أطرق باب البيت كالعادة وأظل وراءه منتظرا لوهلة خالتي فطوم كي تفتحه على وجهي.
كم كنت أستعجل اللحظة، وأنا أدرك بأنني كلما حضرت إلى بيتها إلا وقمت بزيارة أُنس وألفة لخمِّ الطيور، كان يوجد فوق سطوح البيت، تعج بداخله طيور كثيرة ومختلفة.
كان الخمِّ يحوي أنواعا من طيور تجمعت داخله، ديك رومي وبط ودجاج. كم أحببت أن أقضي أمسياتي الجميلة التي أحضرها هناك، فوق السطوح، أطعمها من حب الزرع والذرة ما تملأ به حوصلاتها، وأسقيها ماء زلالا يروي عطشها.
تلتقط الحبّ حبة حبة، وترنو إلي كأنها شاكرة لي صنيع ما فعلت، أبتسم في زهو، تظل رافعة رأسها نحوي.
تمر اللحظة رتيبة، أعاود الطرق، وإذا لم يفتح الباب لا أزيد على الطرقة الثالثة؛ تلك كانت وصية والدتي، ولم يكن يحدث ذلك إلا لماماً.
هذا ما وصتني به والدتي، وأنا في طريق الرحلة من العيون إلى ديور المخزن.
كنت وأنا أطرق باب بيت خالتي فطوم كل مرة، يتهيأ لي أن أحدا ما سيفتحه فجأة على وجهي. أتمم عدد مرات طرق الباب، وأنا أدرك بحدسي أن لا أحد هناك الآن.
كلفتني والدتي أن أنقل خبرا لخالتي فطوم، وهذا هو سبب وجودي الآن بباب بيتها.
كان الخبر الذي سأعلمها به أن علياء جارتنا اشترت منزلا بشاطئ "مرتين" ؛ فوالدتي وخالتي فطوم ستقومان معا بزيارة ودٍّ لجارتنا علياء، ليباركا لها في شراء البيت، وستكون فرصتي ثمينة، أن أستقبل البحر.
لم يكن بيتا مخصصا للإقامة، وإنما بيتاً خُصص للاصطياف. وهذا يعني أنه بيت يستغل فقط في أيام عطل الصيف الجميلة.
كنت أدرك تمام الإدراك أنني الآن أصبحت قادرا على قضاء بعض أوقات فراغي على شاطئ "مرتين" ويمكنني أيضا أن أذهب عبر شاطئه إلى "كابو نيكرو".
قد يحدث هذا وأنا برفقة والدتي حينما سنقوم بزيارة أنس لجارتنا علياء هناك.
جارتنا علياء هي في مقام والدتي وهذا ما جعلني أحترمها كثيرا وأناديها خالتي. هي جارتنا منذ زمن بعيد، وتربطها بوالدتي علاقة حميمة ومحبة قوية، علاقة كنت أخال روابطها من روابط الدم والنسب. أدركت ذلك سلفاً من المعاملة الحسنة التي كنت أتلقاها منها ومن كل أفراد عائلتها، كلما حللت ضيفا بينهم.
أتذكر الخبر الذي أوصتني به والدتي، وأنا في طريقي إلى "الباريو مالكا" لأعلمه خالتي فطوم، وأنا أمني نفسي بأيام الاصطياف على الشاطئ، شاطئ "مرتين" الذي أحببته منذ طفولتي.
لم يُفتح الباب. أتذكر وصية والدتي من جديد وما يجب عليّ القيام به في مثل هذه الظروف إن لم أجد أحدا ما في البيت: أربط خيطا أبيض على مقبض الباب الحديدي، و ألفه سبع لفات متتاليات؛ بهذا وصتني والدتي.
كانت خالتي فطوم تتعرف على هوية الشخص الذي زارها من عدد اللفات. لكنني لم أكن أدرك حقيقة الأمر، لماذا كان عدد اللفات يقف عند اللفة السابعة، فلا يزيد و لا ينقص!؟
كانت رحلة ممتعة كلما قمت بها من حينا إلى ديور المخزن حيث توجد دار خالتي فطوم
أركب "الترامبيا" التي كانت تعمل بالطاقة الكهربائية، حيث يستمد محركها قوة الدفع والتحرك من عمودين فولاذيين ثبتا من فوق ظهرها، يلتصقان بأسلاك كهربائية ثبتت على صواري إسمنتية، تنتشر في شوارع المدينة عبر الخط الذي كان من المحتمل أن تمر عبره. يهيئان لمحرك شحن الطاقة إيصالا كهربائيا كافيا، يمنحها الحركة والسير بسرعة متوسطة.
يروق لي السير راجلا كلما راق مزاجي، أتملى بصف الدكاكين الممتدة على طول الشارع، أعدها واحدة واحدة كلما مررت من هناك، من ذلك الشارع الطويل اللامتناهي. بدءاً من معمل الثلج إلى بداية جامع مزواق، شارع تصطف على واجهتيه دكاكين تختلف أنواع تجارتها.
كنت أعلم مسبقا أن خالتي فطوم ستهبني مكافأة سخية وأنا أحمل لها مثل هذا الخبر السعيد؛ لقد اعتادت أن تهبني بعض الدراهم، كانت تفعل هذا كل مرة جئتها بخبر ما، أدبر بها أموري، أستطيع بقدرها مشاهدة فلم من أفلام رعاة البقر أو فلما هنديا بسينما " فيكتوريا".
أنهي مشوار رحلتي وأعود إلى البيت، أخبر والدتي أنني لم أجد خالتي فطوم في بيتها. تفهم قصدي فتزيد من مكافأتي، وهي تذكرني بما كان يجب علي القيام به. أحكي لها. تترصد أقوالي.
كم كنت أسعد كثيرا وأنا أتلقى من والدتي أمرا كهذا الأمر؛ تكلفني بالقيام برحلة ألعب فيها دور رقاص؛ أنقل أخبارا سعيدة لخالتي فطوم. أفعل هذا بنشاط زائد وأنا أتذكر ما وصتني به والدتي.
بعد مدة فككت لغز سبع لفات: كان عددها يساوي عدد الأحرف التي كانت تكون اسم والدتي: كهرمانة.
كم كنت أستعجل اللحظة، وأنا أدرك بأنني كلما حضرت إلى بيتها إلا وقمت بزيارة أُنس وألفة لخمِّ الطيور، كان يوجد فوق سطوح البيت، تعج بداخله طيور كثيرة ومختلفة.
كان الخمِّ يحوي أنواعا من طيور تجمعت داخله، ديك رومي وبط ودجاج. كم أحببت أن أقضي أمسياتي الجميلة التي أحضرها هناك، فوق السطوح، أطعمها من حب الزرع والذرة ما تملأ به حوصلاتها، وأسقيها ماء زلالا يروي عطشها.
تلتقط الحبّ حبة حبة، وترنو إلي كأنها شاكرة لي صنيع ما فعلت، أبتسم في زهو، تظل رافعة رأسها نحوي.
تمر اللحظة رتيبة، أعاود الطرق، وإذا لم يفتح الباب لا أزيد على الطرقة الثالثة؛ تلك كانت وصية والدتي، ولم يكن يحدث ذلك إلا لماماً.
هذا ما وصتني به والدتي، وأنا في طريق الرحلة من العيون إلى ديور المخزن.
كنت وأنا أطرق باب بيت خالتي فطوم كل مرة، يتهيأ لي أن أحدا ما سيفتحه فجأة على وجهي. أتمم عدد مرات طرق الباب، وأنا أدرك بحدسي أن لا أحد هناك الآن.
كلفتني والدتي أن أنقل خبرا لخالتي فطوم، وهذا هو سبب وجودي الآن بباب بيتها.
كان الخبر الذي سأعلمها به أن علياء جارتنا اشترت منزلا بشاطئ "مرتين" ؛ فوالدتي وخالتي فطوم ستقومان معا بزيارة ودٍّ لجارتنا علياء، ليباركا لها في شراء البيت، وستكون فرصتي ثمينة، أن أستقبل البحر.
لم يكن بيتا مخصصا للإقامة، وإنما بيتاً خُصص للاصطياف. وهذا يعني أنه بيت يستغل فقط في أيام عطل الصيف الجميلة.
كنت أدرك تمام الإدراك أنني الآن أصبحت قادرا على قضاء بعض أوقات فراغي على شاطئ "مرتين" ويمكنني أيضا أن أذهب عبر شاطئه إلى "كابو نيكرو".
قد يحدث هذا وأنا برفقة والدتي حينما سنقوم بزيارة أنس لجارتنا علياء هناك.
جارتنا علياء هي في مقام والدتي وهذا ما جعلني أحترمها كثيرا وأناديها خالتي. هي جارتنا منذ زمن بعيد، وتربطها بوالدتي علاقة حميمة ومحبة قوية، علاقة كنت أخال روابطها من روابط الدم والنسب. أدركت ذلك سلفاً من المعاملة الحسنة التي كنت أتلقاها منها ومن كل أفراد عائلتها، كلما حللت ضيفا بينهم.
أتذكر الخبر الذي أوصتني به والدتي، وأنا في طريقي إلى "الباريو مالكا" لأعلمه خالتي فطوم، وأنا أمني نفسي بأيام الاصطياف على الشاطئ، شاطئ "مرتين" الذي أحببته منذ طفولتي.
لم يُفتح الباب. أتذكر وصية والدتي من جديد وما يجب عليّ القيام به في مثل هذه الظروف إن لم أجد أحدا ما في البيت: أربط خيطا أبيض على مقبض الباب الحديدي، و ألفه سبع لفات متتاليات؛ بهذا وصتني والدتي.
كانت خالتي فطوم تتعرف على هوية الشخص الذي زارها من عدد اللفات. لكنني لم أكن أدرك حقيقة الأمر، لماذا كان عدد اللفات يقف عند اللفة السابعة، فلا يزيد و لا ينقص!؟
كانت رحلة ممتعة كلما قمت بها من حينا إلى ديور المخزن حيث توجد دار خالتي فطوم
أركب "الترامبيا" التي كانت تعمل بالطاقة الكهربائية، حيث يستمد محركها قوة الدفع والتحرك من عمودين فولاذيين ثبتا من فوق ظهرها، يلتصقان بأسلاك كهربائية ثبتت على صواري إسمنتية، تنتشر في شوارع المدينة عبر الخط الذي كان من المحتمل أن تمر عبره. يهيئان لمحرك شحن الطاقة إيصالا كهربائيا كافيا، يمنحها الحركة والسير بسرعة متوسطة.
يروق لي السير راجلا كلما راق مزاجي، أتملى بصف الدكاكين الممتدة على طول الشارع، أعدها واحدة واحدة كلما مررت من هناك، من ذلك الشارع الطويل اللامتناهي. بدءاً من معمل الثلج إلى بداية جامع مزواق، شارع تصطف على واجهتيه دكاكين تختلف أنواع تجارتها.
كنت أعلم مسبقا أن خالتي فطوم ستهبني مكافأة سخية وأنا أحمل لها مثل هذا الخبر السعيد؛ لقد اعتادت أن تهبني بعض الدراهم، كانت تفعل هذا كل مرة جئتها بخبر ما، أدبر بها أموري، أستطيع بقدرها مشاهدة فلم من أفلام رعاة البقر أو فلما هنديا بسينما " فيكتوريا".
أنهي مشوار رحلتي وأعود إلى البيت، أخبر والدتي أنني لم أجد خالتي فطوم في بيتها. تفهم قصدي فتزيد من مكافأتي، وهي تذكرني بما كان يجب علي القيام به. أحكي لها. تترصد أقوالي.
كم كنت أسعد كثيرا وأنا أتلقى من والدتي أمرا كهذا الأمر؛ تكلفني بالقيام برحلة ألعب فيها دور رقاص؛ أنقل أخبارا سعيدة لخالتي فطوم. أفعل هذا بنشاط زائد وأنا أتذكر ما وصتني به والدتي.
بعد مدة فككت لغز سبع لفات: كان عددها يساوي عدد الأحرف التي كانت تكون اسم والدتي: كهرمانة.