علجية عيش - هكذا أهملت دائرة الآثار العربية والاسلامية مدينة الرملة التاريخية

مع الأديب الفلسطيني نبيل عودة و الحديث عن الغيتو العربي
(مدينة الرملة أول عاصمة لفلسطين و العنزية من أجمل آثارها)

هذه واحدة من مذكرات الأديب و الناقد الفلسطيني نبيل عودة و يمكن أن نسميها واحد من السرديات التي تؤرخ للحياة الفلسطينية في زمن الحرب ، كان ذلك في بداية الثمانينيات من القرن الماضي ( 1980 ) و قد تزامنت زيارته بالاحتفال بعيد تحرير الرملة ، كانت شوارع الرملة ومداخلها مزينة بالإعلانات تدعو السكان (عرب الرملة) الى الاحتفال بهذا اليوم البهيج ، كان عرب الرملة يسكنون في أحياء مهملة يسمونها "الغيتو العربي" ، في هذه الورقة يستعيد الأديب نبيل عودة تلك الفترة و كيف تم تشويه هذه المدينة و الوطن الفلسطيني، أيام الغطرسة و الاستعلاء الصهيوني


حسبما جاء في الورقة، كانت الرملة خلال فترة طويلة، خاصة في عهد الدولة الأموية عاصمة للولاية الفلسطينية، هذه المدينة أسسها سليمان بن عبد الملك بن مروان عام (710ميلادية) و سميت بالرملة نسبة إلى الرمال التي كانت تحيط بها، وقيل سميت بامرأة اسمها رملة ، وكان أهل الرملة أول تأسيسها أخلاطا من العرب والعجم والسامريين ، وبقيت الرملة عاصمة لفلسطين نحو 400 عام، تقول كتابات أنها تأسست عام 715 هجرية وجعلها سليمان بن عبد الملك بن مروان مقر خلافته، يوم كان واليا على فلسطين في عهد أخيه الخليفة الأموي الوليد (705 – 715م)، و بعد وفاته سنتين من وفاته ( 717 ) أصبحت المدينة في عهد العباسيين تابعة لولاية الشام ثم تعاقبت على حكمها دول عديدة كالطولونيين والقرامطة ثم الفاطميين، و بعد مجيئ عمر بن عبد العزيز ، تابع هذا الأخير ما بدأه سليمان من بناء مدينة الرملة، فبنى الجامع الأبيض.​
414605963_2095398244143709_4952979849596861236_n.jpg

العنزية ( الصورة)
و "العنزية" كما يقول الأديب نبيل عودة، هو مجمع لسقي الماعز ، و هو يعدّ من أجمل آثار الرملة التاريخية ومن معالمها السياحية الجميلة، حسب الروايات فالعنزية عبارة عن نبع وبركة ضخمة تحت الأرض، ينزلون اليها بدرج شديد الانحدار، و قد يستخدمون قاربا صغيرا والتجديف به في أرجاء البركة، إلا أن هذا المكان مهمل نسبيا وتاريخه مشوه ، و هناك رواية أخرى تقول ان العنزية بالأصل هي كنيسة اسمها "سانتا هيلانه"، وهي من الأسماء التي يعرف بها الموقع حتى اليوم، بنتها الملكة هيلانه أم الإمبراطور قسطنطين، و قد اعتنقت هذا الأخيرة الديانة المسيحية فكانت بداية لانتشار عالمي واسع للمسيحية، كما أنشأت هيلانة عدة كنائس لتوسع الدين المسيحي فلقبت بالقديسة وأن كنيسة سانتا هيلانه المذكورة غمرت أرضها مياه الينابيع بسبب انخفاضها وتحولت الى بركة ماء تحت ارضية، بني فوقها مسقى العنزية، و بسبب إهمال دائرة الآثار للآثار العربية والاسلامية، ظلت مغلقة بالأتربة ، و لم يتم الكشف عن الكثير من سراديب وطرق وأبنية الرملة التاريخية، فهي تضم عشرات المقامات والأضرحة الدينية الاسلامية ذات القيمة التاريخية، أبرزها مقام النبي صالح ببرجه الشامخ .

كان عرب الرملة يسكنون في أحياء مهملة يسمونها "الغيتو العربي" ، و الغيتو هو التجمع الذي قامت إسرائيل بتركيز ما تبقى من سكان المدينة الفلسطينية في يافا وحيفا واللد والرملة وغيرها بعد احتلال فلسطين وإقامة كيانها على أنقاضها، حيث جرى تجميعهم في أحد أحياء المدينة بعد إحاطته بالأسلاك الشائكة ومنع الدخول والخروج منه إلا بإذن الجيش الإسرائيلي، و الغيتو له دلالات عميقة لدى اليهود يعبر على حصار العرب و هزيمتهم، يقول الأديب نبيل عودة حاليا تعمل مهندسة من بنات المدينة على كشف اسرارها ومعالمها التاريخية، فقد كانت هذه العاصمة منذ أربعة (04) قرون، أي منذ أواخر العصر الأموي وحتى الفتح الصليبي مركزا للثورات العربية التحررية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، و قد تداول على إدارتها عدة رؤساء آخرهم الشيخ عيسى بن عبدالله الشيباني الذي سعى إلى إقناع المعتمد الخليفة العباسي باستقلال فلسطين، لكنه فشل في إقناعه ما دفعه إلى التمرد عليه ، فجهز جيشا للإطاحة به وطرده من بلاد الشام كلها، بعدها كانت هناك محاولات قام بها آل جراح في سبيل استقلال فلسطين عن دولة الخلافة، و كان مآل هذه المحاولات الفشل، يقول الأديب نبيل عودة أن هذا التاريخ يبين أن الشعب الفلسطيني ليس وليد الصدفة، كما تحاول ان تصوره الرواية التاريخية الصهيونية، انما هو شعب جذوره عميقة بالتاريخ والنضال من أجل الاستقلال.
قراءة علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى