د. محمد عباس محمد عرابي - من جهود الدراعمة الرواد في الدراسات اللغوية سيبويه الجديد إبراهيم مصطفى.. وقفة مع كتابه: إحياء النحو بين الرأي والرأي الآخر

سيبويه الجديد (إبراهيم مصطفى) (1888 -1962م)
وقفة مع كتابه "إحياء النحو" بين الرأي والرأي الآخر


1.jpg

إنه اللغوي الكبير (إبراهيم مصطفى)(1888 -1962م) رحمه الله ففي أثناء دراسته عرف بتفوقه في النحو وعلوم اللغة، وقد سماه أستاذه سلطان بك محمد «سيبويه الصغير» وسماه البعض سيبويه الجديد.
ألف كتاب "إحياء النحو"، الذي حاول فيه تسهيل النحو والتغلب على بعضصعوباته
وتولى عمادةكلية دار العلوم عام 1947م، ودرَّس الأدب العربي في جامعة الإسكندرية. وعضْوُ مَجْمَع اللغة العربية بالقاهرة، صاحب مسيرة مليئة بالعطاء الأكاديمي والأدبي.
تعليمه:
-حفظ القرآن الكريم ثم التحق بـ«الأزهر الشريف»
درس بـ«الأزهر الشريف»حتى التحق بمدرسة دار العلوم العليا (كلية دار العلوم الآن). وكانت تسمى بالدبلوم (1910)، ومن زملائه في الدفعة زكي المهندس، والأستاذ بيومي السباعي أستاذ الأدب في دار العلوم،
كان رحمه الله أجود زملائه حفظا لمتون اللغة وفن التجويد وعلم القراءات: "وأشدنا شغفًا بالبحث في كتب النحو والصرف، وأكثر إلمامًا بنصوصها وشواهدها وشروحها وحواشيها، فما من مسألة لغوية عويصة عرض لها الأساتذة إلا كان له فيها جولة تنم عن اطلاع واسع، وذكاء ملحوظ".
قال عنه الدكتور أحمد أمين يوم استقباله: «والحق أن ملكات إبراهيم مصطفى لم تقتصر على النحو والصرف، فهو إلى جانب ذلك أديب ممتاز جيد الأسلوب، واسع الخيال، يضع القصة القصيرة فيجيدها، وتعرض له الفكرة فيولدها».
عمله والوظائف التي تولاها:
عمل مصطفىإبراهيم بعد تخرُّجه مدرسًا بمدارس «الجمعية الخيرية الإسلامية» حتى أصبح ناظرًا لها ومفتِّشًا بالتربية والتعليم بعد ذلك؛وعمل أستاذا لعلوم الجغرافيا!
تم اختياره لتدريس اللغة العربية بكلية الآداب بالجامعة المصرية (جامعة القاهرة الآن)، وتدرَّج في المناصب حتى أصبح أستاذًا للنحو.
وعند إنشاء كلية الآداب بجامعة الإسكندرية عمل هناك أستاذًا للأدب ورئيسًا لقسم اللغة العربية، حتى وصل لدرجة وكيل الكلية
أصبح عميدًا لكلية دار العلوم حتى إحالته إلى المعاش.


1.jpg

مؤلفاته:
– إحياء النحو.
– تحرير النحو العربي (بالاشتراك).
– القواعد المقررة على طلبة المدارس الإعدادية.
تولى تحقيق
– سر صناعة الإعراب (بالاشتراك).
– إعراب القرآن الكريم للزجاج (بالاشتراك).
– الأنساب للبلاذري.
بحوثه
– في أصول النحو.
– رأي في تحديد العصر الجاهلي.
– المؤنث المجازي.
– مذاهب الإعراب.
فن منكور من الأدب الجاهلي.
*دوره في تبسيط النحو العربي:
حرص العلامة إبراهيم مصطفىعلى تبسيط النحو وتخليص قواعده من الصعوبات وعِلَل النُّحاة، فأحدَثَ ثورةً في اللغة بوضعه كتابَ «إحياء النحو»، الذي انتَقَد فيه بعض المسائل العلمية التي جعلت من النحو العربي عِلْمًا يهتمُّ بضبط الكلمة وإعرابها فقط، ممَّا ضيَّق من حدوده الواسعة وقصر غاياته
«لم يكن إبراهيم مصطفى كما يقولالأستاذ أحمد حسن الزيات، في رثائه له في مارس 1962: "علمًا على شخص، وإنما كان علمًا على ثروة. كان ثروة ضخمة من علوم القرآن، وفنون اللسان، تجمعت بالحفظ والدرس والتحصيل والتمحيص والدأب والصبر والإيمان، في خمس وسبعين سنة، من يوم مولده إلى يوم وفاته. كان من أثر اعتداده برأيه انعتاقه من عبودية النص، وانطلاقه من إسار التقليد، فهو في الدين مجتهد، وفي اللغة مطور، وفي النحو متحرر».
لمصطفى إبراهيم اجتهادات جديدة هدفت إلى تبسيط النظريات والقواعد اللغوية؛ حيث قوبلت بالترحابلدى البعض، وقابَلَها البعض الآخَر بالهجوم العنيف والرفض التام؛حيث أحدث الكتاب الكثير من التغيرات في مجال الدراسات اللغوية العربية وشجع الآخرين للقيام بعمليات التبسيط والتيسير اللغوي للنحو العربي.
ويُعَدُّ إبراهيم مصطفى صاحب أوَّل محاولة نقديَّة متكاملة لمفهوم العامل النحويِّ في العصر الحديث، وذلك في كتابه ( إحياء النحو) وقد انطلق في نقده من مبدأ صعوبة الدرس النحويِّ وفقاً لنظريَّة العامل النحويِّ.
وكتاب «احياء النحو» على صغر حجمه، يعد ومضة من ومضات النحو، التي خبت مثيلاتها، وقد استعان رحمه الله، في إحيائه للنحو، بالمنهج البلاغي، في علم المعاني، واستعان خاصة، بآراء عبد القادر الجرجاني في التركيز المعنوي، وحاول أن يتخلص من ربقة العامل التي خنقت بعض مسائل النحو أو أدت مواليده التي كان يرجى منها الخير العميم، وأراد أن يبسط الأعراب في الأسماء خاصة تبسيطا يجعله في متناول المستريج، فأخرج من محيطه الفتحة، وجعلها من الضمة والكسرة كالصفر في العدد «علامة الخلاء» كما يقول صاحب «المنية» وهي في الواقع منه وثبة من الوثبات التي تحتاج إلى طول عناء لفهمها كما تطلبت من صاحبها طول عناء للقيام بها. وكثيرا ما يستعمل الأستاذ علمية الإحصاء لتثبيت قاعدة اقتعدها أو رأى ارتآه، فيكون في ذلك مستعملا للمنهج الاستقرائي، الذي عرفه المنطق الصوري، واعتمد عليه، كل الاعتماد، المنطق المادي، ولكن هذا الاستقراء في بعض الأحيان، قد يكون من باب الاستيناس، لا من باب التقرير النهائي، وبذلك لا تكون سورة الفاتحة مثلا أو غيرها مما يثير لنا السبيل في استعمال ما أكثر من استعمال آخر.
ويتناول الكتابكثيراً من المعاضل والشوائب التي أصابت هذا العلم وما يرتبط به من علوم أخرى، هذا الكتاب الذي أمضى مؤلفه في تأليفه مدة وصلت لسبع سنوات، ليصل في النهاية إلى موسوعة فكرية لغوية نالت كثيراً من النقد والتأييد، ويذكر أن هذا الكتاب كان قد بدء في تأليفه في عام (1930)، بينما تم الانتهاء منه وإصداره في عام (1937)، وبعد مضي ما يقارب من سبعة وسبعين عاماً قامت مؤسسة الهنداوي التي تتخذ من مدينة القاهرة مقراً لها بإعادة طباعته ونشره، وكان ذلك في عام (2014). ومن موضوعات الكتاب: حد النحو كما رسمه النحاة
وجهات البحث النحوي
أصل الإعراب
رأي المستشرقين في أصل الإعراب
معاني الإعراب
العلامات الفرعية للإعراب
التوابع
تكملة البحث
الصرف
قال الدكتور طه حسين في تقديمه للكتابتقرؤه فلا تجد في الكتاب أنك تنتزع
من النحو القديم انتزاعا، وإنما تحسن أنك
تمعن فيه إمعا ، وكأنك تقرأ كتب الأئمة
المتقدمين من أعلام البصرة والكوفة

ورأى الاستاذ إبراهيم أن إشكالية النحو تنبع من هذه النظرية المعقدة المسماة العامل والتي أصبح كل النحو في خدمتها مهملين، في المقابل فإن علامات الإعراب دوال على معان في تأليف الجمل وربط الكلم.
وحتى نفهم مقصده فلابد وأن نبسط مفهوم العامل والذي لا يوجد تعريف معين له يتفق عليه النحاة مما يضفي عليه الغموض والإرباك.
وتتلخص النظرية في أن التغير في أواخر الكلمات، حدث بسبب عامل هو الذي أوجد هذا التغير، وكلما اختلف العامل اختلف الإعراب، فالعامل هو ما يؤثر في اللفظة تأثيراً ينشأ عنه علامة إعرابية ترمز إلى معنى خاص.
الدراسات التي أجريت حول كتاب إحياء النحو لإبراهيم مصطفى
ومن الدراسات التي أجريت حوله:
* دراسة "على خطى التيسير.الحركات الإعرابية والمعاني النحويةإحياء النحو لإبراهيم مصطفىعرض وتقويمم.د. وفاء عباس فيّاضجامعة كربلاء/كلية العلوم الإسلاميةقسم اللغة العربية حيث ذكرت مايلي:
وكان بحق قفزة في المنظور النحوي الصادق في دعوته إلى التجديد، وطموحه إلى التيسير، في مجالات محددة، حاول من خلال بحثها نفض الغبار عن التراث العربي في النحو وإعادة الأصالة إليه في كشف علل الإعراب وفلسفة العامل، ونقد المذهب النحوي في العامل))
وعلى الرغم من الإحياء الذي نراه للكتاب في محاولة طرح قضية النحو بقوة وإعادة النظر فيه فقد انتهى إلى الإبقاء على الجانب التعليمي وحده؛ بغض النظر عن الأصول ومنهج البحث، وهذا كلّه لا يدخل في باب التجديد الذي يقوم على أصول جديدة ومنهج جديد ونظرية جديدة؛ ولم يغب عن د. طه حسين في تقديمه الكتاب أن يقول:((تقرأه فلا تجد أنك تنتزع من النحو القديم انتزاعا وإنما تحسّ أنك تمعن فيه إمعاناً، وكأنك تقرأ كتب الأئمة المتقدمين من أعلام البصرة أو الكوفة أو بغداد))
لقد جرى وصف إحياء النحو بالمحاولة الرائدة على الرغم من وجود محاولات سابقة للتجديد والتيسير، ولكن هذه المحاولة تعدّ الرائدة لخروجها من الإطار التعليمي للنحو إلى المساس شيئا ما بأصول النحو والإفادة من الاستقراء، وإعادة النظر إلى ما روي عن العرب لتلمس ما يؤيد الرأي الجديد!! زيادة على ابتعاده عن الفلسفة والعلل المنطقية.
دعا الأستاذ إبراهيم إلى إلغاء نظرية العامل كمفتاح لتيسير النحو والتوسع في دراسة أحكام نظم الكلام وأسرار تأليف العبارة. كما دعا إلى وجوب التوحيد بين المبتدأ والفاعل ونائب الفاعل في باب واحد هو المسند إليه، وذلك لتماثلها ولأن حكمها جميعاً الرفع.
ولأن علامات الإعراب عنده هي الضمة والكسرة فقط، وأن الفتحة ليست من علامات الإعراب وحجته في ذلك أن الفتحة أخف من السكون فلا تحمل دلالة؛ ففي سبيل ذلك يرى الأستاذ إبراهيم أن “اسم إن” مرفوع وليس منصوب ويدلل على ذلك ورود اسم إن مرفوعاً من القرآن الكريم في قوله تعالى: (قَالُوا إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا) (طه: ٦٣) وفي الحديث الشريف: «إن من أشدِّ الناس عذابًا يوم القيامة المصوِّرون».
علامات الإعراب عند النحاة قسمان: أصلية وفرعية، وفي كتاب عالمنا اللغوي البارز لا يعترف بالعلامات الفرعية أو النائبة، حيث يمكن إجراء العلامات الأصلية فيما جعلوه معرباً بالعلامات الفرعية على حد قوله، ففي الأسماء الخمسة يرى أنها معربة كغيرها وإنما مدت كل حركة فنشأ عنها لينها.
*ويرى الباحث محمَّدإبراهيم محمَّدعمر همَّد محمود في بحثه سلسلة النظريَّات البديلة من نظريَّة العامل النحويِّ(1) (نظريَّة الأستاذ إبراهيم مصطفى نظريَّة إبراهيم مصطفى لمْ تنجح في تقديم بديل مناسب من فكرة العامل النحويِّ لما فيها من نقصٍ جوهريٍّ في طريقة تحليل الجملة، بالإضافة إلى قصورها في الجوانب النظريَّة والتطبيقيَّة، وتناقض معطياتها في بعضٍ من أجزائها. ومع ذلك قد نجحت في تحديث البحث النحويِّ، وتوجيهه نحو وجهة جديدة، فضلاً عن أنَّ أفكارها الناقدة للنحو العربيِّ دعت الباحثين إلى مقاربة التراث النحويِّ والكشف عن جوانب كانت خفيَّة منه.
*دراسة: قراءة النحو في كتاب إحياء النحو لإبراهيم مصطفى لجمال سنوسي
تناول هذهالدراسة علاقة اللسانيين العرب بالنحو العربي، ودعوتهم إلى إعادة قراءة ثانيةللنحو، وهذا من خلال أول محاولة جادة في هذا المجال لمصطفى إبراهيم في كتابه إحياء النحو الذي خرجفيه عن مألوف القواعد النحوية والعرف النحوي التراثي، داعيا إلى نظرية نحوية جديدة، تيسر علىالمتعلمين طرق تعلمه وتسهل عليهم استيعابه، من خلال جمع بعض الأبواب وتيسير بعضها، ونقد ونفي
بعضها الآخر
وتوصلت إلى ننفي نفيا قاطعا أن يكون إبراهيم مصطفى تأثر بابن مضاء القرطبي في قضيةالعامل والعلل النحوية وأثبتنا ذلك بالفرق الزمني بين تحقيق كتاب ابن مضاء وتأليفكتاب إحياء النحو ولا نرى الرجل قد أخذ شيئا منه.
- لا ينبري لمثل هذه المسائل النحوية إلا رجل عالم بأصول النحو وجوهره، لهذا جاء
كتابه جريئا في التعرض للقضايا النحوية متحاملا في بعض الأحيان على النحاة
لم يخف فضل من سبقوه بالإشارة إليهم في القول، ولم َيدع الأسبقية في بعض
المسائل ونسبها إلى أصحابها مثل ابن جني وقطرب والجرجاني... وغيرهم.
- يعد كتاب "إحياء النحو" أجرأ محاولة في تجديد النحو بعد عمل ابن مضاء
القرطبي.
- يرى الباحث أن تعلم النحو والعربية عموما على منهاج القدامى قد أثبت فشله ولا
أدل على ذلك من تململ التلاميذ من الدرس النحوي.
- يدرك إبراهيم مصطفى أن مشكلة النحو هي مشكلة منهج، لذلك حاول تغيير
منهج البحث النحوي للغة العربية
ومن الدراسات كذلك دراسة النحوالجديدبينإبراهيم مصطفىوشوقيضيفتحليلومقارنة لعدة باحثين من إيران وماليزيا
دراسة الباحث الاندونسي M Zikri
تجديد النحو فى تعليم اللغة العربية عند إبراهيم مصطفى ورغم دعوة ابراهيم مصطفىلإعادة النظر فى درس العربية فإنه انتهى
إلى الإبقاء على الجانب التعليمى وحده،وبغداد"
وقال ابراهيم مصطفى أن النحو هو" النحو هو قانون ليف الكلام، وبيانلكل مايجب أن تكون عليه الكلمة في الجملة، والجملة مع الجمل، حتى تتسقالعبارة ويمكن أن تؤدى معناها"، ذاالتعريف على أنه ينقد فى تحديد النحوكمارسمه النحاة على أ م يقولون أنالنحو هو " إنه علم يعرف به أحوالأواخر الكلم إعرابا وبناء-فيقصرون بحثهعلى الحرف الأخير من الكلمة، بل علىخاصة من خواصه، وهى الإعرابوالبناء".
المنصوبات في ضوء كتاب إحياء النحو لإبراهيم مصطفى
دراسة وصفيةتحليلية للباحث عمار إلياس البوالصة
قدمت هذه الأطروحة استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الدكتوراة
في اللغة العربيةكلية الدراسات العليا الجامعة الأردنيةأیار، ٢٠٠٧
وورد في ملخصها: أنها خلصت إلى تقسيم المنصوبات إلى قسمين: المفعول الذي يستند إلى قيم دلالية واضحة في التعبير عن علاقة المفعولية ،ومنصوبات نصبت نصبا تداوليا صوتيا طلبا للخفة .

رحم الله إبراهيم مصطفى على ما قدم للنحو العربي وحشره في زمرة العلماء العاملين.
المراجع:
https://ar.wikipedia.org/wikiإبراهيم مصطفى
الجوادي، إبراهيم مصطفى. سيبويه الجديد الذي دعا إلى إحياء النحو، 6/3/2020، صحيفة الجزيرة
دراسة "على خطى التيسير.الحركات الإعرابية والمعاني النحويةإحياء النحو لإبراهيم مصطفىعرض وتقويمم.د. وفاء عباس فيّاضجامعة كربلاء/كلية العلوم الإسلاميةقسم اللغة العربية
محمد فتحي عبد العال،النحو الواضح،فبراير 12 2021
محمَّدإبراهيم محمَّدعمر همَّد محمود، سلسلة النظريَّات البديلة من نظريَّة العامل النحويِّ(1) (نظريَّة الأستاذ إبراهيم مصطفى)،مايو 26, 2019
قراءة النحو في كتاب إحياء النحو لإبراهيم مصطفى لجمال سنوسي،مجلة العربية ،المجلد 8 العدد2

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى