤال السّادس :
مارأيك في تجريد الشّعر من أي مضمون ، وقطع علاقته مع الخارج ومع المتلقّي .
>> جواب عن السّؤال السّادس :
- لا يمكن.. حتى ( الصّمت ) لا يمكن أن نجرّده من المضمون،( فللصمت مضمون عميق ) وعلاقات قويّة مع الخارج والدّاخل ، أو المتلقّي.. فكيف للشعر ، والشعر يحتوي على عصارة واختلاجات الرّوح ، وهو مسبار القلق، والهواجس، والأحلام والرؤية .

> السّؤال السّابع :
هل تسلّل الشّعر الى النّص السّردي وصار جزء من مكوناته .
>> جواب عن السّؤال السّابع :
- نعم .. الأجناس الأدبيّة فتحت أبوابها ، لجميع أنواع الأجناس الأدبيّة،
وكان هذا وبشكّل عام، لصالح الأجناس الأدبيّة ، فكما تسلّل الشّعر إلى النّص السّردي ، كذلك تسلّل السْرد إلى الشّعر، والمسّرح ، والفن التّشكيلي .. وفي هذا عافية وتطوّر ، ولكن بشرط جودة الإبداع ، وعمق الرؤى .

> السّؤال الثّامن :
ما رأيك فيمن يرى أن النقد العربي مازال متخلفاً، لأنّه يستورد نظريّاته النقديّة من الخارج .
>> جواب عن السّؤال الثّامن :
- لو لم ننفتح على الثّقافات الغربيّة والعالمية ، لكان مفهومنا عن دور الأدب مازال ، مجرّد ، مديح ، وهجاء ، وتفاخر ، و رثاء ، وندب ، ومواعظ ،
وأنا أدعو للإنفتاح ، بشكل أكبر وأعمق.

> السّؤال التّاسع :
هل انت مؤمن بمقولة ان الشّعر العمودي او التّفعيلة انتهى زمانهم واليوم نعيش في زمن الرّواية والقصّة..؟.
>> جواب عن السّؤال التّاسع :
- نحن اليوم نعيش ، في زمن ( قصيدة النثر ).. ككتّابٍ وكقرّاءٍ، لهذا النّوع من الكتابة ، فهم الأكثر والأغلب
والأوسع ، والسّبب لا يعود إلى أنّ قصيدة ( النّثر ) هي الأكثر أهمّيّة وضرورة وحاجة ، بل لأنّها الأبسط والأسهل.. وكذلك تكتب بأقل وقت من القصّة والرّواية ، وأيضاً ممكن أن تكون قراءتها أسرع وأقوى ، كوننا نعيش في عصر السّرعة وتكون عادة أقصر ، وأقلّ في عدد المفردات.. هناك العديد من الكتّاب والقراء يرتعبون من حجم وعدد مفردات القصّة القصيرة ، فما بالكِ من حجم وعدد مفردات الرّواية ، فنحن في عصر ( التّكتكِ ) والسّخافة والتّفاهة واللعب والتّسلية.

> السّؤال العاشر :
هل تؤمن بما يسمّونه بـصراع الأجيال وكيف تنظر اليوم لكلا الجيلين..؟ وهل التْواصل الاجتماعيّ استفاد منه الشّاعر أو الاديب العربيّ..؟
>> جواب عن السّؤال العاشر :
- صراع الأجيال، شيء حتميّ وضروريّ ، وهام ، وحضاريّ ، يتواكب مع إزدهار المعرفة، والتّطور والتّقدّم.. ولولاه، لبقيّ الإنسان، حتّى الآن يعيش داخل الكهوف ، ويأكل اللحم النّيّء.
كان عليّ أن أتمرّد على الّذين جاؤوا قبليّ ، ليتمرّد عليّ من سيأتي بعدي.. هكذا هي سنّة الحياة ، ومن لا يفعل ويحتجّ يكون متخلّفاً ويقف ضدّ الحياة .
لكنّ الصّراع يجب أن يقوم، على أساس المحبة ، والتقدير والاحترام ، لا على أساس المعاداة ، والكره والإحتقار .
والتّواصل الإجتماعي، قدر ما أفاد التطوّر والتّقدم والرقيّ والإزدهار، أضرّ ، وأساء ، وهدّم ، ودمّر ، وشوّه، وشتّت ، وضيّيع ، نسبة كبيرة من الناس .. كلّ حسب وعيه وثقافه .

> السّؤال الحادي عشر :
كيف نتعامل مع أدب المرأة المعاصرة وهل نالت استحقاقها الأدبيّ والأعلاميّ كما يليق بها ؟.
>> جواب عن السؤال الحادي عشر :
- للأسف الشّديد .. مازالت عندنا المرأة مكمومة الرّوح ، والفم ، والحلم ، وربَّما كانت المرأة ، المعاصرة ، أكثر حرّيّة في البوح ، والقول ، والتّعبير ، من المرأة ، التي عاشت في زمن العصر الجاهلي .. رغم محبّتي وإعجابي بالشّاعر ( نزار قباني ) إلّا إنّي كنتُ أحتجّ ، بقوة ، أن يبادر ويعبر عنها بدلاً عنها ، إذ لا يمكن أن يعبر الرجل ، عن المرأة ، فكيف أن يعبر عن داخلها ؟!.. وقلبها ، وروحها ، أحلامها ، وتطلّعاتها؟!.. إنّه أمر مضحك مبكي .. هل يفهم الرّجل المرأة ؟!.. ليبادر ويتحدّث بلسانها .. لا.. بل إنّ الرّجل ما زال يجهل معظم أدغال المرأة ، مهما إدّعى أنها حبيبته ، وأمّه ، وأخته، وصديقته ، وابنته ، وزميلته ، وملهمته ، ومنافسته، وشريكته .
ومنذ أن أحسّ الرّجل أنّ الأنثى ، أكثر منه قدرة ، على الصبر ، والعمل ، والتّفوق في سائر المجالات ، غير القوّة العضليّة والقدرة على القتل .. هرع ليتآمر عليها ، ويقمعها ، ويمنع عنها الكلام والتّعبير ، والمرأة تفوق الرّجل ، بالقدرة على التّعبير،والحُلُمُ والإحساس
بجماليّة اللغة ، والموسيقى ، والفن ، بشكل عام .
أقول هذا بصراحة ، وبدون خجل، لأنّي أعتزّ بأمّي، وجدّتي، وأختي ، وزوجتي، وابنتي ، وحفيداتي ، وصديقاتي .
ولكن ومع هذا ، نجد اليوم ، وخاصة بعصر التّواصل الإجتماعي ، أنّ المرأة ما زالت سلعة للإغراء والتجارة..
وكثيرات للأسف الشّديد، هنّ سعيدات بهذا ، وراضيات.. ويعتمدن على مفاتن الجسد، لينلنّ، الإعجابات، والإعترافات، على نتاجهنّ الأدبيّ .. فأين المستوى الأدبيٍ والإبداعي، من ( ميّ زيادة ) ومن ( نازك الملائكة ) ومن ( غادة السّمّانِ ) ومن ( سنيّة الصّالح )؟؟!!.

> السّؤال الثّاني عشر :
لماذا تعتبر المرأة اكبر الهام عند الشّعراء..؟ واين نجد اليوم الوطن في كتاباتكَ الشّعرية والأدبيْة شاعرنا العزيز ..؟
>> جواب عن السّؤال الثّاني عشر :
- ألمرأة بوّابةِ الوطن ، فمن لا حبيبة له في وطنه ، أشكُّ بانتمائه لوطنه ، فهو بلا جذور ، وبلا جذع ، ولا يمكن له أن ينهض ، ويمتدّ ويثمر ..كلّ عاشق هو مؤكّد يكون عاشقاً لوطنه ، هذه عندي من البدهيّات والأوّليات .. وأنا أحبّ وطني جداً ، لأنَّ عندي حبيبة ، غالية وعزيزة وفاتنة ، داخل هذا الوطن ، ولأجلها سأعود ذات يوم ، ولأجلها أحاربُ ، وأقاتل ، وأدافع ، وأضحّي وأموت.. فمن أجلها ولها ، أكتب وأبدع، وأنتِ من الصعب أن تفرّقي ، لمن أنا أنادي ، وأخاطب ، وأشكو ، وأحنّ ، وأتغنّى ، للحبيبة أم للوطن ، الأمور تتداخل حتّى عليّ أنا .. ومن لا تلهمه المرأة ، لن يلهمه الوطن ، مهما كان الوطن عظيماً جميلاً .. لأنَّ المرأة أجمل وأحلى ، وأروع ، وأهم ، من الورد ، وأيّ شيء في الدّنيا .

> السّؤال الثّالث عشر :
هل القصيدة قلعة الشّاعر الدّائمة؟ يحتمي فيها وبها، من عواصف الحزن والاغتراب والشّجن، أم نافذة يطلّ منها على خصوصيّاته السّرية والحميميّة؟ ا.
>> جواب عن السّؤال الثّالث عشر :
إنّها تجمع الحالتين معاً، فالقصيدة فعلاً قلعة دائمة ، يحتميْ بها الشّاعر ، من عواصف الحزن والاغتراب والشّجن ..
وهي أيضاً ، نافذة يطلّ منها الشّاعر ، على خصوصيّاته ، السّريّة والحميميّة.

> السؤال الرّابع عشر، والأخير ..
في نهاية هذه الأمسيّة الشّيقة والجميلة.. ماذا يحب أن يضيف شاعرنا العزيز، إلى منتدى البيان للشعر والنّثر والأدب العربيّ ..؟.
>> جواب السّؤال الرّابع عشر، والأخير :
- أنا أشكركِ جداً ( دكتورة سوسن إبراهيم ) على جمال وروعة هذه الأسئلة، التي قدّمت لي فرصة، على تحفيز أفكاري، والتحدّث عنها ببساطة و تجرد.. والشّكر كلّ الشّكر لإدارة، ( منتدى البيان للشعر والنثر والأدب العربيّ ) ولكلْ من شارك ، وتابعنا وقرأ هذا الحوار في أيّ وقت .


حاورتهُ :
الدّكتورة والأديبة( سوسن إبراهيم )


*******

مصطفى الحاج حسين .
المنتصر .. *
أحاسيس : مصطفى الحاج حسين.

أوافقُ على موتي
مقابلَ
أن ألمسَ قبلتَكِ
ستكونُ نهايتي سعيدةً
ستحسدُني عذاباتي
التي طالما لازمتْني
وتغبطُني دموعي السوداءُ
وتفرحُ قصائدي
وتزغردُ أحرفُها التعيسةُ
سأُقْدِم على الموتِ ببطولةٍ
بحجمِ أشواقي
بسعةِ لهفتي
بجسارةِ حنيني
وسأقبِّلُ أنوارَكِ بِحُرقةٍ
وأعانقُ عطرَكِ بجنونٍ
سأحضنُ أنفاسَكِ بقوَّةٍ
وأضمُّ نبضَكِ إلى عطشي
وبسمتَكِ إلى روحي
وصمتَكِ إلى براكينِ لُغتي
سيغارُ منِّي الموتُ
ويضحكُ لي القبرُ
حين يتراءى له نعشي
فوق أكتافِ الغيومِ
تتقدَّم جنازتي
أسرابُ الفراشاتِ الحالمة.

مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول




سوسن.jpg


لقاء.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى