رياض السامعي - نوَّاح الخراب...

أفكر أن أكون جَمهوري الأخير
أكتب القصيدة مثلًا وأقرأها عليَّ
وحين أنتهي أصفق لي
وأبتسم: "اااااااالله"
سأطلب من نفسي
إعادة ما قاله آخري بعد منتصف النص بقليل
ربما شردتُ آنَها، كظبيٍ خائفٍ ولم أستمع جيدًا.
وربما سقطتُ كالريح في ركضها اليحموم
بين قميصي وعظامي،
فانشغلتُ بضوصائي عنها
ولم ألحظِ الفرق، الـ(كان) منتصبًا بين نصي وسهوي
قلت
الخيبة تغري نوَّاح اليباب، تهذيبَ حضورها الباهت
بقليلٍ من ألْسِنةِ السخرية
وفي كتابة الشِّعر، تُزوى الركاكة جوار تفاحة مقضومة الوجه
فيصطاد اللاهون من أثرها، قبضةً من عجينة اليأس،
يشعلونها بيضةً بيضة،
يتخلق من سمنها وقثائها شاعرٌ جاف
يموت في النص مرتين.
مرةً حين يقطع يده السارقة، لَبَنًا من طاووس النخل
ومرةً حين يمتزج بأنثاه، فيكون مُطْلَقَها الخراب.
أُحدِّث أنايَ على المنصة
لا شيء في النص سيكتمل الآن
الشقوق تملأ المكان، بأساور الزبد
القتلى عادوا إلى زوجاتهم في بعيد الفناء
التي حملقت في مُسَوَّدة العشق،
باغتها طائرٌ من شجرٍ ساجدٍ للهباء
قفزت من مسودة الإلقاء الجاهزة
إلى قصيدةٍ مجاورة
بائعة القات زوَّجت ردفيها رصيف السوق
مشت إلى النص بقميص نومها فقط
الحاضرون قبلي رقصوا في حفلة الدس
في اتحاد الأدباء تعسكر الشعر، جيدًا
حمل معه قنينة رصاص،
وملاءة نبيذ مطرزة بوابلٍ من شعراء "بازرعة".
الناقد الوحيد في القاعة نأى بكآبته خارجًا
كتب عن ذاته المكتئبة بالشعر
لم يأبه بسلة المهملات التي حضرت أول مرةٍ
كجزءٍ أساسٍ في القصيدة.
حارس البئر يسقي جدران المكان
ذكريات عجائزَ هطلن عليه آخر العمر.
صاحبي يُلمّع البَلَه بوصايا المخفر القريب
يمضغ قصائد مريديه كما يمضغ القات
ويقهقه عاليًا
هذا ليس شاعرًا لأحبه،
يكرر الجميع ليس شاعرًا ليس شاعرًا سمسار القصائد.
في الزاوية المهملة من النص
كنت منصهرًا مع ذاتي المريبة في الوجوه
أتلعثم بأعواد القات، وأسخر من جفاف المقيل
وحده الصياد كان سعيدًا وحاضرًا "بليلاه ونهر النيل ومشروبٍ آخر"*ّ.
كان العرَّاف المضيء في مقلتيه،
يعيد الشجن إلى نبوءته الأولى وراء الأفق
ويبدأ العرعرة*.


-------------------
رياض السامعي - اليمن
ديوان رغوة الضوء.. رغاء العتمة
-------------------
- تذييل
* إشارة إلى الشاعر الذي جُنَّ عبده الصياد ونصه الشهير "ليلى علوي"
* العرعرة لفظة شعبية تعني السب والشتيمة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى