مصطفى نصر - أوجه التشابه بين الصهيونية والإخوان

في التعبيرات الإسرائيلية الشعرية يري اليهود إن الرب قد اتخذ من أمتهم عشيقة له, ثم تزوجها زواجا أبديا؛ حتى إنها إذا خانته ودنست شرف العلاقة بينهما, لم يطلقها – كما يفعل أي مخلوق من البشر – لكنه يكتفي بأن يغضب ثم يرضى, وأن يعاتب ثم يصفح, فهي الأمة الحبيبة المعشوقة المدللة التي تعلم – مقدما – أن الرب لن يجرؤ يوما على قتلها مهما أجرمت) 1 ( واعتبر اليهود أنهم شعب الله المختار، هم وحدهم على حق، والباقي في هذا العالم على خطأ، وهم وحدهم الذين سيدخلون الجنة، والباقي لا.
وقد حكت الإعلامية لميس جابر للكابتن شوبير في برنامجه التلفزيوني، إنها شاهدت لقاءً للقائد الإخواني صبحي صالح في قناة دريم، قالت فيه المذيعة له:
- أنتم متهمون بالتجارة في الدين.
فقال في بساطة شديدة: وفيها إيه، صاحب الدين عاجبه كده.
فظنت المذيعة إنه يقصد الشعب، لكنه أكد لها بأن ربنا عاجبه كده. يعني يتاجروا في الدين، أو يفعلوا ما يفعلوه، فهم أفضل من اليهود، المقربون إلى الله، الذي سيغفر لهم كل ما يفعلونه.
ويقول سيد قطب في رسالته " أفراح الروح ": وحين نعتزل الناس لأننا أطهر منهم روحا وأطيب منهم قلباً وأرحب منهم نفساً وأذكى منهم عقلاً لا نكون قد صنعنا شيئا كبيرا ... لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبيل وأقلها مؤونة!! إن العظمة الحقيقية أن نخالط هؤلاء الناس مشبعين بروح السماحة والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع!!
بين هرتزل مؤسس الصهيونية وحسن البنا مؤسس الإخوان.
ولد ثيودور هرتزل في عام 1860 بمدينة بودابست، وعمل بالصحافة، وفي 17 يونيو 1895 انتهى من كتابة كتاب دولة اليهود. ونشره في عام 1896 وقد حدد في هذا الكتاب غايات الصهيونية العالمية، والرغبة في بناء وطن قومي لليهود ودعا إلى عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية بين 29 و31 أغسطس 1897 وتم انتخاب هرتزل رئيسا للمنظمة الصهيونية العالمية. وكان سببا في قيام دولة إسرائيل عام 1947.
وولد حسن البنا مؤسس الإخوان في 14 أكتوبر 1904 بمدينة المحمودية التابعة لمحافظة البحيرة، فعمل مدرساً في مدينة الإسماعيلية عام 1927 وفي عام 1928 ألغي مصطفى كمال أتاتورك الخلافة العثمانية الإسلامية، فثار بعض المتـعصبين، وأعلنوا أن الإسلام لا يكتمل إلا بالخلافة، وبحثوا عمن يقوم بهذا الدور، فحاول البعض أن يجعل الملك فؤاد - ملك مصر في ذلك الوقت - خليفة للمسلمين، لكن حسن البنا أحس بأنه الأحق، فأنشأ جماعة الإخوان المسلمين في نفس العام، وانتشرت دعوته بشكل أقلق الحكام، فتم نقله إلي مدينة قنا بقرار إداري عام 1941. وترك مهنة التدريس في عام 1946 وتفرغ لإدارة جريدة الشهاب التي يعلن فيها أفكار جماعته. واغتيل في 12 فبراير عام 1949.
نقاط أخرى تجمع بين اليهود والإخوان.
1 – من المعروف أن الصهوينة العالمية بدأت بمباركة من الإنجليز التي رأت أن زرع إسرئيل في فلسطين سيمكن الإنجليز من السيطرة على منطقة الشرق الأوسط بأكملها، وقد نشأت جماعة الإخوان الإنجليز بتحريض من بريطانيا بعد إلغاء الخلافة الإسلامية في تركيا في عام 1928. وتوطدت هذه العلاقة وتصاعدت واكتمل نموها في عام 1941، في أوج الحرب العالمية الثانية، حيث تريد إنجلترا المجتمع المصري مجتمعا هادئا لا يجنح للخلاف والمعارضات، وهذا لا يأتي إلا بوجود حكومة لديها رصيد كبير من التأييد الشعبي، وهذا لا يتوفر إلا لحزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين. وإصرار المندوب السامي البريطاني في تعيين النحاس رئيسا للوزراء عقب حادث 4 فبراير 1942 الشهير، كان يصحبه اتصالات بين أمين عثمان رجل الإنجليز وحسن البنا مرشد الإخوان. ثم تحريض الإنجليز للإخوان لعدم التعاون مع عبد الناصر عقب نجاح ثورة يوليو 52، وباقي المواجهات بين عبد الناصر والإخوان.
2- هناك تشابه كبير بين أفكار اليهود وأفكار الإخوان، فاليهود يقتلون الفلسطينيين في كل وقت ولا يتحرك أحد، بينما إذا قُتل يهودي واحد على يد الفلسطينيين، تقوم الدنيا ولا تقعد، وترثيه أمريكا ومعظم دول أوربا، وتحدث حملة إعلامية كبيرة جدا، يعقبها هجوم بشع على الفلسطينيين، يقتل فيه الكثير. وهكذا يفعل الإخوان، فقد تابعنا صفوفهم الزاحفة في 5 ديسمبر 2012 نحو قصر الاتحادية المعتصم أمامه مجموعة من المعارضين، يفترشون الحدائق ويقيمون المخيمات، ويتسامرون مع قوات الشرطة التي ارتاحت لهم. هجمت جحافل الإخوان وشتتوهم، لدرجة أنهم لجأوا إلى شقق الجيران، فأخرجوهم بالقوة، وقتلوا من قُتل، وأصابوا البعض، وعذبوا الباقي علنا وعبر القنوات التليفزيونية، ثم ساقوهم بما جرى فيهم من جروح وآلام، وأودعوهم السجن، إلى أن أفرجت النيابة عنهم، لأنهم لم يخالفوا القانون. لكن عندما هاجم شباب الإخوان الذين ذهبوا للتعبير عن رأيهم بالرسم على الأسفلت في منطقة المقطم حيث مكتب الإرشاد الذي يديرون منه البلاد؛ أستطاع المتظاهرون رد هجومهم، وضربوا بعضهم، وقتها قامت الدنيا، وخرج أتباعهم من السلف لمحاصرة مدينة الإنتاج، لأن الإعلام لم ينقل للمشاهدين ما فعله المتظاهرين بالإخوان.
3- يعلن اليهود في كل وقت أنهم مضطهدون، ومن يدافع عن نفسه حيال ما يفعلونه؛ يتهمونه بمعاداة السامية، وكذلك الإخوان، يهاجمون في عنف من ينتقد فكرهم وأفعالهم، ويصرخون ويتهمونه بمعاداة الإسلام. فهم المقابل للإسلام، من أختلف معهم أختلف مع الإسلام، ومن هاجمهم هاجم الإسلام. يقتلون ويضربون المتظاهرين سلميا، ثم يختبئون في المساجد، فإذا حاصر المعتدى عليهم المسجد، صرخوا وأعلنوا إن المتظاهرين كفرة لأنهم يحاصرون المساجد. الغريب أن هذا يتكرر بعد كل هجوم، وكثيرا ما تأثر السلف بهذا، فينضمون إليهم، معلنين: " إلا مساجدنا " و" إلا مشياخنا ".
4– يختار اليهود في كل دول العالم التي يعيشون فيها أماكن خاصة بهم ، لها طابع خاص، تسمى " الجيتو" ويسمونها أهل البلاد " حارة اليهود "، ولهم مقاهيهم، وأنديتهم، وهذا ما يفعله الإخوان، يسكنون معا في أحياء معينة، ويتصاهرون، فلو تتبعت من يتولون حكم البلاد الآن، لوجدتهم أقارب، أو تجمعهم المصاهرة، فمرسي – رئيس البلاد – قريب للكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة، وقريب أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى,, إلخ.
5- عدد اليهود قليل لكن لديهم قدرة هائلة على الحشد، إشارات عبر الراديو والتليفزيون، فيتجمع اليهود ويحتشدوا، وكذلك الإخوان فالتعبئة العامة التي يقومون بها ثبت إنها أفضل من التعبئة العامة في دولة إسرائيل. ففي وقتنا الحالي؛ أُستحدثتْ طرق جديدة للتعبئة العامة، فهناك رسائل على التليفونات الجوالة، ورسائل إلكترونية تدعو المتعاطفين مع الإخوان، وخاصة الشباب بالتجمع في المكان الفلاني، حيث تنتظر السيارات، ولديهم عناصر مدربة على سرعة الجمع، وكشوف سريعة يكتب فيها أسماء المشتركين في التأييد، وصرف المكافآت لهم.
6- عامل الأوربيون اليهود في قسوة، وتم قهرهم على يد هتلر، فانتقم اليهود من العرب الذين أحسنوا معاملتهم طوال معايشتهم لهم، وقد أصطدم الإخوان – لسوء تصرفهم ولفكرهم الإرهابي البغيض مع كل النظم والحكومات منذ الملكية وحتى حكم مبارك، وعندما تولوا الحكم انتقموا من الشعب المصري كله الذي لم يسيء إليهم. كما كان يحدث في الورش المصرية، الأسطى يضرب صبيه في عنف، فعندما يكبر الصبي ويصبح أسطى؛ يفعل في صبيه ما فعله به معلمه من قبل.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - د. حسن ظاظا – الشخصية الإسرائيلية – مجلة عالم الفكر – العدد الرابع – مارس 1980(

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى