حميد العنبر الخويلدي - قراءةٌ في سطور الوعي النَّصّي.. نص شعري حداثوي للشاعر سعدي عبد الكريم من العراق

نص شعري حداثوي للشاعر سعدي عبد الكريم ،،،من العراق

ويصرخُ بي صوت مهول
كيوم القيامة
قُمْ.. واقرأ ما تيسر من
هذه الغمامة
ستمطر لهيبا من النار فوق الخيام
ليهرع الأطفال مثل
فراخ الحمامة
فالخوف نهر من العطش القديم
والموت غيم من الدم
يفوق العلامة
اتبكي.. والبكاء نحيب الثكالى
وجوع اليتامى
والصبح كونٌ من الضّوء يملأ
قلب العتامة
لا تنزوي في ختلات الظلام
وكن ثائرا مثل الحسين
وكن بحجم الظُلامة

سعدي عبد الكريم

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

( قراءةٌ في سطور الوعي النّصّي ). نصٌّ نقديٌّ مقابل

الوعي واقع آخر ديناميٌّ غير الواقع نفسه ، فمثل المبدع امامه قناتان قبل شروعه في الخَلْق المبتكر ، الاولى واقع الموجود الصّلب في الكتلة والثانية واقع الوعي الاثيري الناعم ، وهنا سرٌّ لابدّ من فهمه ، وهذا حسب الدافع المتلبَّس فيه شرطاً ، او حسب المحرّض الفنّي المختص في العمل ، باعتبار كلّ نصٍّ له محرّضٌ من جنسه حاملٌ لصفاتِه ، يعصفُ بالذات في اللحظة لحظة هدم الجسد ، كالصاعق للصاروخ أو في القنبلة في لحظة الانفجار العظيم المفاجيء، ومسار طوي المسافات حتى نقطة الحدوث والاحداث ، أو لحظة تسجيل المعنى الجمالي ، نعم قتلُ العدو في المعركة معنىً جماليٌّ في قاموس العقائد الحربية ،فمثْلُهُ صانعٌ للنصر موسعٌ من اعتباره جامعٌ للصورة الكونية المرجوّة ، وهكذا تتسامى الحالة ، تراكماً وعرضاً في ميزان حساب القائد ،في غرفة العمليات أو في حساب منضدة الرمل المختصرة كنظرية توضيحيّة وشرح،
انت في دخولك لروح النَّصِّ ليس كما انت في المادي ، انّما تحوّلتَ نعم ، بفعل انفجار الكتلة وانهدامها البنّاء أو في حال حدوث الصدمة المستحقة الاشراط ، لانَّ الخَلْقَ انتصارٌ على الرَّث الكمّي في الزمكان ورسم رونق البهاء المطلوب ، هكذا يوظّفُ المبدع طاقتَه ، الشاعر سعدي في موقف التَّصيُّرِ في التَّناص هو غير سعدي الشخص المحترم معنا ،
كل مبدع هكذا بحكم انطباق الحال والمآل
والحلولية في روح الوجود وقواه ،
قوّة وارادة النتاج لو حلّلناها لوجدناها من مستوَيَيْنِ اثنينِ ،
١ - روح الوجود بما يعادل ما للنّصَّ منها ، ٢- روح الفنان المُعبِّئة للبُنية والكفيلة باخراجها الاخراج الخلّاق ،. وحسب ناموس المَلَكة المختزن في الجوّاني ومنه اللغة كاملةً والغرائز ،
هنا وبعد ان فسّرنا للمشيئة الفنّية وتحوّلاتها
في الموقف والإيراد الفعلي ، نتلمّس اذن، في الكيفية الشعرية ،
متى تلبّستْ ذات سعدي إلهاماتِها ،،،؟
مفاجيءٌ في اللحظة مثلاً ،،!
ام هو تدرُّجٌ عِبْرَ المخاضات ،،،!
اياماً وليالياً او قد يطول هذا المأمول من زمن الاستقبال
، نعم هي اشاراتٌ او قل قَدَحاتٌ من عالم العَدَمي قادمةٌ يُبَشّرُ بها ايحاءٌ متميّزٌ غير محسوسٍ به من قبلنا معشر المبدعين ،
تحدّدُه عواملٌ وظروفٌ، فلو كان المبدعُ صوفيّاً
داخلاً رياضاتِه اغلب الوقت وبجدارة عبقري متعال ، نعم الخالدون هذا طبعهم اكيد ،
صوفيّون في فلسفتهم التقانية في الفعل الفنّي
وقد يكون فصيل منهم بعيداً عن صوفية الجسد والدين وبعيد عن امكان النيل والمراد السُّكْران في الوجد والمحبّة ،
انّما القصّةُ للروح روح الفنان نظامٌ ومستويات
فمَنْ اجاد الدِّرْبَةَ كسب المنالَ ، وعكسه التمرينُ المتباطِي والمتعثر ،
اياماً نندهش امام تجارب العظماء كالمتنبي والجواهري والسَّيّاب وادونيسَ مثلاً ، كيف وكيف تمَّ هذا الانجاز ، فهل عندهم احاطةٌ بالرؤى والكشوفات او سرعةٌ بالحصول على اتمام النتاج وبعملقةٍ عارمةٍ في الآن،
نعم انها الجدارةُ المتأتّية نتيجةَ اتقان الرياضة ونيرفانا الفن ، تَعِبُوا واُجْهِدُوا ، بل خسروا بعضاً من البهرج الحياتي وانعزلوا تجيُّراً للفن ، يصبحون ويمسون في غمرته ، كالمصلّين المسبّحين المؤدّين فروضَهم وزيادةً ويشعرون بالتقصير امام الخالق الجمال سبحانه ،
فالمبدعُ الحقيقي مَنْ مسك جميعَ العُرى ،
فلعلّ المبدع في نفسه في حقيقتها مَلِكٌ او اميرٌ ، وهذا هو العربي لابد
لايفرِّطُ بجانب من الجوانب خشيةَ العيب والخسران، ومااكثرهم ،
اكيد هو امكانٌ ، والامكانُ فارضٌ عُزُومَه ،
فنانُنا سعدي التشكيلي والشاعر وهذا يكفي من أن لانستصعب معه البحثَ النقدي ،
كيف ومتى ، هل شَعَرَ مفاجئاً ام عِبْرَ مخاضٍ حَبى
له رويداً ، هما -ومثل ما ذكرنا -نوعان :-

١ - تخاطرٌ حركيٌّ سريعٌ مفاجيءٌ
٢ - تخاطرٌ تَدَرُّجيُّ الحاصل
وكما وضحنا دورَ واهمية الخبرة ومستوى بلوغ تجربة المبدع ،
سعدي مشحونٌ بهذي الحمّّى ولا تثريب في حقيقة حاله،
انّما نذكرُ انّ الماحول والموسم الجبار الملحمي
السِّمات ، الحسينيِّ الصبغة والتَّشخيص ،
كان قد لعب اهميةً في استحضار المحرّّض
وبما انّه مبدعٌ مكتظٌّ في صوفيّّته الورديّة اساساً
نعم حصل ما جاءنا به من اغراء وثمرةِ شعرٍ ملحميٍّ

( ويصرخُ بي صوتٌ مهول
ك يوم القيامةْ
قُمْ ،
واقرأْ ماتيسّّرَ من هذهِ الغمامه )

هذي الصورة تخيّلْ ماذا تترك في نفسك
ماذا ترى وراءك وامامك وبعد حين وفي القديم
انها لقراءةٌ مليئةٌ بالشَّجنِ واللّوعةِّ والانذباح والصيرورة التاريخانية في بطن الدهر او وفادته من المستقبل ، الشاعر خلق حصارا لمتلقّيه ،وخلق شعوراً نبوياً من جانب ومن جانب اخرٍ خلق مشهداً رمادياً، ارادَ به تهيئة المتلقّي عبر الزمن ليستلهم حقيقة الحدث الجلل والذي هو مادة النّصّ ، حدث كربلاء ، هذا انموذج من صور النّصّ وتمكنةًّ
منّا في النظرةِ التّفسيرية الشاملة للنتاج ،،

حميد العنبر الخويلدي
حرفية نقد اعتباري ،، العراق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى