د. السيد الجميلى - لماذا كان الطـــواف والســـعى سبعـــا؟

الحج من أهم الشعائر الاسلامية فإن القلوب تتشوق والأرواح تنزع الى القبلة إلى البيت الحرام الذى ببكة مباركا وهو أول بيت وضع للناس وأول بيت مبارك بنص القرآن الكريم.
وعلى الرغم مما يحتريه الحج من تكاليف ومشقات إلا إنه من أحب الأفعال إلى قلب المؤمن فقلوب المؤمنين على اختلاف هوياتهم ومشاربهم وفي كل أرجاء المسكونة متعلقة بأداء هذه الفريضة لأجل زيارة بيت الله الحرام.
ولما كان الطواف حول الكعبة سبعا أي سبعة أشواط وكذلك السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط أيضا فلابد من وجود سر أو لغز في تحديد هذا الرقم.
ويقول د. السيد الجميلي - المفكر الإسلامي المعروف - إن رقم «7» عند العرب مفاده ومؤداه أحد مقصودين :
المقصد الأول : إما أن يكون العدد الحسابي على سبيل الحصر فلا يجوز أن يكون ثمانية ولا تسعة.
المقصد الثاني : أن يكون القصد من السبعة التكرار للرقم في صورة متوالية عددية تكرارية لا نهائية.
ولما كانت العبادات توقيفية أى محاكاة المشروع في الأداء حرفيا لقول رسول الله ﷺ في الحديث الصحيح «خذوا عنى مناسككم» وقوله أيضا «صلوا كما رأيتمونى أصلى».
ولما كان ذلك فلا يجوز بحال الزيادة أو النقصان عما أداه رسول الله ﷺ وإلا يبطل الأداء ولا يجزى بحال فالطواف سبعة هو المسنون فى الشريعة ولكن الثواب أضعاف أضعاف هذا الرقم وكما كانت رحمة الله قد وسعت كل شئ فإن رحمته ولطفه وجوده حاشاه أن يكون محدودا بنهاية فعطاؤه لعباده المؤمنين المخلصين يوازي كرمه الذى لا نهاية له.
ومما هو جدير بالذكر وينضوي تحت المقصد الثاني ان الرقم «7» هو آخر الاعداد الحسابية عند العرب ثم يبدأون مرة أخرى من الثمانية أعدادا جديدة بدليل قوله تعالى في سورة الكهف {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الآية ۲۲] فقال النحاة هذه واو الثمانية لان العدد عند العرب يبدأ من جديد عند الثمانية وينتهى عند السابعة والتضعيف لا يكون إلا مع العدد سبعة ومشتقاته وقد قال تعالى في شأن المنافقين موجها خطابه للنبي ﷺ {إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة ۸۰] ففهمها رسول الله ﷺ انها السبعون العددية.
فقال سبحانه وتعالى في سورة المنافقون في [الآية ٦] ‏{‏سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ‏ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} فكان مفاد هذا النص إنها ليست السبعين العددية المحصورة فى الرقم الحسابي لكنها المقصود بها الغاية التي لا نهاية لها.
لذلك فإنك أيها المؤمن بطوافك الأشواط السبعة أو بسعيك بين الصفا والمروة سبعة أشواط فهى وإن كانت أشواطا سبعة في الأداء إلا إنك بهذا الأداء تكون تعرضت للنفحات الإلهية والفيوضات الربانية بما لا نهاية له من رضوان الله واذا كان العطاء بقدر إمكان المعطى فما بالك بعطاء الرب غير المحدود في جوده وكرمه.

* من كتاب "الإعجاز العددى فى القرآن الكريم" تأليف أبى الرائد الأول فى هذا العلم سماحة العالم الموسوعى الجليل الدكتور السيد الجميلى رحمه الله رحمة واسعة 🤲
اللهم تقبل من أبى صلاته، وصيامه لك، وسائر طاعاته، وصالح أعماله، وأثقل بها ميزانه يوم القيامة، وثبِّته على الصراط يوم تزل الأقدام، واجعله من الفائزين، وأسكِنه في أعلى الجنات في جوار نبيِّك ومصطفاك ﷺ .. يا رب العالمين.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى