خيرة جليل - ماذا لو اخترت كتابة وصيتي الاخيرة...

لو سألني البعض ما سأكتب بوصيتي الاخيرة بعد عمر لا يعلمه إلا الله؟ اقول حتى الموت في الحياة تكون رحمة ورأفة بالانسان وما اتمنى ان أن اكتب لو جاءت تلك اللحظة ومن وحي كذلك هذه اللحظة وحسب الظروف المعاشةوالمتاحة لي; وبما انني لست من المحللين النفسيين ولا من المرشدين الدينيين ولا من اي فريق متخصص يذكر في المجال الارشاد الأسري حتى اقدم نصائح مفيدة للغير او حتى ان اكون قدوة لاحد ايا كان ولكن الحياة علمتني دروسا لا تقدم بمدرجات الجامعة, علمتني أن الشكوى لغير الله مذلة والخير في غير اهله علة بل ورم خبيث يصعب التنبؤ بانتشاره داخل أحشائك ليلتهم خلايا جسدك المتعب بالمجاملات الزائدة والمرهق بكثرة تحمل اعباء الأشخاص الاتكاليين والجاحدين والمنافقين والنرجسيين والأنانيين الذين يستنزفون كل طاقتك الاجابية ويشحنوك بطاقتهم السلبية الحارقة لكل ما هو جميل بداخلك ليخربوا مظهرك حتى يعلو السواد وجهك وتغور عينيك وسط مقلتيك لا لشيء إلا لانك لا تستطيع ان توقف نزيفك الروحي. الشيء الوحيد الذي استطيع قوله هو كن في كنف خالقك وسلمه تسليما خالصا وكليا روحك و نفسك كاغلى وديعة عنده فودائع الله لا تضيع; واستجر به من كل ظالم وحاقد وحاسد فالله لا ينصر القوم الظالم ابدا مهما تأخر فرجه لان التأخير لا يعني عدم الاستجابة لطلبك ولكن لتكون عبدا ملحاحا وصبورا ويشهد ملائكة السموات والارض على تعنث الظالم وزيادته في طغيانه فيمهله لعله. يستدرك أخطائه ويراجع نفسه لان مراجع النفس ابلغ عند الله من التماري في الخطأ.
ما استطيع قوله الان هو توكلوا على الله وابحثوا عن الجمال بانفسكم وامنحوا السعادة لارواحكم المتعبة ولا تعلقوا امالا على ان يمنحك احد اي شيء فالشيء الوحيد الذي يمكن ان يقدمه لك الاخر. هو التوثر والغضب والحزن وسحب ثقتك بنفسك وتكسير كل درج امامك للارتقاء وحتى من وراءك حتى لا تستطيع. العودة بسلام وانت مرتاح البال دون التعرض للخطر . الاخر هو الجحيم بعينيه فلا تربط سعادك به ....ابسط بساط السلام للجميع واترك الجميع ممن يشاء يعبر بسلام وانشر السعادة حولك برتق عيوب غيرك إن استطعت الى ذلك سبيلا . فالعطاء الصادق للخالق سعادة روحية بلا حدود وهي من تحجب عنك اذية ذلك الاخر الذي يترصد اخطاءك وهذه السعادة هي التي تكسر اراده كل حاقد وحاسد لك على نعم ان لا تستطيع رؤيتها ِِِِِِ... لكن لا تسلم مفاتيحها لاحد فمهما أحبك هذا الاخر سيأتي يوم ويحسدك إما لجهله او لقصر نظره او لعلة في نفسه....البعض من قرائي سيهتمون بكلماتي والمتتبعين سيهتمون بالصور فقط وأخرين سيطلون على صفحتي لا لهذا او لذاك بل بدافع الفضول فقط أما غالبية الكل فيتربص ويتتبع كل شيء فقط لرصد هفواتك وزلاتك حتى يعمل بها شوشرة وبوز تافه يرقى الى مستوى تطلعاته من هذه الحياة. هكذا هي الحياة بعضهم يهتم بكتابتك لعمقها وانها تلامس جراحه والاخر يتتبع حركاتك وسكاناتك اما من باب الاعجاب او الفضول واخر يتتبعك فقط لان الله خلقه من فصيلة هي من نفايات البشر الوسواس الخناس وما عاذ الله ان يفعل ذلك ولكنهم هم فعلوا بانفسهم ما اغوتهم به ...لكن كل ما يجب ان نتفق عليه هو ان كل ما نشرت. يداك بهذا العالم الازرق انت الوحيد المسؤول عنه دون غيرك فاكتب كما تشاء واترك حرية الفهم للآخر كما شاء ودع الخلق للخالق. لكن كن صادقا حتى النخاع فان جاء يوم الصحوة فما كتبت الا ما يرضي الله وفيما يرضي الله.....قد لا يتفق معي الكل فيما كتبت لكن الزمان كفيل بان يجمع العدو اللذوذ بالصديق الحميم بطاولة واحدة وفي حوار مستفيض من كل الجهات لا لشيء الا لمعرفة بعض التفاصيل. التي غابت عنهم او لم يستطيعوا استنباطها من طيلة محاربتك او مصاحبتك وحينها سيدركون انك اعمق مما كانوا يتوقعون وانه ما كان جدرا بهم أن يستهينوا بك وان في صداقتك او عداوتك معهم كنت تعلم ان علاقتهم سياسة شائكة وفي السياسة لا صداقة ولا عداوة دائمة وصنعت لهمهم الدواء. مما كانت هي الداء فحتى عدوك لم تمنحه حجم العداوة التي يشنها عليك وابطلت عليه متعة التمتع بعداوتك. أما الصديق فلم تشتكي له ابدا من حجم ظلم من ظن نفسه يوما أنه عدوك فلم يعلم حجم خسارتك ولا نقاط ضعفك. فحين سيجتمعون سيكون همهم هو فهمك اكثر. من محاربتك......ان اعجبك اطرحي هذا انشر واجعلني طرفا من قرائك وان لم يعجبك علق حتى بالسب والشتم فالامر اصبح عندي سيان والاخر تخطيت حواجزه بسلام والادراج التي كسرها من ورائي وأمامي صنعت لها منجنيقا لاقذفه بها من حيث ساكون ولو بالثلث الخالي او الجحيم وإن سألني ملاك الموت ماذا ستفعلين كآخر امنية لك قبل قبض روحك الفانية بسبب افعال الاخرِ؟
سأقول له لا يحمل نعشي إلا المنافقين وايقظني حتى اتبول على رؤسهم لانهم لم تكن لهم الجرأة حتى يعبرون بوضوح عن مواقفهم. وقبل وضعي بالقبر مزق على مهل الكفن عن وجهي, و امهلني لحظة حتى ابصق على وجه هذا الاخر الحجيم الذي لم اكن اعرفه وحتى ان تعرفت عن بعض منه ولم أكن اتوقع حضوره, أعلم أنه حضر ليمشى في نعشي فقط ليتأكد من موتي وهو يذرف دموع التماسيح. ِ أريد أن أقول له شكرا لانك عجلت برحيلي. لاستريح و كنت سببا في ان اغادر هذا العالم المقيت بكثرة نفاقك وتدليسك بعد ان ارهقتني بكثر التجميل والترقيع لكل البشاعة التي كنت قد تنشرتها حولك ...أيها الاخر المؤذي عشت سعيدة رغما عن انفك وحتى في احلك الاوقات اكتشفت السعادة في ترميم ما هدمت انت وزرعت به انا ازهار القرنفل وانقذت ما يمكن انقاذه بين رجليك حين كنت وهائجا ايها الثور. فازداد عواصف دموع غضبك وحسرتك وندمك . وبعد تعبك... وسأرى استسلامك. لتجلس منهكا وحينها ستزهر ورودي لتنشر اجمل عطورها حولي لتهدي للمارة طيبها لتكتشف انت حجم ضعفك. فابتسم انا ابتسامة تعجز عن تفسيرها انت هل هي ابتسامة النصر او ابتسامة الاستفزاز او خجل او ابتسامة الشفقة ؟ لكني ساعتبرها أنا ابتسامة صدقة جارية وسلام لكل عابر لدروب الحياة...حتى تظل لي حرية الكتابة والتفكيرالآن لتظل حرية الفهم والتأويل مكفولة للجميع بعد رحيلي . على الاقل هناك اعرف انني بين ايدي امينة اودعتها نفسي وروحي وعائلتي ولم تتخلى عني وانا حية ارزق فكيف ستتخلى عني وانا بقبر قليلة الحيلة؟ ....خيرة جليل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى