خالد جهاد - الأحياء والأموات

اعتاد الكثيرون على سماع مقولة (الحي أبقى من الميت) والتي يعتبرها البعض نوعاً من أنواع المواساة، إلاّ أن هذه الكلمات باتت في كثير من الأحيان مرادفاً لمزيد من الإنغماس في النسيان والبحث المستمر عن المادة وما يقابلها من (استفادات) دون الإلتفات إلى قيمة ما فقدناه ونفقده أو ما نحن على وشك أن نفقده، وفي هذا الزمن التي بات فيه الصراع على المادة وقشور الحياة في أوجه يصبح للذكرى أهمية قصوى وحضور أكبر وقيمة أعمق وسط حالة التخلي شبه الجماعية عن كل ما هو جميل وأصيل ونبيل، وكل ما ينبغي ألا ننساه، وفي هذا التوقيت الذي تعيش فيه الكثير من بلادنا حالة وجعٍ غير مسبوقة يتم تجاهلها والتعامي عنها كما يحدث الآن في فلسطين المحتلة (على سبيل المثال لا الحصر) نذكر أنه وحتى مطلع هذا القرن كان البعض من الوجوه المعروفة في العديد من المجالات يبني شهرته من خلال الظهور والحديث عن قضيتها التي كانت آنذاك (تريند)، لتتحول اليوم إلى نوع مختلف من (الشهرة) المبنية على (الأخبار الشخصية والتحدث عن سر جمالها واطلالتها واستعراض ممتلكاتها) والظهور لكن مع (تريند) مختلف، في تكريس لنموذج الأموات الذين لا زالوا على قيد الحياة والذين يذكرنا سلوكهم بضرورة ووجوب تذكر من رحلوا ولا زالوا يعيشون في قلوبنا تماماً كما تعيش الوقائع التي كانوا أبطالها كي لا تدفعنا (حياتهم) إلى نسيان قيمة الحياة الحقيقية ومعانيها..

فقد تبدو بعض العبارات صادمةً إذا ما صرحنا بها علناً لكننا نعيش في توقيت تعيش فيه العاطفة والفطرة الإنسانية انتكاسةً عظيمة اذا ما قورن البشر بباقي المخلوقات، وذلك بفعل النمط الذي تعيشه وتفكيرها الذي بات منحسراً في المصالح الشخصية والإهتمامات السطحية المحصورة في الشهرة وحب الظهور دون معنى أو سبب والتي عززها وساعد على انتشارها مواقع التواصل الإجتماعي، مما يؤكد أن الكثير من الأموات هم الأحياء فعلياً بما قدموه من أعمال وقيم وفكر وإرث محترم علينا استذكاره وتعلم الحياة منه فهم رغم رحيلهم لا يعرفون الموت..

خالد جهاد..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى