يهرب علي الوراق من مدينة البصرة عبر سفينة نقل بضائع باتجاه زنجبار ، وينزل هناك، يساعده شاب زنجباري للصعود ثانية الى سفينة تتجه الى بريطانية ، أستغرقت رحلتها طويلا ، أستطاع علي من خلالها أن يتعلم اللغة الانكليزية بطلاقة، كتابة وقراءة، وعندما وصل الى بريطانيا ترجل من السفينة، ليبحث في مدينة لندن، عن مأوى، حتى عثر على شخص قلق أسمه شكسبير .. يمتلك علي حقيبة مملوءة بالكتب، فيأخذه شكسبير الى بيته، ويتطلع الى الكتب باللغة العربية في حقيبة علي .. ولكن لما تدخل حبيبة شكسبير سيلفيا الجميلة في ذلك الزمان من القرن السادس عشر، لم يستطع علي أن يتوازن ويسكت خفقان قلبه، واعجابه بوجود هذه الفتاة في بيت الشاعر مؤلف الروائع المسرحية، لم ينجح بحفظ ماء وجهه والامتناع عن شرخ كرامة الضيافة التي ابداها المسرحي والشاعر الكبير له، فهام بها ، واقتنص لحظة غياب مضيفه ليومين فكاشفها بالحب .. لقد وصلت الفتاة الى بيت شكسبير عصرا ، هاربة من زوج امها السكير الذي لايتورع من ارتكاب افظع الحماقات ، رآها تسبح في الحمام فدخل عليها وبدأت سيليفا تبكي ، قالت له " لن اخبرك بالمزيد انني لا استطيع ان اتصور الى اي حد يمكن ان تبلغ بشاعة الانسان حين تحاصره الشهوة ، كانت سليفيا تنحني على صدر علي وتبكي من دون أن تلامسه، انحناءة بريئة لفتاة مصابة بشرخ كبير في كرامتها، لم يستطع علي مقاومة تلك اللحظات التي تنحني فيها على صدره، مما دفعه ذلك ليحضنها ويقبلها من خدها، متصورا انها تريد ذلك للتنفيس عن غيضها وكربها ، وأعتقد إنه يواسيها، حين أندفعت عقارب الهسهسة في جسده، ليلثمها بقبلة ساخنة من فمها ، وبعد الإنتهاء من هذه القبلة قالت له " ماذا تفعل أنت ؟ سيأتي هذا الرجل القلق شكسبير ويراك تحضنني ، فماذا أنت فاعل ؟ " أرتبك علي ، فقال لها " كنت أتصور إنني أخفف عنك ، اعذريني " ثم اكملت الفتاة " تعهد شكسبير أن ينتقم لي من زوج أمي " وتوقفت ، شربت قدحا من الماء ، فسألها علي " وهل أنتقم ؟ " فقالت " نعم ، كتب مسرحية، تتحدث عن شاب زاره شبح والده الملك المقتول من قبل عمه، وأخبر الملك ولده بالطريقة التي قتل فيها من خلال وضع السم في أذنه وهو نائم بمساعدة أمه الملكة، وأستولى على العرش ، فقال لها علي " هذا صخام الطام " لم تفهم الفتاة ما قاله علي فطلبت منه توضيحا فقال لها " كان يجب ان يساعدك في الانتقام من زوج امك وليس كتابة مسرحية عن ملك وشبحه وأبنه الذي يريد ان يثأر لمقتل والده " فسألته ما معنى " سخام التام ؟ " فاجابها "اندهرنا .. سخام التام يا عزيزتي تعني انه كان يجب ان ينتقم من شرفك المهدور من زوج امك " ثم سألها " متى سيأتي شكسبير انه غاب كثيرا هذه المرة " وقد وضع يده على كتفي الفتاة الجميلة، فقالت " لن يأتي قبل يومين " فامسكها وقال لها " تعالي الى غرفته ونامي فيها ، ارتاحي هناك واذا اردت أن أبقى معك في الغرفة فلا مانع عندي " استغربت الفتاة من اللطف الذي ابداه الضيف العربي ، فذهبت الى فراش شكسبير وخلعت ملابسها ونامت، ثم وضعت الغطاء على جسدها ، وقبل أن يغادر الغرفة ، قالت له "تعال نم بجانبي " فقال لها " كلا ، نحن لا نخون العهد سيدتي، نحن أحرار لا نطلق العنان للشهوة فتأسرنا، ثم نندم طوال العمر على ما فعلناه، أن لها ظلمة أبدية لا تترك لانفسنا حرية الصعود الى السماء بثياب بيض ، ان كل رذائل الحياة بسببها " لم تفهم الفتاة ماذا يقول ،نهضت من فراشها وعانقته، فقد اثار اعجابها وقالت له "انها ستترك شكسبير من اجله " فسالها اتتركين حبيبك ؟ قالت له " انه لايعرف شيئا من الحياة ، انه يكتب فقط والكتابة لا تعني الحياة. في تلك الاثناء حل الليل وسمعت الفتاة غناء النجوم تتسرب اليها من نافذة تطل على الشارع ، نظرت الى السماء قالت له " ان النجوم تغني ، ترسل من عليائها عبر نسيم الليل اصوات حزنها تبعثها الى القلوب المحطمة ، هذه النجوم هي التي تلهم شكسبير، انها تغني طوال الليل ، اظنها تواسي قلبي. سكنت خواطر سيليفا ورأت في عيني علي الوراق اسئلة فقالت " قل ماذا لديك الان ؟ فجأة دخل شكسبير الى البيت وهو يغني " دعيني الثم شفتيك يا سيليفا " ولما دخل الغرفة وجد علي جالسا على حافة السرير وسيليفا راقدة، لم يفاجئ الشاعر ، انحنى عى حبيبته وقبلها فقال علي " انتم لا تستحون تقبلون النساء امام الرجال " فضحك شكسبير وسأله " وماذا يفعل الرجال الغرباء في غرفة نوم مضيفه؟ نهض علي وقد جفت لديه منابع النخوة لمساعدة الشاعر ، خرج من الغرفة ، حزم حقيبته وترك الكتب في زاوية من البيت ثم قال له " يا شكسبير ، انا سأرحل ، ماذا تريد مني بعد الآن، إنك حفظت عن ظهر قلب كل الكتب التي جلبتها من بلادي وسأتركها لك ، فقال له شكسبير " خذها كلها ولكن دع البيان والتبين فقط " ثم وقف امامه على مسافة شبر وقال هامسا ** " اي شيء استر للعيّ؟ فقال علي " عقل يجمّله " فسأل شكسبير " فإن لم يكن ؟ فقال علي " فمال يستره " فقال شكسبير " فإن لم يكن له مال ؟ فقال علي " اخوان يعبّرون عنه، قال شكسبير " فإن لم يكن له اخوان ؟ قال علي " فيكون عياً صامتا " فسأل شكسيبر " وإن لم يكن ذا صمت؟ قال علي "فموت خيراً له من إن يكون في دار الحياة " .فقال المؤلف المسرحي ، لقد اكتملت المسرحية في ذهني الان ، يمكنك الرحيل يا علي "
...................................
**الحوار بين علي وشكسبير من البيان والتبين للجاحظ
...................................
**الحوار بين علي وشكسبير من البيان والتبين للجاحظ