ثناء درويش - شاكرات "الأنا"

"1"

"بين الرماد و البنفسج"

فيما "أنا الرمادية" في السرير ما بين النوم واليقظة، تفتح عيناً وتغلق أخرى كهرّة بليدة، تستعيد كوابيس الليلة الفائتة بملامح منقبضة، قفزت "أنا البنفسجية" بهمّة فتاة في مقتبل العمر من سرير الأمس.
أزاحت الستائر .. فتحت النوافذ .. وضعت موسيقا دافئة وانسابت إلى الشارع لحصّتها اليومية من الجري، قبل أن تعود لتمارس بعد حمّام منعش عملها، بذهن فارغ إلّا من إبداع العمل على أتمّ صورة.
راقبت "أنا الرمادية" أناها العليا مدّت يديها المتصلّبتين لتعانقها، لاحقت توهّجها بعينين مطفأتين، فارتمى البنفسج بين أحضانها، وسرى رويداً في برودة دمها فوهبها طاقة النهوض.
انزاح الرماد شيئاً فشيئاً وافترّ ثغر بأمل محتمل.

"2"

"الزهرية"

إنه الربيع.. هلليلوياااا
هتفت "أنا الزهرية" بصوتها الناعم، ومضت تتقافز وضفيرتيها بخفّة إلى الحقول .
لاحقت الفراشات، وجمعت أضمومة من الورود البريّة ثمّ نثرتها عاليا وعيناها تشعّان بسعادة لا يعرفها إلا الأطفال.
كانت قد أمضت الشتاء كيربوع في سبات شتائي، غافلة عما يدور من حوارات لا تنتهي بين "الرمادية" و"البنفسجية".. وحين سرى الدفء في الكون وداعبت وجهها نسمة هفهفت من النافذة المفتوحة أحسّت بقيامة الربيع في دمها وقلبها .
نظرت مزهوّة للمرآة منتشية بلونها المتفرّد، الذي لا تحتاج معه لزينة وإضافات وأفلتت من يدي "الخضراء" تعانقانها بإعجاب.
"الزهرية".. لا تعرف أن في الدنيا شرّاً و أذى.. وجهلها نعمة.
وحين تقول لها إحدى أخواتها غداً تكبرين وتبهتين، لا تفهم من ثرثرتها إلّا حكمة العجائز المفسدة لكلّ متعة.
لا ترحل أيها الربيع .. ف"الزهريّة" مربوطة بك بحبل سريّ لا ينفكّ أبداً.

"3"

"الخضراء"

كأنها خط استواء، انبسطت "الأنا الخضراء" على امتداد القلب تنبض محبة وتتدفّق خصباً، تعلو لثلاثٍ فوقها حيناً وتنحني لثلاث تحتها حينا أخرى.
تهامست الحمراء والبرتقالية عن أسرارها الخفيّة، وشبابها الدائم، تحنّ لمقامها تستوي على عرشها وحاولن جذبها فترفّعت عن طعام وشراب الأولى وجنس الثانية، وبثّت طاقتها لترقى بهما إلى مصافها.. وكلّ في فلك يسبحون.
الضفيرة الشمسيّة القريبة من نعيم القلب، منشغلة بشعشعان حضورها تعزّز ثقتها بنفسها والوجود صارفة السموم المعطّلة لسريان الحياة، تسبّح الحياة على حظها الأوفر من جيرة الرضا.
زرقاء الحنجرة والعين الثالثة والأنا البنفسجية، كلّها تقرّ بمركزية القلب وأناه .. مهبط الوحي وبيت الله و جنّة عدنه. ورغم أنها تعلوها إلّا أنها إليها ترجع في كلّ أمر لتحكم بالحب ايّ اضطراب.

سلام على الخضراء في العالمين.. ما رفّ هدب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى