أخذوا يجرفون المكان بحثا عن أنفاق أو مخابئ سرية تكيد لهم، قطعوا الأميال تجريفا ذاك المساء كثور هائج حيال الرقعة الحمراء ، كانت آلياتهم ثقيلة على جسدي الممزق لكنني لم أتألم كعادتي ، لم أشتك كما يشتكي البشر، كنت لحظتها مشغولا بالمراقبة والدعاء من عدة جهات انبثق في ذات الحين، فعين على اليمين وأذن بالشمال وساق قرب الرصيف وأنامل تتطاير في الهواء المهم أننا لا زلنا على قيد الرثاء ، أنين العظام الأخرى أقصد أشلاء الأهل والأجوار شتت إحساسي، قابعين مثلي في كل المكان، نحميه بوكالة الغياب ،بعضنا عجن مع الثرى ففاح عطرا مبتدعا لا يعرفون كنهه هؤلاء الأشقياء ، و جند الرحمان تباركنا كالأنبياء ...
يعبِّدون الطريق كي لا يعود أهلنا للإعمار لكن هيهات، هيهات .
أخشى ما أخشاه أن يقع اكتشاف موقع للمناضلين والمرابطين لحراسة آخر معاقل الكبرياء وكل تفاؤلي كان مردّه أنهم يعدون لهم كمينا محكما للثأر و الانتقام لدمائنا وشرف الأمهات ، سيُقذَفُ بهم حصب جهنَّم واردين،دون عزاء ...
رأيت بأم عيني لحما غضّا طريّا يلتصق بالجرافات و النعال ، عطّر أنفي شذاه وددت انتزاعه فخذلتني العيون، حدقت في كمِّ الأرواح المحلِّــقة بالمكان كفراش مبثوث يسمع النداء و يبلِّغ الدعاء . فيزفون لنا البشرى همسا لا يسمعون حسيسه
فتشدو الروح للقاء.
أخذت بعض أشلائي تدفع عنها التراب، تقاوم، تأبى الانهزام ،ترفض إغماءة طرفها ، وبعضها أخذ يراوغ بهم في الميدان، ضجة و تكبير و قهقهات صماء، أربكت دبابة عدوّ خرقاء ، أخذت تدك الأرض دكا، تسويها صلبة ملساء حتى تتشفّى من بقايا غزة و أرحام النساء. يجهلون أن أرضنا لا يرثها إلا العباد الصالحون نكالا على السفهاء.
سمعتها ساخرة فعادت المرور أكثر من ألف مرة تدهسنا في جنون، تسحقنا دون رهبة فمن يُبلّغها همساتنا، لن نموت، لن نندثر، والتراب لن يخون الأبرياء.
سنعود أقوى من كل مرة بعد أن ينزل المطر و تتشقق الترب لتبعث الحياة للفسائل الجديدة ، لنسل الأشداء ...
قالت الثرى في شدّة : احتضنكم، أحميكم بجوفي، آويكم لأصنع جيل الجبارين، كي يدكوهم ككل مرة. نخيفهم ومن رمادنا نثور كالعنقاء.
أردف آخر : و من رمادهم سيصنعون الملاعين و الشياطين و السفهاء.
سنعود إلى الحلبة بكل ثبات منفردين و لن تدوسوا قدسنا..
صاح جندي شامتا :
مات الجريح والمسعف والطبيب والحارس والدارس والمدرس والنقيب ، و الأطفال والأبطال و النساء،انتهى أمركم ، مسألة وقت و نبدأ التعمير ، نرسم خارطة عباد الشياطين و نبذر الأرض فينبت كل الأبالسة و الزعماء.
أجبناه في ثبات :
بقيت أم حامل في مليون جنين باسل سيعودون بعد لأي يحررون القدس الشريف ومن فتات الأشلاء ينبت العزم و نبني صرحا لشعب جريح...
صعقة رعد قضت عليه في الحين حين عنَّ بالبكاء .
نطق شيخنا تحت الثرى :
وَيُسَبِّحُ الرَّعدُ بِحَمدِهِ وَالمَلائِكَةُ مِن خيفَتِهِ وَيُرسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصيبُ بِها مَن يَشاءُ وَهُم يُجادِلونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَديدُ المِحالِ .
كل ذرات الثرى أصغت و صدّقت وعد الله، و تراقصت الأرواح مصطفّة نحو معراج السماء. حتى أفل آخر نجم ونجمة.
كانت جدتي تروي قصة أشلاء و دمعي ينهمر شوقا لمدرسة الكبرياء سألتها متى تفتح أبوابها؟
أجابت، كلما نضج التين و تكوّرت الأثداء .
سيدة بن جازية / تونس
يعبِّدون الطريق كي لا يعود أهلنا للإعمار لكن هيهات، هيهات .
أخشى ما أخشاه أن يقع اكتشاف موقع للمناضلين والمرابطين لحراسة آخر معاقل الكبرياء وكل تفاؤلي كان مردّه أنهم يعدون لهم كمينا محكما للثأر و الانتقام لدمائنا وشرف الأمهات ، سيُقذَفُ بهم حصب جهنَّم واردين،دون عزاء ...
رأيت بأم عيني لحما غضّا طريّا يلتصق بالجرافات و النعال ، عطّر أنفي شذاه وددت انتزاعه فخذلتني العيون، حدقت في كمِّ الأرواح المحلِّــقة بالمكان كفراش مبثوث يسمع النداء و يبلِّغ الدعاء . فيزفون لنا البشرى همسا لا يسمعون حسيسه
فتشدو الروح للقاء.
أخذت بعض أشلائي تدفع عنها التراب، تقاوم، تأبى الانهزام ،ترفض إغماءة طرفها ، وبعضها أخذ يراوغ بهم في الميدان، ضجة و تكبير و قهقهات صماء، أربكت دبابة عدوّ خرقاء ، أخذت تدك الأرض دكا، تسويها صلبة ملساء حتى تتشفّى من بقايا غزة و أرحام النساء. يجهلون أن أرضنا لا يرثها إلا العباد الصالحون نكالا على السفهاء.
سمعتها ساخرة فعادت المرور أكثر من ألف مرة تدهسنا في جنون، تسحقنا دون رهبة فمن يُبلّغها همساتنا، لن نموت، لن نندثر، والتراب لن يخون الأبرياء.
سنعود أقوى من كل مرة بعد أن ينزل المطر و تتشقق الترب لتبعث الحياة للفسائل الجديدة ، لنسل الأشداء ...
قالت الثرى في شدّة : احتضنكم، أحميكم بجوفي، آويكم لأصنع جيل الجبارين، كي يدكوهم ككل مرة. نخيفهم ومن رمادنا نثور كالعنقاء.
أردف آخر : و من رمادهم سيصنعون الملاعين و الشياطين و السفهاء.
سنعود إلى الحلبة بكل ثبات منفردين و لن تدوسوا قدسنا..
صاح جندي شامتا :
مات الجريح والمسعف والطبيب والحارس والدارس والمدرس والنقيب ، و الأطفال والأبطال و النساء،انتهى أمركم ، مسألة وقت و نبدأ التعمير ، نرسم خارطة عباد الشياطين و نبذر الأرض فينبت كل الأبالسة و الزعماء.
أجبناه في ثبات :
بقيت أم حامل في مليون جنين باسل سيعودون بعد لأي يحررون القدس الشريف ومن فتات الأشلاء ينبت العزم و نبني صرحا لشعب جريح...
صعقة رعد قضت عليه في الحين حين عنَّ بالبكاء .
نطق شيخنا تحت الثرى :
وَيُسَبِّحُ الرَّعدُ بِحَمدِهِ وَالمَلائِكَةُ مِن خيفَتِهِ وَيُرسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصيبُ بِها مَن يَشاءُ وَهُم يُجادِلونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَديدُ المِحالِ .
كل ذرات الثرى أصغت و صدّقت وعد الله، و تراقصت الأرواح مصطفّة نحو معراج السماء. حتى أفل آخر نجم ونجمة.
كانت جدتي تروي قصة أشلاء و دمعي ينهمر شوقا لمدرسة الكبرياء سألتها متى تفتح أبوابها؟
أجابت، كلما نضج التين و تكوّرت الأثداء .
سيدة بن جازية / تونس