أسكن أحدُهم حيةً في بعض بيته .
كان محبًّا للخير، فأشفق عليها ورقّ لحاجتها لدفء يخرجها من حياتها السابقة، مع سبب آخر تكشفه الأيام، كما يكشف المعدن عن أصله. ويمكن القول إنه أراد أن ينتشر الخيرُ في أرجاء بيته الواسع، حين شجّعه انجذابُه لملمسها الناعم وارتياحه البريء لرقة قشرتها الخارجية .
أجرى لها زادًا ودفئاً على عادته في السخاء، وأشركها مع مرور الوقت في شيء من أمره، واطمأن لها بعضُ ولده ،وأرضعت له بعضًا منهم، فزاد في تقديرها وبالغ في إكرامها والإحسان إليها، وما لبثتْ ذات يوم أن اختطفت أعزما يملك: راحتَه. أصابه غمّ لا حدّ له، فمع الوقت غاب الهدوء والاستقرار في البيت، وهي محتجبة في جُحرها، لا تخرج إلا إذا تأكدت من غيابه ضاربًا في طريقه اليومي باحثًا عن لقمة العيش ،وعندما يعود، تنسربُ إلى الجُحر فلا يُرى إلا آخر الذيل ولمعة الجلد الناعم .
في مرات يصحو من نومه فزِعًا على فحيحها يملأ البيت ، يطمئن أولًا على نوم أولاده ، ثم يشرع في تهدئتها، فتلجأ إلى الاختباء حينا، وإلى المزيد من الفحيح والمواجهة الساخنة حيناً آخر، يفعل ذلك مضطرا لأجل سلامة البيت ومن فيه !
بلغ صبره منتهاه ذات مرة، حاول إخراجها من بيته خوفاً على صغاره الساكنين معه، البيت لم يعد آمناً، حاول دون جدوى. كان يخطط ويفكر ،لكنها فاجأته ذات يوم بسلب مفاتيحه وأخفت بعض الأشياء من البيت ،واستمالت أحد ولديه إليها ، وصرختْ طالبةً أجرة الرضاعة التي سقتها لابنه ، وإلا ستعطي الصغير حقنة النهاية ! أسقط في يد الرجل وظل يدعو الله في الخلاص!
مع مرور الوقت، تقاذفته الهموم ، فيما الخطر يزداد، وراح يقلّب الأمر على كل وجه، والندم حاضر في أعماق مشاعره، حسرات تأكله، وتتأجج على كل ما فات، "لكن، لات ساعة مندم" وقد أوغلت حيّته في تدمير ركائز البيت. ظل الرجل يوغل في التفكير، و وصل الخطر منتهاه، عندما رآها تذهب وتعود خفية مع سام آخر يأتي من بعيد ! حرّك عقله بالكثير من الخطط ، لعل إحداها تعيد له ولداره الأمان و السكينة .. فيما الحَربشةُ تواصل إظهار الشر حيناً وإخفاءه حيناً بالاندساس وراء صمت الفم المملوء بالزؤام والفحيح .
ذات يوم قرر إخراجها ..ولو بالقوة، الحرق: النار!
وبقلب يشتعل تصميمًا ،أشعل النار في الجُحر، اشتعلت خفيفة في البدء، وحين أرهف السمع، بدأ صوتها يتعالى فأطفأت ناره التي لا بد منها، ورأى نيرانها تنفث من الداخل كتنين غاضب ، رأى ومن حوله من أولاده، ألسنة لافحةً تخرج عليهم من الفتحة التي تدخل وتخرج منها، زاد الخطر، وامتدت النيران إلى البيت، فيما انتقلت إلى جحر آخر لتبدأ خديعة جديدة له وترصّدًا لا ينتهي .. أطفأ نار البيت، ولمّا ينطفئ غضبه !
ظل أيامًا عديدة حائرا مُجهَدًا ، شعر بضرورة خوض الصراع من جديد، كر وفر، وحين لم يجد مفرًّا من رفع الأمر إلى الوالي، جمع السيّد مستشاريه، وأخبرهم بالأمر، فطلبوا مهلة عدة أيام ليقلّبوا الأمر. انتهت المهلة، فاجتمع بهم، فأشاروا عليه بالحفاظ على المدينة من الخطر المحدق، ولم يجد سيّد المدينة بُدًّا، فأصدر من قصره العالي أمراً بمنع دخول الأفاعي إلى داخل المدينة.
عُلقت اللافتاتُ على مداخل المدينة وأسواقها، وانتشر الأمر بين الناس ، وقرأه الرجال بتمعن ورجاء، و في جهة أخرى من المدينة، ضجت مئات الجُحور بالقهقهات الساخرة و تساقطت قطرات لامعة من أنياب مغموسة في الكيد !
سمعتْ كغيرها من السكان قرار الوالي بإغلاق الأبواب وسد المنافذ ..لكنها ظلت تفْقس في الداخل، وتُخرج كلّ سنة دفعة من صغارها ليتسلّلوا إلى المدن، حيث لا زال هناك رجال يجذبهم الملمس الناعم غافلين عن نهاياتهم الفاجعة.
كان محبًّا للخير، فأشفق عليها ورقّ لحاجتها لدفء يخرجها من حياتها السابقة، مع سبب آخر تكشفه الأيام، كما يكشف المعدن عن أصله. ويمكن القول إنه أراد أن ينتشر الخيرُ في أرجاء بيته الواسع، حين شجّعه انجذابُه لملمسها الناعم وارتياحه البريء لرقة قشرتها الخارجية .
أجرى لها زادًا ودفئاً على عادته في السخاء، وأشركها مع مرور الوقت في شيء من أمره، واطمأن لها بعضُ ولده ،وأرضعت له بعضًا منهم، فزاد في تقديرها وبالغ في إكرامها والإحسان إليها، وما لبثتْ ذات يوم أن اختطفت أعزما يملك: راحتَه. أصابه غمّ لا حدّ له، فمع الوقت غاب الهدوء والاستقرار في البيت، وهي محتجبة في جُحرها، لا تخرج إلا إذا تأكدت من غيابه ضاربًا في طريقه اليومي باحثًا عن لقمة العيش ،وعندما يعود، تنسربُ إلى الجُحر فلا يُرى إلا آخر الذيل ولمعة الجلد الناعم .
في مرات يصحو من نومه فزِعًا على فحيحها يملأ البيت ، يطمئن أولًا على نوم أولاده ، ثم يشرع في تهدئتها، فتلجأ إلى الاختباء حينا، وإلى المزيد من الفحيح والمواجهة الساخنة حيناً آخر، يفعل ذلك مضطرا لأجل سلامة البيت ومن فيه !
بلغ صبره منتهاه ذات مرة، حاول إخراجها من بيته خوفاً على صغاره الساكنين معه، البيت لم يعد آمناً، حاول دون جدوى. كان يخطط ويفكر ،لكنها فاجأته ذات يوم بسلب مفاتيحه وأخفت بعض الأشياء من البيت ،واستمالت أحد ولديه إليها ، وصرختْ طالبةً أجرة الرضاعة التي سقتها لابنه ، وإلا ستعطي الصغير حقنة النهاية ! أسقط في يد الرجل وظل يدعو الله في الخلاص!
مع مرور الوقت، تقاذفته الهموم ، فيما الخطر يزداد، وراح يقلّب الأمر على كل وجه، والندم حاضر في أعماق مشاعره، حسرات تأكله، وتتأجج على كل ما فات، "لكن، لات ساعة مندم" وقد أوغلت حيّته في تدمير ركائز البيت. ظل الرجل يوغل في التفكير، و وصل الخطر منتهاه، عندما رآها تذهب وتعود خفية مع سام آخر يأتي من بعيد ! حرّك عقله بالكثير من الخطط ، لعل إحداها تعيد له ولداره الأمان و السكينة .. فيما الحَربشةُ تواصل إظهار الشر حيناً وإخفاءه حيناً بالاندساس وراء صمت الفم المملوء بالزؤام والفحيح .
ذات يوم قرر إخراجها ..ولو بالقوة، الحرق: النار!
وبقلب يشتعل تصميمًا ،أشعل النار في الجُحر، اشتعلت خفيفة في البدء، وحين أرهف السمع، بدأ صوتها يتعالى فأطفأت ناره التي لا بد منها، ورأى نيرانها تنفث من الداخل كتنين غاضب ، رأى ومن حوله من أولاده، ألسنة لافحةً تخرج عليهم من الفتحة التي تدخل وتخرج منها، زاد الخطر، وامتدت النيران إلى البيت، فيما انتقلت إلى جحر آخر لتبدأ خديعة جديدة له وترصّدًا لا ينتهي .. أطفأ نار البيت، ولمّا ينطفئ غضبه !
ظل أيامًا عديدة حائرا مُجهَدًا ، شعر بضرورة خوض الصراع من جديد، كر وفر، وحين لم يجد مفرًّا من رفع الأمر إلى الوالي، جمع السيّد مستشاريه، وأخبرهم بالأمر، فطلبوا مهلة عدة أيام ليقلّبوا الأمر. انتهت المهلة، فاجتمع بهم، فأشاروا عليه بالحفاظ على المدينة من الخطر المحدق، ولم يجد سيّد المدينة بُدًّا، فأصدر من قصره العالي أمراً بمنع دخول الأفاعي إلى داخل المدينة.
عُلقت اللافتاتُ على مداخل المدينة وأسواقها، وانتشر الأمر بين الناس ، وقرأه الرجال بتمعن ورجاء، و في جهة أخرى من المدينة، ضجت مئات الجُحور بالقهقهات الساخرة و تساقطت قطرات لامعة من أنياب مغموسة في الكيد !
سمعتْ كغيرها من السكان قرار الوالي بإغلاق الأبواب وسد المنافذ ..لكنها ظلت تفْقس في الداخل، وتُخرج كلّ سنة دفعة من صغارها ليتسلّلوا إلى المدن، حيث لا زال هناك رجال يجذبهم الملمس الناعم غافلين عن نهاياتهم الفاجعة.