جعفر الديري - هؤلاء علّمونا ... التربوي البحريني الدكتور علي هلال... الأب الروحي لجيل كامل من المبدعين والباحثين

تمر 10 نوفمبر المقبل، الذكرى السابعة لوفاة الباحث والتربوي البحريني الدكتور علي أحمد هلال، لتثير في نفوس طلابه ومحبيه الأسف والألم، لرحيل رجل عزّ نظيره، وكان بحق وجهاً حضاريا وأباً روحياً لجيل كامل من المبدعين والباحثين.

أنت لا تحتاج لساعات طويلة، لتدرك مبلغ علم الراحل وسعه اطلاعه، وشدَّة اعتزازه بعلمه وبلده، يكفيك أن تتحدَّث معه في أي موضوع شئت، لتجده يخوض فيه حديث العارف به، والملمِّ بجميع أطرافه، بل حديث العالِم الذي لا يمكن له أن ينفصل عن الثقافة والتعليم، بل حديث المثقف الذي لا يفصل بين وسائل المعرفة من كتب ومرئيات ومسموعات، وبين مظاهر اجتماعية، وأماكن للاجتماع بالناس، كالمساجد والنوادي، المجالس الخاصة وغيرها الكثير، كان د.علي يغشاها باهتمام كبير، وبثقة شديدة، بقدرة التوجيه والتعليم على تغيير حياة الناس للأفضل.

تميّز الراحل بالنجاح ثقافيا واجتماعيا، فإلى جانب اهتمامه منذ نعومة أظفاره بتطوير ذاته، بالقراءة والدراسة الأكاديمية، كان حريصا على المساهمة بفعالية في جميع شؤون مجتمعه، هذا الاهتمام أكسبه احترام ومحبة الجميع، وأهَّله لأن يكون بحق الوجه الحضاري والاجتماعي لقريته الدير.

اللافت في حياة د.علي أنه ظل مؤثرا حتى اليوم الأخير من حياته، ومن يطلع على تعليقات المحبين، يلاحظ أن الكثير منها كتب بيد الشباب وطلاب المدارس الثانوية. وعِلُّة ذلك أن المرحوم لم يكن يغلق بابه ولا جوَّاله دون أي استفسار او استشارة من أحد، حتى لو كان المتصل في عمر أحفاده!. وتلك لعمري سجية لا تكون إلا في قلب إنسان غمره الحب لأبنائه صغيرهم وكبيرهم، وترسخ عنده الإحساس بالواجب لأداء رسالته في الحياة على الوجه الأكمل.

أما وفاته رحمه الله في العراق الشقيق فقبس آخر يضيء لنا جانبا من حياته العامرة بالعلم والعمل، والتعلق الشديد بأرض الرافدين، لقد تعلَّق الراحل بعراق العلم والأدب فنال درجة الدكتوراة من جامعتها، وظلّ شديد الإعجاب بشاعرها الأكبر محمد مهدي الجواهري، يترنم بشعره ويطرب له وهو يردد: "حييت سفحك عن بعد فحييني.. يا دجلة الخير يا أم البساتين"، وكأن الله عز وجل اختار له أن تظلّ سيرته حية عطره في قلوب أبناء بلده البحرين، بينما يضمُّ العراق جسده، ليؤكد بذلك صدق اعتقاده بوحدة الشعبين الكريمين.

نسأل الله تعالى أن تظلَّ ذكرى هذا الرجل العصامي، الكريم المنبت والأصل، مصدر إلهام لأبناء القرية، وأن يحفظ تلاميذه ومحبيه له فضل التعليم والتوجيه والإرشاد، فيسيروا على نهجه، مخلصين في نيَّاتهم، مثابرين في طلب العلم، وإدمان النجاح والتفوق، حريصين على الاهتمام بشؤون الناس، ساعين للنجاح أكاديميا واجتماعيا كما كان رحمه الله تعالى.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى