محمد محمود غدية - قلب واهن

على غير هدى، راح يدب خفيفا مهدما متعثر الخطوات، وهو فى طريقه الى شقيقته، التى تشكو تعب مزمن فى القلب، مترددا فى طرق الباب، متسائلا فى حيرة، هل يقدر على تخفيف وقع خبر مصرع زوجها،
فى حادث تصادم القطار المروع ؟
تعثرت الكلمات فى شفتيه، وتناثرت مثل قطع ممزقة، لايمكن الامساك بها، تكتنفه الحيرة والغموض، استطاع التماسك قليلا، مبلغا خبر مصرع زوجها، نزل الخبر كالمطرقة فوق رأسها،
اشبه بطبول افريقية لاتهدأ، الدهشة ألجمت لسانها، ثم أخذتها نوبة حادة من البكاء، تنتحب وتشهق كالأطفال الذين فقدوا زويهم فجأة، بعدها هدأت قليلا وجلست جامدة كالتمثال، تخنقها العبارات وتأخذها رجفة، ترتعش معها كل اطرافها دون هوادة، الحياة دونه كسيحة، ماابشع ان تقعدها الهموم، وتعذبها الوحدة والكآبة، هل كان يدرك انه على موعد مع الموت ؟
حين طلب منها قبل ان يغادر المنزل، ان تنتقي له سترة وبنطالا أنيقا، وربطة عنق زاهية اللون، خاصة المهداة منها فى عيد ميلاده، فلديه اليوم موعد لكتابة عقد هام، مع عميل ودود أنيق،
ففعلت، تصحبه دعواتها الطيبه، الحب يربطهما أشبه بالحبل السري، الذي يربطهما بكل ماهو جميل ونبيل وكريم فى الحياة،
الطعنة شديدة الوجع، فى شريان قلبها، الذي انهكته الحياة واتلفته، مكسورة وضائعة كذرة الغبار،
بين الأرض والسماء،
قطرات المطر الغزير، ترقص رقصة الوداع، على اسفلت الطريق،
فاغرة الفاه، مدهوشة أمام غرائب الحياة والصدف،
التي تجعلها ترتاب فى منطق الأشياء،
فجأة ينفتح الباب، وتعتري الدهشة الوجوه،
انهم امام الزوج الذى لم يمت مفسرا :
أنه حجز مقعد فى القطار، الذى لم يلحق به وغادر دونه، بعدها علم بالحادث، ولانه كانت هناك جثث تشوهت لم يتم التعرف على اصحابها، تسابقت الصحافة فى الاستعلام عن اسماء المسافرين من خلال مكاتب حجز التذاكر، وكان اسمي ضمن المسافرين،
اسلمت الزوجة الروح،
فى مفاجأة لم يتحملها قلبها الواهن .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى