د. محمد عباس محمد عرابي - أثر العمالة المنزلية على تربية الأطفال في ضوء الدراسات الميدانية المعاصرة

لقد تأثرت الأسرة في مجتمعاتنا العربية بالتغيرات والتحولات الاقتصادية والاجتماعية، ونتيجة لهذه التغيرات تأثرت الأسرة في مجتمعاتنا، واحتاجت إلى من يساعدها في شؤون البيت، وأدى هذا إلى استقدام العمالة المنزلية.

ولقد أثر هذا الاستقدام على تربية الأطفال وتنشئتهم اجتماعيا ولغويا؛ حيث نلاحظ ضعف في تعلم النطق السليم، واكتساب قيم وعادات مغايرة لآداب وقيم مجتمعاتنا.

وبدراسة بعض الحالات التي يتعرض لها الأطفال للأذى والإهمال؛ سوف نجد أن السبب غياب دور الأم والأب، فالأم عليها ألا تنتظر من الخادمة أن ترعى أطفالها بالصورة التي تحقق نموهم بصحة نفسية وجسدية وتربوية، ولا نتفاجأ حين نرى السلوكيات السلبية تنمو مع أطفالها يوماً بعد يوم حتى تتجذر ويصعب علاجها، فالأم هي المحور الرئيسي والأب هو المكمل لهذا الدور».

التأثيرات السلبية للخادمات على الأطفال:

هناك العديد من التأثيرات السلبية للخادمات على الأطفال منها على سبيل المثال:

*تشير الدراسات التربوية إلى أن الطفل الذي يقضي معظم وقته مع الخادمة (المربية) يتأثر سلبا في شعوره بالاستقرار النفسي والطمأنينة، وحرمان الطفل من حنان الأم.

*تسهم الخادمات في إكساب الأطفال أنماطا سلوكية جديدة غير مرغوب فيها؛ نتيجة لاختلاف بيئة الخادمة عن بيئة الطفل، فضلا عن اكتساب الأطفال لأنماط سلوكية جديدة، قد يكون من غير المسموح أن يعرفها الأطفال في هذا السن المبكر، ولكن يتعلم الطفل مثل هذه السلوكيات عن طريق احتكاكه بالخادمة.

* يشكل وجود الخادمات بالبيت عبئاً نفسياً على الأطفال، حيث يتعرض الطفل لمشكلات نفسية نتيجة غياب الوالدين عنه وعن متطلباته واحتياجاته، بجانب شعور الطفل في كثير من الأحيان بعدم الاطمئنان والشعور بالذنب، فهو يجلس كثيرا وحده مع الخادمة وقد تترسب لديه أشياء بالعقل الباطن ويحتفظ بها ولا يخبر والديه عنها. مما يترتب عليه احتمالية تعرض الطفل لانحرافات سلوكية في المستقبل في حالة تراكم الإحباطات والمواقف المؤلمة مع الخادمات. كما أن قد يتعرض الطفل للإيذاء بدني نتيجة لضرب الخادمة له عند رفض الانصياع لأوامر الخادمة. (1)

وكشفت بعض الدراسات أن الأطفال يقلدون الخدم بنسبة 22%في النظافة وطريقة الكلام، ونوع الطعام، والتعبير عن الغضب، وقد صدرت دراسة المعهد العربي للتخطيط أن 60%من الأطفال يتأثرون بالمربيات في القيم والعادات والأنماط والسلوك. (2)

وفي ضوء دراسة أجريت في دولة الإمارات الشقيقة بعنوان «أثر الاستعانة بالعمالة الوافدة في المنازل على التنشئة الاجتماعية للأطفال» -أشار لها سلامة الكتبي في مقال له منشور بصحيفة الإمارات اليوم-كشفت النتائج أن:

* "نحو 32.5% كانوا أكثر تعلقاً بالخادمة من الأم، كما جاءت نتائج الدراسة لتؤكد أن 40% من العينة يرون أن أطفالهم صاروا يفتقدون حنان الأم جراء غيابها عن البيت فترات متفاوتة، فضلاً عن إشكاليات ضعف المستوى اللغوي، الذي أشار إليه 49.8% من العينة.

* نحو 25% من المشاركين في الدراسة يرون أن استخدامهم العمالة المنزلية جعل أطفالهم أكثر «عرضة للتحرش الجنسي»، فيما أفصح نحو 29.5% من العينة عن تعرض الطفل «لاضطراب وخلل في المعتقدات والعبادات»، حيث إن هذه الإشكالية من أهم المشكلات التربوية والدينية والأخلاقية الناتجة عن وجود الخادمة المنزلية الوافدة، لما تمثله من تأثير في الدين والعقيدة، فيما أبدى نحو 31% من أفراد العينة «تعرض أطفالهم للعنف المنزلي من قبل العاملات المنزليات».(3)

* ونتيجة لغياب الأسرة المتواصل عن المنزل، يرى 31.4% من العينة أن تفرد العاملة المنزلية بالطفل أدى إلى «خلل في عملية التنشئة الاجتماعية والأخلاقية» لدى الأطفال، فيما أكد نحو 38.3% من العينة «تأثر الأطفال بعادات وقيم سلبية» بعيدة عن القيم المجتمعية، ما انعكس سلباً على تربية الطفل سلوكياً وأخلاقياً.

*كيفية الوقاية من التأثيرات السلبية للخادمات على الأطفال:

وللوقاية من التأثيرات السلبية للخادمات على الأطفال -إن كانت الحاجة ماسة لاستقدام العمالة المنزلية - لابد من استقدام العمالة المؤهلة والمدربة علميًا على تربية الأطفال(المربية )وفق الأسس التربوية والنفسية السليمة في تربية الأطفال ،مع المتابعة والتوجيه لها أولا بأول .

يجب أن نعلم أن الخادمات مساعدات للأعمال المنزلية فقط، أما التربية فهي مسؤولية الأم التي يجب أن تلقن أطفالها أصول الدين والعادات والتقاليد، خاصة أن العديد من الخادمات لديهن خلفيات ثقافية بعيدة عن مجتمعاتنا العربية، لافتاً إلى أن وظيفة المرأة كأم من أخطر الوظائف لأنها مسؤولة عن تربية النشء وتخريج رجال وفتيات لديهم القدرة والمقومات للحياة السليمة بدون انحراف

*ضرورة تنفيذ برامج توعية لأفراد المجتمع والأسر بأهمية عناية الأهل بأطفالهم والتقرب منهم قدر الإمكان، وعدم الاتكالية الكاملة على عمال المنازل، واتباع أساليب تربوية من شأنها حماية أطفالهم من التأثيرات السلبية لتعامل الطفل مع العمالة المنزلية التي يجب أن يقتصر دورها على الأعمال المنزلية بعيدة الصلة عن الطفل. (4)

المراجع : اعتمد البحث في الإحصائيات والنتائج والتوصيات على الدراسات التالية :

بيت بلا شغالة (تجارب ناجحة )، الرياض ،دار الحضارة ،1428هـ

المعرفة خطر الخادمات على تنشئة الاطفال

سلامة الكتبي – الشارقة، صحيفة الإمارات اليوم :

«اجتماعية الشارقة» تحذّر من تأثيرها السلبي على التنشئة السلوكية

01 أغسطس 2018


*جميلة إسماعيل وشيرين فاروق، دعوة لتركيز الرقابة على العمالة المنزلية وعدم الإفراط في الثقة بها تربية الخادمات للأبناء. أمومة مزيّفة صحيفة البيان ،29 مارس 2021م



(1) ينظر: *جميلة إسماعيل وشيرين فاروق، دعوة لتركيز الرقابة على العمالة المنزلية وعدم الإفراط في الثقة بها. تربية الخادمات للأبناء. أمومة مزيّفة، صحيفة البيان ،29 مارس 2021م

(2) ينظر: بيت بلا شغالة (تجارب ناجحة)، الرياض، دار الحضارة ،1428هـ، ص50، ص39

(3) ينظر: سلامة الكتبي – الشارقة، صحيفة الإمارات اليوم: «اجتماعية الشارقة» تحذّر من تأثيرها السلبي على التنشئة السلوكية 01 أغسطس 2018


(4) ينظر: سلامة الكتبي – الشارقة، صحيفة الإمارات اليوم: «اجتماعية الشارقة» تحذّر من تأثيرها السلبي على التنشئة السلوكية 01 أغسطس 2018

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى