إشتياق موفق خليل - داء الحزن...

إسمي إشتياق .
عندما كنتُ صبيََا ...
أعطتني أُمي أقلامََا و أوراقََا
ألوانََا كثيرة و فرشاة بريئة
و قالت :
" ستكون رسامََا ماهرََا " ،
و هكذا ..
بدأتُ أَرسم خبزاً لكل الجائعين
سماءً للطيور خلف القضبان
ألعاباً لــ "يوفا" و اليتامى ،
بيتا صغيرا على الشجرة .. لأحلامي .
حقّاً كنت أصنع عالماً أجمل ، لكن
لم يعجب الرَّبُّ ذلك ؛
فسلبَ أعصابي ،
و تركني بيدين رقيقتين مرتجفتين
أُعبئُ قلبي
بضحكات أصدقائي و سخرياتهم
بدلاً من أغاني " عمرو دياب " .

عندما رأيتُ أحلامي تهرّبُ مني ؛
و جدت نايََا خشبيََا صغيرََا بجانب الباب
ظننت بِأَنه تعويض من الله على أصابعي الجميلة
بقيت أنفخ فيه و أنفخ
و الألعابُ و الوسائدُ
حتىٰ النوافذ و الأبواب كانت تُصَفِّقُ و تدوخ .. !
ظننتني لوهلةٍ هديرََا لـ " زامفير " ،
و لكني لم أَكنْ إِلَّا بقعة زيتٍ كبيرة
شوهَّت قصائدي ..

أوقفني " داء الحُزن " ،
" قتلني سرطان الحب " ،
خنقني الرب .

قبل ان ادخل سن المراهقة
كنتُ قاصاََ موهوباً
أثير شغف اصدقائي بحكايات من نسج خيالي .
و ذات ليلة متشحة بأضواء النجوم ..
أمسكتني صديقتي من يديّ و سحبتني الى قبوٍ غامض ..
أرتني دواخل ركبتيها ، زواياها و حوافَّها و قالت :
" لأجلي ستصبح شاعراً " ؛
و منذ تلك الليلة ، حتى الأن
و أنا أكتبُ أجملَ القصائد
حتّى " نزار قباني " لم يكتب مثلها
و لن يبلغ ذروة براعتي !
كُنتُ أَظنني أطيرُ كسحابةٍ سماويةٍ للأبد ،
لَكِنَّنِي تحت ركبتيها سقطت !

الصديقةُ التي أحبَّتني و أحببتها ؛
أخذها الرَّب لتعطر حدائِقَهُ .

قريباً ..
سأضع حدََا لأشتياقي هذا ..
لن يُمسكني أحدٌ و لن يُحبّني ، و لن يتذكّرَ أحدٌ حزني
و لا قصائدي و قصصي ..
فقط سأكونُ وحيداً و فارغاً
كدميةٍ قطنية تصرخُ في مدينةٍ مهجورة .
سأجلبُ كُرسيا لتركلهُ أحلامي
لأجربُ لعبة الحبل لأول مرة
أتمنى بألا يتدخل الرب هذه المرة
- أتمنىٰ أَلَّا أفشل .

إشتياق موفق خليل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى