نجيب محمد علي - زينب...

كنت أبكي مرَّةً واللَّيلُ يبكي..
كان صوتُكِ في المدى
حين غادرتِ النُّجومُ سماءَ بيتي.
لم أجدْ قمراً ولا وطناً ولا..
لم أجدْ زينبَ،
فاكهةَ النَّهارِ
ووردةَ الضَّوءِ الَّتي كانت تُهدهدني
بموسيقى الصَّباح..
كان قلبُ الرِّيحِ مُمتلئاً بصَرخاتِ الذُّهول،
بغُبارِ الموتِ واللُّغةِ الأسيرةِ،
والضَّحايا،
ومتاهاتِ الشَّوارعِ..
لم تكنْ زينبُ تدري ما الَّذي فينا حَدَث.
صوتُ زينبَ كان مَخنوقاً ومُحترِقاً وكان..
كان يَصرخُ..
كانتِ الغِربانُ خائرةً تُواري سَوءَ هاتيكَ الجُثَثْ.
كنتُ مختبِئاً هنالكَ خلفَ ظلِّي بين أعشاب الظُّنون.
كنتُ ألمحُ مَن أقاموا للدَّمِ الوطنيِّ ميقاتَ العبَثْ..
مَن تداعوا مثل أسراب الحَصَى
مِن كلِّ أوديةِ الجنون..
لم يزلْ في صهيل الجُرحِ في قلبي يُنادي:
يا بلادي
يا بلادي
يا بلادي..!
وزينبُ تزرعُ فى وِهادِ الرُّوحِ قافلةً من الموتى كأشباحِ الحديقة..
كيف يا زينبُ قد نبتتْ بأرصفةِ الجداولِ كلُّ هاتيكَ الشَّواهد!
في الغدِ الآتي سنحصِدُ ما تداعى من هواجسَ،
سوف نكتبُ سِيرةً أخرى ونُولَدُ
من جديد.

محمد نجيب محمد على

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى