إيمان نجاح - الثوب الأحمر.. قصة قصيرة

دقت الساعة السابعة صباحاً. أستيقظت وفاء كعادتها في كل صباح،ونزلت من على سريرها،وأتجهت نحو الجدار،و وقفت أمام الصورة تنهدت في سرها،وقالت” صبّحك الله بالخيرأبو وحيد” ثم أستدارت إلى السرير حيث ولدها كان لا يزال نائماً أيقظته؛ ليذهب إلى المدرسة،و ذهبت هي إلى المطبخ؛ لإعداد الفطور الجميع لا يزالوا نياماً. وضعت إبريق الشاي على المائدة في الصالة،دخل ولدها عليها قائلاً” يلّا ماما أني غسلت ولبست أنتِ بعدج ما كملتيه للفطور”.أستدارت إليه وقالت” تعال حبيبي خلّي أشوفك إشلون لبست”. بعد أن رتبت ملابسه تناولا معاً الفطور، وذهبا إلى المدرسة. تأكدت أن ولدها قد دخل المدرسة عادت إلى المنزل،دخلت إلى الصالة رن جرس الهاتف،ذهبت مسرعة،رفعت السماعة. -الو – الو” أهلا عمي صباح الخيرعليك”.

-” أهلا بنتي صباح النور عليج”. “حضري نفسج اليوم أني جاي حتى أخذج للسوك أشتريلج ثوب أحمر”. قال هذه العبارة و الفرحة في صوته تكاد تخرج عليها من الهاتف. إبتسمت متسائلة؟! قالت له” ثوب أحمر عمي”

أجابها مسرعاً” إي ثوب أحمر مع السلامة”،وأقفل الخط.

الو.. الو عمي،تركت سماعة الهاتف و ذهبت إلى غرفتها. كانت تضن إنه يريدها أن ترتديه في حفلة خطوبة شقيقة زوجها،التي موعدها بعد ثلاثة أيام دخلت الغرفة،وقفت أمام صورة زوجها. قالت وهي تتنهد،” كلبج إيطاوعج تلبسين أحمر وفاء و خالد غايب”!! لقد حرمت على نفسها إرتداء ثياب ذات ألوان زاهية طوال فترة غياب زوجها الأسير في حرب إيران منذ أحدَ عشرَ عاماً،رفعت يدها إلى الصورة و الحزن يملأ قلبها حتى انعكس على وجهها،تمسح بأناملها على وجهه،تركت الصورة ثم اتجهت نحو المرآة وقفت أمامها،وهي تنظر إلى نفسها في المرآة تتفحص وجهها،و تمسح بيدها على التجاعيد التي ظهرت أسفل عينيها الخضراوين،سرحت قليلاً،فقاطعها صوت الباب حيث خرجت شقيقة زوجها من غرفتها،وأوصدت الباب خلفها بقوة،خرجت وفاء من غرفتها،ودخلت المطبخ؛ لإعداد الفطور. بعد مرور ربع ساعة،اجتمعت عمتها على المائدة و شقيقة زوجها. رن جرس الباب،ذهبت مسرعة فتحت الباب

– أهلا عمي

– أهلا بنتي

ناولها ما كان يحمل بيده قالت” شنو هذا”؟ ” إيشجايب إلنا اليوم”؟؟

أجابها مبتسماً” كاهي و كيمر”. ” يلاّ بنتي إبسرعة حضريلنا الفطور”،” وخليلنا الكاهي والكيمر وياه أني اليوم مفتوحة شهيتي على الاخر وكلّش جوعان”. توجهت مسرعة،أعدت المائدة التي طلبها منها عمها اجتمعوا حول المائدة بقيت وفاء واقفة؛ لتصب الشاي. نادى عليها قائلاً” وفاء تعالي أكعدي إهنا”،و أشار الى الكرسي الذي بجانبه،” واتركي الجاي هسه سهاد هي إتصبه إلنا”. ردت عليه” لا عمي بألف عافيه أني فطرت قبلكم ويا وحيد”. رد عليها” دا أكلّج تعالي كعدي إهنا يمي” .. توجهت نحو الكرسي الذي بجانبه قائله” هاي إشبيك اليوم عمي قبل اشويه خابرت إتريدني أتحضر حتى إنروح تشتريلي ثوب احمر!! وهسه إتريدني أفطر مره ثانيه!!

شنو قصتك وياي اليوم”؟. جلست على الكرسي بجانبه نظرت زوجته إليه مبتسمة،وقالت متسائلة” ثوب احمر”؟،وعاودت النظر إلى وفاء” و أخيراً وفاء راح إتسويها وتلبسين احمر إبحفلة سهاد”. إبتسمت سهاد التي كانت منشغلة في صب الشاي و نظرت إلى وفاء وقالت” الله وفاء طبعاً راح يطلع إيخبل عليج”

. طالعت وفاء عمها قالت” سامحني عمي ما أكدر بعدين انتو كلّش زين تعرفون أني حرمتها علي كل ألألوان الزاهية من غاب أبو وحيد”. نهض عمها و توجه إليها،وقف أمامها،و صاح بوجهها” راح تلبسين و الا الاحمر” نهضت وفاء ووقفت أمامه متجمدة في مكانها صمت الجميع مستغربين من تصرفه الغريب!!

أمسك بيديه رأسها،مقبلاً جبينها

قائلاً” أنتِ مراح تلبسينه إبحفلة سهاد” ” أنتِ راح تلبسينه إبحفلتج”. قال و هو يطالعها،بصوت مخنوق والدمع قد أغرق عينيه،” مو رجع الغالي”! ردت وفاء” شنو”؟؟! قال” رجع الغالي”،” خالد رجع من ألأسر”،”وباجر إنروح إنجيبه” تركت وفاء الجميع يبكون،واتجهت نحو غرفتها لا تسمع أحداً منهم؛ فصوت عمها الذي أصبحت أصداؤه تتردد في أََذنيها حجبت عنها جميع ألأصوات ألأخرى و أصبحت لا تشعر بوجود من معها. دخلت إلى غرفتها،وتناولت صورة زوجها ضمتها إلى صدرها تضحك تارة.. وتبكي تارة أخرى. نظرت إلى سرير ولدها الوحيد،وعاودت بها ذاكرتها إلى اليوم الذي أخبرتها به الطبيبة إنها حامل في الشهر الثاني وفرحتها في ذلك اليوم التي انعكست على وجهها،ليعاود الحزن إليه حين تذكرت حالها عندما صعقــــــت بخبر وقوع زوجها أسيراً بيد القوات الايرانية بعد ثلاثة أيام من خبر حملها،وكيــــــف وضعت طفلها الذي تركه والده وهو لا يزال جنيناً في رحمها،وألأيام التي قضتها دونه،و كيف كرست حياتها تعمل بدأبٍ من أجل ولدها الوحيد،والذي بلغ الأن عشر سنوات من العمر،و لم ير والده،وكيف استطاعت في هذه السنوات أن تحافظ على السيارة التي استـلمتها،و جمعت الراتب الذي تستلمه من الدولة؛ لأن زوجها كان أسيراً لدى الأعداء،وأستثمرت الراتب حتى أصبحت تملك منزلين مع السيارة بعد أن كانت لا تملك سوى أيجار الغرفة التي كان يستأجرها زوجها في ذلك الحين،ليعود إليها الأن ويجدها تملك سيارة ومنزلين.



* عن الزمان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى