كنت أُراقبة من نافذة سيارتي..مَضهَرُهُ لَفتَ انتباهي ، بلحيتهِ التي قاربت ان تكون بلون واحد وهو الابيض ، وجبهته المعفرة تزيدة هيبة ، ولكن ماذا يصنع في حيٍّ كهذا الحي المشبوه..؟؟
هذا مايجب ان اعرفه..ركنتُ سيارتي بسرعة ، واسرعتُ بحذرٍ الى حيث ذَهَبَ ، انا الذي اعرف جيدا من يسكن هنا ومن يدخل ومن يخرج ومتى يدخل ومتى يخرج لأني من رواد هذا الحي المشبوه ،
صرت خلفه بعشرين أو نَيّفٍ وعشرين مترا ، وانا اقول في قرارة نفسي ايُ البيوتات سيختار ،
واخيراً اختار البيت..!!
بيت أُمُ حميد العجوز العمياء..! دفع الباب الخشبي القديم وكاد ا يكسرهُ من شدة القوة التي دفعه بها ،وكأنه يعلم جيداً من يسكنُ في هذه الدار..!!
قلتُ بصوت اسمعه انا فقط
خسارة كنت اظنه زبون جديد لهذا الحي ولكنه احد المؤمنين القلائل الذي يساعدون الفقراء اين ماكانوا.. ولكن لماذا يدفع الباب هكذا..؟
زاد الفضول في داخلي واحببت ان اعرف اكثر ماذا يريد وكم اعطى للعجوز ، انتهت سيكارتي الاولى ، والثانية ، ونصفٌ من الثالثة ، وهنا خرج ولكن خرج بغير صورته التي دخل بها ، خرجَ وقد نزعَ ما في وجهه من اثار للرحمة والايمان..!!
تركتهُ يبتعد واقتربتُ من الدار ، طرقت الباب بلطف ، ولا جواب ، طرقته بطريقة اعنف ، فجاء الجواب..
-أُحْمَيّد ولدي هل نسيت كلمة اخيرة لم تقلها لأمكَ المسكينة وعدت لتلقيها عليها..؟؟
دفعت الباب بهدوء وقلت لها
-لا ياجدتي انا شاب واريد ان جلس معك لبعض الوقت
-ولكن يابني ليس عندي ماتبحثُ عنه ، فأنا عجوز ولايوجد عندي فتيات بعمرك..!
لا ياجدتي انا اعلم هذا ، ولكن جئتُ اسألكِ من هذا الرجل الذي كان عندكِ الان..؟؟
-تقصد ((أُحْمَيّد)) ،هذا ولدي الاكبر فلذة كبدي
– وماذا كانَ يُريدُ منكِ
تلعثَمَتْ قليلا قبل ان تُجيب
– لا لا كان يسأل عن حالي فقط..!
– لا ياجدتي ارجوكِ اخبريني بالحقيقة..
– يا بني ارجوك اذا كنت احد رجالهِ فدعني وشأني ولا طاقه لي بتحمل ضربه الموجعُ لي فأنا عجوز وعضامي لا تتحمل يده الخشنة عندما يضربني وكأنه يتصارعُ مع رجلٍ بقوتهِ.!!
اندهشت من كلامها وكيف ان هذا الرجل يضرب امه العجوز بهذه الطريقة فحاولت ان أُطمئنها قليلاً
– لا ياجدتي صدقيني لست من رجاله ولا اعرفه ولكن لفت انتباهي تصرفه حين دفع الباب بقوة وخرج وهو غاضب..
نزلت على خدها المجعد دمعة وعندما لم تستطع السيطرة عليها اطلقت العنان لما تبقى من دموع في عينيها وقالت
– حسناً.. هذا هو ابني الاكبر ((أُحْمَيّد)) وقد رشح في الانتخابات ، وهو يريدني ان اموت قبل الانتخابات لكي لا اجلب له العار عندما يفوز ، وفي كل اسبوع كان يأتي املاً ان يراني قد فارقت الحياة ليرتاح مني وفي كل مـــرة يُسمِعُني كلام يقتلني فيه الف مـــــرة ، واحيانا يضربني بقـــــــــوة ، وانا ادعو الله ان يريح قلب ولدي ((أُحْمَيّد)) ويأخذ الله روحي..،،
زاد وضع ام حميد سوءأً مع كل كلمه تقولها وصارت تتنفس بصعوبة ، اخذتُ رأسها و وضعته في حجري وسألتها عن عنوان ((أُحْمَيّد)) ابنها فأجابت..
– ((أُحْمَيّد)) يسكن في بيت ملاصق لجامع المدينة وهو يقضي كل اوقاته في الجامع فهو من الذين يحبون الله..!!
شعرت ان روحها تخرج مع كل كلمة تقولها فأشفقت عليه وجرت دمعةٌ مني ولكن قبل ان تسقط عليها صعدت روحها الى السماء فسقطت دمعتي على خد العجوز البارد ،
خرجت وانا اكفكف ماتبقى في عيني من دموع ، وقررت ان اقابل هذا الرجل الغليظ ((أُحْمَيّد))
تَوَجهَتُ الى الجامع وكانت الشمس قد استسلمت للحظاتها الاخيرة وها قدحان موعد اذان المغرب. ،
انتظرت الى ان انتهى امام الجامع من صلاة الجماعة والتي كان في صفها الاول يتقدم ((أُحْمَيّد)) وبُعَيد الانتهاء ، نُصِبَ لـ ((أُحْمَيّد)) منبراً ليلقي على الحاضرين برنامجه الانتخابي
وتفاجأت بأن اول فقرة من برنامجه هي
هدم ذلك الحيُّ المشبوه وبناء دور خاصة بأعضاء حزبه الذين سوف ينتخبونه..!!
وبناء جامع وسط الحي ايضا خاص بحزبه فقط!!
هنا لم امتلك نفسي وفارت اعصابي ووقفت بين الحاضرين وناديته بصوتٍ واضح
– ((أُحْمَيّد)) … ((أُحْمَيّد)) قبل ان تبني لأعضاء حزبك دور وجوامع لا تنسى ان تبني قبراً يليقُ بأمكَ العجوز العمياء التي ربتك وجعلتك تكون رجلاً وتقف امام هؤلاء السذّج لتقنعهم بزيف تَدَيّنكَ ومكرك…
حمد عبدالله المياحي – بغداد
* عن الزمان
هذا مايجب ان اعرفه..ركنتُ سيارتي بسرعة ، واسرعتُ بحذرٍ الى حيث ذَهَبَ ، انا الذي اعرف جيدا من يسكن هنا ومن يدخل ومن يخرج ومتى يدخل ومتى يخرج لأني من رواد هذا الحي المشبوه ،
صرت خلفه بعشرين أو نَيّفٍ وعشرين مترا ، وانا اقول في قرارة نفسي ايُ البيوتات سيختار ،
واخيراً اختار البيت..!!
بيت أُمُ حميد العجوز العمياء..! دفع الباب الخشبي القديم وكاد ا يكسرهُ من شدة القوة التي دفعه بها ،وكأنه يعلم جيداً من يسكنُ في هذه الدار..!!
قلتُ بصوت اسمعه انا فقط
خسارة كنت اظنه زبون جديد لهذا الحي ولكنه احد المؤمنين القلائل الذي يساعدون الفقراء اين ماكانوا.. ولكن لماذا يدفع الباب هكذا..؟
زاد الفضول في داخلي واحببت ان اعرف اكثر ماذا يريد وكم اعطى للعجوز ، انتهت سيكارتي الاولى ، والثانية ، ونصفٌ من الثالثة ، وهنا خرج ولكن خرج بغير صورته التي دخل بها ، خرجَ وقد نزعَ ما في وجهه من اثار للرحمة والايمان..!!
تركتهُ يبتعد واقتربتُ من الدار ، طرقت الباب بلطف ، ولا جواب ، طرقته بطريقة اعنف ، فجاء الجواب..
-أُحْمَيّد ولدي هل نسيت كلمة اخيرة لم تقلها لأمكَ المسكينة وعدت لتلقيها عليها..؟؟
دفعت الباب بهدوء وقلت لها
-لا ياجدتي انا شاب واريد ان جلس معك لبعض الوقت
-ولكن يابني ليس عندي ماتبحثُ عنه ، فأنا عجوز ولايوجد عندي فتيات بعمرك..!
لا ياجدتي انا اعلم هذا ، ولكن جئتُ اسألكِ من هذا الرجل الذي كان عندكِ الان..؟؟
-تقصد ((أُحْمَيّد)) ،هذا ولدي الاكبر فلذة كبدي
– وماذا كانَ يُريدُ منكِ
تلعثَمَتْ قليلا قبل ان تُجيب
– لا لا كان يسأل عن حالي فقط..!
– لا ياجدتي ارجوكِ اخبريني بالحقيقة..
– يا بني ارجوك اذا كنت احد رجالهِ فدعني وشأني ولا طاقه لي بتحمل ضربه الموجعُ لي فأنا عجوز وعضامي لا تتحمل يده الخشنة عندما يضربني وكأنه يتصارعُ مع رجلٍ بقوتهِ.!!
اندهشت من كلامها وكيف ان هذا الرجل يضرب امه العجوز بهذه الطريقة فحاولت ان أُطمئنها قليلاً
– لا ياجدتي صدقيني لست من رجاله ولا اعرفه ولكن لفت انتباهي تصرفه حين دفع الباب بقوة وخرج وهو غاضب..
نزلت على خدها المجعد دمعة وعندما لم تستطع السيطرة عليها اطلقت العنان لما تبقى من دموع في عينيها وقالت
– حسناً.. هذا هو ابني الاكبر ((أُحْمَيّد)) وقد رشح في الانتخابات ، وهو يريدني ان اموت قبل الانتخابات لكي لا اجلب له العار عندما يفوز ، وفي كل اسبوع كان يأتي املاً ان يراني قد فارقت الحياة ليرتاح مني وفي كل مـــرة يُسمِعُني كلام يقتلني فيه الف مـــــرة ، واحيانا يضربني بقـــــــــوة ، وانا ادعو الله ان يريح قلب ولدي ((أُحْمَيّد)) ويأخذ الله روحي..،،
زاد وضع ام حميد سوءأً مع كل كلمه تقولها وصارت تتنفس بصعوبة ، اخذتُ رأسها و وضعته في حجري وسألتها عن عنوان ((أُحْمَيّد)) ابنها فأجابت..
– ((أُحْمَيّد)) يسكن في بيت ملاصق لجامع المدينة وهو يقضي كل اوقاته في الجامع فهو من الذين يحبون الله..!!
شعرت ان روحها تخرج مع كل كلمة تقولها فأشفقت عليه وجرت دمعةٌ مني ولكن قبل ان تسقط عليها صعدت روحها الى السماء فسقطت دمعتي على خد العجوز البارد ،
خرجت وانا اكفكف ماتبقى في عيني من دموع ، وقررت ان اقابل هذا الرجل الغليظ ((أُحْمَيّد))
تَوَجهَتُ الى الجامع وكانت الشمس قد استسلمت للحظاتها الاخيرة وها قدحان موعد اذان المغرب. ،
انتظرت الى ان انتهى امام الجامع من صلاة الجماعة والتي كان في صفها الاول يتقدم ((أُحْمَيّد)) وبُعَيد الانتهاء ، نُصِبَ لـ ((أُحْمَيّد)) منبراً ليلقي على الحاضرين برنامجه الانتخابي
وتفاجأت بأن اول فقرة من برنامجه هي
هدم ذلك الحيُّ المشبوه وبناء دور خاصة بأعضاء حزبه الذين سوف ينتخبونه..!!
وبناء جامع وسط الحي ايضا خاص بحزبه فقط!!
هنا لم امتلك نفسي وفارت اعصابي ووقفت بين الحاضرين وناديته بصوتٍ واضح
– ((أُحْمَيّد)) … ((أُحْمَيّد)) قبل ان تبني لأعضاء حزبك دور وجوامع لا تنسى ان تبني قبراً يليقُ بأمكَ العجوز العمياء التي ربتك وجعلتك تكون رجلاً وتقف امام هؤلاء السذّج لتقنعهم بزيف تَدَيّنكَ ومكرك…
حمد عبدالله المياحي – بغداد
* عن الزمان