محمد علاء الدين - نهر ميت

كان يسير في الشوارع في حالة زهول مما يرى بأم عينيه.. ريقه ناشف.. ومنهك تماما.. يرفع قدميه بصعوبة من على الأرض.. لكنه لم ولن يمل السير والبحث عن الكلأ والماء.. الجميع لم ولن يملوا السير والبحث عن الكلأ والماء.. وإلا هلكوا..
النهر جف .. وبطبيعة الحال هلكت المحاصيل الزراعية.. الجميع عطشى .. وجوعى في آن.. يبحثون عن الكلأ والماء في كل مكان.. ويتقاتلون عليهما.. الشوارع مليئة بالقتلى.. وبرك الدم..حالة من الزهول تصيب الجموع.. تستطيع أن ترى ذلك في اعينهم.. والجنون والغضب في آن ..
لم يكن يحمل سلاحا.. ولم يدخل في أي شجار طوال حياته.. حتى عندما كان طفلا صغيرا.. فقد كان يتحاشى الشجارات بكل الطرق الممكنة حتى لو كان ثمن ذلك التخلي عن بعض لعبه التي كان يطمع فيها وفيه الاطفال الاخرون.. لذا كان يسير في الشوارع متحاشيا القتال فجبنه جعله يرى الموت ببطء جوعا وعطشا أهون من الموت السريع على يد أحد المتقاتلين..
وهو يسير وجد صنبورا للمياه بالكاد ينزل قطرات قليلة.. لم يكن أحد بالجوار لذا قرر الاقتراب منه ومحاولة الشرب أو لنكن أكثر دقة بل ريقه.. فجأة.. يظهر رجلين فيبتعد سريعا عن الصنبور.. هنا يخرج احدهما سكينا ويضرب الاخر فيسقط على الارض فورا.. هنا يقرر الهروب سريعا فياروح ما بعدك روح..
ظل يسير حتى وجد بئرا.. شعر بسعادة غامرة فيمكن لهذا البئر إن يروي الجميع دون أن يحدث قتالا عليه فقط يحتاج الأمر إن ينتظر كل دوره في انزل الدلو والشرب منه.. إلا إنه وفجأة ودون سابق إنذار أصبح الجميع يتقاتل على الدلو.. هنا يخرج أحدهم رشاشا ويبدأ في أطلاق النار على الجميع.. فيسقط البعض في البئر ويمتليء بالدماء ويصبح غير صالح للشرب.. هنا ينزل صاحب الرشاش الدلو ويشرب الماء الملطخ بالدماء .. ظل يشرب في حالة هوس.. ثم وضع الرشاش في فمه وأطلق الرصاص..
ظل ينظر إلى هذا المشهد وهو في حالة زهول.. فجأة.. يجد من يربت على كتفه.. يستيقظ من النوم مفزوعا.. ليجد زوجته.. حبيبي.. لابد أنه كابوس مزعج

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى