بتاريخ: 10 - 01 - 1938
إلى الدكتور زكي مبارك
يا أخي العزيز
قرأت رسالتك إلى الأستاذ الزيات؛ ولقد سرني والله أن تعنى وأنت في العراق بدفع تهمة العقوق عن أدباء مصر، وإنها لعاطفة وطنية نبيلة أعرف كل العرفان ما يدفعك إليها وأنت بعيد. ولقد كنت أتمنى لو كان دفاعك إلى جانب الحق لأدع لك أن تزهى وتستطيل بين أدباء بغداد ما شئت أن تزهى وتستطيل. ولكني لا أريد أن أظلم الحقيقة يا صديقي في سبيل رضاك. وبرغمي أن أصر على اتهام الأدباء المصريين بهذه التهمة السوداء!. . . وإلا فهل ترى العربية قد وفت دينها للرافعي لأنك والأستاذ المازني قد كتبتما مقالين في رثاء الرافعي غداة منعاه؛ ولأن طائفة كريمة من الأدباء لم تكن بينهم وبين الرافعي خصومة، قد نشروا في الرسالة مقالات في رثاء الرافعي؟
ما أهون شأن الرافعي وأهون بأدباء مصر جميعاً إن كان إلى هذا ينتهي عندهم واجب الوفاء للراحل الذي عاش في خدمة العربية وآدابها خمساً وثلاثين سنة من عمر التاريخ، كلها جهاد ونشاط ودأب، ومات ولم يجاوز السابعة والخمسين. . .!
وتغضب يا صديقي لأني أضفتك إلى خصوم الرافعي في التعداد والإحصاء مع أن الخصومة لم تنشب بينكما غير خمس مرات؛ فمعذرة إليك أيها الصديق من هذه التهمة الباطلة لأن الخصومة لم تنشب بينكما غير خمس مرات. . . على أن لي رجاءً إلى الله - أيها الصديق - أن يكون هذا الحرص الشديد على نفي ما كان بينك وبين الرافعي من خصومة، عاطفة صادقة ورأياً صريحاً؛ فإن شيطاناً تعرفه يهمس في أذني بأنك لم تكن لتحرص كل هذا الحرص إلا زلفى إلى أدباء العراق لأن هواهم مع الرافعي
وبعد فوالله ما كان لي أن أزعم التفرد بذكرى الرافعي ولا قلتها، ولو قلتها لما كذبت؛ ولوددت والله أن أكون آخر من يذكر في الكاتبين عن ذكرى الرافعي ولا أشهد في أدباء مصر هذا العقوق!
أما (فلانة) فخل عنك حديثها يا صاحبي، فما أظنك كنت تنتظر أن تقول لك وأنت تجلس معها جنباً إلى جنب في الجامعة: (إن بيني وبين الرافعي لشأناً مما يكون بين الرجال والنساء!)
على أني قد حددت ما كان بينها وبين الرافعي بزمانه، بين سنتي 1923، 1924، وما كان بينك وبينها يومئذ شيء ولا كانت تجلس إليك؛ لأنها كانت قد زهدت في دروس الجامعة قبل ذلك بسنوات وانقطع الود الذي كان وتجافى جنب عن جنب. . .!
فإن كنت ما تزال تنكر ما رويت من خبرها وخبر الرافعي بعد هذا فالتمس العلم عند غيري، فستجد كثيراً من أصدقائك الذين تثق بهم يعرف من خبرها ومن خبره ما أعلم وما رويت؛ وما كنت شاهد مجلسهما فأروي عن عيان، ولكنه من حديث الرافعي تحدث به إلي وتحدث إلى كثير؛ وعند الدكتور محمد الرافعي من رسائلها إلى أبيه يخطها ما يشهد لي ويحسم كل خلاف
وتزعم أنني حاولت إيهام قرائي بأن الرافعي قد كسب المعركة بينه وبين الدكتور طه حسين. فليكن هذا الزعم صحيحاً يا صديقي فلا علي منه؛ ون وقائع الدعوى لمبسوطة أما الأدباء يحكم فيها من يشاء بما يشاء؛ وليس يهمني أن يكون الحكم للرافعي أو عليه مادمت أكتب للتاريخ
أما بعد فأين هي الأخطاء التي تراها في هذه المقالات؟ وما أصبرك عليها يا سيدي وللتاريخ حق عليك وللعربية حق؟
إنه واجب أؤديه غير مأجور عليه من أحد إلا وفاء لصديق أحللته من نفسي وأحلني من نفسه، ووفاءً للتاريخ؛ فإن كان فيما أكتب عنه شيء تراه إلى الخطأ فإن للعلم أمانة عندك لا يقيلك منها شفيع الزمالك ومصر الجديدة. . . وإنه ليسرني أن يكون الدكتور زكي مبارك هو الذي يحاول تصحيح أخطائي وبيني وبينه ما بين القاهرة وبغداد؛ ولكن احرص يا صديقي على أمانة العلم. ولا تكن أخطائي عندك من مثل ما قدمت: دعوى بلا بينة، وإلا فراحة لك أولى وأنا عذيرك
والسلام عليك ورحمة الله
(شبرا)
محمد سعيد العريان
إلى الدكتور زكي مبارك
يا أخي العزيز
قرأت رسالتك إلى الأستاذ الزيات؛ ولقد سرني والله أن تعنى وأنت في العراق بدفع تهمة العقوق عن أدباء مصر، وإنها لعاطفة وطنية نبيلة أعرف كل العرفان ما يدفعك إليها وأنت بعيد. ولقد كنت أتمنى لو كان دفاعك إلى جانب الحق لأدع لك أن تزهى وتستطيل بين أدباء بغداد ما شئت أن تزهى وتستطيل. ولكني لا أريد أن أظلم الحقيقة يا صديقي في سبيل رضاك. وبرغمي أن أصر على اتهام الأدباء المصريين بهذه التهمة السوداء!. . . وإلا فهل ترى العربية قد وفت دينها للرافعي لأنك والأستاذ المازني قد كتبتما مقالين في رثاء الرافعي غداة منعاه؛ ولأن طائفة كريمة من الأدباء لم تكن بينهم وبين الرافعي خصومة، قد نشروا في الرسالة مقالات في رثاء الرافعي؟
ما أهون شأن الرافعي وأهون بأدباء مصر جميعاً إن كان إلى هذا ينتهي عندهم واجب الوفاء للراحل الذي عاش في خدمة العربية وآدابها خمساً وثلاثين سنة من عمر التاريخ، كلها جهاد ونشاط ودأب، ومات ولم يجاوز السابعة والخمسين. . .!
وتغضب يا صديقي لأني أضفتك إلى خصوم الرافعي في التعداد والإحصاء مع أن الخصومة لم تنشب بينكما غير خمس مرات؛ فمعذرة إليك أيها الصديق من هذه التهمة الباطلة لأن الخصومة لم تنشب بينكما غير خمس مرات. . . على أن لي رجاءً إلى الله - أيها الصديق - أن يكون هذا الحرص الشديد على نفي ما كان بينك وبين الرافعي من خصومة، عاطفة صادقة ورأياً صريحاً؛ فإن شيطاناً تعرفه يهمس في أذني بأنك لم تكن لتحرص كل هذا الحرص إلا زلفى إلى أدباء العراق لأن هواهم مع الرافعي
وبعد فوالله ما كان لي أن أزعم التفرد بذكرى الرافعي ولا قلتها، ولو قلتها لما كذبت؛ ولوددت والله أن أكون آخر من يذكر في الكاتبين عن ذكرى الرافعي ولا أشهد في أدباء مصر هذا العقوق!
أما (فلانة) فخل عنك حديثها يا صاحبي، فما أظنك كنت تنتظر أن تقول لك وأنت تجلس معها جنباً إلى جنب في الجامعة: (إن بيني وبين الرافعي لشأناً مما يكون بين الرجال والنساء!)
على أني قد حددت ما كان بينها وبين الرافعي بزمانه، بين سنتي 1923، 1924، وما كان بينك وبينها يومئذ شيء ولا كانت تجلس إليك؛ لأنها كانت قد زهدت في دروس الجامعة قبل ذلك بسنوات وانقطع الود الذي كان وتجافى جنب عن جنب. . .!
فإن كنت ما تزال تنكر ما رويت من خبرها وخبر الرافعي بعد هذا فالتمس العلم عند غيري، فستجد كثيراً من أصدقائك الذين تثق بهم يعرف من خبرها ومن خبره ما أعلم وما رويت؛ وما كنت شاهد مجلسهما فأروي عن عيان، ولكنه من حديث الرافعي تحدث به إلي وتحدث إلى كثير؛ وعند الدكتور محمد الرافعي من رسائلها إلى أبيه يخطها ما يشهد لي ويحسم كل خلاف
وتزعم أنني حاولت إيهام قرائي بأن الرافعي قد كسب المعركة بينه وبين الدكتور طه حسين. فليكن هذا الزعم صحيحاً يا صديقي فلا علي منه؛ ون وقائع الدعوى لمبسوطة أما الأدباء يحكم فيها من يشاء بما يشاء؛ وليس يهمني أن يكون الحكم للرافعي أو عليه مادمت أكتب للتاريخ
أما بعد فأين هي الأخطاء التي تراها في هذه المقالات؟ وما أصبرك عليها يا سيدي وللتاريخ حق عليك وللعربية حق؟
إنه واجب أؤديه غير مأجور عليه من أحد إلا وفاء لصديق أحللته من نفسي وأحلني من نفسه، ووفاءً للتاريخ؛ فإن كان فيما أكتب عنه شيء تراه إلى الخطأ فإن للعلم أمانة عندك لا يقيلك منها شفيع الزمالك ومصر الجديدة. . . وإنه ليسرني أن يكون الدكتور زكي مبارك هو الذي يحاول تصحيح أخطائي وبيني وبينه ما بين القاهرة وبغداد؛ ولكن احرص يا صديقي على أمانة العلم. ولا تكن أخطائي عندك من مثل ما قدمت: دعوى بلا بينة، وإلا فراحة لك أولى وأنا عذيرك
والسلام عليك ورحمة الله
(شبرا)
محمد سعيد العريان