حسين عبروس - رجل من أطيب أهل الجنوب...

***
من الصّعب جدا على المرء أن يقبض على خيوط أشعة الذكرى ، وهي تنسلّ من بين ناظريه، ومن الصعب أيضا أن يتلّمس خطواتها في زمن الرّحيل الأبدي، رحيل الأحبة من الأهل والأبناء والأصدقاء، ولكنها مشيئة الله التي أرادها أن تكون علامة فارقة للتدبّر في شؤون خلقه.جرس يرنّ في أسماعنا فنحيا على وقعها في زمن الحزن، وفي رجفة الألم وتلك هي بداية امتحاننا الأبديّ
لقد عرفت الروائي والقاص حسين فيلالي ( 1954 ــ2015 ) "وقد كان رجلا من أطيب أهل الجنوب .إلتقيته في ذلك الموعد الجميل يوم تأسيس رابطة إبداع الوطنية في 10 من ماي عام 1990 بمدينة بوروبة بالجزائر العاصمة، وقد سررت كثيرا بانضمام العديد من فئة الشباب المبدع، الذي كان على هامش مسيرة الابداع في الجزائر، ومن بينهم أخي الراحل حسين فيلالي وصديقي عبد القادر بن سالم ،وجمع كبير من الأسماء الأدبية الشابة، وكان حسين فيلالي كواحد من سرب طيور التي تغرّد في الجنوب، وكنّا على تواصل دائم من خلال تلك اللّقاءات التي يفرضها علينا لقاء أعضاء مكاتب رابطة ابدع في مختلف ولايات الوطن أو من خلال تلك النّشاطات التي كنّا نقيمها في شكل أمسيات وملتقيات، وكان دائما الرّجل الهادئ الذي لا يعرف المواربة والمشاكسة، وقد كان المشاغب الكبير بيننا هو صديقنا الأديب الطاهر يحياوي، وكنت كلّما التقيت بالصّديق الرّاحل حسين كان يحدّثني عن همومه الثقافية، وطموحه بأن يخرج اسمه من دائرة الظل إلى عوامل النور، وذلك بنشر مؤلفاته. وكانت تلك هي غايتنا جميعا، كما كانت “إبداع” قلعة من قلاع الثقافة والابداع الجزائري، الذي يحاول أن يتجاوز عقدة الكبار، ولقد برزت كوكبة من المبدعين في مجال القصة والرواية والشعر والنقد والفكرأمثال حسين فيلالي، بورديم، نور الدين درويش، نور الدين لعراجي يوسف وغليسي، محمد شايطة، خليفة قرطي، حسن خليفة، الطاهر يحياوي، باديس فوغالي، محمد تومي والقائمة تطول فليعذرني إخواني وأخواتي من المبدعين إذا غابت عني الأسماء ،ومازلت أذكر تلك الفرحة التي طفرت إلى وجه صديقي حسين فيلالي وهو يتصفّح مجموعته القصصية الأولى “السّكاكين الصدئة”، قال لي: هذه البداية يا أخي، أملي أن أحقّق كل أحلامي من أجل أن أترك ما يدل على أثري، لقد نشر جميع أعماله الأخرى بعد فراقنا، ولما التقيته بعد مدة طويلة أهداني نسخة من كتابه «شيء من الوهم” وهو مجموعة قصصية.
لقد ظلّت صلة الودّ بيننا قائمة رغم تفرّق الجميع في رابطة إبداع، وكنّا نتواصل هاتفيا أو نلتقي كلّما زار العاصمة في إطار نشاط ثقافي.وأذكر أنّ سنة 2014 اتّصل بي وحدّثني عن حكاية نصب وقعت عليه من بعض المتطفّلين يدّعي أنّه أستاذ جامعي قدّم رسالة جامعية وهي في الأصل للأديب حسين فيلالي على ما أعتقد، وقال لي: أريد طرحها أمام الرأي العام في وسائل الاعلام، فرحبّت بالفكرة، وتحمّست لطرح الفكرة وكشف خبايا الموضوع، ولكن في النهاية تراجع عن ذلك وقال لي: لنترك الأيام وحدها هي التي تكتب أخبار المتطفّلين، يكفي أنّه فضح في الحرم الجامعي، وهنا أدركت رحابة صدره وطيبة قلبه الكبير الذي أحسبه أنه يعدل طيبة أهلنا في الجنوب.
فعلى روحه الرّحمة والغفران ،ولأسرته الكريمة كل معاني المحبّة والوفاء.
Peut être une image de 1 personne et texte

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى