ليس لعينيها البريئتين الهادئتين القدرة على مقاومة النعاس الذي بدأ ينشر رائحته ويتغلغل في اوردتهما . بينما استسلمت دميتها القطنية في حجرها الى نوم يكاد يكون بلا نهاية . اغرقتها امها بنظرات حانية اشعرتها بالأمان الذي أكد حضوره على قسمات وجهها المفعم بالطمأنينة المختلطة بعفوية طلاوتها الممزوجة بأريج طفولتها .طبعت قبلتها المعتادة على جبينها المصقول ، وخطرت ببالها ليلة وداع والد طفلتها ، يوم اقتادوه بالرغم عنه الى جهة لم تعرفها لحد هذه اللحظة .
سبقتها دمعتها الى الدمية المتراخية ،فاخظلت ولكنها شطرت حمرة خدها المواجه للضوء الخافت الى شطرين متعرجين ، فبدت كنهر يمخره زورق نزق ، بعدها امطرتها بوابل من الدموع الساخنة ، التي غيرت ملامح دميتها، وعرجت على حاجبيها فنشرت صبغته على باقي وجهها ، لم تكن الأم تشعر ، باختلاط الألوان على مساحة واسعة من وجهها ،فاختفت ملامحه بالكامل ، وما أن شعرت بالرطوبة تمتد إلى خدها الملاصق للدمية؛ رفعت رأسها ، وهالها المنظر ، فراحت تحدث نفسها وهي تهئ الأعذار لأبنتها ، ماذا ستقول لها وبأي الكلمات ستعتذر لها ، وكيف ستقنعها بالخراب الذي عم وجه دميتها الأثيرة الى نفسها ؟
المحلات مقفلة ، والشوارع مزدحمة بشاحنات العسكريين المدججين بالسلاح من اجل منع الناس من التجوال ، وإلا لخرجت وابتاعت لها دمية أخرى ، وهي تعلم إن ابنتها لن تفرط بها مهما كلف الأمر ولن تستبدلها باخرى، فهي هديتها من والدها ،قبل اسبوع من غيابه، وطالما سمعتها تناجي دميتها المستسلمة دائما ً لدفء حجرها المفعم بالحنان ، وهي تقول لها ( لو عاد أبي سأطلب منه أن يبتاع لك ثوبا ً أجمل من هذا الذي ترتدينه).
نظرت الأم الى ابنتها بانكسار اججته حسراتها بسعير تعلقها بذكرياتها.تراجعت منكسرة ، وهي تتمنى أن لاتنعتها ابنتها بالأهمال وعدم محافظتها على التذكار الذي تركه لها والدها.
تركتها وتوجهت الى الصالة لتنفرد بنفسها وتبحث عن عذر تقبله ابنتها وتقتنع به ، بالرغم من احساسها بأنها سوف لن تسامحها على فعلتها هذه .
اصاخت السمع الى ازيز اطلاقات متفرقة وبعدها سمعت دويا ً هائلا ً هز البيت ، وحطم زجاج النوافذ واخترقت شظاياه الغرف والممرات ، فما كان منها سوى أن تهرع الى ابنتها، وجدتها مصبوغة بدمها وشظية زجاجة عالقة بوريد رقبتها، انكبت فوقها . حملتها بين يديها ، وضمتها الى صدرها وشعرت بشئ في داخلها يخبرها بأن ابنتها اسلمت روحها . قلـّبتها بين يديها ، هالتها الصدمة ،هرعت إلى الصالة نظرت الى الأفق من خلال بقايا زجاج الشبابيك ؛ علـّها تجد من تستنجد به، فرأتها تلوح لها بدميتها وهي تبتسم،ثم اخذها والدها في الأحضان ،و سمعته يقول لها :( لقد وصلت الأمانة يا حبيتي ) .
2007
سبقتها دمعتها الى الدمية المتراخية ،فاخظلت ولكنها شطرت حمرة خدها المواجه للضوء الخافت الى شطرين متعرجين ، فبدت كنهر يمخره زورق نزق ، بعدها امطرتها بوابل من الدموع الساخنة ، التي غيرت ملامح دميتها، وعرجت على حاجبيها فنشرت صبغته على باقي وجهها ، لم تكن الأم تشعر ، باختلاط الألوان على مساحة واسعة من وجهها ،فاختفت ملامحه بالكامل ، وما أن شعرت بالرطوبة تمتد إلى خدها الملاصق للدمية؛ رفعت رأسها ، وهالها المنظر ، فراحت تحدث نفسها وهي تهئ الأعذار لأبنتها ، ماذا ستقول لها وبأي الكلمات ستعتذر لها ، وكيف ستقنعها بالخراب الذي عم وجه دميتها الأثيرة الى نفسها ؟
المحلات مقفلة ، والشوارع مزدحمة بشاحنات العسكريين المدججين بالسلاح من اجل منع الناس من التجوال ، وإلا لخرجت وابتاعت لها دمية أخرى ، وهي تعلم إن ابنتها لن تفرط بها مهما كلف الأمر ولن تستبدلها باخرى، فهي هديتها من والدها ،قبل اسبوع من غيابه، وطالما سمعتها تناجي دميتها المستسلمة دائما ً لدفء حجرها المفعم بالحنان ، وهي تقول لها ( لو عاد أبي سأطلب منه أن يبتاع لك ثوبا ً أجمل من هذا الذي ترتدينه).
نظرت الأم الى ابنتها بانكسار اججته حسراتها بسعير تعلقها بذكرياتها.تراجعت منكسرة ، وهي تتمنى أن لاتنعتها ابنتها بالأهمال وعدم محافظتها على التذكار الذي تركه لها والدها.
تركتها وتوجهت الى الصالة لتنفرد بنفسها وتبحث عن عذر تقبله ابنتها وتقتنع به ، بالرغم من احساسها بأنها سوف لن تسامحها على فعلتها هذه .
اصاخت السمع الى ازيز اطلاقات متفرقة وبعدها سمعت دويا ً هائلا ً هز البيت ، وحطم زجاج النوافذ واخترقت شظاياه الغرف والممرات ، فما كان منها سوى أن تهرع الى ابنتها، وجدتها مصبوغة بدمها وشظية زجاجة عالقة بوريد رقبتها، انكبت فوقها . حملتها بين يديها ، وضمتها الى صدرها وشعرت بشئ في داخلها يخبرها بأن ابنتها اسلمت روحها . قلـّبتها بين يديها ، هالتها الصدمة ،هرعت إلى الصالة نظرت الى الأفق من خلال بقايا زجاج الشبابيك ؛ علـّها تجد من تستنجد به، فرأتها تلوح لها بدميتها وهي تبتسم،ثم اخذها والدها في الأحضان ،و سمعته يقول لها :( لقد وصلت الأمانة يا حبيتي ) .
2007