سقراط صاحب قولة تركت أثرها عبر التاريخ. جاء فيها : «كل ما أعرفه، هو أنني لا أعرف شيئاً». أصبحت هذه القولة، منذ أن قرأتها، ملازمة لعلاقتي بالمعرفة. قولة مدهشة ومحيرة في آن. وفي الأخير اهتديت بها أكثر عندما أوّل جيل دولوز عدم المعرفة لدى سقراط بانفتاحه الدائم على التعلم.
نعم، كان لي في الطفولة بعضٌ من البوح الشعري. ثم أدركت لاحقاً أن البوح، أو الانفعال العاطفي، علامة على الاستعداد الفطري لكل من يقبل على الممارسة الجمالية، الشعرية والفنية. لكن الكتابة تحتاج إلى الوعي بمعنى الشعر، الذي يتطلب التعلم المتعدد والمتواصل. ذلك الإدراك من بين ما هيأني لما أقبلت عليه ووجهني في حياتي الشعرية والثقافية.
كانت أعمال الشعراء والكتاب والفنانين، عبر مراحل التاريخ، مدرستي الكبرى. منها تعلمت شغف القراءة وتجربة الانتقال من العفوية إلى الكتابة. أغلب هذه الأعمال لا يفارقني، في مكتبتي التي كبرت فيها.
وعندما أتأمل فترات من حياتي يحضر أمامي عديدون من الذين التقيت بهم. منهم من ساعدوني ومنهم من علموني، ولوْلاهم جميعاً لما كنت استطعت كتابة ونشر أعمال.
لذلك فإن مقدمة الكلام، كلامي، في هذه المناسبة، هو شكر هؤلاء الذين علموني، خلال مصاحبتي لهم، معنى الشعر ومعنى ثقافة الشاعر. وأنا سعيد بأن أذكر أسماءهم:
محمد الخمار الكنوني، الذي وضع يدي، منذ نهاية 1965، على أبجدية القصيدة المعاصرة وقال لي «اكتب» فكتبت.
أدونيس، الذي نشأت لي صداقة معه منذ نهاية 1969، عندما نشر لي أول قصيدة في «مواقف». وقد كان على الدوام يكشف لي عن جماليات الشعر العربي.
حسن العلوي، الذي أرشدني، ابتداء من 1970، إلى فائدة الحوار بين الفنون التشكيلية والفلسفة والشعر.
عبد الكبير الخطيبي، الذي بحث عني سنة 1970، وأنا ما زلت طالباً في السنة الثالثة بكلية الآداب بفاس. وفور لقائي به لازمته، وعنه تلقيت ثقافة الجسد وفكر الاختلاف والنقد المزدوج.
أمامة المنوني، التي كانت، منذ زواجنا سنة 1971، مرشدتي والقارئة الأولى لأعمالي.
أمجد الطرابلسي، الذي خصني، منذ 1971، بفضيلة الأبوة العلمية.
محمد بنشريفة الذي قادني، منذ السنة ذاتها، في ليل الشعر الأندلسي.
جمال الدين بن الشيخ، الذي قربني، منذ 1977، من كتب في الدراسات الشعرية الحديثة.
عبد الوهاب المؤدب، الذي كان يطلعُني، منذ 1981، على أصول مجهولة للتصوف الإسلامي.
برنار نويل، الذي وسع لي، منذ 1989، أرض الشعر ووهب لي معنى الأخوة الشعرية والوفاء للصداقة.
ميشيل دوغي، الذي عمّق لدي، منذ 2001، أخلاقيات الإنصات.
هكذا تعلمت. وأنا في كل مرة أتعلم، حتى لا تعَب من التعلم ولا تغافل عن الشكر.
ففي كل قصيدة أكتبها وفي كل عمل أنشره شكر للذين علموني.
محمد بنيس، في 3. 6. 2023
* كلمة ألقيت بمناسبة «مسار محمد بنيس»، خلال المعرض الدولي للكتاب بالرباط، يونيو
نعم، كان لي في الطفولة بعضٌ من البوح الشعري. ثم أدركت لاحقاً أن البوح، أو الانفعال العاطفي، علامة على الاستعداد الفطري لكل من يقبل على الممارسة الجمالية، الشعرية والفنية. لكن الكتابة تحتاج إلى الوعي بمعنى الشعر، الذي يتطلب التعلم المتعدد والمتواصل. ذلك الإدراك من بين ما هيأني لما أقبلت عليه ووجهني في حياتي الشعرية والثقافية.
كانت أعمال الشعراء والكتاب والفنانين، عبر مراحل التاريخ، مدرستي الكبرى. منها تعلمت شغف القراءة وتجربة الانتقال من العفوية إلى الكتابة. أغلب هذه الأعمال لا يفارقني، في مكتبتي التي كبرت فيها.
وعندما أتأمل فترات من حياتي يحضر أمامي عديدون من الذين التقيت بهم. منهم من ساعدوني ومنهم من علموني، ولوْلاهم جميعاً لما كنت استطعت كتابة ونشر أعمال.
لذلك فإن مقدمة الكلام، كلامي، في هذه المناسبة، هو شكر هؤلاء الذين علموني، خلال مصاحبتي لهم، معنى الشعر ومعنى ثقافة الشاعر. وأنا سعيد بأن أذكر أسماءهم:
محمد الخمار الكنوني، الذي وضع يدي، منذ نهاية 1965، على أبجدية القصيدة المعاصرة وقال لي «اكتب» فكتبت.
أدونيس، الذي نشأت لي صداقة معه منذ نهاية 1969، عندما نشر لي أول قصيدة في «مواقف». وقد كان على الدوام يكشف لي عن جماليات الشعر العربي.
حسن العلوي، الذي أرشدني، ابتداء من 1970، إلى فائدة الحوار بين الفنون التشكيلية والفلسفة والشعر.
عبد الكبير الخطيبي، الذي بحث عني سنة 1970، وأنا ما زلت طالباً في السنة الثالثة بكلية الآداب بفاس. وفور لقائي به لازمته، وعنه تلقيت ثقافة الجسد وفكر الاختلاف والنقد المزدوج.
أمامة المنوني، التي كانت، منذ زواجنا سنة 1971، مرشدتي والقارئة الأولى لأعمالي.
أمجد الطرابلسي، الذي خصني، منذ 1971، بفضيلة الأبوة العلمية.
محمد بنشريفة الذي قادني، منذ السنة ذاتها، في ليل الشعر الأندلسي.
جمال الدين بن الشيخ، الذي قربني، منذ 1977، من كتب في الدراسات الشعرية الحديثة.
عبد الوهاب المؤدب، الذي كان يطلعُني، منذ 1981، على أصول مجهولة للتصوف الإسلامي.
برنار نويل، الذي وسع لي، منذ 1989، أرض الشعر ووهب لي معنى الأخوة الشعرية والوفاء للصداقة.
ميشيل دوغي، الذي عمّق لدي، منذ 2001، أخلاقيات الإنصات.
هكذا تعلمت. وأنا في كل مرة أتعلم، حتى لا تعَب من التعلم ولا تغافل عن الشكر.
ففي كل قصيدة أكتبها وفي كل عمل أنشره شكر للذين علموني.
محمد بنيس، في 3. 6. 2023
* كلمة ألقيت بمناسبة «مسار محمد بنيس»، خلال المعرض الدولي للكتاب بالرباط، يونيو