علجية عيش - مغالطات وتناقضات في مسيرة الشهيد البطل عباس لغرور



عباس لغرور الشهيد المجهول بين قومه

انطلاقا من عقد مؤتمر الصومام الذي كان أول مؤتمر لجبهة التحرير الوطني بعد تفجير الثورة و غابت عنه الأوراس بسبب استشهاد قائده مصطفى بن بولعيد و اختلاف رفاقه من بعده، تلقى الأوراس دعوات لحضور مؤتمر الصومام واحدة باسم قائد الولاية مصطفى بن بولعيد، و أخرى باسم أشخاص آخرين من بينهم عاجل عجول و عباس لغرور و الطاهر نوشي حررت بتاريخ 20 جويلية 1956 ، اي قبل انعقد المؤتمر بشهر كامل، و خلال المؤتمر درست حالة الأوراس، و تقرر إرسال لجان لتقصي الحقائق و إصلاح ذات البينـ و كانت النتائج تعيين لجنة بقيادة عميروش الى غرب الأوراس و كانت اللجنة الوحيدة التي وصلت، إلا أن نزاعا حدث أدى إلى تمزيق أوصال الأوراس كما يقول عمر تابليت في كتابه: "الأوفياء بذكرونك يا عباس"، حاول عباس لغرور فك النزاع و يكون في موقع الحكم لا الخصم حيث ارسل وفدا بقيادة عثمان سعدي منتصف جوان 1956 اي بعد معركة الجديدة بأيام، و هو يخاطب فرحي ساعي المدعو بابانا ساعي، استنكر عباس لغرور سياسة النمامشة و محاولتهم الانفصال عن المركزية في الأوراس و قال له : "إن ثورتنا هي ثورة شعب و ليست ثورة قبيلة أو عشيرة، و إني اؤمن بجيش الثورة و لا اؤمن بجيش الثوار المشتتين وفقا لعشائرهم و قبائلهم".
421003133_7114385071983123_2684298007320510795_n.jpg

و كان عباس لغرور قد التقى بقادة النمامشة برئاسة لزهر شريط و بحث معه بنفسه ما دار بينهم في اجتماع وادي مسحالة و لكن محاولته فشلت، و ذكر عمر تابليت اغتيالات وقعت في تلك الفترة و بالأخص اغتيال جبار عمر على يد عبد الوهاب عثماني المدعو الولجي، ( ص 111) و كذاك اغتيال عباس لغرور، إلا أنه لم يذكر في كتابه أن غباس لغرور لما اعتقل في تونس بعد قيامه بعمليات عسكرية ضد القوافل الفرنسية فوضت أمره لمجموعة عبان رمضان مثلما جاء على لسان أحمد محساس في مذكراته حيث ان مجموعة عبان رمضان حكمت على عباس لغرور بالإعدام، ة يلاحظ أن بعض القادة كانوا ضد مؤتمر الصومام و لن يعترفوا بمجموعته و حتى قراراته، ربما يعود ذلك بسبب اختيار مكان عقد المؤتمر، أو لغياب الأوراس عنه، هي اتهامات وجهها أحمد محساس لمجموعة الصوماميين بأنهم وراء اغتيال عباس لغرور و اتهام عبان رمضان بالخيانة، و هذه الإتهامات لم يرد ذكرها في كتاب عمر تابليت، و هذا ما يؤكد أن العملية كانت مجرد تصفية حسابات من أجل الزعامة.

الملاحظة التي وقفنا عليها أن بعض الشهادات التي قدمها مجاهدون و من عايشوا الأحدث لم تكن مؤسسة لا تاريخيا و لا قانونيا و لا حتى أخلاقيا أو إنسانيا، فمنهم من اعتمد في شهاداته على كلمة "يُقال" و "المعلومات المتوفرة" مثلما وقفنا عليه في مذكرات الرائد عمار جرمان في كتابه "الحقيقة"، عندما ذكر حادثة فيلا لاكانيا،( الصفحة 65 ) ما يلي: يُقال أن عباس لغرور اتفق مع مسؤول النظام الجزائري في تونس، يدعى ( السعيد عبد الحي) و هو من أصل سوفي على خطة اغتيال قادة النمامشة بعد استدراجهم في فيلا بتونس اسمها فيلا لاكانيا villa la cania ، و بالفعل وصل الجميع الى تونس و كان أحمد بن بل غائبا و كانوا ينتظرون قدوم أحمد محساس الذي لم يتم التأكد بع ذلك من حضوره، فكيف يقول احمد محساس ان اغتيال عباس لغرور كان بأمر من عبان رمضان، يواصل عمر جرمان في شهادته و حسب المعلومات المتوفرة لديهم ( يعني غير مؤكدة و قد يكون فيا لبس و شكوك) أنه عندما حضر الجميع جلس وفد "النمامشة" في صف و وفد " السوافة" في صف مقابل و فجأة ظهر جندي من وراء الباب كان مختبئا وراءه و أطلق النار على وفد النمامشة و كانت خطة مدبرة فمات عباد الزين على الفور و اصيب شريط لزهر، فكان هناك قرار بتجريد جماعة عباس لغرور من السلاح.

و بعد هذه الحادثة قامت لجنة التنسيق و التنفيذ، و على ٍاسها المجموعة الملقبة بـ: "الباءات الثلاثة" les trois B بملاحقة منفذي العملية و قامت باعتقال عباس لغرور من طرف علي بن أحمد مسعي في الحدود التونسية الجزائرية ثم أعدم بعد محاكمة، حسب عمار جرمان فإن هذه الأحداث كانت نتيجة الخلافات بين الجبهة و الجيش بسبب العروشية ، و عمليات التشويش، حيث كان اسم عاجل عجول كثير من يتردد لتمجيده رغم أن مسيرته اتسمت بتصرفات خطيرة و أخطاء كبرى مثل دوره في اغتيال شيهاني بشير و إطارات الثورة و المثقفين لدوافع عروشية، لقد ظلت مسألة كتابة تاريخ الثورة في منطقة الأوراس من المسكوت عنها أو من لممنوعات.
419763205_1538850116970593_3118383186932268194_n.jpg

كانت هذه وقفة قصيرة عن الصراع الذي كان دائرا بين القادة التاريخيين ، صراع كان صراع بين الداخل و الخارج و صراع بين السياسي و العسكري، فعباس لغرور حسب شهادات من عايشوه ، اشتهر بانتصاراته العسكرية غير مسبوقة في تاريخ جبهة التحرير الوطني في الولاية التاريخية الأولى، جعل منه قائدا محترما من طرف رجاله، أحب الجزائر منذ شبابه و هو في سنّ المراهقة، و كان في مسيرته يدعو إلى نبد الجهوية و يدعوا إلى وحدة الصف، لكن الأهم هو أن نعرف مكانة عباس لغرور بين قومه، فخلال الاستطلاع الذي أجريناه مع ساكنة منطقة اوراس النمامشة ( خنشلة) لاسيما الشباب منهم، وقفنا على أن معظمهم يجهل مسيرة غباس لغرور الثورية، و كان جواب بعض من دردشنا معهم يقول ، لا نعرف عنه الكثير ، عرفناه كبطل، و آخرون اصطدموا أمام قضية اغتياله.

و قال أحدهم كنا نظن أن فرنسا هي التي قتله، و لم نكن نعلم أن قتل على يد رفاقه ، شيئ مؤسف طبعا أن يكون قائد تاريخي في وزن عباس لغرور مجهول بين قومه و لا يُعُرفُ عنه شيئا، و مغالطات تاريخية يسعى البعض إلى طمس جزء كبير من كفاح مجاهدين و قادة تاريخيين، و تغليط الأجيال في كفاحهم، و عدم الكشف عن الحقائق التاريخية و الأخطاء التي ارتكبت و الجرائم التي راح ضحيتها أبطال فجروا الثورة و صنعوا مجد الجزائر، كالعقيد شعباني و العقيد عميروش و عباس لغرور و الشيهاني بشير و أسماء أخرى كان لها نفس الدور سواء في غرب الجزائر أو في شرقها و جنوبها و في وسطها، فتاريخ الجزائر فيه مغالطات و نقص في التاريخ للأحداث و عرضها كما وقعت دون تحريف او تزييف، خاصة ما وقع من اغتيالات ، و هذه مسؤولية تقع على المعنيين بتاريخ الثورة من مؤسسات تاريخية ( منظمة المجاهدين) و المسؤولين على قطاع الثقافة و الجمعيات التي تهتم بتاريخ الثورة الجزائرية، أمام استمرار الجهوية و العروشية و النزاعات من اجل السلطة و الزعامة، و هذا يعدُّ تقاعس منهم بل إجحاف في حق الرجال، بل جريمة سيحاسبون عليها أمام التاريخ.

ورقة علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى