ضجيج الصمت . فاكهة النار . امرأة وبقايا أشلاء رجل . أشلاء أطفال مبعثرة . نزق الريح . حشد من أحذية متراصة تنتظر قنص فريستها . نظارات طائرات سوداء تراقب الوجوه ، وتكتب على جدران تناثر الدماء . عالم ضرير يجلس على حافة هاوية الطريق . ضجيج الصمت ، وصمت ضجيج صراخ الجرحى والأمهات المكلومات . امرأة مصلوبة بين جدران الردم . عقارب الساعة واقفة تنتظر آمرا لها بالسير الى الوراء . كل شيء الى الوراء الا عقارب الساعة تلتهم الأشياء من حولي . ولا شيء أنتظره سوى أن يسمع صوت أنين جراحي ، ويخرج من هنا ... أهذا وقت المخاض والولادة ألان ؟ كيف سألد هنا بين الركام وأنا الجريحة بقدم مبتورة ؟ .
على بعد عشرين خوف ثمة أنين أسمعه ولا أعرف مصدره ، أهو أنين رجل أم أنين امرأة أم أنين طفل ؟ يتشابه الأنين ، يتشابه الوجع ،يتشابه الظلام وقت الحرب ، ولا يتشابه الظلام تحت الردم ، ظلام عن ظلام يفرق ، وخوف عن خوف يفرق مابين فوق الأرض وتحت الردم . أشعر بطفل يتشبث بثوبي . ثمة امرأة أخرى جواري ترضع طفلها . في الحفرة المقابلة من الردم امرأة انهكها التعب من صراخ طويل تكاد تلتقط أنفاسها الأخيرة . كوابيس وخوف. هل سيلتقطني أحد من تحت الركام ، هل يخرجني أحد قبل مخاض ولادتي ، هل سيسمع أحد صوتي أم أن لا صوت لي ليسمعه أحد ؟ . نواقيس تدق . فئران تخرج من بين حجارة الردم ... يا إهي أهذا وقتك الان , أخافك ايتها الفئران أكثر من خوفي من الموت . أصرخ باسم زوجي كي ينقذني منها ، فلا أسمع صوتي ، أنادي أخي كي يقتل الفئران ولا يسمعني أحد . صوت سيارة تتوقف . هل سمعني أحد ؟ منبه سيارة إسعاف يصرخ . يقترب صوت سيارة الإسعاف . يقترب . يصير موازاة ردمنا ، يسأل أحد من خارج حفرة الردم : هل من احد هنا ؟ أصرخ نعم أنا هنا . لا أسمع صوتي . أصرخ ثانية ، لا احد يسمع صوتي ، تنطلق السيارة ، يخفت صوتها . يخفت . يخفت يتلاشى الصوت ، المرأة تنظر الى الجهة الأخرى منشغلة عن . الفئران ، وتصرخ بصمت.
تنتشر الفئران في أزقة الردم ، عيون خائفة . أزقة مظلمة ، مدن بأكملها بلا شوارع ، بلا إضاءة ، بلا طعام ، بلا ماء . بلا شيء . تلفظ المرأة التي تسكن جواري أنفاسها . تلتهمها الفئران الجائعة .
ألآم المخاض تزداد ، ألآم الطلق ، يا إلهي .. إنها ليست ولادتي الأولى ، لكنها الولادة الأكثر ألما . أدفع به إلى الخارج من بطني ، يستعصي على الخروج ، أبتسم سخرية هامسة : معك حق أن ترفض الخروج لهذا الظلام والظلم يا جنيني .. يزداد الطلق . يزداد . يزداد . يخرج الجنين من بطني . يصرخ ويعلن بدء الحياة من جديد كما يريدها .
[/B]
على بعد عشرين خوف ثمة أنين أسمعه ولا أعرف مصدره ، أهو أنين رجل أم أنين امرأة أم أنين طفل ؟ يتشابه الأنين ، يتشابه الوجع ،يتشابه الظلام وقت الحرب ، ولا يتشابه الظلام تحت الردم ، ظلام عن ظلام يفرق ، وخوف عن خوف يفرق مابين فوق الأرض وتحت الردم . أشعر بطفل يتشبث بثوبي . ثمة امرأة أخرى جواري ترضع طفلها . في الحفرة المقابلة من الردم امرأة انهكها التعب من صراخ طويل تكاد تلتقط أنفاسها الأخيرة . كوابيس وخوف. هل سيلتقطني أحد من تحت الركام ، هل يخرجني أحد قبل مخاض ولادتي ، هل سيسمع أحد صوتي أم أن لا صوت لي ليسمعه أحد ؟ . نواقيس تدق . فئران تخرج من بين حجارة الردم ... يا إهي أهذا وقتك الان , أخافك ايتها الفئران أكثر من خوفي من الموت . أصرخ باسم زوجي كي ينقذني منها ، فلا أسمع صوتي ، أنادي أخي كي يقتل الفئران ولا يسمعني أحد . صوت سيارة تتوقف . هل سمعني أحد ؟ منبه سيارة إسعاف يصرخ . يقترب صوت سيارة الإسعاف . يقترب . يصير موازاة ردمنا ، يسأل أحد من خارج حفرة الردم : هل من احد هنا ؟ أصرخ نعم أنا هنا . لا أسمع صوتي . أصرخ ثانية ، لا احد يسمع صوتي ، تنطلق السيارة ، يخفت صوتها . يخفت . يخفت يتلاشى الصوت ، المرأة تنظر الى الجهة الأخرى منشغلة عن . الفئران ، وتصرخ بصمت.
تنتشر الفئران في أزقة الردم ، عيون خائفة . أزقة مظلمة ، مدن بأكملها بلا شوارع ، بلا إضاءة ، بلا طعام ، بلا ماء . بلا شيء . تلفظ المرأة التي تسكن جواري أنفاسها . تلتهمها الفئران الجائعة .
ألآم المخاض تزداد ، ألآم الطلق ، يا إلهي .. إنها ليست ولادتي الأولى ، لكنها الولادة الأكثر ألما . أدفع به إلى الخارج من بطني ، يستعصي على الخروج ، أبتسم سخرية هامسة : معك حق أن ترفض الخروج لهذا الظلام والظلم يا جنيني .. يزداد الطلق . يزداد . يزداد . يخرج الجنين من بطني . يصرخ ويعلن بدء الحياة من جديد كما يريدها .
[/B]