تعي ذاكرتي ذلك المقطع من أغنية كنا نرددها صغارا؛ لولي حجر ، كفر مجر" الكثيرون كتبوا عن بلدانهم، عن البئر الأولى التي روت نفوسهم العطشى، غير أن قريتي تبدو - في خيالي - الأبهى والأجمل، لا أحب البكاء بين يدي الزمن، فقد ترك بعض آثاره على جسدي فصار واهنا، وعلى ذاكرتي المعطوبة، بل وعاطفتي المتدثرة بغلالة من حزن، رغم كل هذا فما يزال شعاع من الشمس يسري فيحمل الدفء، أنتظر هنا منذ فترة ليست بالقصيرة، أشرد بنظراتي في كل ناحية، أنتمي إلى هذا الوطن المخلوط بعظمي، أحبه لكنه يترفع على من كان في مثل حالي؛ خمول ذكر، وفقر مادة، وخلو صلة بحبل من الناس. كتبت عن عالمي المستكن في خيالي قصصا ليست بالقليلة، عشقت النهر يجري وراءه خطوي، سبحت فيه أحلامي الغضة؛ أن أكتشف ما وراءه، من أين يأتي، وماذا يحمل من أسرار في داخله، رسمت له جدتي بكلماتها حكاية جميلة، قريتي" كفر مجر" عالمي الغض البريء، أهله وناسه، الحقول التي كانت يوما حدائق الورد، أبقاره التي امتلأت ضروعها باللبن، البيوت وقد تناثرت في غير انتظام لوحة تفوق براعة الريشة المبدعة، نساؤه الجميلات، فتياته اللواتي كن أشبه بزهور الربيع، كان عالما جميلا، تمتليء الذاكرة بفيض من سرد لما يدون بعد، تحلو الحكاية حين يرويها ذو ألق، لقد كان خزانة من ليل ساحر وأشجار الكافور تتمايل في شموخ، حتى اغترفنا من لهو حلو بريء يجلب السمر ويناغم في خدر!
حين يغمرني الحنين آخذ في المشي في أزقة الكفر، هنا كان اللعب وهناك السمر، بيتها وما أجمل طلعتها، ضفة النيل وورده المتناثر، القوارب والصيادون، السوق وقد كان يوما ملتقى العيون!
الصباح يغرد فيه البلبل فوق شجرة" دقن الباشا" عند طاحونة الكيال، لقد كتب الطيب صالح لكرمكول الانتشار، وها أنا مسكون بحب الكفر الذي شهد بداياتي الأولى، لم أكن ملكا بريئا كانت لي ترهات الصبا؛ كلمات وأشعار، مضى زمنها، أمسكت من الماضى بذاكرة لما تثقب بعد، أنا ابن آبائي رغم تباين الآراء واختلاف التوجهات، عرفت الكلمة التي ترفض أن تخادن في بلاط الزيف، أو تندفع في نزق الغوغاء، قرأت الكتاب وانتميت لهذا العالم برغم ما فيه من أدواء، يراني البعض حالما؛ يسعدني هذا، فثمة امتداد وراء الغيم، حياة تموج بالسر البعيد، الراحلون نتبع خطوهم، نكتب عن لحظات ومض كانت لنا منهم!
مضت السنون وقاربت الرحلة على الانتهاء ومايزال بي الحنين إلى هذا المكان، رغم تجاعيد الأحداث المؤلمة، يتبقى مني الحب، فأنا مسكون بهذا المكان، أنا بعضه، تلك حقيقة لا يمكن التدليل عليها بأية مقدمات، صغيرا هكذا أجد متعتي، حتى اللعب مع صغاري أعود محملا بزاد من الحكاية الأولى، ليلة الشتاء تتعارك الإبل في السماء، جدتي يا لها من بارعة في السرد، تتدفق منها الحكايات مثل النهر يلقى بالموج على الضفة فيستريح، المذياع وهو يشدو بصوت حلو عذب في السحر ومع أذان الفجر، سلام على زمن تولى، يحمل أنفاسي مثقلات بروعة الود، متى يورق في حقول الكفر الشجر؟
بل متى تعود للحكايات كلماتها تتراقص أشعة شمس ربيعية؟
حين يغمرني الحنين آخذ في المشي في أزقة الكفر، هنا كان اللعب وهناك السمر، بيتها وما أجمل طلعتها، ضفة النيل وورده المتناثر، القوارب والصيادون، السوق وقد كان يوما ملتقى العيون!
الصباح يغرد فيه البلبل فوق شجرة" دقن الباشا" عند طاحونة الكيال، لقد كتب الطيب صالح لكرمكول الانتشار، وها أنا مسكون بحب الكفر الذي شهد بداياتي الأولى، لم أكن ملكا بريئا كانت لي ترهات الصبا؛ كلمات وأشعار، مضى زمنها، أمسكت من الماضى بذاكرة لما تثقب بعد، أنا ابن آبائي رغم تباين الآراء واختلاف التوجهات، عرفت الكلمة التي ترفض أن تخادن في بلاط الزيف، أو تندفع في نزق الغوغاء، قرأت الكتاب وانتميت لهذا العالم برغم ما فيه من أدواء، يراني البعض حالما؛ يسعدني هذا، فثمة امتداد وراء الغيم، حياة تموج بالسر البعيد، الراحلون نتبع خطوهم، نكتب عن لحظات ومض كانت لنا منهم!
مضت السنون وقاربت الرحلة على الانتهاء ومايزال بي الحنين إلى هذا المكان، رغم تجاعيد الأحداث المؤلمة، يتبقى مني الحب، فأنا مسكون بهذا المكان، أنا بعضه، تلك حقيقة لا يمكن التدليل عليها بأية مقدمات، صغيرا هكذا أجد متعتي، حتى اللعب مع صغاري أعود محملا بزاد من الحكاية الأولى، ليلة الشتاء تتعارك الإبل في السماء، جدتي يا لها من بارعة في السرد، تتدفق منها الحكايات مثل النهر يلقى بالموج على الضفة فيستريح، المذياع وهو يشدو بصوت حلو عذب في السحر ومع أذان الفجر، سلام على زمن تولى، يحمل أنفاسي مثقلات بروعة الود، متى يورق في حقول الكفر الشجر؟
بل متى تعود للحكايات كلماتها تتراقص أشعة شمس ربيعية؟