جعفر الديري - شباب: العمل التطوُّعي إحدى ثمار التطوُّر الحضاري

استطلاع رأي – جعفر الديري



فيما يعتبره البعض دليلا على وعي وفهم لحاجات المجتمع، يجد آخرون في العمل التطوُّعي مضيعة للوقت والجهد، على حساب أمور أهم .. فما مدى استجابة الشباب البحريني للعمل التطوعي؟

يقول فني هندسة ميكانيكية نذير المرباطي: ان العمل التطوعي وسيلة للعطاء، فعندما يعي الإنسان أن عليه واجبا تجاه المجتمع والوطن والأمة، سيسعى الجميع إلى العمل، كل حسب طاقته ومقدرته وفي الجهة التي يرى فيها أن عطاءه سيكون أكثر، وتزداد مقدرته على العطاء عندما يرى ثمرة أعماله، فالمجالات كثيرة وتعدد الأعمال التطوعية يسهل على الإنسان في أي عمر كان اختيار المجال المناسب له ولقدراته واهتماماته، لكن للأسف نحتاج إلى الوعي الكافي خصوصا بين شريحة الشباب لكي نعي أهمية هذه الأعمال ونتذوق حلاوة الإنجاز والتكامل في العمل الجماعي التطوعي.

مساهمة محدودة

ويعلق محمد العريض من ملتقى الشباب البحريني/ تحت التأسيس بالقول: الملاحظ محدودية مساهمة الشباب في العمل التطوعي، فلو أمكننا اليوم إحصاء الفاعلين في هذا السلك فلن يتجاوز العدد العشرات، من هنا لابد لنا من تفعيل ثقافة التطوع عبر القنوات المتاحة لتدعيم تكامل المجتمع الحضاري، لابد للجمعيات الشبابية والتجمعات التطوعية من التعبير عن نفسها وبرامجها بصورة أفضل تعلن فيها عن أهدافها وغاياتها وانتماءاتها.

نظرة مادية بحتة

ويرى الطالب الجامعي محمود العصفور أن الشباب البحريني بدأ يتجه إلى العمل التطوعي بعدما أدرك غايته وهي الفائدة والمصلحة العامة التي ستعود على فئة بأكلمها وليس على شخص لوحده، لكن يظل هناك شريحة كبيرة منهم مازالت تنظر إلى العمل التطوعي على انه مضيعة للوقت والجهد، وذلك بسبب النظرة المادية البحتة، فهم يرفضون القيام بأعمال من دون أن تعود عليهم بمردود مادي، والتربية والمجتمع الذي يحيط بالشاب هما اللذان يشجعان الفرد على ذلك أو بالعكس، كذلك انخراط الشاب منذ صغره في الحركات التطوعية يغرس عنده هذا المفهوم وينميه، والحركة الكشفية خير مثال على ذلك.

موقف متباين

فيما تقول إيناس الفردان من ملتقى الشباب البحريني/ تحت التأسيس): موقف الشباب البحريني تجاه العمل التطوعي متباين، فمنهم من ينظر إليه على انه صقل للذات ومهاراتها، وانخراط في المجتمع وتفاعل ايجابي معه، وأرى نفسي من هذا الصنف، أما الصنف الثاني فينظر إليه على انه مضيعة للوقت والجهد وهدر للطاقة في أعمال عديمة النفع، وآخرون يعتبرونه مجال للظهور في الأضواء ولقضاء الوقت مع الشباب وفرصة للهروب من الدراسة أو لممارسة المحظورات تحت غطاء الانتماء إلى منظمة تعمل بهذا الصدد، وأعتقد أن التباين يرجع إلى سوء الفهم لهذا المصطلح الذي جعل الكثيرين من الشباب ينفرون منه ويعتبرونه «كلاما فاضيا» بينما جعل آخرين يستغلونه ويتخذونه ستارا ومتنفسا لأعمالهم اللاأخلاقية، غير أني أرى أن الانفتاح السياسي الذي شهدته البحرين حديثا فتح المجال لبعض الجمعيات الشبابية التي تقوم على أساس العمل التطوعي الحقيقي للنهوض، ما قد يزيد من وعي الشباب البحريني بهذا المجال وبالتالي يزيد من مشاركتهم وانخراطهم فيه.

غياب الدعم المالي

أما صباح الزياني من جمعية أطفال وشباب المستقبل، فيشهد للشباب البحريني بالثقافة والوعي والمسارعة إلى مد يد المساعدة إلى الآخرين وهو في الصدارة في مختلف الفعاليات الاجتماعية، لكن الشباب البحريني يعاني في مسألة العمل التطوعي من غياب الدعم المادي، فالتجمعات الشبابية موجودة، ولكن لا توجد لها مقار وموازنات من أجل تنظيم عملها، ويمكن أن يكون هذا الأمر سببا في عزوف بعض الشباب عن العمل التطوعي، لكن يمكن القول بشكل عام أن الشباب البحريني ينظر إلى العمل التطوعي بنظرة إيجابية، وأتمنى منه المشاركة بقوة في مختلف ميادين العمل التطوعي.

طريق لكسر الحواجز

وتجد الشابة زينب الليث في العمل التطوعي طريقا لكسر حواجز الاختلافات البشرية وإنشاء روابط قوية بين الفرد والمجتمع، كما أن ممارسة هذا النشاط يشعر الفرد بأسمى درجات الرضا عن النفس، ومن المهم غرس حب العمل التطوعي منذ الصغر عن طريق مزاولته في رياض الأطفال والمدارس، كأن يؤخذ الصغار مثلا في جولة لتنظيف الحي أو الساحل، أو التنظيم معهم لجمع مساعدات مالية عن طريق بيع أشياء رمزية أو ما شابه، ويمكن البلديات القيام بحملات تطوعية للقيام بتشجير منطقة سكنية بالاستعانة بأهالي المنطقة نفسها، ويا حبذا السماح لغير العاملين بالمساعدة في المدارس والمكتبات العامة إن رغبوا في ذلك.

الإحساس بالآخرين

وحسب المدرس أيمن صالح فان العمل التطوعي عمل جبار وضخم لأنه يختص بالعلاقات الإنسانية في المجتمع، من دون أي مدخول أو أجر، ومن إيجابيات العمل التطوعي أن الفرد المتطوع يحس بذاته وكيانه من خلال مساعدته للآخرين، وأنه جزء من سلسلة مترابطة تسعى إلى رقي المجتمع، ومن خلاله يكتسب الفرد الخبرة عن طريق التعرف على تجارب الآخرين من واقع العمل التطوعي، طبعا هناك بعض السلبيات التي تؤثر على العمل التطوعي، منها عدم رغبة بعض الأشخاص ذوي الكفاءات العالية في الانخراط في العمل التطوعي، وحدوث بعض التصادمات بين أفراد المجتمع والأشخاص المتطوعين ما يؤدي إلى ابتعادهم عن العمل التطوعي، كذلك عدم إعطاء التعزيزات والحوافز للمتطوعين ما يسبب إحباطهم، إلى جانب ذلك توجد سلبية أخرى تتمثل في الرياء وحب الظهور لدى بعض الأشخاص.

دور مهم للأسرة

ويعبر ضياء الشكر من التجمع الوطني الديمقراطي عن ألمه لأن الشاب البحريني: غير واع بما فيه الكفاية لأهمية العمل التطوعي ويعتبره إهدارا للوقت والجهد ويفضل أن يقضي أوقات فراغه في المجمعات التجارية وغيرها من أماكن التسلية، لكن لا نستطيع أن نلقي باللوم كاملا على الشباب فلو كانت المدارس، وخصوصا الحكومية منها، تشجع العمل التطوعي (كما في المدارس الخاصة) وتجعله متطلبا من متطلبات التخرج، لأخرجنا جيلا مؤهلا لخدمة مجتمعه بأقصى ما يملك من قدرات، يجب أيضا عدم إغفال دور الأسرة في تعميق شخصية الشاب والشابة، فالأسرة حين تمنع أولادها من حضور تلك الأنشطة فإنها بذلك تخلق جيلا سطحيّا لا يبالي ولا يدرك ما يدور حوله من متغيرات على جميع الصعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وقد خطت الأندية والجمعيات الأهلية و«المؤسسة العامة للشباب والرياضة» خطوات واسعة الدور الكبير في اجتذاب الشباب وتصويب نظرتهم إلى العمل التطوعي.

المصدر: صحيفة الوسط البحرينية: العدد 346 - الأحد 17 أغسطس 2003.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى