طارق هاشم - ماريا...

منذ ساعة واحدة فقط
هربت(ماريا) من رواية النفق
أخبرها (أرنستو ساباتو)
أن الراوي سيقتلها
في الفقرة السابعة والثلاثين
كانت تحدثني وهي مرتابة
ما زالت رعشتها
تهدد سكينة العالم
قالت أنها لم تكن تعرفه
وثقت به دون شرط
ولولا أن (أرنستو) تراجع عن فكرته
لماتت هكذا
بطريقة عبثية
اختار (أرنستو) أن يتخلى
عن حيلته الدرامية
التي بنى عليها روايته
الجميع هنا
كانوا ينتظرون موتي
دون أدنى شك
موتي بدعوى خيانة
(خوان بابلو)
مع علمهم التام
بأنه موتور
وكاذب
نعم
(خوان بابلو) أكبر متوتر
ألتقيته في حياتي
هو يكذب حتى على الطير
(خوان) الذي قال أنه أحبني
لدرجة أنه ليس لديه مانع
أن يضاجعني
حتى لو أصابني اﻹيدز
حين حل الوباء في مدينتنا
كان أول من أدار ظهره لي
هذا ما قالته (ماريا)
(ماريا) التي تحمل في صوتها
رائحة البحر
وبراءة المجانين
عرفت مؤخرا
عذاب أن تحب شخصا
ليس له سواك
قالت أن (خوان)
عاش حياته بلا أصدقاء
كيف يستطيع إنسان بحق الآلهة
أن يعيش وحيداً
هكذا دون ليل يألفه
أو صباحات يغني لها كل يوم
أو بحر يتحدث إليه كعاشق
على وشك الجنون
بعد أكثر من عشرين عاماً
أدركت (ماريا) ورطتها
كيف أحبت هذا المعتوه (خوان بابلو)
كيف أسلمته جسدها
بالسهولة التي يلقي بها عابر
السلام على الغرباء
هي اﻵن تبكي جرحها المفتوح
كباب تُرك مواربا
لعجز في روحه
(ماريا) التي غافلت الراوي وهربت
لم تترك أي فرصة يمكنها
ولو لساعة واحدة أن تعود
ملت كونها أصبحت مجرد حيلة
يعلق عليها الراوي فشله
ذهبت
بعد أن صارت وطناً
أنا كل شعبه
ذهبت هكذا كطيف عابر
بلا أبواب يطرقها
هكذا
ر
حـ
ل
ت
ّ"

* من ديوان "كل مافعله دوستويفسكيّ"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى