كنت أريد أن اكتب شيئا عن " مدحت باشا " ذلك لأنني اعيش حاليا في المدينة التي سقط رأسه فيها ( تعبير سقط غير ملائم لولادة الانسان ) ، ولكن لماذا مدحت باشا ؟ربما لانه أول أسم غريب على سمعي وأنا في عمر الست سنوات في مدينة الناصرية التي ولدت فيها جنوب العراق، لقد عشت مرحلة صباي الى العاشرة من عمري في هذه المدينة قبل انتقالنا الى بغداد، لقد وضعت الرجل، اي مدحت افندي ، نعم انا وضعته عبر عين خيالي ، على تلة صغيرة قرب محطة القطار وهو يراقب وينظر الى مساكن الفقراء من ابناء هذه المدينة وهي تعانق ضفتي نهر الفرات ، هل كان حقا يريد أن يبني - كما يقول التاريخ مدينة عظيمة - كلا طبعا، انها عظيمة قبل أن يأتيها الرجل ، لكنه الشعور بالغرور والنرجسية فقط هما الدافعان للكثير من التصرفات البشرية ، ادعو دارسي علم الاجتماع الى تتبع " ظواهر النرجسية" لدى الكثير من الرجال والنساء في التاريخ ، ليفهموا أن غاية الوجود لديهم، ليس خدمة الناس كما يزعمون ، بل حبهم لذواتهم فقط، لايمكن معرفة دوافع السلوك البشري، إذا ما تصفحت التاريخ جيدا وقرأت ما بين السطور ، أنت ترى الان عبر منصات التواصل الاجتماعي ، كيف يهرج المهرجون للترويج عن ذواتهم ، أحدهم أضحكني كثيرا، لانه نشر قصصا وروايات ( مسلوقة ) دعته الى وصف نفسه بالاسطورة في صفحته، يا لسخف النرجسية، حين تصل بنا الى هذه التعمية على الحقائق، احداهن تقول عن نفسها ، بعد أن برّزت نهديها في صورة فوتغرافية مغرية، تقول على صفحتها ( اني ضايجة ) فيتهافت عليها 17 الف لايك اعجاب خلال ساعة واحدة، أتابع أحدهم ، ما إن ينشر مقطعا " شعريا " الا ويرفق معه صورته " المحبوبة " وهو يرتدي قميصا جديدا ، أنا مسكون بعوالم النرجسية ، تفضح بعض الذوات عشقهم لانفسهم الى حد المرض والهوس والجنون ، اعود الى مدحت باشا ، بسبب مراقبتي اليومية للناس هنا من احفاد مدحت باشا.. أقول بصراحة أن نرجسية هذا الرجل افادت بانتاج بناء خطوط خدمات ومدارس لمدينة عظيمة مثل الناصرية .. لا أريد أن أطيل بمنشوري، حتى لا اتسبب بملل قراء الفيسبوك ، ها انذا طفحت لدي النرجسية أيضا ههههههه ، ولكنني احاول تخفيفها .. اقول لا اريد الاطالة وللبحث صلة عميقة لشخص اسمه مدحت باشا اعيش في بلدته الصغيرة التي ولد فيها .