العرقية و القومية و نظرية "السيّادة"

عندما نقضي على الجهوية و العنصرية نكون قد اكتسبنا السيادة

الحديث عن نظرية "السيادة المطلقة" يحتاج إلى معرفة اولا من له الحق في امتلاكها، النظام أم الشعب؟، تطرح بعض الكتابات مسألة "القوميات" في مجتمع متعدد الثقافات، و قد خلقت هذه الإشكالية جدلا كبيرا بين الفلاسفة و رجال القانون، و كانت إسهاماتهم حول إن كانت القومية تشكل العلاقات الاجتماعية اليومية بين الأفراد
421257846_1587650928439664_9036518990019738076_n.jpg


السؤال الذي طرحه إدوارد مورتيمر حول ما يحتاجه الناس من ثقافة عامة أو قيم مشتركة في دولة ديمقراطية، جعلته يدعو مختصا بالشؤون الإسلامية و هو الفرنسي أوليفر روي لمناقشة هذه الإشكالية مع عالم الاجتماع بيخو باريخ parekh بريطاني مختص في العلاقات الاجتماعية، و باريخ كما يقول إدوارد مورتيمر، لا هو متطرفا و لا هو متعدد ثقافات، فهو لا يجحد الحاجة إلى بعض القيم المشتركة للعيش في إطار قومي، لتعزيز ممارسة الديمقراطية، لأن القومية منذ قرن من الزمان، من أشد القوى في العالم، و أن الدولة القومية كانت و ما زالت تقوم مقام حجر الزاوية للسياسة العالمية، و تعطي الشرعية الأساسية للدول في العالم أجمع، لكنه يرى أنه يجب الفصل بين الثقافة السياسية العامة، اللازمة لاستقرار أي دولة ديمقراطية و تماسكها، و لذا يرى أن الخطر الأكبر هو أن تعتقد دولة لها الأغلبية لها حق التسلط على الثقافة السياسية لدولة أخرى، و هذا يهدد الحرية الشخصية للمجتمعات.

و هو يتحدث عن الأمة بين الحقيقة و الخيال، يعرف انطوني سميث بأنها جماعة سكانية بشرية تجمعهم منطقة تاريخية، ولهم ذكريات مشتركة، و ثقافة عامة واسعة ، و يعرف القومية على أنها حركة إيديولوجية تمكن جماعة من السكان يؤمن بعض أفرادها بأنهم يمكن أن يكونوا أمّة، انطلاقا من هذه الفلسفات يمكن القول أن الجزائر - كأنموذج - دولة مستقلة لكنها غير مستقرة، و لم تصل بعد مستوى الممارسة الديمقراطية، و لعل هناك من يشاطرنا في طرح هذا السؤال: ما الفرق بين حرب دامت سبع (07 ) سنوات بين الجزائر وفرنسا، و حرب الجزائر الأهلية في بداية التسعينيات التي استمرت عشر (10) سنوات؟، الإجابة قد تكون كالتالي: و إن قلنا أن الإرهاب دولة ، له نظم و قوانين ، فالسبب الرئيسي طبعا هو أن النظام الجزائري يرفض أن يتعايش مع الشعب، و يريد أن يطبق عليه حق "الولاء" و "التبعية" ، ولم يسمح للآخرين بإبداء رأيهم، فقرر البعض العمل بمبدأ "الانسلاخ"، فحدث ما حدث، و يمكن القول أن النظام داخل دولة ما، يشكل الأغلبية لا لشيئ، إلا لأن المؤسسة العسكرية تعتبر رأس النظام، أما الشعب الأعزل فهو يمثل "الأقلية"؟ ، ما جعل الجيش يتدخل في كل القرارات السياسية، حتى في اختيار الرئيس، دون الأخذ برأي الشعب، و تجدنا هنا نعود إلى مسألة الأغلبية و الأقلية و من له حق اتخاذ القرار؟.

إذن فالحديث عن نظرية "السيادة المطلقة" يحتاج إلى معرفة أولا من له الحق في امتلاكها، النظام أم الشعب؟، تطرح بعض الكتابات مسألة "القوميات" في مجتمع متعدد الثقافات، و قد خلقت هذه الإشكالية جدلا كبيرا بين الفلاسفة و رجال القانون، و كانت إسهاماتهم حول إن كانت القومية تشكل العلاقات الاجتماعية اليومية بين الأفراد، و القومية التي تركز على الرايات ( العَلَمْ )، و انطلاقا من هذه الفكرة نقول أنه في الجزائر مثلا لو تم الاعتماد على الفكرة الأولى نقول أن القومية جزائرية، و قد سبق و أن تحدث مولود قاسم نايت بلقاسم عن القومية الأمازيغية، و أحدثت هذه المسألة جدلا عقيما ، بعدما اتهمه البعض بالجهوية و العنصرية، أما إذا تم الاعتماد على الفكرة الثانية فهذا فيه نظر، لأن المراحل التي مرت بها الجزائر منذ التواجد العثماني عرفت تغيرات كثيرة، كانت الراية (العلم) drapeau تختلف عن الراية التي نحملها اليوم، والحقيقة أن العلاقة بين هذه المسائل ما تزال من الثقافات المتعددة لتحديد المفاهيم بين العرقية و القومية و سياسة الدولة، و هو الأمر الذي جعل الجزائر دائما تعيش الثورات ، ابتداءً من الربيع الأمازيغي و رفع مطلب الحكم الذاتي في البلاد، يقول المحللون السياسيون أن العولمة أنعشت الاستقرار السياسي، و سيأتي يوم تقضي فيه على كل القوميات، عندما يتوحد العالم في قالب واحد، و بذلك تثبت الرأي القائل أن "الأمة لا توجد إلا في الخيال" ، و يمكن فهمها بأكثر من طريقة.

علجية عيش كاتبة صحفية - الجزائر-

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى