حوار مع الأديبة السورية ميَّادة مهنَّا سليمان... أجراه الإعلاميّ الدكتور خليل إبراهيم فاخر، والصّحفيّة رونق قبّاني

أجرى الحوار: الإعلاميّ الدّكتور خليل إبراهيم فاخر، والصّحفيّة رونق قبّاني بتاريخ ٢٠٢٤/٣/٣.


- بطاقتك الشخصية؟
ميَّادة مهنَّا سليمان من سورية، مواليد حمص، أقيم في دمشق، مديرة ومُدرّسة لغة عربيّة سابقًا.
أعمل في التّدقيق اللغويّ والصّحافة حاليًّا.

- كيف تختارين أفكار قصائدك؟
هي تأتي إليّ، في حالة الشّعر استسلامٌ للإلهام أكثر من أيّ جنس أدبيّ آخر، حيثُ تأتي القصيدة على هيئة ومضة صغيرة، أو سطر جميل فيه كلام غير مألوف، فألتقط هذا الوميض وأحوّله إلى قصيدة.

- من أين جاء ولع الشعر؟
وهل ولدت في بيئة تتعاطى الشعر؟
لو فكّرتُ في سؤالك كثيرًا، سأصابُ بصداع، حقيقةً أنا لا أعرف من أين أتى هذا الولع بالشّعر، كلّ ما أعرفه أنّي كنت قارئة نهمة صغيرة، ثمّ ابتدأتُ بكتابة القصص، والخواطر، كيف هيّأ الله لي سحابة شعر تمطرني إبداعًا، لا أعلم!
ولا سيّما أنّه لا يوجد أحد في العائلة لديه أيّة موهبة أدبيّة.

- ما لون الشعر الذي تفضلين الكتابة فيه؟
الشّعر الحديث طبعًا، نحن في عصر حديث وينبغي أن يكون هناك انسجام بين الحياة المدنيّة الّتي نعيشها، و الحياة الفكريّة، فمن الحماقة أن نعيش في جلباب الموزون ونحن نكتب القصيدة في اللابتوب، أو مفكّرة الموبايلات الحديثة؛ القديم للاستئناس، للنّهل منه، للتّعلّم، لمجاراته، لنقده، لاختبار أنفسنا:
هل نستطيع خوض غماره، أم لا؟
لا لنبقى أسراه، ونُحارب كلّ شاعر يغرّد خارج سرب (فعولن مفاعيلن)، فقط لأنّنا لا نستطيع الإبداع والتّحليق مثله!

- من شاعرك المفضل؟
لا أستطيع ذِكر اسم، الأمر لا يحرجني أبدًا، لكن ربّما لا يعرف القرّاء أنّنا في الوسط الأدبيّ نُتابَع باهتمام من بعض زوجات الشّعراء غير المبدعات، اللواتي لديهنّ عُقد نقص، وللأسف بعضهنّ "قليلات عقل"!

- هل لديك قصائد تعبر عن تجاربك الشخصية؟
نسبة عظمى من قصائدي تعبّر عن تجاربي ومشاعري الخاصّة بي، باستثناء قصائد قليلة استوحيتُها من فكرة، أو مشهد ما أو جملة سمعتها، أو جاريتُ أحدًا بها، أذكر أنّي كتبت قصيدة (مُدمنٌ على القُبل) من وحي ظاهرة التّدخين، مع العلم أنّي لا يمكن أن أعجبَ بشخص مدخّن مهما كان وسيمًا، وحين نشرتُها توقّعتُ تفاعلًا أقلّ من قصائد كتبتها من وحي مشاعري، فتفاجأتُ بتعليقات ومشاركات كثيرة.
من يقرأ هذه القصيدة، سيُخدع كثيرًا، أنا أرى أنّ الشّاعر "أحيانًا" بمقدار ما يكون خادعًا، أو كاذبًا، بمقدار ما يستطيع إقناعك بالحالة الّتي يصفها في القصيدة، فتصدّق أنّها حالته، يكون متمكّنًا، تمامًا كالممثّل الشّرّير الّذي يجعلك تكرهه في المسلسل، دون أن تنتبه أن كرهك له دليل نجاحه!

- ماذا تختاري قصيدة لنا؟
سأختار (مدمنٌ على القُبل) بما أنّني تحدّثت عنها:
مُدمِنٌ عَلى القُبَلِ
لمْ يَكُنْ يُحِبُّ التَّدخِينَ
لكِنَّهُ فِي غِيَابي
كانَ يُشعِلُ كُلَّ يومٍ
ألفَ سيكارةِ لَوعَةٍ
وَيُطْفِئُ أَلفَ خَيبَةٍ
في مَنفضةِ الذِّكرياتِ
لمْ يكُنْ يُحِبُّ القَهوةَ
لكنَّهُ..
مُذْ ذَاقَ بُنَّ صَوتِي
باتَ يجلِسُ علَى شُرفَةِ الحُبِّ
يسقِي قَرَنفُلَ الأملِ
يطحنُ هَيلَ الحنينِ
يُذوِّبُ قَصائدي المُنكَّهةَ
بالشَّوقِ إلَيهِ
في فنجانِ قلبهِ
يشربُ..
ويستَلِذُّ بطعمِ الغُرورِ
مِن يومِها
لم أعدْ أستطيعُ إقناعَهُ
بِألَّا يُكثِرَ مِن كافيينِ هُيامي
فقدْ صارَ
مُدمنًا على القُبَلِ!...

- ما مشاركتك في المهرجانات الشعرية ؟
لديّ مشاركتان في محافظة الحسكة
مهرجان ربيع القامشلي عام ٢٠١٩
والمهرجان الشّعريّ السّادس /٢٠٢٣
ومشاركة في اللاذقيّة (مهرجان المحبّة) عام ٢٠٢١
ومشاركة في دمشق(سوريّة عراقيّة) ٢٠٢٢
حيث جاء إلى دمشق وفد المجالس البغداديّة وكان مهرجان (النّخيل والياسمين)

- هل تم تكريمك بجوائز إبداع شعرية؟
لم أشارك بالمسابقات الشّعريّة الّتي تمنح جوائز، سوى مؤخّرًا بمسابقة (ديوان العرب) دورة الشّاعر الرّاحل محمود قرني، وقد وصلتُ إلى القائمة القصيرة، نحن الآن بانتظار النّتائج النّهائيّة في أواخر نيسان.
أمّا تكريماتي الشّعريّة السّابقة كانت لفوزي في مسابقات المجموعات الأدبيّة، وهي كثيرة معظمها نالت المركز الأوّل.

- ما هو أول ديوان طبعته؟
ديوان (تبًّا القرنفل الأحمر) عام ٢٠١٧
صادر عن دار سوريانا بدمشق.
وهو أوّل كتاب يصدر لي، كان الإهداء إلى روح أمّي رحمها الله، لأنّه صدرَ بعد وفاتها بشهرين.

- ما مدى رضاك عن الشعراء في وقتنا الحالي؟
لست راضية عمّا أقرؤه، لا القديم، ولا الحديث، (القديم) معظمه أوزان بلا مشاعر جميلة، والحديث معظمه لا علاقة له بالشّعر، هو رصف كلمات غريبة عجيبة فقط.
أصدقك القول: تجارب شعريّة قليلة جدًّا استطاعت أن ترسخ في ذاكرتي.

- في بعض الأحيان تستشيرين أصدقاءك في كتابة الشعر ؟
أنا لا أستشير أحدًا في كتابة الشّعر!
الشّعر خطّ أحمر عندي، القصيدة إحساسي أنا وحالتي الشّعريّة، من الممكن أن أتقبّل اقتراح تغيير كلمة في قصّة، لكن في قصيدة لا، لأنّه لا أحدَ يعرف لمَ كتبتُ هذه الكلمة بدلًا من تلك، وبما أنّ القرّاء اعتادوا على صراحتي، سأقول بأنّ ناقدًا عراقيًّا شهيرًا توفّي حديثًا رحمه الله، ألغى صداقتي لأنّه اقترح حذف كلمة من قصيدة لي، فلم أقتنع!
تفاجأتُ بإلغاء الصّداقة، لكن عذرتُهُ فربّما "كلمته لا تصير كلمتين" عند شاعر لا يثق بنفسه!

- هل لعنوان القصيدة أهمية بالنسبة لك؟
بالتّأكيد، لديّ قصائد كتبتها منذ سنوات، لم أنشرها بعد إمّا بسبب حاجتها للتّعديل، أو بسبب عدم عثوري على عنوان مناسب، عناوين قصائدي في بعض الأحيان تكاد تكون ومضة مستقلّة، مثاله عنوان قصيدتي: أشتهي فاكهة صوتك!
بالإضافة إلى عناوين انتقيتُها من أسماء الزّهور:
(حبّنا زهرة الغاردينيا، عتابك زهرة الدّفلى، أخيّب ظنّ الياسمين، الثّامنة بتوقيت الياسمين، يستجوبُ الياسمين، اسألوا الياسمين، تبًّا للقرنفل الأحمر، وأسرق كلّ قرنفلة)

- كيف تقيمين نفسك في الشعر ؟
أرى أنّي مُجدّدة، لا أكرّر صور أحد، آتي بالمدهش الجميل العذب، هذا لا يعني الغرور، وعدم تطوير التّجربة الشّعريّة،
أنا أتعلّم، والأيّام كفيلة بأن يصبح المرء أفضل إن كان يسعى بشغف، أنا أحبّ كلّ قصائدي، لكن أريد أن أبدع أكثر، أهملت الشّعر في العامين الماضيين بسبب الاهتمام بالرّوايات، لكن سأعوّض ولو بعد سنوات، هناك أفكار كثيرة في هذا الشّأن، سأدعها للزّمن.

- من أين تستوحين صورك الشعرية في القصائد؟
أحاول أن أستوحيها من أشياء لا تخطر في بال أحد، الأشياء الجديدة تلفت قلب القارئ، فقد صار لدينا كمٌّ كبير من الصّور المستهلَكة الّتي آن الأوان أن نبدع أجمل منها، فمثلاً أنا استوحيت صورًا شعريّة من وحي الزّراعة، أجملها ما جاء في قصيدتي
(أنا مزارعة جميلة)، و(مزارع فاشل في بستان الحبّ).

- هل من قصيدة لها ذكرى موجعة عندك؟
نعم للأسف، أوجع قصيدة على قلبي، هي قصيدة (أتّكئُ على الإيمان) كتبتُها عندما كان ابني يوسف رحمه الله في غيبوبة، كنت قد كتبتُ أنشودة لأخيه الأصغر دانيال عنوانها( أنا دانيال)، ولمّا صارت الحادثة الأليمة معه، شعرتُ بالذّنب لأنّي كتبت لأخيه، ولم أكتب له، وكنت في حالة صدمة وألم لا يوصفان، فكتبت له قصيدة طويلة، ودخلت غرفة العناية المشدّدة، قرأتها له مرّتين، قلت لعلّه يفرح بها، ويعلم كم أحبّه، كان لديّ أمل أن يستفيق، لكنّ إرادة الله كانت غير ذلك، له الحمد والشّكر.

- ماذا تعني لك شام، وماذا كتبت لها شعرا؟
الشّام ذاكرة الياسمين في قلبي، وأمّي الّتي لا تموت، كتبت لها العديد من القصائد، بعضها وقت الحرب، وبعضها بسبب اشتياقي إليها عندما كنت أقيم في محافظة الحسكة، سأختار هذه القصيدة، وقد برّحني الشّوق عندما كتبتها:
وَصِيَّةٌ
أَبلِغُوهَا
سَلامِيَ المُعمَّدَ بالحَنِينْ
فَشُرُفاتُ الاشتِياقِ تَبكِي
كُلَّمَا فاحَ الياسَمِينْ
قَبِّلُوا تُربَها عَنِّي
وإنْ شِئتُم
سَجِّلوا قُبَلي
عَلى جُدرَانِ الجَامعِ الأُمَوِيِّ
عَهدًا.. ذِمَّةً.. وَعدًا.. وَدَينْ
أنَا المَذبوحَةُ
لهفةً..وَجَعًا..عِشقًا.. والتِيَاعًا
كَبِّروا إذَا مامُتُّ
كَفِّنونِي
فِي عَلَمٍ
ظلَّ شامخًا
رُغمَ حِقدِ الحَاقِدينْ
وادْفِنونِي
فِي ثَرَىً
مِنْ عِزٍّ وَمَجْدٍ
فِي ثَرَىً
مِنْ تِبرٍ طَاهرٍ وَلُجَينْ




================
حوار لصحيفة الصّادق الإخباريّة الشّهريّة الصّادرة عن قسم الإعلام في جامعة الإمام جعفر الصّادق (ع).

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى