كنت دائمًا أبرحُ وحيدًا بين طيّات الموائد، أنظر إلى الأشياء بزرقة العين، تفاوض مع الذات في سبيل المعرفة التي ضاع وقتها في زمن الصبا. بعد قليل من الوعي، ازدادت حيرتي بين الماضي القديم والحاضر الذي أشاهده كلّ يوم، مخالب عقلي تنتفض في عصف مأكول محاولًا القدرة على التنبؤ العظيم بعيدًا عن "نوستراداموس"، لكن طاقة الوصول تقول: لا يأس.
العجلات ما زالت تدور، أيّها الذات، رجوتك أن تبحثي مرة أخرى في غير ضياع، من هو أنا؟، عليك أن تحلم كثيًرا حتى يمضي الوقت الذي قُدّر لك، أقفلت الكتاب، لكن قبل الإغلاق وقعت على تلك المفردة التي قالت: أنت جميل. مضت العين والقلب والوجه أبعد ما يكون محاطًا بانفراد، مضيت أقرأ ما تبقّى، أكملت الجملة المتمرّدة على السطر، أنت جميل لقد رأيتك فوق الشجرة تقرأ كتابًا، غرور بدأ ينبض في داخلي، بدأ السؤال: من هو الجميل؟ أنا أم شخص آخر؟
مضيت في القراءة، ربما أجد العلّة والمعلول، الخيبة تزامنت مع الفرحة، لا شيء بعد،إنه السطر الأخير من النبأالعظيم، إذًا إنها لي، لا بل لي. فتحت المذياع على القناة المفضّلة، الموسيقى السريالية لـ أرنولد شونبرغ، تصرفت كأنّها في علم بفرحتي، وصل إلى السامعين خبر فرحتي، جاؤوا يطرقون الباب فرحًا، الباب كان مواربًا، ثلة منهم يتفقّدون المكان. وصلت إحداهما تزغرد وفي عينيها فرح وهي تقول: سوف يضمّني وأضمّه، انظروا، سوف يقبّلني وأقبّله، لا حاجة للندم بعد الآن.
تذكرت المتنبي حين قال: انثنيت ولي فؤادٌ شيّق.
وقفوا ينظرون بحرية الجمال، حتى وقعت بين يدي كأنّها وردة ذابلة في انحناءتها العاشقة، سمعتها تنادي بعضها: لا تتوقف، قالت والجمع يصفّق: أنت جميل، رأيتك فوق الشجرة تقرأ كتابي. ابتسمت ثم ضحكت بوثبة واحدة، قلتُ: أنت روايتي القادمة. نظرت إلى الورقة كي أقرأ، كانت الأحرف ممحوّة، بدأ المذياع يثير الضجيج،أطفأت النور وقلت: لا طعم للحياة بدون امرأة.
فؤاد الجشي
العجلات ما زالت تدور، أيّها الذات، رجوتك أن تبحثي مرة أخرى في غير ضياع، من هو أنا؟، عليك أن تحلم كثيًرا حتى يمضي الوقت الذي قُدّر لك، أقفلت الكتاب، لكن قبل الإغلاق وقعت على تلك المفردة التي قالت: أنت جميل. مضت العين والقلب والوجه أبعد ما يكون محاطًا بانفراد، مضيت أقرأ ما تبقّى، أكملت الجملة المتمرّدة على السطر، أنت جميل لقد رأيتك فوق الشجرة تقرأ كتابًا، غرور بدأ ينبض في داخلي، بدأ السؤال: من هو الجميل؟ أنا أم شخص آخر؟
مضيت في القراءة، ربما أجد العلّة والمعلول، الخيبة تزامنت مع الفرحة، لا شيء بعد،إنه السطر الأخير من النبأالعظيم، إذًا إنها لي، لا بل لي. فتحت المذياع على القناة المفضّلة، الموسيقى السريالية لـ أرنولد شونبرغ، تصرفت كأنّها في علم بفرحتي، وصل إلى السامعين خبر فرحتي، جاؤوا يطرقون الباب فرحًا، الباب كان مواربًا، ثلة منهم يتفقّدون المكان. وصلت إحداهما تزغرد وفي عينيها فرح وهي تقول: سوف يضمّني وأضمّه، انظروا، سوف يقبّلني وأقبّله، لا حاجة للندم بعد الآن.
تذكرت المتنبي حين قال: انثنيت ولي فؤادٌ شيّق.
وقفوا ينظرون بحرية الجمال، حتى وقعت بين يدي كأنّها وردة ذابلة في انحناءتها العاشقة، سمعتها تنادي بعضها: لا تتوقف، قالت والجمع يصفّق: أنت جميل، رأيتك فوق الشجرة تقرأ كتابي. ابتسمت ثم ضحكت بوثبة واحدة، قلتُ: أنت روايتي القادمة. نظرت إلى الورقة كي أقرأ، كانت الأحرف ممحوّة، بدأ المذياع يثير الضجيج،أطفأت النور وقلت: لا طعم للحياة بدون امرأة.
فؤاد الجشي