متى سيأتي دورك أيها القارئ العربيّ لتصبح لاجئاً؟
مشكلتك تكمن في أنك تقرأ هذا المقال، وهذا يعني أنك عربيّ، وبالتالي فأنت ترقد على بركانٍ خامد وسينفجر بأية لحظة من تحتك، أو أنّ الأرض ستميد من تحتك بزلزالٍ طبيعيّ، أو أنّ حرب داحس والغبراء ستطالك بغبارها، فتنقلب طاولتك وتتبعثر أوراقك، وتشدّ الرّحال وتطلب الرحيل.
إلى أين؟ لست أدري
لأنك بالأساس لاجئٌ في وطنك، وقد يكون ذلك مجرّد شعور فقط ناجم عن إحساسك بالغربة بين مواطنيك.
ولأنك بالأساس من البدو الرحّل، وتحنُّ مورّثاتك للعصر الجاهليّ
إذن لا عجب بأن ترحل، على الجمال أو البعير أو بالسيارات الصفراء أو بزوارق الموت، لا مشكلة، سيأتي دورك كي ترحل، إنها مسألة وقت فقط.
ليس بقصد الماء والمرعى والوجه الحسن كأجدادك العظماء، بل هرباً من السلب والنهب والسبي والقتل الجماعي والحروب العبثية.
ولماذا يقتلونك؟
لا لشيء إلا لأنّ دورك قد حان كي ترحل
ومن الذي يقتلك ويهجّرك، ولماذا؟
أهم أعداؤك الأقوياء الأذكياء؟ أم أبناء جلدتك الأتقياء؟
لا يهمّ، ولا فرق، يجب أن ترحل وتلجأ من جديد لوطنٍ جديد، ولماذا؟
لا لشيء، وليست مؤامرة كونية، لكنك أيها العربي يجب أن تعيش على المساعدات، ويجب أن تدعمك المنظمات الإنسانية التي خُلقت من أجلك، هذا بالرغم من أن بلادك غنية بالكلأ ورحمها مترفٌ بالكنوز.
ولماذا نكون نحن العرب مستهدفين؟
لا لشيء، إلا لكي تكتب الشعر أيها العربيّ الأبيّ، بدءاً من الوقوف على الأطلال كمطلعٍ متفقٍ عليه للقصيدة العصماء. ثم تصبح مهاجراً، فيلد من رحم وجدانك الخصب ما يُسمّى بالأدب المهجريّ.
إنّ ما يجري لك أيها العربي هو فقط تحريضٌ لعاطفتك وتخريشٌ لعقلك الباطن، كي تبكي أولاً وتحرق أعصابك، ثم تكتب الأشعار التي سيعلّقونها كالمعلّقات، ليس في سوق عكاظ بل على شاهدتك، التي تشهد لك بالويل والثبور وعظائم الأمور.
سيأتيك الدور، بدءأ من اللجوء الفلسطيني الذي أصبح منسيّاً، ومروراً باللجوء اللبناني والسوري والليبي والسوداني الآن. فيقول لك نزار قباني، الآن الآن وليس غداً، أجراس العودة فلتقرع!
هه هه وبعض اللاجئين لا يريدون العودة، هل تصدّق ذلك؟ لأنّ عملية اللجوء لم تكتمل بعد، والمخاض ما يزال مستمرّاً.
لا تحزن، إنها فقط عملية خلط للأوراق، كي يعبر العرب الحدود الممنوعة، لا لشيء، إلا لكي يعودوا لسُكنى الخيام التي يحنّون لها، ثم يلتحفون الليل المخيف وتلفحهم الشمس ويعضّهم برد الليل ويقرضهم الجوع الكافر. إنه مولد القصيدة العربية التي تفاخَرَ بها جبران عندما افترش الأرض والتحف بالسماء، ثم سألك أيها العربي، هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب، والعناقيد تدلّت كثريات الذهب، زاهداً في ما سيأتي، ناسياً ما قد مضى، أعطني النايَ وغنّي، إنها إذن أغنية ويجب أن تغنّيها مع جوقة اللاجئين.
هناك أدبٌ عربيٌّ جديد هو أدب اللجوء المُخزي!
هيا ارحل من هنا، فالحرب الدائرة تأمرك بأن تنجو بنفسك وبنيك.
هيا اهرب، قبل أن يطالك الويل، وقد أهرب قبلك قبل أن أكمل ما أكتبه!
لا .. لا تكمل مقالتك، فقد يكون ما أكتبه جريمة إلكترونية، وإن أبديت إعجاباً بما تقرأ فستكون متّهماً أيضاً، بمعاداة السامية، والشيوعية والليبرالية والإسلاموية والسفسطائية والديمقراطية المركزية والطائفية، والزمخشرية الإنكشارية.
لقد دبّ النفير، واستنفر ناكرٌ ونكير، فإلى أين ستذهب وبئس المصير، وامتدت ألسنة السعير إلى هاوية الشفير، فاهتزّ السرير.
وما أجمل اهتزاز السرير على موسيقى الحب!
وبعدها سيهدأ الاهتزاز، ويحلّ الطنين من فرط نشوة الحنين وهول الأنين.
إنها ليلة الخميس الموعود، وموسيقى الحب مسموعة الآن في كل الخيام المتجاورة في مخيم اللجوء، وسيلد أطفال المخيمات، وما أحلاهم، حفاةً عراةً منكوشي الشعر، وسيركضون كأطفال بني عبس بين الخيام المرصوفة والمتراصّة، وسيكتبون الشعر ويتغنّون به بين المضارب الدولية التي تحمل شعار هيئة الأمم المتحدة، وتحت رايات المنظمات الحقوقية العالمية.
وعندها ستُضاف إلى ديوان العرب أدبيات جديدة عن فن اللجوء العربي الذي يندى له الجبين.
ومدّت اللاجئة الجميلة ليلى ناظرها عبر سجف الخيمة، فرأت اللاجئ قيس غارقاً في شاشة هاتفه الذكي فتبادلا الإعجابات الإلكترونية، وتواصلا عبر مواقع التواصل المفتوحة، وتناشدا الأشعار وتبادلا النوادر، وكانا من عربين مختلفين، لكنّ مخيم اللجوء كان لهما جامعاً.
مباركٌ عليكم أيها العرب أدب اللجوء الحديث والمستحدث، والذي سيُدرّس في جامعاتكم كفرع جديد، وما سيتلوه من مزيد.
مشكلتك تكمن في أنك تقرأ هذا المقال، وهذا يعني أنك عربيّ، وبالتالي فأنت ترقد على بركانٍ خامد وسينفجر بأية لحظة من تحتك، أو أنّ الأرض ستميد من تحتك بزلزالٍ طبيعيّ، أو أنّ حرب داحس والغبراء ستطالك بغبارها، فتنقلب طاولتك وتتبعثر أوراقك، وتشدّ الرّحال وتطلب الرحيل.
إلى أين؟ لست أدري
لأنك بالأساس لاجئٌ في وطنك، وقد يكون ذلك مجرّد شعور فقط ناجم عن إحساسك بالغربة بين مواطنيك.
ولأنك بالأساس من البدو الرحّل، وتحنُّ مورّثاتك للعصر الجاهليّ
إذن لا عجب بأن ترحل، على الجمال أو البعير أو بالسيارات الصفراء أو بزوارق الموت، لا مشكلة، سيأتي دورك كي ترحل، إنها مسألة وقت فقط.
ليس بقصد الماء والمرعى والوجه الحسن كأجدادك العظماء، بل هرباً من السلب والنهب والسبي والقتل الجماعي والحروب العبثية.
ولماذا يقتلونك؟
لا لشيء إلا لأنّ دورك قد حان كي ترحل
ومن الذي يقتلك ويهجّرك، ولماذا؟
أهم أعداؤك الأقوياء الأذكياء؟ أم أبناء جلدتك الأتقياء؟
لا يهمّ، ولا فرق، يجب أن ترحل وتلجأ من جديد لوطنٍ جديد، ولماذا؟
لا لشيء، وليست مؤامرة كونية، لكنك أيها العربي يجب أن تعيش على المساعدات، ويجب أن تدعمك المنظمات الإنسانية التي خُلقت من أجلك، هذا بالرغم من أن بلادك غنية بالكلأ ورحمها مترفٌ بالكنوز.
ولماذا نكون نحن العرب مستهدفين؟
لا لشيء، إلا لكي تكتب الشعر أيها العربيّ الأبيّ، بدءاً من الوقوف على الأطلال كمطلعٍ متفقٍ عليه للقصيدة العصماء. ثم تصبح مهاجراً، فيلد من رحم وجدانك الخصب ما يُسمّى بالأدب المهجريّ.
إنّ ما يجري لك أيها العربي هو فقط تحريضٌ لعاطفتك وتخريشٌ لعقلك الباطن، كي تبكي أولاً وتحرق أعصابك، ثم تكتب الأشعار التي سيعلّقونها كالمعلّقات، ليس في سوق عكاظ بل على شاهدتك، التي تشهد لك بالويل والثبور وعظائم الأمور.
سيأتيك الدور، بدءأ من اللجوء الفلسطيني الذي أصبح منسيّاً، ومروراً باللجوء اللبناني والسوري والليبي والسوداني الآن. فيقول لك نزار قباني، الآن الآن وليس غداً، أجراس العودة فلتقرع!
هه هه وبعض اللاجئين لا يريدون العودة، هل تصدّق ذلك؟ لأنّ عملية اللجوء لم تكتمل بعد، والمخاض ما يزال مستمرّاً.
لا تحزن، إنها فقط عملية خلط للأوراق، كي يعبر العرب الحدود الممنوعة، لا لشيء، إلا لكي يعودوا لسُكنى الخيام التي يحنّون لها، ثم يلتحفون الليل المخيف وتلفحهم الشمس ويعضّهم برد الليل ويقرضهم الجوع الكافر. إنه مولد القصيدة العربية التي تفاخَرَ بها جبران عندما افترش الأرض والتحف بالسماء، ثم سألك أيها العربي، هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب، والعناقيد تدلّت كثريات الذهب، زاهداً في ما سيأتي، ناسياً ما قد مضى، أعطني النايَ وغنّي، إنها إذن أغنية ويجب أن تغنّيها مع جوقة اللاجئين.
هناك أدبٌ عربيٌّ جديد هو أدب اللجوء المُخزي!
هيا ارحل من هنا، فالحرب الدائرة تأمرك بأن تنجو بنفسك وبنيك.
هيا اهرب، قبل أن يطالك الويل، وقد أهرب قبلك قبل أن أكمل ما أكتبه!
لا .. لا تكمل مقالتك، فقد يكون ما أكتبه جريمة إلكترونية، وإن أبديت إعجاباً بما تقرأ فستكون متّهماً أيضاً، بمعاداة السامية، والشيوعية والليبرالية والإسلاموية والسفسطائية والديمقراطية المركزية والطائفية، والزمخشرية الإنكشارية.
لقد دبّ النفير، واستنفر ناكرٌ ونكير، فإلى أين ستذهب وبئس المصير، وامتدت ألسنة السعير إلى هاوية الشفير، فاهتزّ السرير.
وما أجمل اهتزاز السرير على موسيقى الحب!
وبعدها سيهدأ الاهتزاز، ويحلّ الطنين من فرط نشوة الحنين وهول الأنين.
إنها ليلة الخميس الموعود، وموسيقى الحب مسموعة الآن في كل الخيام المتجاورة في مخيم اللجوء، وسيلد أطفال المخيمات، وما أحلاهم، حفاةً عراةً منكوشي الشعر، وسيركضون كأطفال بني عبس بين الخيام المرصوفة والمتراصّة، وسيكتبون الشعر ويتغنّون به بين المضارب الدولية التي تحمل شعار هيئة الأمم المتحدة، وتحت رايات المنظمات الحقوقية العالمية.
وعندها ستُضاف إلى ديوان العرب أدبيات جديدة عن فن اللجوء العربي الذي يندى له الجبين.
ومدّت اللاجئة الجميلة ليلى ناظرها عبر سجف الخيمة، فرأت اللاجئ قيس غارقاً في شاشة هاتفه الذكي فتبادلا الإعجابات الإلكترونية، وتواصلا عبر مواقع التواصل المفتوحة، وتناشدا الأشعار وتبادلا النوادر، وكانا من عربين مختلفين، لكنّ مخيم اللجوء كان لهما جامعاً.
مباركٌ عليكم أيها العرب أدب اللجوء الحديث والمستحدث، والذي سيُدرّس في جامعاتكم كفرع جديد، وما سيتلوه من مزيد.