هذا شاعر مغربي عاش في النسيان، بعيدا عن سرادقات الولائم والمرق وأوهام الشعر، لا يكاد يعرفه أحد ولا يحتفظ له الديوان المغربي بشيء.. في زمن علا فيه زعيق المنابر على الاصوات الشريفة.
سمعت بهذا الاسم لاول مرة عن طريق القاص المغربي سي حاميد اليوسفي.. وما حكاه لي عن صداقتهما الممتدة في الزمان الي سبعينيات القرن الماضي بحاضرة ( البهجة).. وعنفوان الحركات اليسارية التي واجهت بالعمل السياسي والأدب بكل تلاوينه الممكنة، الوضع الكالح والمزري للواقع المغربي والعربي الناتج الموضوعي لانتفاضتي23 مارس1965 و 81 الشعبيتين، وهزيمة 1967، ومظاهرات الطلبة 68 بفرنسا، وحال المدرسة العمومية التي كانت سباقة الى تفجير الاوضاع المطالبة بالرخاء الاقتصادي والعدل المجتمعي وما تلاها..
في تلك الفترة تمرس الشاعر بأشعار سعيدة المنبهي ، وعبداللطيف اللعبي، وأحمد المجاطي، وعبدالله زريقة، وأحمد هناوي الشياظمي، ومحمد الإدريسي القيطوني، والزجال عبدالله الودان ورضوان أفندي، وأغاني ناس الغيوان، وجيل جيلالة، والشيخ إمام عيسى، ومارسيل خليفة وخالد الهبر ، في اتون تلك الاجواء المشحونة بالغضب الجماهيري والأدب الملتزم والأغنية الثورية، نما وترعرع الشاعر والزجال والمؤلف المسرحي عبدالعزيز حجاج الانسان والمناضل الطلاىعي الذي تشرب عشق الوطن في الاحياء والحومات والحواري العتيقة للمدينة الحمراء.. سليل الناس الفقراء والطبقات المسحوقة.. برغم يساره الاسري الواضح، ووضعه الاجتماعي المريح.. فقد طلق بسط العيش وبحبوحته التي وفرتها له أسرته، ورفض الادماج في الوظيفة العمومية داخل جهاز بيروقراطي يشتغل للولاء لصالح النظام. ليعانق أحزان البسطاء وقضاياهم المشروعة، مغنيا للحرية، مترنما بالكلمة الهادفة التي ابدع فيها اشعارا وازجالا ومسرحيات تصب كلها في عشق الوطن. وصدحت ببعضها حناجر مجموعات الاجيال الصاعدة يومئذ، قبل أن تتخرمه يد المنون وهو يتزاحف على سنينه الخمسين.. مخلفا مجموعة من الأشعار تناولت الحالة الوطنية والقضية الفلسطينية والوضع العربي، تكفل أصدقاؤه وشقيقته بجمعها واخراجها في إضمامة بعنوان (وطني) قدم لها الأستاذ محمد بوعابد، ولعل للعنوان له من الإسم نصيب، وأكثر من دلالة
يقول الشاعر في قصيدة وطني
[وطني سمتك على القلب
سمتك الأيادي الممنوعة
سنبلة سواعد
ومدن حنة
رغم قساوة التنكيل
وشهادة زور قاضي أبي زعبل
رغم هذا وذاك
ألف ... لا]
.......
....
[هذا الجيل القادم إليك يا وطني
من الأكواخ الفقيرة
يعلمني أنك عظيم وحبك عظيما
يا طاغي زدنا ظلما وتظلما
من قيدك نصنع السيف
أبدا لن نقولها
فامتلئ غضبا
ودحرج الرؤوس في قصرك طرية
هذا الأطلس يحبل أطفالا
غدا يسألونك قبل الحليب
عن الطاغي المعتدي]
بينما يقول في قصيدة توصية:
[من أرض العرعار والزيتون
من أرض النخيل والليمون
نناديكم
لا تجعلوا خصام الأحبة
يبلغ العداوة
لاتجعلوا لقيصر روما موطئا فينا
ولا احتفالا]
يقول عنه
المختار الافغيري
(من مواليد 1955
نشأ بين اسوار المدينة العتيقة في حومة سيدي عبدالعزيز التباع
بدأ حياته في الحركة النضالية التي اشاعها اليسار الجديد
حصل على الاجازة في العلوم السياسية سنة 1981
يلقبونه بشاعر فلسطين
غنت له مجموعة لمشاعل والوان عدة اعمال منها
الرفيق ,, حصاد الريح , غنائية الوطن ,, هذا الجيل القادم
الى غير ذلك من الاعمال
له ديوان جميل بعنوان (وطني) طبع بعد وفاته
كما يقول عنه الاستاد محمد بوعابد في تقديم ديوانه
"اول ما كتب باللسان المغربي الدارج وقد تناول في هذه الاشعار ما كان يمر به الواقع المغربي حينها من تحركات سياسية تروم اعلاء صوت الانسان المغربي البسيط وذلك بالتعبير عن مواقفه مما كان يعانيه من ظلم وجور وطغيان وكذلك بالافصاح عن مشاعره وارائه بصدد ما يجري ويدور حوله وطنيا وقوميا
هذا الجيل القادم إليك يا وطني، من الأكواخ الفقيرة، يعلمني أنك عظيم، وحبك عظيم.."
ووافاني الصديق القاص السي حاميد اليوسفي برسالة بطاقة تتضمن قصيدة للشاعر عبد العزيز حجاج يعود تاريخها إلى يوم 13 من شهر يناير 1984 كان قد استلمها حينما كان يشتغل بقرية بومالن دادس... وتحمل نبوءة شعرية لما وقع من أحداث اندلعت على بعد 5 أيام أو 6. وأطلقت عليها أسماء كثيرة أحداث 19 يناير 1984، وانتفاضة التلاميذ، وانتفاضة الجوع...
يقول فيها:
(أخي ورفيقي للفجر موعد مع رجالها
مراكش ضد الجفاف ضد التجزئة
***
مدينة، طفلة
حديثها، عسل وقذيفة
أودعت الجبل كل أسرارها الخفية
وقالت: إن كنت تعشق الجرأة فيا
فبدل الفجر مطرا
***
حين يزهر البارود
بعد خوف بعد سكون
تستسلم مراكش للفرح)
أجمل الشكر ازجيه لصديقي السي حاميد اليوسفي على مكرمته الثمينة التي ودني بها، فقد أهداني مشكورا نسخة من ديوانه (وطني) جمعه بعد رحيله، محبوه وأقاربه وشقيقته، وأشرفوا على طبعه، وقدم له الأستاذ محمد بوعابد،..
وما أجمل ان يهديك أحد الأصدقاء كتابا فتحتضنه بلهفة الصادي الظمآن ولوعة المشتاق، مخفورا بأطياف ذاكرة الطفولة
سمعت بهذا الاسم لاول مرة عن طريق القاص المغربي سي حاميد اليوسفي.. وما حكاه لي عن صداقتهما الممتدة في الزمان الي سبعينيات القرن الماضي بحاضرة ( البهجة).. وعنفوان الحركات اليسارية التي واجهت بالعمل السياسي والأدب بكل تلاوينه الممكنة، الوضع الكالح والمزري للواقع المغربي والعربي الناتج الموضوعي لانتفاضتي23 مارس1965 و 81 الشعبيتين، وهزيمة 1967، ومظاهرات الطلبة 68 بفرنسا، وحال المدرسة العمومية التي كانت سباقة الى تفجير الاوضاع المطالبة بالرخاء الاقتصادي والعدل المجتمعي وما تلاها..
في تلك الفترة تمرس الشاعر بأشعار سعيدة المنبهي ، وعبداللطيف اللعبي، وأحمد المجاطي، وعبدالله زريقة، وأحمد هناوي الشياظمي، ومحمد الإدريسي القيطوني، والزجال عبدالله الودان ورضوان أفندي، وأغاني ناس الغيوان، وجيل جيلالة، والشيخ إمام عيسى، ومارسيل خليفة وخالد الهبر ، في اتون تلك الاجواء المشحونة بالغضب الجماهيري والأدب الملتزم والأغنية الثورية، نما وترعرع الشاعر والزجال والمؤلف المسرحي عبدالعزيز حجاج الانسان والمناضل الطلاىعي الذي تشرب عشق الوطن في الاحياء والحومات والحواري العتيقة للمدينة الحمراء.. سليل الناس الفقراء والطبقات المسحوقة.. برغم يساره الاسري الواضح، ووضعه الاجتماعي المريح.. فقد طلق بسط العيش وبحبوحته التي وفرتها له أسرته، ورفض الادماج في الوظيفة العمومية داخل جهاز بيروقراطي يشتغل للولاء لصالح النظام. ليعانق أحزان البسطاء وقضاياهم المشروعة، مغنيا للحرية، مترنما بالكلمة الهادفة التي ابدع فيها اشعارا وازجالا ومسرحيات تصب كلها في عشق الوطن. وصدحت ببعضها حناجر مجموعات الاجيال الصاعدة يومئذ، قبل أن تتخرمه يد المنون وهو يتزاحف على سنينه الخمسين.. مخلفا مجموعة من الأشعار تناولت الحالة الوطنية والقضية الفلسطينية والوضع العربي، تكفل أصدقاؤه وشقيقته بجمعها واخراجها في إضمامة بعنوان (وطني) قدم لها الأستاذ محمد بوعابد، ولعل للعنوان له من الإسم نصيب، وأكثر من دلالة
يقول الشاعر في قصيدة وطني
[وطني سمتك على القلب
سمتك الأيادي الممنوعة
سنبلة سواعد
ومدن حنة
رغم قساوة التنكيل
وشهادة زور قاضي أبي زعبل
رغم هذا وذاك
ألف ... لا]
.......
....
[هذا الجيل القادم إليك يا وطني
من الأكواخ الفقيرة
يعلمني أنك عظيم وحبك عظيما
يا طاغي زدنا ظلما وتظلما
من قيدك نصنع السيف
أبدا لن نقولها
فامتلئ غضبا
ودحرج الرؤوس في قصرك طرية
هذا الأطلس يحبل أطفالا
غدا يسألونك قبل الحليب
عن الطاغي المعتدي]
بينما يقول في قصيدة توصية:
[من أرض العرعار والزيتون
من أرض النخيل والليمون
نناديكم
لا تجعلوا خصام الأحبة
يبلغ العداوة
لاتجعلوا لقيصر روما موطئا فينا
ولا احتفالا]
يقول عنه
المختار الافغيري
(من مواليد 1955
نشأ بين اسوار المدينة العتيقة في حومة سيدي عبدالعزيز التباع
بدأ حياته في الحركة النضالية التي اشاعها اليسار الجديد
حصل على الاجازة في العلوم السياسية سنة 1981
يلقبونه بشاعر فلسطين
غنت له مجموعة لمشاعل والوان عدة اعمال منها
الرفيق ,, حصاد الريح , غنائية الوطن ,, هذا الجيل القادم
الى غير ذلك من الاعمال
له ديوان جميل بعنوان (وطني) طبع بعد وفاته
كما يقول عنه الاستاد محمد بوعابد في تقديم ديوانه
"اول ما كتب باللسان المغربي الدارج وقد تناول في هذه الاشعار ما كان يمر به الواقع المغربي حينها من تحركات سياسية تروم اعلاء صوت الانسان المغربي البسيط وذلك بالتعبير عن مواقفه مما كان يعانيه من ظلم وجور وطغيان وكذلك بالافصاح عن مشاعره وارائه بصدد ما يجري ويدور حوله وطنيا وقوميا
هذا الجيل القادم إليك يا وطني، من الأكواخ الفقيرة، يعلمني أنك عظيم، وحبك عظيم.."
ووافاني الصديق القاص السي حاميد اليوسفي برسالة بطاقة تتضمن قصيدة للشاعر عبد العزيز حجاج يعود تاريخها إلى يوم 13 من شهر يناير 1984 كان قد استلمها حينما كان يشتغل بقرية بومالن دادس... وتحمل نبوءة شعرية لما وقع من أحداث اندلعت على بعد 5 أيام أو 6. وأطلقت عليها أسماء كثيرة أحداث 19 يناير 1984، وانتفاضة التلاميذ، وانتفاضة الجوع...
يقول فيها:
(أخي ورفيقي للفجر موعد مع رجالها
مراكش ضد الجفاف ضد التجزئة
***
مدينة، طفلة
حديثها، عسل وقذيفة
أودعت الجبل كل أسرارها الخفية
وقالت: إن كنت تعشق الجرأة فيا
فبدل الفجر مطرا
***
حين يزهر البارود
بعد خوف بعد سكون
تستسلم مراكش للفرح)
أجمل الشكر ازجيه لصديقي السي حاميد اليوسفي على مكرمته الثمينة التي ودني بها، فقد أهداني مشكورا نسخة من ديوانه (وطني) جمعه بعد رحيله، محبوه وأقاربه وشقيقته، وأشرفوا على طبعه، وقدم له الأستاذ محمد بوعابد،..
وما أجمل ان يهديك أحد الأصدقاء كتابا فتحتضنه بلهفة الصادي الظمآن ولوعة المشتاق، مخفورا بأطياف ذاكرة الطفولة